تعريف-الرثاء-لغة-واصطلاحًا
محتويات
أغراض الشعر العربي
إنَّ أغراض الشعر العربي هي المواضيع التي يطرقها أو المواضيع التي كتب عنها وفيها الشعراء العرب عبر العصور، وهذه الأغراض كانت متشابهة في بعض العصور، وكانت تختلف في عصور أخرى، حتَّى العصر الحديث الذي غيَّر فيه الشعراء العرب كثيرًا من أغراض الشعر العربي المعروفة من قبل، وجدير بالذكر إنَّ أشهر أغراض الشعر العربي القديمة هي: الفخر والمديح والهجاء والرثاء والغزل وغيرها، وفيما يلي سيتم الحديث عن تعريف الهجاء لغة واصطلاحًا إضافة إلى الحديث عن تعريف الرثاء في العصر الجاهلي والإسلامي والأموي وذكر أبرز قصائد الرثاء في الشعر العربي.
تعريف الرثاء لغة واصطلاحًا
يمكن تعريف الرثاء في اللغة على أنَّه مصدر للفعل رثى، يرثي فهو راثٍ ومرثيٌّ، ومعنى رثى أي بكى أو كتب كلامًا على أحد الميتين، والرثاء هو صوت البكاء مع الكلام على الميت، صوت الكلام أثناء البكاء على الميت، أمَّا فيما يخصُّ تعريف الرثاء في الاصطلاح فهو فن من فنون الشعر العربي أو غرض من أغراض الشعر العربي القديمة، ويقول بعض النقاد إنَّ الرثاء هو أصدق الأغراض الشعرية من حيث الشعور والعاطفة ودقة تصوير التفاصيل.
وقد وردت في تاريخ الأدب العربي آلاف النصوص التي كُتبت في الرثاء، وتتعدد هذه القصائد وتتوزع وفقًا لنوع المرثي والراثي، فمن الشعراء العرب من رثى أخًا أو حبيبةً أو زوجًا أو أبًا أو أمًّا، ثمَّ وفي العصر الإسلامي ظهر نوع آخر من أنواع الرثاء في الشعر العربي وهو رثاء الأطراف المفقودة، وهذا ما أبدع الشعراء المسلمون الذين خاضوا معارك وغزوات كبيرة وفقدوا من أجسادهم ما فقدوا، ظهر أيضًا في الأدب العربي رثاء المدن كما حدث في الأندلس، وفيما يأتي من هذا المقال سيتم التفصيل في الرثاء العربي عبر العصور المختلفة. [١]
الرثاء في العصر الجاهلي
بعد تعريف الرثاء يمكن القول إنَّ الرثاء يلتقي بالمدح التقاءً عابرًا، في كونهما يتفقان في إبراز صفة الممدوح والمرثي في الغالب، فالمديح هو إظهار شمائل الممدوح وكذلك الرثاء هو توضيح شمائل الميت، وقد تميَّز الرثاء في الشعر الجاهلي بأنَّه ثابت في معانيه وأهدافه، فهو دائمًا ما يعبر عما يدور في خلجات الشاعر من المشاعر التي يكنها للميت، وغالبًا ما يظهر كمية الأسى الكبيرة التي يعيشها الراثي حزنًا وكمدًا على وفاة من يرثي، فيغل الحزن على أبياته الشعرية، وهذا واضح في أشعار الجاهليين وضوح الشمس في كبد النهار.
