من-هو-لورانس-العرب
محتويات
الثورة العربية الكبرى
قامت الثورة العربية ضدّ الأتراك تحت قيادة الشريف حسين بن علي عام 1916م، وكانت مبادئ الثورة قد وضِعت باتفاق الشريف حسين بن علي مع قادات الجمعيات العربيّة في سوريا والعراق تحت ميثاق قوميّ عربيّ، وكان الهدف من الثورة استقلال العرب، وإقامة الدولة العربيّة الموحدة، وقد كانت بريطانيا هي المحرّض الأساسي للعرب على هذه الثورة والمساند لهم؛ وذلك بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى التي كانت بريطانيا تحارب فيها ضد ألمانيا والدولة العثمانية المسلمة، ووعدت بريطانيا العرب بالاستقلال بعد الثورة، وأرسلت بريطانيا ضابط المخابرات توماس إدوارد لورنس للاتفاق مع العرب على الثورة، وقد حارب لورنس مع العرب ضد العثمانيين، ولقب فيما بعد بلورنس العرب، وسيجيب هذا المقال عن سؤال من هو لورانس العرب.[١]
من هو لورنس العرب
هو توماس إدوارد لورنس ولد عام 1888م، وهو الضابط البريطاني الذي ساعد الجيوش العربيّة خلال الثورة العربيّة الكبرى التي قامت في عام 1916م، ضد الأتراك، وذلك من خلال انخراط لورنس في حياة الثوار العرب، ولُقب في وقتها لورنس العرب، ولد لورنس من أمٍّ اسكتلندية وأبٍّ بريطانيّ، وقد تلقى تعليمه على يد مربية إنكليزية حتى دخل مدرسة سان ماري، وقد ظهر بعدها اهتمام لورنس بالتاريخ والآثار، وقد اصطحبه والده لزيارة باريس ليشاهد الحفريات والآثار هناك.[٢]
التحق لورنس بعد ذلك في عام 1908م بجامعة اكسفورد، وكان من أشدّ المعجبين بشخصية القائد نابليون بونابرت الذي كان معروفًا بقامته القصيرة كما لورنس الذي كان قصيرًا أيضًا، وقد جعل لورنس جُلَّ اهتمامه بدراسة الاستراتيجيات العسكريّة ودراسة الهندسة، كما بحث في التاريخ العسكري، وبانتهاء عام 1908م أثار لورنس إعجاب المحيطين به.[٢]
وقد اقترح لورنس العرب فيما بعد على استاذه غارت أن يزور الشرق، الذي اشتهر بآثاره وحضارته، وفعًلا حضّر لورنس جيدًا لهذه الرحلة وتعلّم قواعد اللغة العربيّة لكي يستطيع التواصل مع الآخرين، وسافرًا للشرق بحرًا عام 1909م، وبدأت رحلته الاستكشافية من بيروت، واعتمد في أغلب رحلته على قدميه في التنقل، وقطع مسافاتٍ طويلة سيرًا على الأقدام، واستقرّ في المدرسة التبشيريّة الأمريكية في طرابلس، وقد نتقل بين بلدان المشرق العربي، وحصل لورنس على بكالوريوس العلوم من جامعة أكسفورد في عام 1910م، ورجع إلى بيروت مجددًا، وحيث كان يتكلم العربيّة بطلاقة، واتجه إلى طرابلس ودرس آثارها، وألف كتابه "القلاع الصليبية"، بعد مشاهدته القلاع الصليبية المتناثرة في الكثير من الأماكن العربيّ.[٢]
وقد أصابه بعد ذلك مرض الدوسنتاريا، وتعب لورنس كثيرًا، وعاد إلى بريطانيا ليعوّض ما تعبه في مرضه، وفي آب عام 1911م عاد لورنس إلى طرابلس، وقد نصح الكثيرون بزياره مصر ومشاهدة ودراسة الآثار الفرعونيّة، واتجه إلى الاسكندرية وبعدها للقاهرة، ولكنّه لم يُجب بطريقة التنقيب عن آثار هناك، فعاد إلى طرابلس.[٢]
اشتعلت الحرب العالميّة الأولى، وقامت الدولة العثمانية بإعلان الحرب على بريطانيا، وقد كان العرب في تلك الفترة كارهين للحكم العثمانيّ؛ بسبب الظلم والقهر الذي مارسه الأتراك بحقِّ العرب، وقررت بريطانيا استخدام نفوذها في المنطقة العربيّة، فاستدعت لورنس العرب الذي كان ذائع الصيت كعالمٍ للآثار في تلك الفترة، استدعوه للقاهرة وعينوه غلى قسم الخرائط ليتأكدوا من صحتها على أرض الواقع، وتعيَّن لورنس في قسم المخابرات السّرية المعروف بالمكتب العربيّ في القاهرة، بعد أن أمدهم بآرائه العسكرية، وقام لورنس العرب باستغلال علاقته الوطيدة مع العرب وأوهمهم بأنّه يريد مساعدتهم في التخلص من النفوذ التركيّ، وبسبب معرفته باللغة العربيّة كانت له مصداقيته عند العرب في هذا الشأن.[٢]
