آلية-عمل-قلب-الإنسان

قلب الإنسان

القلب هو العضو المرتبطُ بالأحاسيس والمشاعر، ومن غيره تتوقّف الحياة، وهو الأهمّ في الجهاز الوعائيّ الدوراني، العضو الذي ينبض 60-90 نبضةً في الدقيقة ويعمل كمضخةٍ ليقوم بتوزيع وضخّ 2000 جالون من الدم المحمّل بالأكسجين والغذاء إلى جميع أنحاء الجسم، والقلب عضلةٌ مجوفة تقريبًا ويتكون من العضلات القلبية والأنسجة الرابطة، وجدار القلب يتكوّن من غشاء التامور الخارجي، طبقةٍ وسطى من العضلات المسؤولةِ عن انفباض وانبساط القلب إضافةً لطبقةٍ داخلية من الرئتين وفوق الحجاب الحاجز، أسفل القفص الصدري تحديدًا بحيث يقع ثُلُثا القلبِ على يسار عظمةِ القفص الصدريّ المعروفةِ بعظمة القصّ.^[٣]

الأذين الأيمن

يستقبل الأُذين الأيمن الدم الوريديّ العائد من أجهزة الجسم عن طريق الوريد الأجوف العلويّ والسفليّ ويصب في الجزء الخلفي للجدار الداخلي للأُذين الأيمن وهو الجزءُ الأملس للجدار، أمّا الجزء الأمامي فهو جزءٌ عضلي يشبه التلّة، وهو الجزء الذي يصبّ فيه الجيب التاجي الدم الوريدي، وعلى حافّة ذلك الجيب يوجد الصمام الثيبيزي أو صمام الجيب التاجيّ، وفي الأذين الأيمن جدارٌ وسطيّ تقع عليه حافة الحفرة البيضاوية كما يحد الجدار الأولي للحفرة البيضاوية من الأعلى، الأمام والخلف، ومن المهم جدًا معرفة أنّ أيّ تشوّهٍ خلقيّ في أحد مكونات الأُذين الأيمن قد يكون مرتبطًا بتشوهات قلبية كبيرة، وعلى سبيل المثال قد يحدث تضخم لصمام الجيب التاجيّ وصمام إستاكيوس مسببان تقسيم الأُذين إلى جزئين.^[٤]

البطين الأيمن

وهو الجزء الذي يصل إليه الدم من الأُذين الأيمن مرورًا بالصمّام ثلاثي الشرفات، وبعدها يأتي دوره بإرسال الدم إلى الشريان الرئوي المرتبط به عن طريق الصمّام الرئويّ، كما يضمّ حاجز البطين الأيمن ثلاثة أجزاء، مسالك التدفّق الداخلة والتي تدعم الصمّام ثلاثيّ الشرفات وهذا الصمام مدعّمٌ بدوره بعضلةٍ حليميّة أمامية كبيرة، الجدار التربيقي وهو الذي يُشكّل المظهر الداخليّ للبُطين الأيمن، وأخيرًا مسالك التدفّق الخارجة والتي تتكوّن هي الأخرى من ثلاثة أجزاء هي؛ الحاجز التربيقي والحاجز المخروطي والشريط الحاجز، وأهمّها الحاجز المخروطي والذي يتغيّر موقعه في حالات التشوّه الخلقي، كما أنّ معظم حالات تشوّه الحاجز البُطيني تحدث في منطقة مسالك التدفّق الخارجة، ونظرًا لطبيعة جدار البُطين فإنّ التشوُهات الصغيرة في الطبقة العضلية قد يكون من الصعب رؤيتها.^[٤]

الأذين الأيسر

يصبّ في هذا الأُذين أربعة أوردةٍ رئوية، وهناك طريقةٌ واضحة للتمييز بين الأُذين الأيسر والأيمن، فالأُذين الأيسر لديه ملحقٌ أو زائدةُ ضيّقة وطويلة مقارنةً بتلك الموجودة في الأُذين الأيمن، وهذه الحواف هي الجزء الوحيد الذي له هيكلٌ ترابيقي في الأُذين الأيسر، وعلى عكس الأُذين الأيمن فالأُذين الأيسر لا يحتوي على قممٍ طرفية، ولتكون الصورة أوضح فإنّ مصطلح تربيق يعني حُزَمًا مجهرية من الأنسجة المكونة من الشريان الأورطي خلال الصمّام الأورطي، كما ينقسم البُطين الأيسر لجزئين أساسيين، جزءٌ جيبيّ كبير يضم الصمّام المترالي ومسالك التدفّق الخارجة الدّاعمة للصمام الأورطي، وعلى نقيض البُطين الأيمن الذي يبعُد فيه الصمامان الرئوي والثلاثيّ الشرفات عن بعضهما مسافةً كبيرة، فإنّ المسالك الداخلة والخارجة تقع بمحاذاة بعضها وبمسافة صغيرة.^[٤]

