سؤال وجواب

أسطورة-الإله-زيوس


الميثولوجيا

تُعرَف الميثولوجيا بكونِها انبعاثًا لأفكارٍ جامحةٍ وشاطحةٍ، وتُبنى أساسًا على أوزار أو آثام الحاجات التي أولت الأمور على غير سياقها، وعن ذلك يقول ديتيان: "عندما يصدم العقل ويثار استهجان البعد الأخلاقي، تتواجد الميثولوجيا" ومنها تنطلق الأساطير أو انطلقت بالفعل، وأمّا هذه -أيْ الأسطورة- عبارةٌ عن خرافةٍ مَحضة، كأنها كذبة متداولة ويعرف بذلك مختلقها ويعلم بذلك الكثيرون بمجرد مقاربتها للمنطق والفطرة، لكنها مع تواتر الأجيال تنزل منزل اليقين والتسليم، وعلى هذا لا بد من التنويه إلى أن ذلك لا ينزلها منزل الدين، فبينما كانت الميثولوجيا -أم الأساطير- خروجٌ عن الفطرة والمعقول، كام الدين "موئل التطلعات الأسمى" وبعد هذا الحديث فإن المقال يتدارس في سطوره الإغريقية القديمة، فالتراجيديا في النهاية لا تختلف في طابعها العام عن مختلف الأعمال والأنواع الأدبية، فهي محكومةٌ ومرتبطةٌ بأحكامها القبْلية وفرضياتها المبكرة، لتشكل في مضمونها النهائي منظومةً تؤطر الحياة اليومية للحضارة التي تتبناها.[٢]
مرةً أخرى، فإنّ التراجيديا تعرف أو يمكن تعريفها بأنها جنسٌ أدبيٌ ظهر مع نهايات القرن السادس، وهذا الجنس الأدبي له حتمًا ما يميزه من قواعدٍ وصفات، فأعطت التراجيديا شكلًا عامًا وخاصًا يعكس السمات العامة للتجارب الإنسانية، ويعبر عن مكنونات النفس البشرية وذاتها المسؤولة، وبهذا يُرى ذلك الفرق الشاسع الذي يفرض نفسه ما بين التراجيديا والأسطورة، فالأسطورة بعيدةٌ عن الواقع كما سبق الحديث بداية المقال الذي يتفرّغ في سطوره ليبرز أسطورة الإله زيوس الشهيرة.[٢]

الأسطورة اليونانية وامتداداتها

على ما تقدّم وتبيّن عبر الحديث عن الميثولوجيا والأسطورة والتراجيديا، يعرج المقال ههنا إلى حديثٍ مقتضَبٍ عن الأسطورة اليونانية أو الإغريقية، ذلك أنها مختلقة عن أسطورة الإله زيوس، فالحقيقة أن الحضارة اليونانية واحدة من أغنى الحضارات لا سيّما بالميثولوجيا والأساطير التي هي مدار البحث، وللأسطورة اليونانية تأثيراتٌ كبيرة وعميقةٌ لم تك لتقف على حدود الحضارة اليونانية، ولكنها تجاوزت ذلك إلى أوروبا بأسرها، وإلى الحضارات القائمة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، ولقد تركت آثارها في الحضارات العربية أيضًا على ذلك.[٣]
وفي هذا الحديث يجب الإشارة إلى أن الأساطير اليونانية وجدت طريقها إلى هذا التاريخ المعاصر، عبر النصوص اليونانية القديمة، ومن أشهرها ما يعرف بالملاحم، مثل ملحمتي الإلياذة والأوذيسة، وعبر القصائد المختلفة والمسرحيات اليونانية/الإغريقية مثل مسرحيات اسخيلوس وسوفوكليس وغير ذلك الكثير، وعلى هذا كله -وهو مقتضبٌ مختصر- وجدت الأساطير اليونانية القديمة طريقها للخلود والثبات حتى تموضعت في هذا السياق عبر حديثها عن أسطورة الإله زيوس.[٣]

