سؤال وجواب

مظاهر-قطيعة-الرحم


صلة الرحم في الإسلام

إن لصلة الرحم مكانة عالية وأهمية كُبرى في الإسلام، فقد وردت العديد من الأحاديث والآثار التي تبيّن فضائل صلة الرحم، ومدى تعميقها للإيمان في قلب المؤمن، وكما أنّها سبب في دخوله الجنان، أمّا معناها فإنّ الرحم يعني القرابة من جهة الوالدين، وعليه فإنّ صلة الرحم هي: الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل، ويدخل في ذلك: زيارتهم وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، ومساعدة المحتاج منهم، والسعي في مصالحهم، وقد أولى الإسلام صلة الرحم عنايةً خاصةً، ورغّب بها أشد الترغيب؛ لعظيم أثرها على الأُسر والمجتمعات، فإنّ المجتمع الإسلامي المترابط الأواصر المتين العُرى، ليس كالمجتمع المتفكك الذي ليس بين أفراده تواصل ومحبة، وكما حذّر الإسلام من قطيعة الرحم، وسيتحدث المقال الآتي عن مظاهر قطيعة الرحم وأسبابها.[١]

قطيعة الرحم

إنّ الدين الإسلامي هو دين رحمةٍ ومودّة، يدعو إلى مكارم الأخلاق، وفضائل الأعمال، ويحثّ ويُرغّب بكلّ ما فيه نفع وفائدة للأمة بشكلٍ عام، وللفرد بشكلٍ خاصٍ، ولذلك فقد نهت الشريعة الإسلامية عن قطيعة الرحم التي تعني: هجر الأقارب، والامتناع عن زيارتهم وتفقد أحوالهم، وعدم مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، وكما يدخل في ذلك تفضيل الغرباء على الأقارب من حيث البر والإحسان إليهم؛ وهم أولى بتلك الصلة، فالإسلام يحث على الإحسان إلى الناس جميعًا، ولكنه قد وضع أُسس ومعايير لكيفية التعامل بينهم، وتجنب الوقوع في مظاهر قطيعة الرحم، وبيّن حقوق الأقارب على بعضهم البعض.[٢]

مظاهر قطيعة الرحم

إنّ لقطيعة الرحم أثر سلبي بالغ على الأمة الإسلامية، وجميع أفرادها؛ فهي تُفرّق الشمل، وتجعل المسلمين عُرضةً للنزاعات والتفرّق، وتجعلهم مشحونين ضدّ بعضهم البعض، كارهين لأرحامهم وأقاربهم، وكما أنّ لقطيعة الرحم أشكال عديدة ومتنوعة، وفيما يأتي بيان مظاهر قطيعة الرحم:[٣]

  • عدم الإنفاق على الأقارب: مثل الخجل المذموم، والمبالغة، والتكلف في الزيارة، تُنفر البعض من زيارة أقربائهم، فإنّ الزائر يشعر بأنّه غريبٌ في بيت قريبه، وبالمقابل فإنّ صاحب البيت لا يشعر بالراحة والانشراح، مما يؤدي إلى القطيعة.
  • طول المسافة وقِدَم العهد: قد يكون أحد أسباب قطيعة الرحم بُعد المسافة بين الأقارب؛ مما يجعلهم يحجمون عن الذهاب وزيارة أقاربهم، ولكنّ الإسلام لم يُكلّف إلّا بالمستطاع، فالمسلم مُكلّفٌ بزيارة أقاربه ما أمكنه ذلك، كما أنّ اعتياد عدم رؤية الأقارب ومخالطتهم، قد يكون سببًا في القطيعة على المدى البعيد.

عقوبة قطيعة الرحم

إن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، ومن الآفات الاجتماعية التي حذّر الدين الإسلامي منها، وبيّن أثرها ووبالها على الأمة والفرد الواحد، وقد دلّت الأحاديث الشريفة والنصوص القرآنية على خطر قطيعة الرحم، من خلال بيان العقوبة التي يستحقها قاطع الرحم، وفيما يأتي بيان بعض جوانب تلك العقوبة:[٢]

  • اللعن: حيث إنّ قاطع الرحم ملعونٌ ومطرودٌ من رحمة الله -تعالى- بالنص القرآني في أكثر من موضعٍ ومن سياقٍ، ومنها قول الله -تعالى- في سورة محمد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ}.[٥]
  • الخُسْرَان: حيث إنّ قطيعة الرحم خسرانٌ ووبالٌ على الإنسان في الدنيا والآخرة، فقاطع الرحم لا يهنأ له عيشٌ ولا يستقر له بال، ودليل ذلك قول الله -تعالى- في سورة البقرة: {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.[٦]
  • القطيعة من الله: حيث إنّ قاطع الرحم مقطوع من الله عزّ وجلّ، ودليل ذلك ما جاء في البخاري، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَ: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، فقالَ: ألا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذَلِكِ لَكِ".[٧]
  • الحرمان من الجنة: بيّنت الأحاديث الشريفة أنّ الجنة مُحرّمة على قاطع الرحم، وذلك في قول الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ. قالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ".[٨]

المراجع[+]

  1. "صلة الأرحام"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "قطع الرحم"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "صلة الرحم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 5991، صحيح.
  5. سورة محمد، آية: 22-23.
  6. سورة البقرة، آية: 27.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7502، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 2556، صحيح.