أدلة وجوب الصوم في الكتاب والسنة
مفهوم الصوم
الصوم لغةً يأتي بمعنى الإمساك، والصوم والصِّيام مترادفان، يُقال صام النهار؛ إذا توقفت الشمس عن السير، وقد حيث قال تعالى في امتناع مريم عن الكلام:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}،[١] فالمقصود من قولها هنا الصمت، وهو الإمساك عن الكلام، أما في المعنى الاصطلاحي فالصيام يعني: إمساك المسلم عن الأكل والشرب وغير ذلك من المفطرات كالجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وقيل أنه: امتناعٌ عن أشياء مخصوصة في أوقات مخصوصة، على هيئةٍ ووجهٍ مخصوصين، وقيل: هو الامتناع عن الطعام والشراب وجميع المفطرات بنية التقرب من الله منذ طلوع الفجر إلى غروب الشمس من أشخاص معينين، وبكيفية مخصوصة، ويسمى الصوم صبرًا لأن المسلم الصائم يُصبِّر نفسه عن شهوات النفس.[٢]
مراحل تشريع الصوم
فرض الله -تعالى- على عباده صيام شهر رمضان المبارك، إلا أنّ فرضيته لم تكن على مرحلةٍ ودرجةٍ واحدة، بل كان فرض صيام شهر رمضان على ثلاث مراحل كما بيّنت ذلك النصوص القرآنية والسنة النبوية المطهَّرة، وهذه المراحل هي:[٣]
- المرحلة الأولى: تخيير المسلم بين صيام شهر رمضان أو دفع فدية إطعام مسكين عن كل يوم يُفطر فيه، حيث قال الله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.[٤]
- المرحلة الثانية: فرض صوم شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل صحيح، مقيم، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وبعد الغروب يجوز للصائم الأكل والشرب، فإذا نام الصائم حرُم عليه الإفطار وجميع المفطرات طيلة ليله وحتى غروب شمس اليوم التالي، حيث روى الْبَرَاءِ بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ".[٥]
- المرحلة الثالثة: وجوب صيام شهر رمضان على الوجه المتعارف عليه في الوقت المعاصر، ودليله الحديث السابق الذي يرويه البراء بن عازب رضي الله عنه.
أدلة وجوب الصوم في الكتاب والسنة
ثبتت فرضية صيام شهر رمضان المبارك بالعديد من النصوص الصحيحة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما نُقل عن الصحابة والفقهاء والمجتهدين القول بالإجماع بفرضية وجوب الصيام، وفيما يأتي بيان أدلة وجوب الصوم في الكتاب والسنة: [٦]
- من القرآن الكريم: حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٧] وقال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.[٨]
- من السنة النبوية: حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ".[٩]
- من الإجماع: فقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على القول بوجوب صيام شهر رمضان على كل مسلمٍ مكلفٍ، وأجمعوا على أن من أنكر وجوب صيام شهر رمضان يعدّ كافرًا.
المراجع[+]
- ↑ سورة مريم، آية: 26.
- ↑ "مفهوم الصيام لغة وشرعا"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2020. بتصرّف.
- ↑ "مراحل تشريع صيام شهر رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 184.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 1915، حديث صحيح.
- ↑ "أدلة وجوب الصيام"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 03-05-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، حديث صحيح.