دور لورنس العرب في الثورة العربية الكبرى
انتقل لورنس إلى جزيرة العرب، ليشاهد مجريات الثورة التي اشتعلت ضدَّ الدولة العثمانيّة بقيادة الشريف حسين، وقد قابل لورنس الأمير عبد الله الابن الثاني للشريف حسين، وطلب منه الإذن بالتجول في البلاد العربيّة لمعرفة الأوضاع، ويرفع له تقريرًا له بذلك، وقد رافق الأمير عبد الله لورانس في رحلته ليضمن له سلامته، ولبس لورنس زي لعرب وتنقل في البلاد على أنَّه عربيّ من حلب، ثم قابل لورنس بعدها الأمير فيصل وبحث معه وضع الثورة، وعرف أسباب خسارة قوات الثورة في المدينة المنورة أمام العثمانيين.[٣]
وقد أعجب لورنس بالشعور الوطني لدى العرب البعيد عن النزاعات القبلية، وأقنع بريطانيا أن تساند الثورة بالأسلحة دون أن تدخل فيها بشكلٍ مباشر، وعاد لورنس العرب إلى الجزيرة العربيّة بعد أن كان في القاهرة بناءً على طلب القيادة البريطانية، ليكون بجانب الأمير فيصل، وكانت تلك رغبة لورنس أيضًا، وظلَّ لورنس بين العرب بجانب الأمير فيصل وشهد جميع وقائع الحرب، وكان له دور بارز في استقطاب شيوخ القبائل العربيّة ليحاربوا بجانب الشريف حسين ضدّ الأتراك.[٣]
سقوط دمشق وانتهاء الثورة العربيّة
بعد سقوط القدس بيد القوات البريطانيّة بقيادة الجنرال اللنبي، قابله لورانس العرب واتفقا على ضرورة زيادة دعم الأمير فيصل قائد الثورة العربية القادم بعد أبيه، فأرسل اللنبي لورانس إلى الأمير فيصل، وفي هذه الأثناء بدأ نوري السعيد بالظهور في صفوف قوات الأمير فيصل، وقد جعله فيص فيما بعد رئيس حكومة العراق، وبدأت المدن العربيّة بالسقوط تباعًا بيد قوات الثورة ومساعدة لورانس والبريطانيين، وقامت المذابح من الطرفين، ودخل لورانس والشريف ناصر -أحد حلفاء الأمير فيصل- إلى دمشق، ثم عين لورانس شكري باشا الأيوبي حاكمًا عسكريًا ونوري السعيد قائدًا للقوات المسلحة.[٢]
وسعى الأخوان الجزائريّان الذي أهمل لورانس دورهما تمامًا -وهما عبد القادر ومحمد السعيد-، إلى إثارة القلاقل وتنظيم ثورات جماهيرية مُقنعان الجماهير أن الحكومة الجديدة هي حكومة عميلة للأجانب، وهدفها القضاء على الخلافة الإسلاميّة، ولكن لورانس قضى على هذه الثورة مع نوري السعيد، وبعد استتباب الأمن وصل الجنرال اللنبي إلى دمشق، ومعه الجنرالات كلايتون وكونوليس وقد أظهروا الامتنان لورانس، وبعد ذلك بدأ لورانس يفكر بالعودة إلى إنجلترا بعد نجاح الثورة وتنصيب الأمير فيصل ملكًا على العراق، والأمير عبد الله ملكًا على الأردن باتفاق كان يرعاه اللنبي.[٢]
وفاة لورنس العرب
عاد لورنس إلى بريطانيا في عام 1920م، وبدأ بتأليف كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة"، وأنتهى من كتابته في عام 1925م، والتحق سرًا بسلاح الجو الملكي، وقد عانى من حياة صعبة تملؤها الضغوط العصبية وخاصةً بعد انكشاف أمره للعرب أنَّه عميل مخابرات بريطاني، فأصبح مطلوبًا لمعارضي ثورة الشريف حسين، وعام 1934م أُعفي من سلاح الجو الملكي إثر اصابته بانهيار عصبيّ، وقضى لورانس ما بقي من حياته في كوخ يقع شمال "بوفينجتون"، وفي عام 1935م توفي لورانس وعمره 46 عامًا؛ وذلك بسبب سقوطه عن دراجة ناريّة كان يقودها بسرعة في مدينو اكسفورد، وقد قيل إنّه كان حادثًا مُفتعلًا، ودفن في مقبرةِ موريتون، وقد حضر جنازته شخصيات سياسية وعسكرية مهمة، وقد وضع له تمثال نصفي أمام كاتدرائية القديس بول في لندن.[٣]المراجع[+]
- ↑ "الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ "توماس إدوارد لورنس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "لورنس العرب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 04-08-2019. بتصرّف.