وبالنسبة للنظام الخارج من البطين فهو جزء من الجدار الأُذيني البطيني، حيث يرتبط الطرف الأيمن للصمام الأورطي والشُّرفة أو الجزء الأيمن من الصمام المترالي الأمامي بذلك الجدار، أمّا الشُّرفة اليسرى فهي مرتبطةٌ بشكلٍ مباشرٍ مع الصمّام الأورطي بالحلقةِ الأورطية المترالية، ويقع مقابل الصمّام الأورطي الحاجزُ المخروطي في البُطين الأيمن، وبالحديث عن الصمام المترالي فهو مدعَّمٌ باثنتين من العضلات الحليمية الكبيرة.^[٤]

الصمامات

اعتمادًا على الشكل والوظيفة فإنّ الصمامات القلبية تنقسم لمجموعتين، المجموعة الأولى تشكّل الصمامات الأُذينية البُطينية وتضم الصمام ثلاثي الشرفات والصمام المترالي، أما الثانية فهي الصمامات الهلالية أو النصف قمرية وتضم الصمامين الأورطي والرئوي، وبأخذ مقطعٍ عرضي للقلب يظهر الصمام الأورطي في المركز وفي منتصف المسافة بين الصمامين المترالي وثلاثي الشرفات، ويقع أمامه أو أعلاه وإلى اليسار قليلًا الصمام الرئوي، وفيما يأتي بعض التفاصيل لكون دورها مهم في آلية عمل قلب الإنسان:^[٤]

• المترالي: هو الصمام الأُذيني البُطيني الأيسر وهو ثنائي الشرفات، الشرفة الأمامية كبيرة مثلّثة الشكل ولها ملمسٌ ناعم، أما الشرفة الخلفية صغيرةٌ، وذات مظهرٍ صدفي، أمّا الحبال الوترية للصمام فتنشأ من العضلتين الحليميتين الكبيرتين.
• ثلاثي الشرفات: وهو الصمام الأُذيني البُطيني الأيمن، وشرفاته أمامية، خلفية وحاجزية، كما أن فتحته أكبر من الصمام السابق، وشرفاته أكثر هشاشةً من شرفات الصمام المترالي.
• الأورطي أو الأبهري: وله 3 وريقات مكوّنةٌ من حوافّ هشة إضافةً لجيوب فالسالفا، حيث يخرج من الجيبين الأيمن والأيسر الشريانان القلبيان الأيمن والأيسر، كما يتكوّن الصمام من 3 هياكل كأسيّة الشكل متّصلةٍ مع الحاجز الغشائي والشرفة الأمامية للصمام المترالي، وترتبط الحلقةُ الأورطية بحاجز البُطين ومسالك التدفق الخارجة للبطين الأيمن، وجميع الحواف الحرة تحتوي في منتصفها عقدةً من الألياف تقسم الجزءَ الهلالي الشكل على الجانبين.
• الرئوي: هو كالصمّام الأبهري له 3 حوافّ وعقدة منتصف الحواف الحرة، وتقع الجيوبُ خلف كلّ حافة، وعند مقارنته بالأبهري فحوافّ الصمام الرئوي أنحف وأرقّ ولا ترتبط بأيّة شرايين قلبية.

الشرايين

لا تتم آلية عمل قلب الإنسان دون وجود الأوعية الدموية من شرايين وأوردة، وللحديث عن الشرايين فيوجد شريانان كبيران ورئيسيان، الأول هو الشريان الأبهري أو الأورطي حيث يبدأ عند قاعدة القلب يمتدّ لتتفرّع منه الشرايين القلبية والتي تبعُد عن الصمام الأورطي، كما يُمكن تحديد هذا الشريان عند المرضى الذين يعانون من تشوّهات قلبية عن طريق تتبّع الشرايين العضدية الرأسية، والشريان الآخر هو الشريان الرئوي الرئيسي ويتفرع منه شبكة شرايين رئوية، إلّا أنّ هذا الشريان يصعُب تحديده بدقّةٍ لدى المرضى أصحاب تشريح القلب الشاذّ حتى عن طريق تصوير الأوعية وذلك لكونه يصبح مُعتمًا عند حقن الشريان الأورطي، وليس له أيّةُ فروعٍ من الشرايين العضدية الرأسية.^[٤]

