كيف نشأ الشعر النبطي
عُدّ ظهور الأعجمية في اللغة العربية وانتشار اللحن والتوليد نواةً لظهور الشعر النَّبطي قديما حيث نفى العديد من الباحثين في تاريخ الشعر النبطي ارتباط ظهوره بالفتوحات الإسلامية واختلاط العرب بالأعاجم، فالشعر النبطي قديم المنشأ قدم العربية وغياب النصوص القديمة منه لا يُبرّر غيابه حيث كان شاعر القبيلة يستخدم لهجة قبيلته ومن دلائل ظهور العجمة على لسان العرب قول امرؤ القيس:
تَـرى بَـعرَ الأَرامِ فـي عَـرصاتـها
- وقيعانها كأنهُ حـبُ فلفلً
ذا قـــامتا تضـوع المسـك منــهما
- نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
مهفهفةٌ بيضـــاء غير مفاضـــةٍ
- ترائبها مصقولةٌ كالسجنجل
وإنما عُزي عدم قيام مؤرخي الشعر في تلك الفترة بتدوين هذه النوع من الشعر لاعتبارهم إياه انحلالًا للشعر العربي وسبيلًا لإضعافه حيث كان لابن خلدون فضل السبق في الإشارة الى الأشعار النبطية وتوثيق تاريخ الشعر النبطي حيث قام بتسمية قائليها بالعرب المستعجمة لكثرة توليد الألفاظ وعدم إقامتهم للعربية حيث كثر اللحن فيها منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري، ولكنه لم ينتشر في البادية إلا في نهاية القرن الثاني الهجري، مما يرجح معه أن بدايات انتشار الشعر النبطي تعود للقرن الثاني الهجري.
جذوره
رسخت جذور الشعر النبطي باللغة العربية بدليل استخدام الفصحى فيه وافتخار شعراء النبط بعروبتهم سواء القدماء منهم أو المحدثون، فهم أكثر من استخدموا كلمة عرب بشعرهم، وعليه فهو عربي الصميم ولا يوجد للنبطيين علاقة بتاريخ الشعر النبطي لا من قريب ولا من بعيد على الرغم من التسمية، فيقول الشاعر النبطي:
ياحمود بالله وين شدّوا "عربنا"
- يا حمود ما جاكم من البدو طراش
أما جذور الكلمات الشعبية المستخدمة في الشعر النبطي تعود إلى اللغة السريانية والآرامية التي أُدخلت على لغة العرب؛ نتيجة الانفتاح على الشعوب الأخرى فعلى سبيل المثال ترجع كلمة "حيل" والتي تعني القوة والحول للسريانيين وهي كلمة تظهر بكثرة في الشعر النبطي كقول الشاعر عبد العزيز العرفج:
أحبك للفرح بايع كثر ماللعنا شاري
- يقوم الحظ لي مرة وهو قاعد على حيله
إضافة إلى أن ظهور اللهجات المتعددة نتيجة اختلاط العرب بالأعاجم مع تطور تاريخ الشعر النبطي مصدرا لإثراء الشعر النبطي بالكلمات الشعبية كاللهجة القصيمية -لهجة يشتهر بها أهل القصيم مأخوذة عن أهل صنعاء- فمثلا أُخذت منها كلمات ككلمة "ذا" كما في قول الشاعر ابراهيم الجمحان:
الحب أصلًا كذا عنا وبعد وإذا
- هذاك، هذا وذا الكل يشكي الغرام