أسطرة الأسطورة

البداية والوجود، هذان هما المبعَث المؤسّس لأسطورة الإله زيوس، فبينما كانت البداية العَدَم، والذي كان بداخله يخفي الحياة، فمنهم -الهواء الكوني السرمدي- ظهر العالم جميعه، وآلهته المخلدون، فظهرت إلهة الأرض، وهي المعروفة "بغايا أو جييا" فأعطت الحياة لكل ما عليها، وفي السحيق البعيد ولد "التارتار" الذي هو حفرةٌ مظلمةٌ لا آخر لها، وولد "إيروس" إله الحب الذي يعني اسمه اليوناني القوة الجبارة التي تعطي الحياة لأي شيء، ثم ولد الليل "نوكس" والظلام الأبدي "إيريب" ومنه ولد الضياء الأبدي "الأثير" والنهار "هيرينتا" وعندها بدأ الليل والنهار يتقاسمان الوقت والزمان، وبعد هذا جاءت الأرض مخاضها فأنجبت السماء "أورانوس" فارتفعت في الأعلى وأظلت الأرض.[٤]
تزوج أورانوس "السماء" من الأرض "جييا" فأنجبا أوقيانوس الذي ولدت له "تيتش" الآلهة البحرية، وأنجب "هيبريون" ابن أورانوس القمر، كما ولدت الأرض لأورانوس عمالقةٌ ثلاث أحدهم هو مبدأ أسطورة الإله زيوس، كان أورانوس يكره أولاده الثلاث، وذلك لقوتهم الفظيعة التي لا حدود لها، فحبسهم في بطن الأرض، وكانت الأرض مثقلةٌ بحملها، ذلك أن أبناءها العمالقة محبوسين في جوفها، فراحت تحرضهم على أبيهم "أورانوس".[٤]

كاد التحريض الذي بثته الأرض "جييا" في أبناءها ليذهب سدىً لوما أن كرونوس كان قد عزم أمره، وعبر مكرٍ وخديعةٍ جاء "كرونوس" فأنزل والده "أورانوس" عن العرش، وعند هذه المرحلة تبدأ إرهاصات ظهور ما يعرف بأسطورة الإله زيوس.[٤]

أسطورة الإله زيوس

تبدأ أسطورة الإله زيوس منذ أن ملك أبيه "كرونوس" حيث كان كرونوس قد تزوج "ريئا" فولدت له ثلاث بنات وثلاثة أولاد، من ضمنهم زيوس الإله الأسطوري، وعلى أن يتنازل إخوة كرونوس له عن الملك كان اتفق معهم على أن لا يكون الملك متوارثًا في أولاده ونسله من بعده، وهذا بعد أن تدخلت أمهم الأرض "جييا" لإنهاء النزاع الذي وقع بينهم على الملك بعد أن خلع كرونوس أبيه أورانوس عن العرش والملك، وأما أسطورة الإله زيوس "زفس" فمبعثها أن كرونوس ورد إلى مسامعه نبوءةً تفضي بأن أحد أبناءه سيخلعه عن العرش ويملك ملكه، أو لعله كام خائفًا من أن يفعل به ابنه ما فعله هو لأبيه أورانوس، فراح يأمل أولاده.[٥]
بينما كانت "ريئا" حاملٌ بابنها الأخير "زيوس" كان كرونوس قد التهم أبناءه الخمسة، فراحت تبحث عن سبيلٍ تحمي بها ابنها الذي لم يولد بعد، برفقة الأرض أمها "جييا" ولدت "ريئا" زيوس في الخفاء في مغارةٍ في جزيرة "كريت" وقدمت لكرونوس صخرةً ملفوفةً على إنها ابنه الرضيع، فابتلعها وانطلت الحيلة عليه.[٥]

تحت حماية عرائس الوديان " أذرستي وإيذا" في أحد جبال كريت البعيدة وضع "زيوس" فتعهدتاه وربتاه، وكانتا قد أمرنا كهنة "جييا" أن يسلوه بالرقص فلا يبك، وأن يثروا حوله الضوضاء إن ما بكى، وذلك لحجب صوته عن أبيه كرونوس، فنشأ زيوس ونجا لتتم النبوءة التي من أجلها ابتلع كرونوس أبناءه، وبمساعدة ابنة عمه "مينيس" وهي البحر الشاسع/ الصواعق والبروق والرعود، وبهن سيطر على الكون، وهذه أسطورة الإله زيوس.[٥]

المراجع[+]

  1. مارسيل ديتيان، مصباح الصمد (2008)، اختلاق المثيولوجيا (الطبعة الثانية)، بيروت- لبنان: المنظمة العربية للترجمة، صفحة 12.
  2. ^ أ ب جان فرنان، بيير ناكيه، حنان حسن (1999)، الأسطورة والتراجيديا في اليونان القديمة (الطبعة الأولى)، دمشق- سوريا: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 5،7،13. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فؤاد بربارة (2014)، الأسطورة اليونانية، دمشق- سوريا: الهيئة العامة السورية للكتاب، صفحة 5. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت نيهاردت، هاشم حمادي (1994)، الآلهة والأبطال في اليونان القديمة (الطبعة الأولى)، دمشق- سوريا: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 11،12. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت فؤاد بربارة (2014)، الأسطورة اليونانية.، دمشق- سوريا: الهيئة العامة السورية للكتاب، صفحة 68،69. بتصرّف.