الأوردة

والجزء الآخر من الأوعية الدموية الضرورية في آلية عمل قلب الإنسان هي الأوردة القلبية، ويوجد جزءٌ يسمّى الجيب التاجي القلبي وهي قناة وريدية واسعة وطولها 2 سم، تمتدّ من اليسار إلى اليمين وخلف الأخدود التاجي، حيث تقع فتحة الجيب بين فتحتي الأُذين والبُطين الأيمن والوريد الأجوف السفلي، ويتم تصريف وصبّ كلّ الدم الوريدي في الجيب عدا الدم المحمول بالأوردة القلبية الأمامية، والرافدُ الرئيسيّ للجيب التاجي هو الوريد القلبي الكبير ويبدأ من قمّة القلب ليصعد أمام الأخدود بين البطينين ويدخل الجانب الأيسر للجيب التاجي.^[٤]

أمّا الوريد القلبي الأوسط فيبدأ من قمّة القلب ويمتدّ كالوريد الكبير السابق ولكن يصبّ في الجانب الأيمن للجيب، والوريد القلبي الصغير يمتدّ في الأخدود التاجي على طول أحد فروع الشريان التاجي الأيمن ويصبّ في الجيب التاجي ومن الممكن أن يصب في الأذين الأيمن، ويجب معرفة أنّ الأوردة القلبية تصبّ في الأذين الأيمن، وأوردة الجيب التاجي تصبّ في البطين الأيمن وكلّ الدم الوريدي الواصل للبطين الأيسر يصبّ بعدها في الجيب التاجي.^[٤]

آلية عمل قلب الإنسان

بعد التعمّق في مكونات القلب وأجزائه، يجب الآن الرّبط بين كل ذلك وفهم آلية عمل قلب الإنسان، فهو يعملُ عن طريق سلسلةٍ من العمليّات المحكومة بإشاراتٍ كهربائيةٍ من نسيجٍ مختصّ والتي تؤدّي إلى الانقباض والانبساط تبعًا لحاجة كلّ شخص، وآلية عمل قلب الإنسان تتضمّن الآتي:^[٣]

تدفق الدم

وهي جزء من آلية عمل قلب الإنست، وينشأ إيقاع ضربات القلب كنتيجةٍ لعمل نصفي القلب الأيمن والأيسر معًا، حيث تبدأ آلية عمل قلب الإنسان بتجميع ووصول الدم من أنحاء الجسم عن طريق الوريد الأجوف العلويّ والسفليّ والدخول للأُذين الأيمن، حيث يكون الدم محمّلًا بالفضلات وثاني أكسيد الكربون، بعد ذلك ينقبض الأُذين الأيمن دافعًا الدم إلى البُطين الأيمن من خلال الصمّام ثلاثي الشرفات الذي يغلق نفسه عند امتلاء البُطين لمنع رجوع الدم إلى الأُذين عند انقباض البُطين الأيمن لدفع الدم عبر الصمّام الرئوي إلى الرئتين عن طريق الشريان الرئوي حيث يتمّ استبدال ثاني أكسيد الكربون وتحميل الدم بالأكسجين.^[٣] بعد ذلك تبدأ مهمّة النصف الأيسر، حيث ينقل الوريد الرئوي الدم المليء بالأكسجين إلى الأُذين الأيسر للقلب، فينقبض الأُذين دافعًا الدم إلى البُطين الأيسر عبر الصمّام المترالي ثم يُغلق الصمّام عند امتلاء البُطين، ثم ينقبض البُطين ليعبر الدم من خلال الصمّام الأورطي إلى الشريان الأورطي لتوزيع الدم للجسم عن طريق الشرايين، ثم تتكرّر العملية وهكذا دواليك.^[٣]

تدفق الدم بين القلب والرئة

هذا ما يُعرف بالدورة الرئوية وهي جزءٌ آخر من آلية عمل قلب الإنسان، وهي وصول الدم إلى الرئتين عبر الصمّام الرئوي، حيث يدخل الدم إلى الشعيرات الدموية الدقيقة في الرئتين وفي هذه الأثناء يعبر الأكسجين من حويصلات الهواء الدقيقة في الرئتين إلى الدم خلال جدران الشعيرات الدموية، وفي نفس الوقت يتمّ التخلّص من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من عمليات الأيض المختلفة ولكن بالاتجاه المعاكس، أي من الشعيرات الدموية إلى حويصلات الهواء، وعندما يصبح الدم نقيًا ومشبعًا بالأكسجين يعود إلى الأُذين الأيسر عبر الأوردة الرئوية.^[٣]

