حكم سب الدين في شهر رمضان
مفهوم سب الدين
استخلف الله -تعالى- الإنسان في الأرض؛ ليحمل الأمانة التي كلّفه بها، كونها مهمّة عظيمة في إعمار الكون على النّحو الذي يريده الله -تعالى- بما شرعه من أوامر ربّانيّة تجعله يسير على الصّراط المستقيم الممتد إلى اليوم الآخر، والدّين الإسلامي هو الأمانة التي يجب حملُها بكل ما أوتيَ من قدرةٍ تمنحه من استغلال العقل بالتّفكير والتّأمل في السّماوات والأرض، وكلمة الدّين في اللّغة تحمل معاني كثيرة فهو اسم لكل ما يُعبد به الله، وهو الاعتقادُ بالجنَان، والإقرارُ باللّسان، وعملُ الجوارح بالأَركان، فالأديان السّماوية هي اليهوديّة، والمسيحيّة، والإسلام، ومنه الدّين الحنيف، وعندما يقال الدّين النّصيحة فمعناه التّناصح بين النّاس كونه قَوام الدّين، وإذا قيل فلانٌ سبَّ الدّين، فإنّها تحمل معنى الشّتم، والانتقاد، والمُعايرة، وهو القذف بكلماتٍ نابيّة،[١] فعليه فإنّ مفهوم سبَّ الدّين هو انتقاد الدّين وإهانته، وشتمه، ومعايرته بكلمات جارحة، تقلّل من شأنه، فكيف إذا كان في أفضل الشّهور، فما حكم سبِّ الدّين في رمضان، وهذا ما سنتكلم عنه في هذا المقال.
حكم سب الدين في رمضان
شهر رمضان من أفضل الشّهور عند الله -تعالى- وأميزِها، لما لهذا الشّهر من بركاتٍ، ورحماتٍ، قد كتبها الله -عزّ وجلّ- على عباده المؤمنين حتى تتجسد التّقوى في قلوبهم، وتسمو أنفسهم، وتترفع عن سفاسف الدّنيا وغُرورها، ويتحقّق الاستخلاف الذي يريده الله -تعالى- من عباده، من غير وسوسة الشياطين، فيبقى المسلم يجاهد بهوى نفسه حتى ينتصر عليها، إلّا أنّ الإنسان قد يضعف، وتهون عليه نفسه، فقد عَصم نفسه عن المبيحات من طعامٍ، وشرابٍ، ولكنّ غضبه قد تملّكه، وارتكب ما يُغضب الله-تعالى- فقد يسبُّ الدّين والذات الآلهية فينصرف فكره، وينشغل، ويأنبه ضميره، فيندم على ما فعل؛ لأنه إذا كان حكم من يشتم الدّين في خارج شهر رمضان يقع صاحبها في الإثم، فكيف يكون حكم من سبَّ الدّين في رمضان، فقد ذهب أهل العلم إلى أنّه من يشتم الدّين في نهار رمضان فإنّه قد خرج من ملة الإسلام، وقد فسد صومه، ويلزمه التّوبة النّصوح، والاستغفار، وأن يجدد دخوله في الإسلام بنطق الشهادتين، مع قضاء الصوم.[٢]
حكم سب النبي محمد
اتفق الفقهاء أنّ حكم من سبّ الدّين في شهر رمضان فقد فسد صومه وعليه القضاء، ويعد مرتدًا، فكيف بمن يسُبّ النّبي الكريم الذي صلّى الله عليه في الملأ الأعلى، وأمر كل مخلوقاته بالصّلاة عليه، فيعدّ كل من ألحق برسول الله عيبًا، أو أنقص من نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو ازدراه وعابه وشتمه، فقد سبّه، عليه الصّلاة والسّلام،[٣] وقد نظر الفقهاء في أمر المسألة فقالوا: إن كان يعني ما يقول في سبّه فهو كافرٌ مرتدٌ عن دينه، فوجب قتله، لقول الرسول الكريم: "مَن بدَّلَ دينَهُ فاقتُلوهُ"،[٤] فهو أنكر أنّ رسول الله هو خاتم الأنبياء، فقد أنكر شيئًا من الدّين، فهو مرتد، وأمّا إن كان يقول الكفر وهو لا يدري، فيجب تذكيره، فإن وعى ما قاله وكان يقصد فهو مرتدٌ، وأمّا من قال كلمة الكفر مضطرًا وقلبه مطمئن بالإيمان فلا يعدّ كافرًا،[٥] لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}،[٦] وبناءً على ما سبق فقد اختلف العلماء في مسألة قتل من سب النبي أنّه هل يقتل حدًا أم ردّة، فذهب الحنفيّة والحنابلة وابن تيميّة على أنّه مرتدٌّ، بدّل دينه، فتتم استتابته، وتُقبل توبته، وأمّا الشّافعيّة فقالوا أنّ سبّ النّبي الكريم هو ردّة وزيادة،[٣] لأنّ السّاب كَفَر أولًا فهو مرتدّ، وأنّه سبّ النبي الكريم، فاجتمع على قتله سببان، يوجب كلًا منهما القتل، وصرّح المالكيّة بأنّه لا يُستتاب إلّا إن كان كافرًا فأسلم،[٧] وحُكمه حُكم الزّنديق الذي يسر كفره،[٨] ودليل فحوى ما سبق أنّ النبي الكريم أباح دم جاريتين كانتا تتفاخران بسبّه، وأمر النبي بقتلهما حتى ولو كانتا متعلقتان بستار الكعبة وكذلك أمر النّبي الكريم بقتل كعب بن الأشرف لأنّه كان يسبّه، فسبّ النّبي الكريم فيه إفساد في الأرض، وخروج عن حكمه، لأنّه منشئ دولة الإسلام، فصلّى الله عليه وسلم.[٩]
المراجع[+]
- ↑ "تعريف و معنى سب الدين في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "حكم سب الدين في رمضان"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "حُكْمُ سَبِّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم: 22015 ، حديث إسناده صحيح.
- ↑ "باب حكم سب الله ورسوله والدين"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 106.
- ↑ "تابع حكم سب الرسول الكريم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "الأقوال والآراء في حكم سب النبي الكريم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "سب النبى صلى الله عليه وسلم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2020. بتصرّف.