الفرق-بين-الاستشارة-والاستخارة
مشروعية الاستشارة والاستخارة
يلجأُ المسلم إلى هاتينِ الوسيلتينِ، في حالِ تردُدِهِ وحيرتِهِ في أمرٍ ما، وهما الاستشارةُ والاستخارةُ، وجاءت مشروعيةُ كُلٍ منهما في الشواهدِ الدينيَّةِ، فالاستخارةُ حكمها أنّها سُنَّةٌ عن رسولِ الله، وما دلَّ على مشروعيتها هو ما رواه جابر بن عبد الله عن رسول الله فقال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا"،[١] والحكمةُ من مشروعيتها هي أن يُسلم المؤمن أمرهُ لله تعالى، ويلجأَ إليهِ، وأمّا الاستشارةُ فجاءت مشروعيتها في كتابِ الله، حيثُ قالَ تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}،[٢] وسيأتي بيانُ الفرق بين الاستشارة والاستخارة.[٣]
الفرق بين الاستشارة والاستخارة
جاءتِ الآياتُ القرآنيةُ والأحاديثُ النبويةُ، بالاستخارةِ والاستشارةِ، وقد قيل بأنّ من استخار واستشار لا يقعُ بالندم بعد ذلك، فمهما كان الإنسانُ على وعيٍ، وعلمٍ، بما يدورُ حولَهُ، ومهما بلغَ من الذكاءِ يحتاج لهذينِ الأمرين، ولبيان الفرق بين الاستشارة والاستخارة لا بُدّّ من التعريفِ بهما، فيما يأتي:[٤]
- الاستخارة: وتُعرفُ بأنّها طلبُ الخير في أمرين، فالإنسانُ في حياتِهِ، إما أنْ يعلمَ الأفضل والذي فيهِ خيرٌ ومنفعةٌ لَهُ فيَسلُكَهُ، وإما أن يتردد بين أمرين، ويُشكل عليهِ معرفةُ الأفضل لهُ فيلجأُ عندها للاستخارةِ، والاستخارةُ تكون لله تعالى، وليسَ لأحدٍ غيرهُ، وإن أرادَ اللهُ أن يفتحَ بصيرةَ العبدِ على أمرٍ، شرحَ لَهُ صدرَهُ، ويسرَ لَهُ الأسباب، ويستطيع المسلم أن يُعيد الاستخارة ويكررها، حتى يتبين له الخيرَ في أمرِهِ، فهي عبادةٌ ودعاءٌ للهِ تعالى، ويستطيع الإنسان فعلها في جميع أمورهِ الدنيويةِ التي يعجزَ فيها عن معرفةِ الخيرِ لَه.
- الاستشارة: وتُعرفُ بأنّها طَلبُ النُصحِ من الآخرين، وقد أوجبَ الله -تعالى- الاستشارة، في حالِ عدمِ معرفةِ الصوابِ، وإن كان المسلمُ على علمٍ فيما هو خير، فلا حاجة للاستشارة، والاستشارةُ تكون في أمورِ الإنسانِ العامةِ، أو الأمور المُشتركةِ، ولا تجبُ المشاورةُ في أمورِ الإنسانِ الخاصةِ، والاستشارةُ تكونُ إما للأهلِ أو لذوي الخبرة.
تقديم الاستشارة على الاستخارة
بعدَ بيان الفرق بين الاستشارة والاستخارة، يأتي بيانُ ما تتفقُ بهِ الاستشارةُ والاستخارةُ، في أنَّ كلاهما يلجأ لَهُ المسلم في حالِ عدمِ معرفتهِ للصوابِ من أمرِهِ، فيكون عندها أمامَهُ طريقين، الأول هو استشارةُ أهلهِ ومن لهم خبرةٌ في شأنِهِ، والطريقُ الثاني هو استخارةُ الله -تعالى- في أمرِهِ، ويُحمل تقديمُ الاستشارة على الاستخارةِ على الاستحبابِ، وهو الأصل، وعليهِ فإنّ المُسلم إذا أُشكلَ عليهِ أحدُ أمرين، ولا يعلمُ أيّهما فيهِ الخيرُ والصواب، لجأ للاستشارةِ سواءً لأهلهِ، أو إخوانِهِ، أو من كانَ لَهُ خبرةً في أمرِهِ، وبعدها يستخير الله -تعالى- في أمرِهِ، حيث قالَ النووي في ذلك: "يستحبّ أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النّصيحة والشّفقة والخبرة، ويثق بدينه ومعرفته، قال تعالى: {وشاورهم في الأمر} وإذا استشار وظهر أنّه مصلحةٌ، استخار اللّه -تعالى- في ذلك"، وأمّا تعليلُ تقديمِ الاستشارةِ على الاستخارةِ فقد بينهُ ابن حجر حيثُ قال: "حتى عند المعارض، لأنّ الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس؛ لغلبة حظوظها، وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة إرادتها، متخلية عن حظوظها قدم الاستخارة"، فقد أوضحَ أنَّ السبب في ذلك، هو عدمُ مُلكِ الإنسانِ لنفسهِ، وعدمُ قدرتِهِ في السيطرةِ على هواها، إلّا إذا كانت نفسًا مطمئنةً صادقةً، فيرى خلافَ ذلك.[٥]
المراجع[+]
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 6382، حديث صحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 159.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 24، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ "الاستخارة والاستشارة "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "هل تقدم الاستشارة على الاستخارة أم العكس؟ "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.