ضوابط التعامل بين النساء والرجال

المجتمع الإسلامي
المجتمع الإسلامي هو مجتمع متوازن، بين الفرد والجماعة، يلتقون فيشكّلون مزيجًا متماسكًا وقويًّا، كالجسد الواحد، يتميزون بأنّهم قادرون على العمل والبناء والإنتاج والعطاء، بإخلاص وصدق وأمانة متحابيّن متعاضدين فيما بينهم، مكوّنين علاقات تعبّديّة مع الخالق، وعلاقات إنسانيّة أخويّة مع بعضهم، فهو مجتمع متوازن بين حاجات النّاس العمليّة والتزاماتهم الخلقيّة، فقد بني من خلال رؤية معطيات الدّين الإسلاميّ، على أسس دينيّة ودنيويّة، فيه ما في المجتمعات المتحضّرة الحديثة؛ من مؤسّسات عسكريّة، وسياسيّة، وتعليميّة، وتربويّة، وثقافيّة، واقتصاديّة، وقانونيّة، ودستوريّة، وإعلاميّة، ولكن كلّ هذه المؤسّسات تعمل ضمن ضوابط إسلاميّة، تخدم أهداف الدّين الإسلاميّ، لا كما هي عليه في العالم الغربيّ المتحلّل من أكثر القيم الإنسانيّة والخلقيّة، وللمرأة حضورها في هذا المجتمع الإسلاميّ كما الرّجل، وتقدّم أقصى ما لديها؛ أمًّا وزوجة وعاملة وطبيبة ومعلّمة، وسيأتي الحديث عن ضوابط التعامل بين النساء والرجال.[١]
ضوابط التعامل بين النساء والرجال
كلّ اختلاط يؤدي إلى التّزاحم والتّلاصق بالأجساد، أو يفضي إلى الخلوة بالمرأة الأجنبية، ويؤدّي إلى العلاقات المحرّمة، فهو محرّم، وأما اللّقاء العابر غير المعدّ له مسبقًا، ويكون لقاء محدودًا غير متكلّف، مع التزام المرأة بالضّوابط الشّرعية في تعاملها مع الرجال الأجانب، كقضاء حاجة سريعة؛ من بيع وشراء وسؤال واستفسار، بشرط غضّ البصر، واحتجاب المرأة عن الرّجل وعدم لينها وخضوعها بالقول؛ فلا حرمة فيه ولذلك من ضوابط التعامل بين النساء والرجال:[٢]
- غضُّ بصر كلّ من الجنسين عن الآخر؛ لقول تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[٣].
- عدم الخلْوة بالمرأة الأجنبيَّة -وهي التي تحلّ له- لأيّ سبب من الأسباب؛ لقوله، صلَّى الله عليه وسلّم: "لا يخلوَنَّ رجل بامرأةٍ إلا ومعها ذو مَحرم"[٤].
- الحذر من الاختِلاط الذي تترتَّب عليه فتنة؛ حيث يقول، صلَّى الله عليْه وسلَّم: "إنَّ الدُّنيا حلوةٌ خضرةٌ، وإنَّ الله تعالى مستخْلِفكم فيها، فينظُر كيف تعملون، اتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء"[٥].
- الابتعاد عن مصافحة المرْأة الأجنبيّة؛ لحرمة مصافَحَتَها، لقولِه، صلَّى الله عليْه وسلَّم: "لأنْ يُطْعَن في رأْسِ أحدِكُم بِمخْيط من حديدٍ خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له"[٦].
حكم الاختلاط بين النساء والرجال
الاختلاط بين النّساء والرّجال محرّم، لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[٧]وهذا الخطاب الرّباني لصحابة النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، والنّسوة هنّ زوجاته، ومن أطهر منهنّ من النّساء، ولقول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ"[٨]. وقد يقول قائل بأنّه لم ينصّ على تحريمه القرآن الكريم، والإجابة بأنّ ضرب الابن لوالديه؛ لم ينصّ عليه القرآن الكريم، ولكن جاء فيه، قوله تعالى: {َفلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }[٩]. فالعاقل المتبصّر يعلم بأنّ النّهي عن الأقل، فمن باب أولى ترك الأعظم، وكذلك بالنسبة للاختلاط، فقد جاء نهي النّبي عن خروج المرأة متعطّرة خوف أن يجد الرّجال ريحها؛ فتكون الفتنة، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: "إذا تعطَّرتِ المرأةُ ، فمرَّت على القَومِ ليجِدوا ريحَها ، فَهيَ كذا وَكَذا ، قالَ قولًا شديدًا"[١٠]، فمن باب أولى منع الاختلاط؛ لأنّه أشدّ فتنة على الرّجال، وقد منع علماء الأمّة الاختلاط بكلّ صوره وأشكاله، ولكن عندما ضعفت الأمّة واستحكم الكفّار فيها؛ رضخوا لمطالبه وأوامره من اختلاط وغيره.[١١]المراجع[+]
- ↑ "مـحـاولـة لتـصوّر "المـجـتـمـع" الإسـلامـي"، www.islamweb.net. بتصرّف.
- ↑ "حدود التعامل بين الرجل والمرأة"، ar.islamway.net. بتصرّف.
- ↑ سورة الور، آية: 30.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1341، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2742، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم: 5045، حديث صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2740، حديث صحيح.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 23.
- ↑ رواه ابن دقيق العيد، في الاقتراح، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 126، حديث صحيح.
- ↑ شحاتة محمد صقر (1432)، الاختلاط بين الرجال والنساء، صفحة 577، جزء 2.