التوصيل الكهربائي

المنظومة التي يعمل بها القلب بهذه الدّقة وبهذا التنسيق الدقيق عن طريق ضخّ الدم بالشّكل والاتجاه الصحيح، بالوقت الصحيح وبضغط الدم الصحيح تتمّ بتنظيمِ وتنسيقِ نظام القلب الكهربائيّ، حيث تبدأ الإشارة الكهربائية من العقدة الأُذينيّة SA وهي مُنظّم القلب، حيث تقع هذه العقدة على الجزء العلوي للأُذين الأيمن، وبهذه الإشارة يبدأ انقباض الأُذين الأيمن لدفع الدم إلى البُطين، ومن ثمّ تنتقل الإشارة الكهربائية إلى مجموعةٍ من الخلايا تقعُ أسفل الأُذين الأيمن وتُعرف بالعقدة الأُذينيّة البُطينيّة AV، حيث تعمل هذه الخلايا كبوّابة تعملُ على التقليل من سرعة الإشاراتِ الكهربائية لتفادي انقباض الأُذين والبُطين في الوقت ذاته، وبعدها تنتشر تلك الإشارات عبر أليافِ بيركنجي العصبيّة المتخصّصة والموجودة في جدران البُطين مُسبّبةً انقباضه، وهذا جزء آخر من آلية عمل قلب الإنسان.^[٥]

ضربات القلب

نبضات القلب أو ضرباته التي يمكن الإحساس بها على الصدر، تنتج عن آلية عمل قلب الإنسان والتناوب في انقباض وانبساط عضلة القلب، وكما شُرحت آلية عمل قلب الإنسان سابقًا فإن الانقباضات تحدث بسبب الإشارات الكهربائية التي تنشأ من العقدة الأُذينية، وبعد الانقباض ينبسط ويسترخي البُطينان فينخض ضغط الدم فيهما ليعود الدم ويدخل إلى الأذين لتبدأ دورة قلبية جديدة وهكذا، وهنا يجب العلم بأن هناك ما يسمى بالضغط الانبساطي وهو فترة الرّاحة أي ما بين الانقباضة والأخرى، أما فترة الانقباض فهي تُعرف بالضغط الانقباضي، وتزداد ضربات القلب خلال التمارين الرياضية، المُحفّزات العاطفية وعند ارتفاع درجات الحرارة كما تنخفض أثناء النوم، كما تجدُر الإشارة إلى أنّ الطفل يولد بمعدّل ضرباتِ قلبٍ يبلُغ 130 لتنخفض بعد ذلك عند البلوغ.^[٦]

أصوات القلب

تترافق ضربات القلب بصدور أصواتٍ طبيعيّةٍ ومنتظمة يتمّ التعرّف عليها وسماعها بوضوح باستخدام سماعة الطبيب، حيث تُعرف هذه الأصوات بأصوات القلب، وفي الواقع ينتُج عن عمل القلب صوتان، الصوت الأول يكون منخفضًا، ممتدًّا نوعًا ما، ويظهر هذا الصوت عند بداية انقباض البُطين وينتج الصوت بسبب انغلاق الصمّام المترالي والصمّام ثلاثي الشرفات، أمّا الصوت الثاني فهو صوتٌ حادّ ونبرته أعلى من الصوت السابق حيث يظهر الصوت هذه المرّة بسبب انغلاق الصمّام الأورطي والصمام الرئوي.^[٦]

عادةً ولدى أصحاب القلوب الطبيعية يكون هناك صوتٌ ثالثٌ مسموع وهو صوتٌ لطيف ومنخفض ويتزامن مع فترة الانبساط ويظهرُ مبكرًا، ويُعتقد أنّ سببه هو اهتزازاتُ جدار البُطين، إضافةً لذلك فإنّ هناك صوتًا رابعًا يصدُر فترة الانبساط ويُعتقد أنّه يظهر بسبب تأثيرِ انقباض الأُذين على الدم ودفعِه وارتطامِه بجدران البُطين، إلّا أنّ هذا الصوت لا يُمكن سماعه بل يظهر في طُرق الرّسم المُتّبعة لمراقبة آلية عمل قلب الإنسان.^[٦]

المراجع[+]

1. ↑ "Heart", www.healthline.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.
2. ↑ "Anatomy of the Human Heart", link.springer.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.
3. ^ ^{أ ب ت ث ج} "How the Heart Works Sides, Chambers, and Function", www.medicinenet.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.
4. ^ ^{أ ب ت ث ج ح خ د ذ} "Heart Anatomy", emedicine.medscape.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.
5. ↑ "The heart: All you need to know", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.
6. ^ ^{أ ب ت ث} "Heart", www.britannica.com, Retrieved 31-03-2020. Edited.