سؤال وجواب

فضل الصدقة في شهر رمضان


مفهوم الصدقة

الصدقة هي اسمٌ يعود في أصله إلى ما يُبذَل من المال والطعام والشراب والكساء للفقراء والمحتاجين ونحو ذلك في سبيل التقرّب إلى الله عزّ وجلّ، قال تعالى في الصّحيح من الحديث أنّه قال: "مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ"[٤]، ولا يتوقّف الفضل في الصدقة عند هذا الحدّ بل تتعدّاه لكونها تزكيةٌ للأموال والأنفس والثمرات، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[٥]، ومن فضلها أنّ الله -عزّ وجلّ- قد قرنها بالتوبة في قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[٦].[٧]

فضل الصدقة في رمضان

تُعدّ الصدقة من الأعمال المحبّبة التي حثّ الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم ونبيّه محمّدًا -صلّى الله عليه وسلّم- في سنّته على الإكثار من القيام بها، وأوجب الله لها فضلًا عظيمًا، قال تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[٨]، وفضل الصدقة في رمضان يفوق فضلها في أشهر السنة الباقية، وذلك لما لهذا الشهر من الفضل الخاص بزمانه وزيادة أجر الأعمال به، فهو شهر القرآن الكريم، وقد ورد في فضل الصدقة في رمضان أنّها تعدل سبعين ضعفًا عن غيرها في غير أشهر والله يٌضاعف لمن يشاء، ولا يوجد أفضل من أن يخرج المرء مالًا حلالًا أو طعامًا أو شرابًا مٌباركًا ليتصدّق به في أيّامٍ مُباركاتٍ فيزيد الله -عزّ وجلّ- له الأجر وكان عليه السلام أجود ما يكون في رمضان جاء ذلك في حديث يرويه عبدالله بن عباس: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"[٩]، وينبغي على الإنسان المسلم أن يقتدي بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقد جاء في سيرته الطاهرة أنّه كان أجودٌ ما يكون في شهر رمضان المبارك، إضافةً إلى الأجر المضاعف الذي وعد به الله -عزّ وجلّ- للأعمال الصّالحة، مرورًا بليلة القدر التي جعلها الله -عزّ وجلّ- خيرًا من ألف شهر.[١٠]

حكم الصدقة

الخوض في الحديث عن فضل الصدقة في شهر رمضان يدفع إلى الخوض في بيان حكم الصدقة كما ورد في الشريعة الإسلاميّة، فقد بيّنت الشريعة الإسلاميّة أنّ الصدقة في حكمها الشرعيّ سنّةٌ مستحبّة في جميع الأوقات، وتكون الصدقة سنّةً مؤكّدة في بعض الأوقات التي أخبر بها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كالصدقة في شهر رمضان والصدقة في الأيّام العشر من ذي الحجّة، ويتفاوت التفاضل والأجر لها على حسب حاجتها فيمن قٌدّمت له.[١١] وقد أجمعت الأئمّة الأربع من كبار علماء المسلمين على استحباب الصدقة عند الزّيادة في المال والمؤونةِ على أن لا يظلم المرء أهل بيته ويجور عليهم في عطاءه، وذلك لأنّ الواجب على المرء النفقة على آل بيته والنفل أن يُخرج صدقةً من قوته، والواجب يتقدّم على النفل، أمّا حكم أن يتصدّق المرء بكلّ ما يملك فهو مستحبٌّ عند الشافعيّة إن كان المرء وأهله قادرين على الصبر والاحتساب والتوّكل عند الحاجة والفقر، وغير مستحبّ عند الحنفيّة والمالكيّة، وذلك استنادًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}[١٢].[١٣]

الفرق بين الزكاة والصدقة

بعد بيان مفهوم الصدقة كما وردت في معاجم اللغة وفضل الصدقة في شهر رمضان وغير رمضان كان لا بدّ من بيان الفرق بين الزكاة والصدقة، فمعنى الزكاة في اللغة هو التطهير والتنظيف وأصل النماء لكلّ شيء، وفي الشرع هي ركنٌ من أركان الإسلام وتعني تقديم العطاء ممّا وجب به التقديم في الشريعة الإسلاميّة، ويكون في أشياءٍ معيّنة كالفضّة والذّهب والزرع والأموال وبهيمة الأنعام والتجارة، بينما تكون الصدقة على عكس ذلك في التحديد -أيّ لا يشترط فيها تحديد الأشياء- وليس لها أيّة شروط، والحكم في ترك الصدقة لا يعذّب من تركها، بينما تارك الزّكاة وعده الله ورسوله بنار جهنّم، وقد ورد في الحديث المطوّل الصحيح عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "ما مِن صاحِبِ كَنْزٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَهُ، إلَّا أُحْمِيَ عليه في نارِ جَهَنَّمَ، فيُجْعَلُ صَفائِحَ فيُكْوَى بها جَنْباهُ، وجَبِينُهُ حتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بيْنَ عِبادِهِ، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ"[١٤].[١٥]

المراجع[+]

  1. سورة التوبة، آية: 60.
  2. "تعريف و معنى صدقة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، 30-4-2020. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية: 274.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1410، أورده في صحيحه.
  5. سورة التوبة، آية: 103.
  6. سورة التوبة، آية: 104.
  7. "فضل الصدقة"، al-maktaba.org، 30-4-2020. بتصرّف.
  8. سورة الحديد، آية: 11.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 902، حديث صحيح.
  10. "الصدقة في رمضان.. فضلها كبير وأجرها عظيم رابط المادة: http://iswy.co/e177ad"، ar.islamway.net، 30-4-2020. بتصرّف.
  11. "حكم الصدقة"، al-maktaba.org، 30-4-2020. بتصرّف.
  12. سورة الإسراء، آية: 29.
  13. "ما حكم أن يتصدق الشخص بكل ما يملك ؟."، islamqa.info، 30-4-2020. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 987، حديث صحيح.
  15. "ما الفرق بين الصدقة والزكاة ؟."، islamqa.info، 30-4-2020. بتصرّف.