سؤال وجواب

حكم-إزالة-الشعر-بين-الحاجبين


الحاجبان

الحاجب في اللغة هو اسم فاعل من الفعل حجب، وهو ما يوجد فوق العين من عظم مع لحم وشعر، ويُعرف الحاجب أيضًا بأنَّه الشعر الذي ينبت فوق العين بشكل نصف دائرة تقريبًا، وقد خلق الله تعالى الحاجبين للإنسان لحماية العين من العرق الذي يسيل من الجبهة، والشكل الذي يتمتع به الحاجب يعطيه القدرة على تحويل مجرى العرق بعيدًا عن العين، وهذا من عظيم خلق الله تعالى الذي خلق الإنسان في أحسن هيئة وصورة، قال تعالى في الكبائر التي توجب لعنة الله تعالى على فاعلها، ففي صحيح الإمام مسلم روى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ...."،[٣]والنمص في هذا الحديث هو أخذ الشعر من الحاجبين، فالحديث دليل صريح على أنّه قد لعن الله كلَّ من ينتف منهما.[٤]

والواجب على الإنسان المسلم أن يأتمر بأمر الله تعالى وأمر رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وبالتالي يبتعد عن النمص تمامًا، وأن يطيع قول الله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}،[٦]والله تعالى أعلى وأعلم.[٤]

حكم تقصير شعر الحاجبين الطويل

قبل تسليط الضوء على حكم إزالة الشعر بين الحاجبين في الإسلام، إنَّ من الجدير بالذكر إنَّ تخفيف شعر الحاجبين أو تقصير شعر الحاجبين فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنَّ النمص هو النتف حصرًا، ولهذا أباح أصحاب هذا الرأي تقصير شعر الحاجبين الطويل وتهذيبه، وهذا رأي أتباع المذهب الحنبلي، بينما ألحق الجمهور التقصير في الحواجب بالنَّتف وجعل له حكم النتف في الإسلام وهو التحريم، وعند أصحاب هذا القول لا يجوز للإنسان رجلًا كان أو امرأة أن يحلق أو يقصر من شعر حاجبه أبدًا، وقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يأتي: "اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَتْفَ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ دَاخِلٌ فِي نَمْصِ الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لَعَنَ اللَّهُ النَّامِصَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ"، وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَفِّ وَالْحَلْقِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْحَفَّ فِي مَعْنَى النَّتْفِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى جَوَازِ الْحَفِّ وَالْحَلْقِ، وَأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّتْفُ فَقَطْ"، والله أعلم.[٧]

حكم إزالة الشعر بين الحاجبين

يُعدُّ حكم إزالة الشعر بين الحاجبين في الإسلام من الأحكام التي اختلف فيها الفقهاء وذهبوا في غير طريق واحد في الحكم فيها، وكان الاختلاف قائمًا على اعتبار الشعر بين الحاجبين من شعر الحاجبين وإعطائه حكم إزالة شعر الحاجبين، أم اعتباره دون شعر الحاجبين والحكم فيه بمعزل عن حكم نتف الحاجبين، ولهذا كان للعلماء أقوال ثلاثة وهي على الشكل الآتي:[٨]

  • القول الأول: ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ حكم إزالة الشعر بين الحاجبين الإباحة إذا كان هذا لدفع ضرر أو أذية في المظهر، وحرَّم أصحاب هذا القول إزالة الشعر بين الحاجبين إذا كان من باب تغيير الوجه من أجل زيادة الحسن والجمال وغيره، فإزالة شعر الحاجبين من باب تغيير خلق الله غير جائز.
  • القول الثاني: أباح بعض أهل العلم نتف ما بين الحاجبين بشكل مطلق، معتبرين الشعر بين الحاجبين ليس من شعر الحاجبين ولا يأخذ حكم إزالة شعر الحاجبين في الإسلام؛ ولذلك أشاروا إلى عدم تحريم إزالته.
  • القول الثالث: ذهب ابن جرير الطبري إلى تحريم إزالة الشعر بين الحاجبين بشكل قطعي، فقد قال: "لا يجوز للمرأة تغييرُ شيء من خِلقَتِها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص؛ التماسَ الحُسْنِ، لا للزَّوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونةَ الحاجبين، فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عكسه".

وجدير بالذكر ما قاله الشيخ ابن باز في حكم إزالة الشعر بين الحاجبين عندما سُئلَ عن حكم إزالة الشعر بين الحاجبين عند المرأة، قال في جوابه عن هذا السؤال: "لا أعلم مانعًا من ذلك؛ لأنَّه ليس من الحاجبين، وإن تركته احتياطًا، فحسن، وأما زوالُه، فلا أعلم فيه بأسًا؛ لأنَّه ليس من الحاجبين اللذين جاء فيهما النَّهي عن النَّمص، وإن تركته أخذًا بقول من قال إن النَّمص يشمل جميع الوجه، شعر جميع الوجه، فهذا من باب الاحتياط، من باب: "دع ما يريبك إلى ما يريبك"، وإلا فالأصل أنه ليس من الحاجبين، وإنما هو جزء بينهما، وقد يسبب شيئًا من التَّشويه، أو الكراهة من الزَّوج، فالحاصل أنَّه لا حرج فيه إن شاء الله، وإنْ تُرك على سبيل الاحتياط، فأرجو أنَّ ذلك حسنًا -إن شاء الله- عملًا بالعموم"، والله تعالى أعلى وأعلم.[٩]

الشعر الذي تجوز إزالته في الإسلام

في ختام ما جاء من حديث عن حكم نتف شعر الحاجبين وحكم إزالة الشعر بين الحاجبين في الإسلام، إنّ أهل العلم حددوا الشعر الذي تجوز إزالته في جسد الإنسان في الإسلام، وقسَّموا الشعر الذي تجوز إزالته إلى شعر أُمِرَ الإنسان بإزالته مثل شعر العانة وشعر الإبط والشارب، وشعر الرأس في حالتي الحج والعمرة، وهذا ما جاء في حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ. قالَ زَكَرِيّا: قالَ مُصْعَبٌ: ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلَّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ.."[١٠].[١١]

والنوع الثاني من الشعر الذي تجوز إزالته في الإسلام هو الشَّعر الذي لم يأتِ الأمر بإزالته أو عدم إزالته، ومنه شعر الساقين وشعر اليدين والشعر الذي ينبت على الخدين فوق اللحية والشعر الذي ينبت في الجبهة، وجدير بالذكر إنّ من أهل العلم من قال بحرمة إزالة هذا الشعر، معتبرين إزالته تغييرًا لخلق الله تعالى، ومنهم من رأى أنَّه لا حرج في إزالة هذا الشعر أو إبقائه، فهو من الأشياء المسكوت عنها في الإسلام فلم ترد في الكتاب والسُّنة النبوية، والله تعالى أعلم.[١١]

المراجع[+]

  1. سورة التين، آية: 4.
  2. "حاجب عين"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2125، صحيح.
  4. ^ أ ب "حكم نتف شعر الحاجبين"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
  5. سورة الحشر، آية: 7.
  6. سورة النساء، آية: 59.
  7. "حكم تخفيف شعر الحاجب إذا كان كثيفاً"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
  8. "حكم إزالة الشعر الذي بين الحاجبين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
  9. "حكم إزالة الشعر الذي يكون بين الحاجبين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 261، صحيح.
  11. ^ أ ب "ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.