سؤال وجواب

فوائد-قراءة-سورة-يس


القرآن الكريم

هو كتابُ الله -سبحانه وتعالى- الذي أنزله على عبده ونبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، هدىً ورحمة للناس أجمعين، معجزة خالدةً إلى يوم الدين، يوم يرث الله الأرض ومن عليها، أنزلَهُ الله حكمةً إلهية، وتشريعًا سماويًّا صالحًا لكل زمان ومكان، فيه شفاء للروح من السقم والهمِّ، وفيهِ تأنَس النفوس، وبتلاوتِهِ تطيب القلوب، وتُرفعُ الدرجات، وتُمحى السيّئات، وتزيد الحسنات، خير شريعة ومنهاج، وخير طريق في سبيل الهدي والصلاح، وقد خصّ الله تعالى آياتِهِ بفضائل، يكسبُها المؤمن عند تلاوة هذه الآيات تعبُّدًا وحُبًّا، وسيتطرق هذا المقال للحديث عن فضل قراءة سورة يس على المؤمن من كلّ الجوانب التي ذكرتها السنة النبوية.

سورة يس

سورة يس من سور القرآن المكية العظيمة، عدد آياتها ثلاثٌ وثمانون آية، وفواصلها القصيرة لها وقع قوي في النفوس المؤمنة، وموضوعاتها الرئيسية هي موضوعات السور المكية، تحدثتْ عن توحيد الألوهية والربوبية وعاقبة المكذبين بهما، والقضية التي يشتدُّ عليها التَّركيز في سورة يس هي قضية البعث والنشور، وبالتفصيل في مقاصد سورة يس يظهر أنّ سورة يس تضمنت تقرير الأصول الثلاثة، وهي:

  • الرسالة: فقد جاءت فاتحتُها ببيان الرسالة، قال سبحانَـهُ وتعالى: "إنَّك لمنَ المُرسَلين" [١].
  • الوحدانية: وقد جاءت خاتمتُها ببيانِ وحدانية الله –سبحانه وتعالى-  قال تعالى: "فسُبحانَ الّذِي بيدِهِ ملكوتُ كُلِّ شيءٍ وإليه ترجعون" [٢].
  • الحشر: وقد أشارت سورة يس إلى الحشر في قول الله تعالى: "وإليهِ تُرجعون" [٢].

 وفي قوله عن سورة يس ورد عن الفيروز آبادي: "إنّ السّورة اشتملتْ على جملة من المقاصد، وهي: "تأكيد أمرِ القرآن، والرِّسالة، وإلزامُ الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل، وبيان البراهين المختلفة في إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل والنهار، وسير الكواكب، ودوران الأفلاك، وجري الجواري المنشآت في البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم في الجنة، وتمييز المؤمن من الكافر يوم القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصي بمعاصيهم، والمنة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصيانتهِ من الشعر ونظمِهِ، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق، وكمال ملك ذي الجلال على كل حال" [٣].

فضل قراءة سورة يس

سورة يس من السُّور القرآنية التي وردَ في فضل قراءَتِها كثيرُ من الأحاديث النبويّة، ضعف أهل العلم أكثرها وحكموا على بعضها بالوضع، ومما ورد في فضلها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأَ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ الله غُفر له"، [٤].

ومن الأحاديث الواردة في فضل قراءة سورة يس ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّـه قال: "اقرؤُوا على موتَاكم يس" [٥][٦].

والحاصلُ أنَّ الأحاديث الواردةَ في فضل سورة يس لا يصحُّ رفعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنَّ بعضها موقوفٌ على الصحابة بأسانيدَ حسنةٍ، وبعضها منقول منْ تجارب بعض الصالحين، وقد وردتْ هذه الأحاديث عن فضل قراءة سورة يس في أمرين اثنين وهما:

