ماهو أركان القياس ونشأته
بعد ما وردَ من تعريف مفهوم القياس والسماع، لا بدّ من المرور على نشأة القياس وأركانه، وفيما يتعلّق بنشأته فالقياس قديم جدًّا قِدَمَ علمِ النحو، فقد لجأ علماء النحو إلى القياس منذ أن وضعوا القواعد والأساسات في النحو، وقد ذكر أنَّ أوّل من وضع القياس في النحو هو أبو الأسود الدؤلي، وقيلَ إنَّ أوّل من وضع القياس في اللغة هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي كما قال ابن سلام، ثمَّ جاء الفراهيدي الذي قال فيه ابن جني: "سيّد قومه، وكاشف قناع القياس في علمه"، وجاء سيبويه وجاء بعده أيضًا نحاة أولوا القياس اهتمامًا كبيرًا ومنهم الأخفش تلميذ سيبويه وصاحب كتاب "المقاييس في النحو"، وهذا يعني إنَّ مفهوم القياس نشأ منذ بدايات علم النحو ولم يزلْ قائما حتّى اللحظة فهو جزء لا يتجزأ وعمود لا يمكن الاستغناء عنه في صرح اللغة العربية والنحو العربي الكبير.
وفيما يتعلّق بأركان القياس في النحو العربي، فإنّ القياس هو قياس ما لم يسمعْ من قبل على ما سُمِعَ، ولهذا فإنّ للقياس أركان أربعة لابدّ منها ليصحَّ القياس في النحو، وهذه الأركان الأربعة تتوضّح في قول الأنباري: "ولا بد لكل قياس من أربعة أشياء: أصل، وفرع، وعِلَّة، وحكم، وذلك مثل أن تركب قياسًا في الدلالة على رفع ما لم يسمَّ فاعله، فتقول: اسم أسند الفعل إليه مقدمًا عليه، فوجب أن يكون مرفوعًا قياسًا على الفاعل، فالأصل هو الفاعل، والفرع هو ما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، والعِلَّة الجامعة هي الإسناد، والحكم هو الرفع، والأصل في الرفع أن يكون للأصل الذي هو الفاعل، وإنما أُجري على الفرع الذي هو ما لم يُسَمَّ فاعله بالعِلَّة الجامعة التي هي الإسناد، وعلى هذا النحو تركيب قياس كلِّ قياس من أقيسة النحو.