الإعجاز-العلمي-في-السماوات-السبع-و
محتويات
الإعجاز لغة واصطلاحًا
الإعجاز لغة هو كلمة مشتقّة من كلمة العجز، وهو مصدر للفعل الرباعيّ أعجز يعجر إعجازًا، ويعني الضعف وعدم القدرة على القيام بالشيء، أمَّا الإعجاز اصطلاحًا فهو صفة من صفات كتاب الله -سبحانه وتعالى- فهو كتاب معجز بكلِّ آياته، وهذا الإعجاز يكون علميًا أو بلاغيًا أو تشريعيًا أو ما شابه ذلك، والإعجاز العلمي هو ما أخبر به القرآن الكريم من حقائق علمية لم يكتشفها الإنسان حتَّى وقت متأخر من العصر الحديث، والإعجاز يكمن في إخبار القرآن الكريم عن هذه الحقائق قبل قرون بعيدة حين لم يكن الإنسان على دراية بها، وهذا المقال سيسلط الضوء على الإعجاز العلمي في السماوات السبع والأرضين السبع في القرآن.
ما هي الأرضون السبع
قال تعالى في سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [١]، في هذه الآية المباركة يتضح وجود سبع أرضين كما أوجد الله -سبحانه وتعالى- سماوات سبع، وقد ظهر هذا المعنى وثبت في كثير من النصوص الإسلامية الصحيحة في السنة النبوية الشريفة، فقد جاء عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "قال موسى: يا ربِّ علِّمْني شيئًا أذكُرُك به وأدعوك به، قال: قُلْ يا موسى: لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال: يا ربِّ: كلُّ عبادِك يقولُ هذا، قال: قُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال: إنَّما أُريدُ شيئًا تخُصُّني به، قال: يا موسى لو أنَّ أهلَ السَّمواتِ السَّبعِ والأرَضينَ السَّبعِ في كِفَّةٍ ولا إلهَ إلَّا اللهُ في كِفَّةٍ مالَتْ بهم لا إلهَ إلَّا اللهُ" [٢].
وهذا الحديث الشريف يدلُّ على ذات المعنى، ولكن الخلاف بين العلماء كان في تفسير هذه الأحاديث والآيات، فذهب بعضهم إلى أنَّ الأرضين السبع هي كرات وكواكب تشبه كوكب الأرض تمامًا، وعلى كلِّ أرض من هذه الأرضين خلق، ومنهم من قال إنَّ هذه الأرضين السبع تقع فوق بعضها وبين كلِ أرض وأخرى سماء وفي كلِّ أرض سماء، وقد قال الضحاك في تفسيره: "إنَّها سبع أرضين، ولكنَّها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات.."، والله تعالى أعلم. [٣]
تفسير قوله خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن
قبل الحديث عن الإعجاز العلمي في السماوات السبع والأرضين السبع جدير بالذكر أن يتم المرور على شرح قوله تعالى في سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [١]، وفي شرح هذه الآية المباركة يمكن القول: يخبر رب السماوات والأرض إنَّه خلق السماوات السبع والأرضين السبع ونزل أمره بينهنَّ، ويقول ابن كثير في شرح هذه الآية: "يقول تعالى مُخبرًا عن قدرتِهِ التَّامَّة وسلطانِهِ العَظيم ليكونَ ذلك باعثًا على تعظيمِ ما شرَّع من الدين القويم: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ} [١] أي سبعًا أيضًا"، وقال الشوكاني في شرح هذه الآية: "ومنَ الأرضِ مثلهنَّ أي وخلق من الأرضِ مثلهنَّ، يعني سبعًا"، والاختلاف بين العلماء كان على كيفية وجود طبقات الأرض، فقال قسم من العلماء إنَّها سبع أرضين فوق بعضها طباقًا فوق بعض، وبين كلِّ أرض وأرض سماء كاملة، وقال بعضهم إنَّها فوق بعضها دون وجود شيء بينها، والله تعالى أعلم. [٤]
الإعجاز العلمي في السماوات السبع والأرضين السبع
