سؤال وجواب

حكم التعيير بالذنب


مفهوم الذنب

الذنب وهو مفرد من الجمع ذنوب وهو الخطأ أو الإثم أو الجريمة أو المعصية، أو الأمر الذي يفعله الشَّخص فيستحقُّ عليه العقاب، وهو الفعل غير المشروع سواء كان بسبب عادات اجتماعيَّة أو قوانين أو دين، ويُقال فلانٌ أذنب أي أخطأ وفعل ما يستحق عليه اللوم وربما العقاب، والإحساس بالذنب حسب علم النَّفس هو الشعور بانفعال داخلي نتيجة ارتكاب الشخص لمخالفةٍ أو خطأ ما يستوجب عليه اللوم، وأما الشخص الذي يقوم بالفعل الخطأ فيُقال عنه مُذنِب، وتختلف الذنوب فمنها ما يكون قابلًا للغفران سواء كان من قبل المجتمع أو الدِّين ومنها غير ذلك، وجُبل البشريُّ على ارتكاب المعاصي والذنوب ومن ثم العودة والاستغفار، وقد يُقدم فلانٌ من النَّاس على تعيير أخيه بذنبٍ ارتكبه، فكان لا بدَّ من الوقوف في مقالٍ عن حكم التعيير بالذنب في الإسلام.[١]

حكم التعيير بالذنب

بعد أن تمَّ الوقوف على كلمة ذنب وفهمها حسب معجم اللغة العربية لا بدَّ من الإتيان على حكم من أحكام الإسلام التي تتعلق بمسألة الذنوب، وسيكون الحديث عن جزئيَّةٍ خاصَّةٍ في هذه المسألة وهي حكم التعيير بالذنب، فقد يُقلع رجلٌ من النَّاس عن ذنبٍ كان يفعله ولكن تبقى ألسنة النَّاس عليه كالسِّياط لا ترحم فيعيِّرونه بذنبٍ كان قد تركه وابتعد عنه، وهذه من الأمور الخطيرة جدًّا في الشَّريعة الإسلاميَّة، وقد قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زَنَتِ أمَةُ أحَدِكُم فتَبَيَّنَ زِناهَا فلْيَجْلِدْهَا، و لا يُثَرِِّبْ، ثُم إِنْ زَنَتْ فلْيَجْلِدْهَا، و لا يُثَرِّبْ، ثُم إنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فلْيَبِعْها ولو بِحَبْلٍ من شَعْرٍ"،[٢] ومعنى لا يثرب أي لا يعيِّر؛ مع أنَّ الزّنا هو واحدٌ من الحدود الإسلاميَّة التي تستوجب الرَّجم في بعض الحالات، وقد يكون التعيير بالذَّنب سببًا في إبعاد المذنبين عن باب التَّوبة إذ لا فرق بين الناس من كونه تائبًا يعيَّر أو مُذنبًا يُعيَّر، وقد ورد عن بعض أهل السَّلف الصالح قولهم: "إن من عير أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يعمله"، ولا بدَّ للمسلم أن يُدرك أنَّ ابتعاده عن الذنب وعدم وقوعه فيه هو رحمةٌ من الله وليس بفضل جهده واجتهاده، حيث قال تعالى في سورة الإسراء: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}،[٣] وفي ذلك بيانٌ لحكم التعيير بالذنب في الإسلام، والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٤]

ستر الله تعالى للعبد

بعد الوقوف على حكم التعيير بالذنب حسب الشَّريعة الإسلامية لا بدَّ من الإضاءة على معنى ستر الله لعبده، وقد ورد في ذلك عن ابن القيم رحمه الله: "للعبد سترانِ: ستر بينه وبين ربه، وآخر بينه وبين الخَلْق، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله ستره بين الخَلْق"، والستر هو من النّعم التي أسبغها الله على عباده، فما يزال العبد في نعمتين واحدةٌ ظاهرة وأخرى باطنة فأمَّا الظاهرة فهي الإسلام والقرآن وأمَّا الباطنة فهي الستر الذي يمتنُّ الله به عباده، فلولا رداءٌ من الله اسمه الستر لكُسرت الأعناق من شدة الخجل، وقد ورد في ذلك فيما روي عن عبد الله بن عمر أنَّه قال: "بيْنَما أنَا أمْشِي، مع ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما آخِذٌ بيَدِهِ، إذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقالَ: كيفَ سَمِعْتَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في النَّجْوَى؟ فَقالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علَى رَبِّهِمْ ألَا لَعْنَةُ اللَّهِ علَى الظَّالِمِينَ}"،[٥] فالله ستِّير يحبُّ الستر وكلّ ابن آدم خطَّاء وخيرُ الخطَّائين التوابون.[٦]

المراجع[+]

  1. "ذنب "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 587، صحيح.
  3. سورة الإسراء، آية: 74.
  4. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد (الطبعة 1)، صفحة 18، جزء 1. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2441، صحيح.
  6. "الستر الجميل"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020.