سؤال وجواب

حكم مس المصحف للحائض


مفهوم الحيض

في تعريف الحيض فمعناه في اللغة هو السيلان، فيُقال مثلًا حاض الوادي أيّ أنّه سال، وقد سُميّ دم الحيض بهذا الاسم لسيلانه، وجاء في تعريف بعض العلماء له أنّه دمٌّ يخرج من رحم المرأة عند بلوغها ثم يصبح اعتياديًا يأتيها كلّ شهر، ويكون له أوقات محددة فيستمر نزوله ستة أو سبعة أيام قد تكثر أو تقل عند كل امرأة بحسب عادتها، ويكون لون الدمّ النازل أسود وله رائحة، كما يكون مصطحبًا لبعض الألم غالبًا في بدايته، وهذا ما يُسمى بالحيض أمّا غيره من الدماء التي قد تخرج من المرأة فتسمى استحاضة، أي سيلان الدم في غير وقته المعتاد، والمرأة المستحاضة هي امرأة طاهرة لا حرج عليها في الصلاة والصيام والجماع، وتعرف المرأة بأنّها طهرت من الحيض إمّا بجفاف الدم أو برؤية القصّة البيضاء، وسيتحدث هذا المقال عن حكم مس المصحف للحائض.[١]

حكم مس المصحف للحائض

في تبيين حكم مس المصحف للحائض، فهناك إجماع من صحابة رسول الله والتابعين ومعهم أئمة المذاهب الأربعة على أنّ مس الحائض أو الجنب المصحف هو محرّم، وقد حُرّم عليها أيضًا قراءته ولو كانت قراءة من غير لمس، ومن الأقوال في ذلك قول الإمام النووي رحمه الله: "مذهبنا أنه يَحْرُمُ على الجنب والحائض قراءة القرآن، قليلها وكثيرها، حتى بعض آية، وبهذا قال أكثر العلماء"، وكان دليلهم على قولهم ذلك من القرآن الكريم في قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}،[٢] وذهبوا في التفسير أنّ المطهرون هم من طهروا من جنابة أو حيض، كما أن المراد هنا هو المصحف، كما استدلوا أيضًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألَّا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ"،[٣] والله أعلم،[٤] وقد جاء في موقع ابن باز -رحمه الله- أنّه هناك خلاف في العلماء في حكم مس الحائض للمصحف، فهناك من قال بتحريمه، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض أو النفساء للمصحف إذا كانت تحفظه عن ظهر قلب، فمدة الحيض والنفاس طويلة ولا يمكن قياسها على الجنابة، فمدتها قصيرة ويمكن الاغتسال منها فور الفراغ من الحاجة، وقالوا أيضًا أنّه لا بأس على الطالبة أن تقرأ القرآن وهي حائض عن ظهر قلب أو امتحان، ولكنّ إن كانت هناك حاجة للقراءة من المصحف فلا حرج في ذلك ولكن على شرط أن تمسكه بحائل كقفازين، والله تعالى أعلم.[٥]

ما يحرُم بالحيض

بعد معرفة حكم مس الحائض للمصحف، فمن الجيد معرفة الأمور التي تحرّم في فترة الحيض، وهناك أحكام كثيرة تتعلق بفترة الحيض منها ما يتعلق بالعبادات والفرائض كالصلاة والصيام، ومنها ما له علاقة بالحياة الزوجية كالجماع، وفيما يأتي سيتم تفصيل جلّ الأحكام التي تتعلق بما يُحرّم في الحيض:[٦]

  • الصلاة: فمن المحرّم على الحائض الصلاة، فهي لا تصحّ منها وغير مفروضة عليها.
  • الصيام: فمن المحرّم على الحائض الصيام سواء كان صيام الفريضة أو صيام النوافل، ولكنّ عليها ان تقوم بقضاء الفرض، وذلك لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها: "كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ"،[٧] ولو كان حيض المرأة قبل مغرب الشمس بساعة فعليها أن تقضي هذا اليوم إن كان صوم فريضة، أمّا إن حاضت بعد الغروب فصيامها تامّ وليس عليها قضاؤه كما جاء في قول أغلب العلماء.
  • الطواف ببيت الله الحرام: فمن المحرّم على الحائض الطواف ببيت الله لفرض أو سنّة، وذلك لحديث رسول الله صلة الله عليه وسلم: "افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي"،[٨] أمّا ما بقي من مناسك الحج من الوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة، والمبيت بمنى ومزدلفة ورمي الجمار، وغيرها من المناسك فلا حرج في فعلها على الحائض، ولا حرج عليها فيما إذا كانت تطوف وهي طاهر ثم حاضت بعد الطواف مباشرة.
  • المكوث في المسجد: فمن المحرّم على الحائض أن تمكث في المسجد، لما جاء عن رسول الله: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخرِجُ العواتقَ وذواتِ الخدورِ والحُيَّضَ يومَ العيدِ فأمَّا الحُيَّضُ فيعتزِلْنَ المصلَّى ويشهَدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمينَ"[٩].
  • الجماع: فمن المحرّم على الحائض أن يجامعها زوجها، ومن المحرّم عليه أن تمكنه من ذلك، وجاء ذلك في قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}.[١٠]
  • الطلاق: من المحرّم طلاق الحائض في فترة حيضها، وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}،[١١] أي أن تكون النساء في حال طهرن كي يُعلم منه مدة العدة الصحيحة.

ما يحل فعله بالحيض

بعد معرفة حكم مس المصحف للحائض، فلا بدّ من معرفة ما يحلّ للحائض فعله في فترة الحيض، فقد كان اليهود يعتزلون النساء في فترة حيضهن، فلا يأكلون معهن ولا يسكنون في البيت نفسه، فسأل الصحابة رسول الله عن ذلك، فكانت الإجابة بنزول قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}،[١٠] والمقصود هنا بالاعتزال عن الجماع فقط، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في ذلك: "اصْنَعُوا كُلَّ شيءٍ إلَّا النِّكَاحَ"،[١٢] وجاء في قوله تعالى كدليل على جواز جماع المرأة في حال طهرها: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}،[١٠] والطهر يأقوال العلماء هو إمّا مجرد انقطاع الدم، أو انقطاع الدم والاغتسال بالماء كما في قول الإمام الشافعي والإمام مالك، وقال بعض العلماء أيضًا أنّ الطهر يكون بانقطاع الدم والوضوء قبل الجماع، وذهب قول آخر بأنّ الطهر هو غسل الفرج بعد انقطاع الدم، وكان ما ذهب إليه أهل العلم أنّه من المحرّم جماع الحائض حتى تطهر فينقطع عنها الدم وتغتسل بالماء.[١٣]

المراجع[+]

  1. "الحيض...تعريفه وماهيته..والفرق بينه وبين الاستحاضة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
  2. سورة الواقعة، آية: 79.
  3. رواه ابن عثيمين، في شرح بلوغ المرام لابن عثيمين ، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، الصفحة أو الرقم: 1/271، صحيح.
  4. " حكم قراءة الحائض للقرآن ومسها المصحف"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
  5. "حكم مس الحائض للقرآن الكريم"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
  6. "أحكام الحيض"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1211، صحيح.
  9. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أم عطية، الصفحة أو الرقم: 2817، صحيح.
  10. ^ أ ب ت سورة البقرة، آية: 222.
  11. سورة الطلاق، آية: 1.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 302، صحيح.
  13. "ما جاء في معاملة الحائض وقت حيضها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف.