ما-هي-سياسة-الأرض-المحروقة
محتويات
الاستراتيجية العسكرية
إنّ الاستراتيجية العسكرية هي مجموعة من الخطط الاستراتيجية التي تضعها المنظمات والجيوش العسكرية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المنشودة، وكلمة الاستراتيجية مشتقة من كلمة "ستراتيجوس" باللغة اليونانية، وقد ظهر مصطلح الاستراتيجية في الاستخدام خلال القرن الثامن عشر، وكان يُنظر إليه بمعناه الضيق على أنّه "فن الترتيب"، والاستراتيجية العسكرية تقوم بتخطيط وإدارة الحملات العسكرية، كما وتقوم بالإشراف على حركة القوات والتصرف بها، إضافةً إلى عملية خداع العدو، وتُعدّ سياسية الأرض المحروقة أحد أشهر الاستراتيجيات العسكرية في التاريخ، وفي هذا المقال محاولة للإجابة على سؤال ما هي سياسة الأرض المحروقة، وبيان الأمور المتعلقة بهذا المفهوم.[١]
ما هي سياسة الأرض المحروقة
إنّ سياسة الأرض المحروقة هي استراتيجية عسكرية تعمل على تدمير كلّ شيء قد يكون مفيدًا للعدو عند التراجع عن المواقع التي دخلوا إليها، فأيّ أصول يمكن أن يستفيد منها العدو هي مستهدفة بالتدمير، ويشمل عادةً هذا الدبابات، والأسلحة البارزة ومركبات النقل ووسائل الاتصالات ومصادر المياه عمومًا، وبما في ذلك السكان أنفسهم في بعض الأحيان، وعلى الرغم من أنّ هذا أصبح محظورًا ويُعدّ جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف لعام 1977، لكن مع ذلك لا يزال يتم تنفيذ هذه الممارسات من قبل بعض الجيوش في أراضي العدو، أو في أراضي الجيش الأصلية أثناء الغزو من جيش آخر، وهو يُعدّ إجراءً قد يتداخل مع سياسة التدمير العقابي المتعمد لموارد العدو والذي يمارسه العدو أيضًا، ولكنّه في ذات الوقت ليس مماثلًا تمامًا للتدمير العقابي، والذي يتم إجراؤه عادةً كجزء من الاستراتيجية العسكرية السياسية.[٢]
وقد تم استخدام هذا المصطلح وهو مصطلح "الأرض المحروقة" أول مرة باللغة الإنجليزية وذلك سنة 1937م، في تقرير كُتب عن الصراع الصيني الياباني آنذاك،[٣] وأحيانًا يتم استعارة مفهوم الأرض المحروقة بشكل مجازي في عالم الأعمال، حيث تعمل الشركة التي تواجه محاولة استحواذ من شركة أخرى على جعل نفسها أقل قيمة، وذلك من خلال بيع بعض ألمانيا وسويسرا، وذلك بسبب غزو القبائل الجرمانية، فقام القائد هلفيتي بتدمير كلّ شيء لم يستطيعوا حمله، وأثناء الحرب الغالية الكبرى أيضًا، خطط الغاليون بقيادة فيركنتوريكس لسحب الجيوش الرومانية إلى بلاد الغال ثم محاصرتهم والقضاء عليهم، فقاموا بتدمير الريف، كما وتسبب ذلك بمشاكل هائلة لجيش الرومان، لكن الانتصارات العسكرية للرومان على الغال أثبتت أنّها لا تكفي لإنقاذ شعب الغال من حكم روما.[٢]
سياسة الأرض المحروقة في التاريخ الحديث
عندما غزا نابليون روسيا كانت هذه فكرة سيئة، وهي المعروفة في روسيا باسم "الحرب الوطنية عام 1812"، حيث بدأ الغزو بحوالي 680،000 جنديًا في أغسطس 1812م، فكانت معركة سمولينسك التي انتهت بهزيمة روسيا، وفي 7 سبتمبر 1812 قامت معركة بورودينو، والتي انتهت كذلك بهزيمة روسيا، وبعد أسبوع واحد فإنّ نابليون دخل موسكو، وذلك في بداية فصل الشتاء الروسي للأشهر الثلاثة، ومارس الروس سياسة الأرض المحروقة؛ فصار الجيش الفرنسي يعاني من المرض والجوع والبرد، وفي 14 ديسمبر 1812م غادر آخر جندي فرنسي روسيا، وقد عمل الروس على تدمير جميع الموارد، بما في ذلك الغذاء والدواء ووسائل النقل والمباني والمواصلات، لمنعها من الوقوع في أيدي العدو، حيث أزال الروس ما لم يستطيعوا أخذه بما في ذلك المحاصيل الزراعية؛ فقد قاموا باحراقها، كما قاموا بإجلاء سكان موسكو، وأحرقوا المدينة بأسرها قبل وصول نابليون، وقد شارك الشعب الروسي بأكمله بممارسة هذه السياسة وهي سياسة الأرص المحروقة، بما في ذلك الطبقة الأرستقراطية، مع أنّهم كانوا الخاسر الأكبر بسبب ذلك، وكذلك الفلاحين، وهم الذين تعرضوا لسوء المعاملة في ظل نظام الأقنان الروسي القديم.[٤]
كما تمت أيضًا ممارسة سياسة الأرض المحروقة بقسوة كبيرة من قبل الجيش الأحمر، وذلك بموجب أوامر مباشرة من الديكتاتور ستالين، حيث تم تدمير وإزالة الآلاف من المصانع في أوكرانيا، وقد تم تفجير أكبر سدّ لتوليد الطاقة الكهرومائية في أوروبا، وقد تم أيضًا تفجير وتدمير شارع العاصمة كييف الرئيسي في أوكرانيا، كما وصدرت أوامر للمزارع الجماعية بتدمير محاصيلهم وقتل حيواناتهم، أو تسليمها للجيوش السوفياتية المتراجعة، ولأنّ كلّ أوكرانيا السوفيتية احتُلت من قبل الألمان النازيين، فقد عانى الشعب الأوكراني بشكل فظيع من سياسة الأرض المحروقة، فقد تم تدمير اقتصاد أوكرانيا بشكل شبه كامل على يد الجيش الأحمر المتراجع، وبهذا فقد تم التخلي عن السكان المدنيين الأوكران من قبل النظام السوفيتي.[٥]
ثم عانت أوكرانيا مرة أخرى من سياسة الأرض المحروقة، وذلك عند انسحاب النازيين من الأراضي الأوكرانية في 1943- 1944م، حيث أمر هتلر هو الآخر بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة؛ فتم إحراق حوالي 28000 قرية من قبل جيش الألمان المنسحب، وتم إجلاء وتدمير جميع الموارد التي يمكن أن يستفيد منها الجيش الأحمر المتقدم، وكان لسياسة الأرض المحروقة تأثير هائل على نتيجة الحرب على الجبهة الشرقية، حيث إنّ أكثر من نصف ضحايا الحرب على الجبهة الشرقية كانوا من المدنيين بسبب تلك السياسة ، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ الحروب التي يفوق فيها عدد القتلى من المدنيين على عدد القتلى من العسكريين، فبينما تُحرم الجيوش المتقدمة من الموارد الهامة، لكن الكلفة تقع على السكان المدنيين الذين يُتركون وراءهم يعانون من الموت ومن الجوع، ومن الحرمان والبؤس بشكل هائل.[٥]
حظر سياسة الأرض المحروقة
تم حظر سياسة الأرض المحروقة، وإستراتيجية تدمير إمدادات الغذاء والماء للسكان المدنيين بالقانون الدولي في مناطق النزاع بموجب المادة 54 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977م، حيث يقول المقطع ذو الصلة ما يأتي:[٢] "يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتج المحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، من أجل غرض محدد لمنعها لقيمتها الحيوية على السكان المدنيين أو الخصم، مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على الابتعاد، أو لأي سبب آخر"، وبذلك قد تم بيان مفهوم سياسة الأرض المحروقة، والأمور المتعلقة بذلك المفهوم.
المراجع[+]
- ↑ "Military strategy", www.wikiwand.com, Retrieved 21-01-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "Scorched earth", www.wikiwand.com, Retrieved 21-01-2020. Edited.
- ↑ "Scorched Earth Policy", www.encyclopedia.com, Retrieved 21-01-2020. Edited.
- ↑ Leo Tolstoy’s, Scorched Earth: Intransigent Russians vs. Presumptuous French in War and Peace, Page 6-7. Edited.
- ^ أ ب "SCORCHED EARTH POLICY", www.ucrdc.org, Retrieved 21-01-2020. Edited.