يمكن القول عند الحديث عن الإعجاز العلمي في السماوات السبع والأرضين السبع إنَّ علماء الجيولوجيا الذين يبحثون من سنين طويلة في قشرة الأرض وبنيتها الداخلية وجدوا مع تطوُّر العلم الحديث إنَّ الأرض تتكوَّن من سبع طبقات تصطف فوق بعضها وصولًا إلى النواة وهي لب الأرض وهذه الطبقات السبع للأرضين السبع تختلف في بنيتها وتركيبتها اختلافًا كبيرًا فيما بينها، وتختلف أيضًا في درجة الحرارة ونوع المادة المكونة لها، وهذه النظرية نظرية حديثة لم تكن معروفة في الفترة التي نزل فها كتاب الله، وعلى الرغم من ذلك فإنَّ القرآن الكريم استطاع أن يثبت هذه النظرية قبل فترة زمنية بعيدة لم يكن الإنسان فيها على دراية بعلوم الأرض وغيرها، واستطاع أن يثبت إعجازًا علميًا جديدًا في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [١]، فسبحان الله عما يشركون، خالق السماوات والأرض في أحسن تقويم، بلا نقص أو خطأ أو سهو، وهكذا كانت هذه آية خلق السماوات السبع والأرضين السبع دليلًا جديدًا على صحة هذا الدين العظيم ودليلًا على كذب المفترين على هذا الدين زورًا وبهتانًا، والله أعلم. [٥]
الأرضون السبع في السنة النبوية
بعد الحديث عن الإعجاز العلمي في السماوات السبع والأرضين السبع جدير بالذكر إنَّه لم يقتصر ذكر الأرضين السبع في الإسلام على القرآن الكريم وفي تفاسير العلماء للآيات القرآنية التي ذكرت الأرضين السبع، بل ورد ذكرها في سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تأكيدًا على أنَّ السنة توافق القرآن الكريم بالقول والتشريع والحقيقة والمجاز، فكلاهما وحي من رب العالمين وكلاهما حقٌّ من الله، وقد جاء ذكر الأرضين السبع في السنة النبوية فيما يلي: [٥]
- روى سعيد بن زيد إنَّ رسول الله قال: "من أخذَ شيئا من الأرضِ طوّقَهُ من سبعِ أرضينَ، ومن اقتطَعَ من مالِ امْرِئ مسلمٍ بيمينهِ فلا بُوركَ له فيهِ، ومن تَولّى مولى قومٍ بغيرِ إذن أهلهِ فعليهِ لعنةُ اللهِ -عزَّ وجلَّ- لا يقبلُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- منه صرْفًا ولا عدْلًا". [٦]
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله قال: "لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إلى سَبْعِ أَرَضِينَ يَومَ القِيَامَةِ". [٧]
- وروى صهيب عن رسول الله إنَّه قال: "اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وما أظلَلْنَ، وربَّ الأرضينَ السَّبعِ وما أقلَلْنَ، وربَّ الرِّياحِ وما ذَرَيْنَ، وربَّ الشَّياطينِ وما أضلَلْنَ، نسأَلُك خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهلِها ونعوذُ بك مِن شرِّها وشرِّ أهلِها وشرِّ ما فيها". [٨]
المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث {الطلاق: الآية 12}
- ↑ الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الجزء أو الصفحة: 6218، حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
- ↑ حول قوله تعالى: ومن الأرض مثلهن, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-03-2019، بتصرّف
- ↑ تفسير قول الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ...), ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-03-2019، بتصرّف
- ^ أ ب الأرضون السبع بين العلم والقرآن, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-03-2019، بتصرّف
- ↑ الراوي: سعيد بن زيد، المحدث: الطحاوي، المصدر: شرح مشكل الآثار، الجزء أو الصفحة: 7/271، حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الجزء أو الصفحة: 1611، حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: صهيب، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الجزء أو الصفحة: 2709، حكم المحدث: أخرجه في صحيحه