الذات في شعر أدونيس
أدونيس
علي بن أحمد إسبر هو شاعر سوري اشتُهر بلقب أدونيس نسبةً إلى أسطورة أدونيس الفينيقية، ولد في عام 1930م في واحدة من قرى مدينة جبلة، لم يدخل أدونيس إلى المدارس الرسمية إلا بعد أن تجاوز الثالثة عشرة من عمره، حيثُ حفظَ القرآن الكريم وعدد كبير من قصائد الشعر القديمة على يد والده، دخل إلى المدرسة الفرنسية في مدينة طرطوس، وفي عام 1954م تخرَّج من جامعة الفلسفة، ثمَّ انتقل في عام 1956م إلى لبنان مع عائلته، أسس بعد ذلك بعام مجلة الشعر مع صديقه الشاعر يوسف خال، ثمَّ مجلة المواقف في عام 1969م واستمرَّت حتى عام 1996م، في عام 1973م حصل على الدكتوراه في الأدب، وإلى الآن ما تزال أطروحته التي كانت بعنوان الثابت والمتحول تثير جدلًا فكريًا وأدبيًّا كبيرًا، وقد ترجمت معظم أعماله إلى أكثر من 13 لغة، وهذا المقال سيتحدث عن الذات في شعر أدونيس.[١]
تجربة أدونيس الأدبية
لا بدَّ من القول بأنَّ الشاعر السوري أدونيس واحدٌ من أشهر الشعراء العرب في العصر الحديث، ومن أكثر الشخصيات الأدبية والمفكِّرة إثارة للجدل في العالم العربي، حيثُ استطاع أدونيس منذ أن كتبَ أغاني مهيار الدمشقي أن يرسم لنفسه منهجًا مختلفًا في الأدب والشعر العربي الحديث على وجه الخصوص، حيثُ بنى أسلوبه المميز على توظيف لغته بشكل ينطوي على كثير من التجريبية والإبداع، وبطريقة تختلف عن الاستخدامات التقليدية لها، ولكنه بقي رغم ذلك محافظًا على قواعد نوبل في الآداب، وبالإضافة إلى منجزاته في الشعر فهو من أكثر الشخصيات العربية إسهامًا في المجال النقدي والفكري، ومن أهم مؤلفاته: ديوان أغاني مهيار الدمشقي، مفرد بصيغة الجمع، هذا هو اسمي، الثابت والمتحول، سياسة الشعر وغيرها، وقد حصل على العديد من الجوائز الأدبية أهمها: جائزة جان مارليو للآداب الأجنبية في فرنسا عام 1993م، جائزة ناظم حكمت في إسطنبول عام 1995م، جائزة الإكليل الذهبي للشعر في مقدونيا عام 1998م، جائزة نونينو للشعر عام 1998م، جائزة غوته في فرانكفورت عام 2011م، جائزة الدولة اللبنانية للآداب عام 1974م وغيرها.[٢]
الذات في شعر أدونيس
لا يظهر في شعر أدونيس موضوع القصيدة كما في شعر غيره من الشعراء، لكنَّه يبقى مقنَّعًا باللغة وتحفُّه براعة أدونيس وقدرته على إغراق النص بالمجاز، ما يجعل من القصيدة مجالًا للتعبير عن فجائع الكائن البشري وما تشظى من ذات الشاعر فيها، لتبقى الصورة الشعرية عند أدونيس هاجسًا ملحًّا لدرجة كبيرة، وتكون القصيدة هي الدلالةَ بعينها عندما تفوح من جسد نصِّ مفعم بالكنايات والرمز والمجازات، وتظلُّ تجربة أدونيس الشعرية من أهم التجارب في الشعر العربي التي أعطت للذات مساحة كبيرة، وجسَّدت صراعًا كبيرًا بين ذات متشظية بعمق وموهبةً قلَّ نظيرها،[٣] ومن أهم الأمثلة على ظهور الذات في شعر أدونيس قصيدة أول الشعر التي يقول فيها:[٤]
- أجمل ما تكونُ أن تُخلخلَ المدى
- والآخرون - بعضهم يظنّك النّداءَ
- بعضهم يظنّك الصّدى
- أجمل ما تكونُ أن تكون حجّةً
- للنور والظّلامِ
- يكون فيك آخرُ الكلامِ أوّلَ الكلامِ
- والآخرون -بعضهم يرى إليك زبدًا
- وبعضهم يرى إليك خالقًا
- أجمل ما تكون أن تكون هدفًا-
- مفترقًا
- للصّمتِ والكلامِ
حيثُ تظهر في هذه القصيدة فلسفة الشاعر العميقة ممزوجةً بالحكمة العالية طغى عليها جميعها عوارض الذات التي وجَّه الشاعر إليها كلامه بطريقة تحمل الدهشة والجرأة، فارضًا عليها قوة التغيير والخروج على كل ما مألوف وموروث، وفيها دعوة أيضًا لتحول النفس من تابعة إلى مبتدعة، وليس هناك أكثر من قوله: وبعضهم يرى إليك خالقًا، تستطيع أن تعبِّر عن جنون الذات وحضورها في النص بشكل عنيف، ولا بدَّ من ظهور ذلك أيضًا في قوله:[٥]
- ها هو السَّهرُ المُرُّ يأتي
- ويُشعِلُ قِنْديلَهُ
- هل أُعيدُ رسائلَ حُبّي إلى حِبرها؟
- هل أُمَزِّقُ تلكَ الصُّوَرْ؟
- أقرأ الآنَ جِسْمي،
- وأملأُ بالحُزْنِ قِنْديلَ هذا السَّهَرْ
حيث توحي هذه الصورة تحديدًا بأنَّ الذات هي القصيدة نفسها أو بأنَّ القصيدة قد تحولت إلى ذات كاملة وذلك قبل أن يحاول القارئ إيجاد شظايا الذات في النص، فعندما يحاول الشاعر أن يقرأ جسمه ضمن القصيدة لا بدَّ أن تكون ذاته نفسها قد تحولت إلى قصيدة كاملة، وهكذا كان أدونيس من أهم الشعراء العرب في العصر الحديث الذين كان للذات حضورًا باهرًا في قصائدهم، ومن أكثر الشعراء هوسًا باللغة وافتتانًا بالمجازات بالإضافة إلى تمويه الدلالة وإعمائها.[٥]
المراجع[+]
- ↑ "أدونيس (شاعر) "، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "أدونيس (شاعر)"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "الذات عند أدونيس"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "أول الشعر"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "الذات عند أدونيس"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2020. بتصرّف.