الفرق-بين-التجويد-والترتيل
محتويات
القرآن الكريم
يُعرَّف القرآن الكريم على أنَّه المعجزة الإلهية الباقية حتَّى يرثَ الله الأرض ومن عليها، وهو كلام الله -سبحانه وتعالى- المعجز، نزل على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بواسطة الوحي جبريل -عليه السَّلام-، وقد نُقل القرآن الكريم بالتواتر وحُفظ في الصدور ثمَ كُتب وجمع فلم يُحرَّف ولم يبدَّل، وهو مرجع تشريعي إسلامي ومرجع لغوي بلاغي بما فيه من بلاغة وبيان، وقد نزل القرآن الكريم بقراءات عشر جاءت عن صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- ونُقلت بالتواتر أيضًا، وبناءً عليها وضع علم التجويد الذي سيتم الحديث عنه في هذا المقال وسيتم الحديث عن الفرق بين التجويد والترتيل في الإسلام.
ما هو علم التجويد
علم التجويد هو علم من العلوم الإسلامية الكثيرة، ويهتم بطريقة نُطق كلمات القرآن الكريم كما نطقها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالقراءات المختلفة التي جاءت عنه، وعلم التجويد علم يؤخذ مشافهة من عالم أو شيخ يحمل الإجازة في هذا العلم متصلة بالتواتر برسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وقد اتسع علم التجويد وانتشر بشكل كبير في القرنِ الثالث الهجري، القرن الذي كثر فيه اللحن في القرآن الكريم بسبب دخول أقوام من غير العرب في القرآن، فقام علماء الدين بوضع أساسات علم التجويد؛ حفاظًا على الاتفاق بين الناس في نطق كلام الله تعالى، وخوفًا من التحريف والتبديل في كتاب الله، ويذكر المؤرخون إنَّ أول من قام بجمع علم التجويد في كتاب موحد لتسهيل انتشاره بين الناس هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، وكان هذا في القرن الثالث الهجر، وكان اسم الكتاب: "القراءات"، والله أعلم.[١]
الفرق بين التجويد والترتيل
في الحديث عن الفرق بين التجويد والترتيل يمكن القول إنَّ معنى التجويد والترتيل متقارب جدًا، ولإظهار الفرق بين التجويد والترتيل لا بدَّ من التفصيل في تعريف كلٍّ منهما على حدة حتّى يظهر الفرق بين التجويد والترتيل، وفيما يأتي تعريف كلٍّ منهما على حدة:
- تعريف الترتيل لغة واصطلاحًا: الترتيل لغة هو مصدر للفعل رتَّل، ومعناه التنسيق والترتيب والتحسين والتجويد، فالترتيل مرتبة من مراتب التجويد، أمَّا اصطلاحًا فهو تأدية الآيات القرآنية بترسُّلٍ وتحسين للصوت وهدوء، وقد قال تعالى في سورة الفرقان: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}[٢]، وجدير بالذكر إنَّ الترتيل مرتبة من مراتب التجويد الثلاث والتي هي: "الترتيل، التدوير، الحدر"، والله أعلم.[٣]
- تعريف التجويد لغة واصطلاحًا: التجويد لغة هو التحسين والإتقان، أما في الاصطلاح فالتجويد هو عُلم يعرف من خلاله نُطق الآيات القرآنية السليم كما أتى عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهو إخراج كلُّ حرف من حروف القرآن الكريم من مخرجه الصحيح، وقد ضبط أهل العلم قراءة القرآن الكريم بأحكام خاصة تتعلَّق بحروف القرآن وموضع مجيء كلِّ حرف من هذه الحروف، وسُمِّيت هذه الأحكام أحكام التجويد وهي أحكام تصون لسان القارئ عن الخطأ وتحسن صوته، والله أعلم.[٤]
حكم تعلم علم التجويد
