الحروف النافية المشبهة بالفعل
أسلوب النفي
في النفي في اللغة العربية، فللنفي في اللغة معانٍ كثيرة منها الرفض، وهذا المعنى هو المقصود بقولهم أسلوب النفي، فيمكن القول إنّ أسلوب النفي هو أسلوب الرفض،[١] وأمّا اصطلاحًا فلأسلوب النفي عدّة تعريفات في النحو العربي، منها أنّه طريقة لإنكار فكرة أو نقض حجة أو موضوع ما، ويُراد به نفي جملة أو دليل ما، وهو ضد الإثبات، ويُقسم إلى نفي صريح ونفي ضمني،[٢] ومنها قولهم: "هو إِنْكَارُ ثُبُوتِ حُكْمٍ مَا لشَيءٍ مَا، باسْتِخْدامِ أداةٍ مِنْ أَدَواتِ النَّفْي"، وأشهر أدوات النفي عشر أدوات هي: لا ولات وما وليس ولم ولمّا وإن وغير ولا النافية للجنس ولن، ومن أدوات النفي هناك الحروف النافية المشبهة بالفعل، وهي الحروف المشبّهة بليس، وسيقف عليها هذا المقال فيما يأتي.[٣]
الحروف النافية المشبهة بالفعل
الحروف النافية المشبهة بالفعل وهو الفعل الناقص ليس، هي إحدى أدوات النفي الكثيرة في اللغة العربية، وإنّما سُمّيت المشبهة بليس لأسباب ستقف عليها هذه الفقرة فيما يأتي؛ فستقف مع كل أداة منها بشيء من التفصيل ولكن باقتضاب، وتلك الأدوات هي لا ولات وما وإن، وتفصيلها فيما يأتي:
- ما العاملة عمل ليس: ويسمّونها ما الحجازيّة؛ لأنّها تعمل عمل ليس في لغة أهل الحجاز فقط، وتُهمل في لغة تميم، ولكن لغة الحجاز هي التي نزل بها القرآن الكريم، ولكي تعمل عمل ليس يجب أن يتوفّر فيها أربعة شروط هي: ألّا يتقدّم خبرها على اسمها، كقولهم: ما مُسيءٌ مَن أعتَب، والشّرط الثاني ألّا يتقدّم معمول خبرها على اسمها، فإن تقدّم فقد بطلَ عملها، كقولهم: ما أمرَ الله أنا عاصٍ، ولكن إن كان معمول الخبر ظرفًا أو اسمًا مجرورًا بحرف الجر فعندها يجوز، كقولهم: ما عندي أنت مُقيمًا، وقولهم: ما بكَ أنا منتصرًا، ويجوز ان يتوسّط معمول الخبر بين اسمها وخبرها، والشرط الثالث هو ألّا تُزاد بعدها إن، فإن زيدت فقد بطل عملها، كقول الشاعر:
بني غُدانَةَ ما إن أنتمُ ذهبٌ
- ولا صريفُ ولكن أنتم الخزَفُ
والشرط الرابع ألّا ينتقض نفيها بإلّا، فإن انتقض فقد بطل عملها، كقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}،[٤] وإذا كانت ما لا تعمل إلّا في المنفي ولا تعمل في الموجب فإنّه يجب رفع ما يأتي بعد بل ولكن، كقولهم: ما سعيد كسولًا، بل مجتهدٌ وما خليلٌ مسافرًا، ولكن مقيمٌ.[٥]
- لا المشبهة بليس: وشروط عملها هي شروط عمل ما سابقة الذكر نفسها، يُضافُ إليها شرط مجيء اسمها وخبرها نكرتين، ويندر مجيء اسمها معرفة، كقول المتنبي مثلًا:[٦]
إذا الجود لم يرزق خلاصًا من الأذى
- فلا الحمدُ مكسوبًا ولا المال باقيا
وقول آخَر: وَحَلَّتْ سَوادَ الْقَلْبِ، لا أَنا باغيًا
- سواها، ولا في حُبِّها مُتراخِيا
والغالب على خبر لا هذه هو أن يكون محذوفًا، نحو قول الشاعر: مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها
- فأنا ابنُ قَيْسٍ لا بَراحُ
يريدُ: لا براح لي.
- لات المشبهة بليس: وتعمل لات عمل ليس بشرطين: الأول أن يكون اسمها وخبرها من أسماء الزمان، والثاني هو أن يكونَ أحدهما محذوفًا، والغالب أن يكون اسمها هو المحذوف، كقوله تعالى في سورة ص: {وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}،[٧] وأمّا إن دخلت على غير اسم الزمان كانت مهملة نحو قول الشاعر:
لَهْفي عَلَيْكَ لِلَهْفَةٍ من خائفٍ
- يَبغِي جِواركَ حينَ لاتَ مُجيرُ[٨]
- إنْ المشبهة بليس: قد تعمل إنْ هذه عمل ليس، ولكنّ ذلك قليل، وهو في لغة العرب العالية فقط، كقولهم: إنْ أحد خيرًا من أحدٍ إلاّ بالعافية، وقول الشاعر:
إنْ هوَ مُسْتَوْليًا على أَحَدٍ
- إلاّ على أَضعَفِ الْمجانِين
وتعمل إنْ هذه عمل ليس بشرطين: الأوّل هو ألّا يتقدّم خبرها على اسمها، والثاني هو ألّا ينتقض نفيها بإلّا، فإن انتقض بطل عملها، نحو قولهم: إنْ أنت إلاّ رجلٌ كريمٌ، وانتقاض نفيها إنّما هو بالنسبة للخبر، وأمّا بالنسبة لمعمول الخبر فإنّه لا يضرّ النفي، كقولهم: إن أنت آخذًا إلاّ بيد البائسينَ، والله أعلم.[٩]
شواهد على الحروف النافية المشبهة بالفعل
بعد الوقوف على الحروف النافية المشبهة بالفعل وبيانها وتفصيلها، فإنّ المقال يقف مع شواهد على تلك الحروف من الكلام الفصيح سواء كان من القرآن الكريم أم من الشعر أو من كلام العرب الفصيح الذي يُحتجّ به، وسيكون لكلّ أداة شاهد أو شاهدان، والشواهد هي:[١٠]
- ما العاملة عمل ليس: الشاهد عليها قوله تعالى في سورة يوسف: {مَا هَٰذَا بَشَرًا}.[١١]
- لا العاملة عمل ليس: الشاهد عليها قول الشاعر:
تعزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيا
- ولا وزرٌ ممّا قضى الله واقيا
- إنْ العاملة عمل ليس: وهي في قول الشاعر:
إنْ هوَ مُسْتَوْليًا على أَحَدٍ
- إلاّ على أَضعَفِ الْمجانِين
- لات العاملة عمل ليس: والشاهد عليها قوله تعالى: {وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}.[٧]
المراجع[+]
- ↑ "النفي "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ↑ "أسلوب نفي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ↑ "ملخص أسلوب النفي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 144.
- ↑ مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية (الطبعة 28)، صيدا: المكتبة العصرية، صفحة 292، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "(أحرف ليس)"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة ص، آية: 3.
- ↑ "(لات) المشبهة بليس"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ↑ مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية (الطبعة 28)، صيدا: المكتبة العصرية، صفحة 296، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "الأحرفُ النَّاسِخَةُ: (مَا، ولاَ، ولاَتَ، وإنْ) الْمُشَبَّهَاتُ بِلَيْسَ"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية: 31.