وجدير بالذكر أن صفة الحزن أحيانًا تطغى على قصيدة الشاعر فينسى أن يبرز ملائحه وشمائله في النص، وتظهر الملائح في نص الشاعر غالبًا إذا كان الميت ذا منزلة مهيبة، وقد اشتهر في العصر الجاهلي عدد كبير من الشعراء الذين كتبوا في الرثاء وأبدعوا فيه أيما إبداع، وكان أشهرهم: الخنساء، الأعشى، المهلهل بن ربيعة، ولبيد، حيث رثى هؤلاء الشعراء من مات من أقربائهم، كالخنساء التي رثت أخاها صخر وأخاها معاوية، ولا ضير من التنويه على أنَّ القصائد الجاهلية التي كتبت في الرثاء تحتوي على بعض الأدعية العابرة التي تأتي في النص على شكل جملة اعتراضية، كأن يقول الشاعر: سقيا لقبرك أو سقاك الغيث، والله أعلم. [٢]
رثاء المدن
بعد تعريف الرثاء في الأدب العربي بشكلٍ عامّ، والمرور على الرثاء في الشعر الجاهلي، سيتم الحديث أيضًا عن نوع جديد من الرثاء الذي ظهر وبقوَّة في تاريخ الأدب العربي، وهو رثاء المدن، ويعتبر رثاء المدن أحد الموضوعات المهمة في تاريخ الشعر العربي، وهو نوع من أنواع الرثاء في الشعر، ظهر هذا النوع لأوَّل مرةٍ في العصر العباسي، وكان رائده ابن الرومي ولكنَّ را المدن لم يشتهر كثيرًا في هذا العصر، حتَّى جاء العصر الأندلسي وبدأت المدن الإسلامية تتهاوى واحدة تلو الأخرى في يد الإسبان، فظهر رثاء المدن في تلك الفترة بقوَّة، فتوسَّعت معانيه وازداد كاتبوه، وكان انعكاسًا أدبيًا على سقوط المدن الإسلامية في الأندلس وعلى نكسات المسلمين وهزائمهم في تلك البلاد، وكانَ من أشهر من رثى المدن من شعراء الأندلس هو الشاعر أبو البقاء الرندي الذي اشتهرت له قصيدة في رثاء المدن الأندلسية والتي يقول فيها: [٣]
لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ فلا يغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هيَ الأمورُ كما شاهدْتُها دولٌ من سرَّهُ زمنٌ ساءتْه أزمانُ
وهذه الدارُ لا تُبقي على أحدٍ ولا يدومُ على حالٍ لها شَانُ
أبرز قصائد الرثاء في الشعر العربي
بعدَ تعريف الرثاء والحديث عن الرثاء في العصر الجاهلي والمرور على رثاء المدن، سيتم المرور على أبرز قصائد الرثاء في الشعر العربي عبر العصور كلِّها، وهذه قائمة لأبرز نصوص الرثاء الذي أبدعها الشعراء العرب عبر عصور الشعر العربي المختلفة:
- يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري في رثاء زوجته: [٤]
في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ؟
قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا؟
حُييَّتِ "أُمَّ فُراتٍ" إنَّ والدةً بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِدُ
تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها بدًّا، وإنْ قامَ سدًّا بيننا اللَحدُ
بالرُوحِ رُدِّي عليها إنّها صِلَةٌ بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسَدُ
عزَّتْ دموعيَ لو لمْ تَبعثي شَجَنًا رَجعتُ مِنه لحرِّ الدمع أبترِدُ
خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَستُرنُي وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِدُ
- وتقول الشاعرة الجاهلية الخنساء في رثاء أخيها صخر: [٥]
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ ليَوْمِ كَريهَةٍ وطِعانِ حِلْسِ
وللخصمِ الألدِّ إذا تعدَّى ليأخُذَ حَقّ مَظْلُومٍ بقِنسِ
فلمْ أرَ مثلهُ رزءًا لجنٍ ولم أرَ مِثْلَهُ رُزْءًا لإنْسِ
أشدَّ على صروفِ الدَّهرِ أيدًا وأفْصَلَ في الخُطوبِ بغَيرِ لَبسِ
وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ
فأكرمهُ وآمنهُ فأمسى خليًا بالُهُ منْ كلِّ بؤسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخرًا وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
- يقول المهلهل في رثاء كليب: [٦]
كُلَيبُ لا خَيرَ في الدُنيا وَمَن فيها إِن أَنتَ خَلَّيتَها في مَن يُخَلّيها
كُلَيبُ أَيُّ فَتى عِزٍّ وَمَكرُمَةٍ تَحتَ السَفاسِفِ إِذ يَعلوكَ سافيها
نَعى النُعاةُ كُلَيبًا لي فَقُلتُ لَهُم مادَت بِنا الأَرضُ أَم مادَت رَواسيها
لَيتَ السَماءَ عَلى مَن تَحتَها وَقَعَت وَحالَتِ الأَرضُ فَاِنجابَت بِمَن فيها
أَضحَت مَنازِلُ بِالسُلّانِ قَد دَرَسَت تَبكي كُلَيبًا وَلَم تَفزَع أَقاصيهاالمراجع[+]
- ↑ الرثاء في الشعر العربي, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف
- ↑ الأدب العربي في العصر الجاهلي, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف
- ↑ رثاء المدن, ، "www.wikiwand.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف
- ↑ ناجيت قبرك.., ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف
- ↑ يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف
- ↑ كُلَيبُ لا خَيرَ في الدُنيا وَمَن فيها, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 30-01-2019، بتصرّف