بعد الحديث عن الفرق بين التجويد والترتيل، تجب الإشارة إلى أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أمر في كتابه العزيز بتجويد القرآن الكريم وترتيله، قال تعالى في سورة المزمل: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}[٥]، وتعلُّم أحكام علم التجويد اعتبره العلماء فرض كفاية، ولكن من تعلَّم أحكام علم التجويد أصبح تطبيقها فرض عين عليه عند القراءة، وردَ في الموسوعة الفقهية ما يأتي: "لا خلاف في أنَّ الاشتغال بعلم التجويد فرضُ كفاية، أما العمل به، فقد ذهب المتقدمون من علماء القراءات والتجويد إلى أنَّ الأخذ بجميع أصول التجويد واجب يأثم تاركه، لقول الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}[٦]، وقوله تعالى في سورة البقرة: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }[٧]، وقال بعض أهل العلم إن أحكام التجويد تقسم بين أحكام يجب تعلّمها وأحكام يُستحب تعلمها، والأحكام التي يجب تعلمها هي الأحكام التي تتناول كيفية نطق الحروف من مخارجها الصحيحة، جاء عن الشيخ ابن عثيمين أنَّه قال: "القراءة بالتجويد ليست واجبة ما دام الإنسان يقيم الحروف ضمًّا وفتحًا وكسرًا وسكونًا، فإنْ تمكَّن الإنسان منه، فهذا حسن، وإن لم يتمكن فلا إثم عليه"، والله تعالى أعلم.[٨]
مراتب قراءة القرآن الكريم
لا بدَّ من الإشارة في نهاية الحديث عن الفرق بين التجويد والترتيل إلى مراتب قراءة القرآن الكريم، وهذه المراتب هي الطُرق التي وردت في كيفية قراءة القرآن الكريم، تختلف فيما بينها بالتأني والسرعة والهدوء وغير ذلك، وللقرآن الكريم أربع مراتب، وهي على الشكل التالي:[٩]
- المرتبة الأولى: وهي الترتيل ومعناه أن يقرأ الإنسان كتاب الله تعالى بتؤدة واطمئنان وهدوء ملتزمًا بأحكام تلاوة القرآن ومخرجًا الحروف من مخارجها السليمة، وتعتبر هذه المرتبة أفضل مراتب قراءة القرآن الكريم، لقوله تعالى في محكم التنزيل: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}[١٠].
- المرتبة الثانية: واسمها التحقيق وهي شبيهة بالترتيل ولكنها مطمئنة أكثر من الترتيل.
- المرتبة الثالثة: واسمها الحدر وهي السرعة عند القراءة، ولكنها قراءة ملتزمة بأحكام التجويد كاملة وبمخارج الحروف الصحيحة أيضًا، جاء في كتاب القراءات العرش لابن الجزري قوله: "فالحدر يكون لتكثير الحسنات في القراءة وحوز فضيلة التلاوة، وليحترز فيه عن بتر حروف المد وذهاب صوت الغنة واختلاس أكثر الحركات وعن التفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ولا توصف بها التلاوة
- المرتبة الرابعة: واسمها التدوير وهي متوسطة السرعة، بين الترتيل والحدر، يقول الإمام ابن الجزري في كتابه القراءات العشر: "فإنَ كتاب الله تعالى يقرأ بالتَّحقيق وبالحدر وبالتدوير الذي هو التوسط بين الحالتين مرتلًا مجوَّدًا بلحون العرب وأصواتها وتحسين اللفظ والصوت بحسب الاستطاعة"، واللهُ أعلم.
المراجع[+]
- ↑ "تجويد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 32.
- ↑ "الفرق بين الترتيل والتجويد"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "تجويد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 4.
- ↑ سورة المزمل، آية: 4.
- ↑ سورة البقرة، آية: 121.
- ↑ "حكم من تعلم أحكام التجويد ولم يطبقها عند القراءة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "تلاوة القرآن جائزة بكل من التحقيق والتدوير والحدر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 4.