  • فضل سورة يس لقضاء الحاجة: لقد وردت عدّة أحاديث تحدد أنّ سورة يس تُقرأ لقضاء حاجة المكروب، ومما يرويه الناس حديث: "يس لما قرئت له" [٧]، ويعنون به أن قراءة سورة يس يحصل معها قضاءُ الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته، وإنَّ من الواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير، بل ينبهون على بطلان ذلك، يقولُ السخّاوي -رحمه الله- عن هذا الحديث: " لا أصل له بهذا اللفظ "، فلا يجوز لأحد أن ينسب هذا الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا أنْ يتحدَّثَ به في مجالس الناس. [٨]
  • فضل سورة يس للزواج: إنَّ من المعلوم أن قراءة القرآن من أعظم العبادات، وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله -سبحانه تعالى- ويتوسل إليه بها المسلم في حاجاته المباحة، لكن تخصيص قراءة هذه السور وهذه الآيات بغرض تعجيل الزواج فليس له أصلٌ في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنتهِ الشريفة، والأصل أن تخصيص الآيات للأغراض المعينة لا يثبت إلا عن طريق النبي -صلى الله عليه وسلم-، أمّا كلَّ ما يرد عن فضل سورة يس في تعجيل الزواج فهو بدعة، ولم يردْ في السنة ما يؤكد صحّة هذا الكلام، وينبغي لمن أراد الدعاء أن يتوسَّلَ بين يدي دعائِهِ بالأعمال الصالحة كقراءة القرآن والذكر والصلاة والصدقة ونحو ذلك، فيقرأ القرآن ويسألُ الله بعدَه بما شاء، توسُّلاً بقراءته إلى الله في قضاء حاجته. [٩].

فضل قراءة القرآن

القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد، ومعجزتُهُ الكبرى، من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم، فيه تقويمٌ للسلوكِ وتنظيمٌ لحياة، ومن استمسكَ به فقد استمسكَ بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدي من غيره فقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا، وهو كتابٌ مٌتعبُّد بتلاوتِهِ، فتلاوته من أفضل العبادات التي يتقرّب بها العبدُ لربَّه، قال سبحانه وتعالى: "إنَّ الذينَ يتلونَ كتابَ اللهِ وأقامُوا الصَّلاة وأنفَقُوا ممَّا رزقنَاهم سِرًّا وعلانيةً يرجونَ تجارةً لنْ تبُور" [١٠]، وقد جاء في السّنَّة استحبابَ ختمِ القرآنِ فِي كلِّ شهرٍ، إلّا أنْ يجدَ المسلمُ منْ نفسِهِ نشاطاً فليختمْ كلَّ أسبوعٍ، والأفضلُ ألّا ينقص عن هذه المدة، كي تكونَ قراءتُهُ عن تدبُّرٍ وتفكّرٍ، وكي لا يُحمِّلَ النفسَ من المشقَّة ما لا تحتمل، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأِ القرآن في شهر، قلتُ: أجدُ قوة، حتَّى قال: فاقرأه في سبعٍ، ولا تزد على ذلك" ثم قال عمرو بعد أن أدركه الكِبَرَ: "فليتني قبلتُ رخصة رسول الله".  [١١][١٢].

المراجع[+]

  1. {يس: الآية 3}
  2. ^ أ ب {يس: الآية 83}
  3. سورة يس, ، "www.islamweb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-08-2018، بتصرف
  4. الراوي: أبو هريرة، المحدّث: ابن عساكر، المصدر: معجم الشيوخ، الصفحة أو الرقم: 2/1086، خلاصة حكم المحدث: حسن غريب
  5. الراوي: معقل بن يسار، المحدّث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 3002، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
  6. درجة الأحاديث الواردة في سورة يس, ، "www.islamweb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-08-2018، بتصرف
  7. الراوي: لا راوي له بهذا اللفظ، المحدّث: السَّخَّاوي، المصدر: المقاصد الحسنة، الصفحة أو الرقم: 556، خلاصة حكم المحدث: لا أصل له بهذا اللفظ
  8. فضل سورة يس, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-08-2018، بتصرف
  9. قراءة آيات معينة لتعجيل الزواج, ، "www.islamweb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-08-2018، بتصرف
  10. {فاطر: الآية 29}
  11. الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5054، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  12. فضل تلاوة القرآن وحفظه, ، "www.islamweb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 13-08-2018، بتصرف