أبيات-شعر-عن-الحبيب-البعيد

الحب

يُعرَّف الحب على أنَّه مجموعة من المشاعر والأحاسيس الإيجابية، وهو حالة عاطفية تُصيب الإنسان فتؤثر في سلوكه وأقواله وأفعاله بشكل عام، وتُعدُّ مشاعر الحب من أسمى المشاعر الإنسانية بين البشر، وتختلف مشاعر الحب في قلب الإنسان باختلاف الأشخاص الذين يُكنُّ الإنسان لهم هذه المشاعر، فحبُّ الأم يختلف عن حبِّ الأخ ويختلف عن حبِّ الزوجة، وتختلف هذه المشاعر أيضًا عن حبِّ الطعام أو اللعب أو غير ذلك، وقد أخذ الحب من حياة الأدباء والشعراء الكثير فكان حاجة ملحَّة دفعتهم إلى تجسيد هذه المشاعر والعواطف نصوصًا أدبيّة كان لها تأثيرها الكبير في تاريخ الأدب العربي، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على بعض أبيات شعر عن الحبيب البعيد.^[١]

أشهر شعراء الحب في الأدب العربي

قبل ذكر أبيات شعر عن الحبيب البعيد، إنَّ الأدب العربي مليء بالتجارب الشعرية التي ركَّز شعراؤها على مسألة غياب الحبيب، ولعلَّ أبرز من قاسى وعانى وذكر غيابه وبعده عن محبوبته هم الشعراء العذريون وخاصَّة: جميل بثينة، قيس بن الملوح، ومن الشعراء العرب الذين كتبوا للحبيب البعيد في الأدب: جبران خليل جبران، وابن زيدون وغيرهم، وبهؤلاء الشعراء تجسَّدَ الحب في الأدب العربي في أبهى حلَّة، وفيما يأتي نبذة عن أشهر شعراء الحب في الأدب العربي:

• قيس بن الملوح: هو قيس بن الموح المعروف بقيس ليلى، ولد عام 645م وشاعر من أهل نجد، شاعر متيم عاش في فترة الخلافة الأموية، أحب ليلى العامرية وفُتن بها ولم يستطع الزواج منها، فهام على وجهه في البادية حتَّى توفي عام 688م.^[٢]
• ابن زيدون: هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي، عُرف بابن زيدون، ولد عام 1003م في قرطبة في الأندلس، وقد عُرفه بحبه لولادة بنت المستكفي، وهو وزير وكاتب وشاعر من الأندلس، توفِّي عام 1071م.^[٣]
• جميل بثينة: هو جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي، ولد عام 659م وهو من الشعراء العشاق المعروفين، لُقِّب بجميل بثينة لأنَّه أحب فتاة اسمها بثينة ومات لم يتزوجها بسبب رفض أهلها، توفِّي جميل بثينة عام 701م.^[٤]

أبيات شعر عن الحبيب البعيد

بعد الحديث عن أشهر شعراء الحب في الأدب، لا بدَّ من ذكر ما جاء من أبيات شعر عن الحبيب البعيد في الأدب العربي، فتجارب الشعراء المذكورين آنفًا تعجُّ بالقصائد التي كُتبت عن الحبيب البعيد؛ وذلك لأنَّهم عاشوا تجربة بُعدهم عن الحبيب بشكل عملي، وفيما يأتي أبرز ما ورد من أبيات شعر عن الحبيب البعيد:

• يقول الشاعر قيس بن الملوح:^[٥]

يقولون ليْلى بالْعِرَاقِ مَريضةٌ

فَمَا لَكَ لا تَضْنَى وأنْتَ صَديقُ؟

سقى الله مرضى بالعراق فإنني

على كل مرضى بالعراق شفيقُ

فإنْ تَكُ لَيْلَى بالْعِراقِ مَريضَةً

فإني في بحر الحتوف غريقُ

أهِيم بأقْطارِ البلادِ وعَرْضِهَا

ومالي إلى ليلى الغداة طريقُ

كأنَّ فُؤَادِي فِيهِ مُورٍ بِقادِحٍ

وفيه لهيب ساطع وبروقُ

إذا ذَكرَتْها النفْس مَاتَتْ صَبابَةً

لَها زَفْرَةٌ قَتَّالةٌ وَشَهِيقُ

سبتني شمسٌ يخجل البدر نورها

ويكسف ضوء البرق وهو بروقُ

غُرابِيَّة الْفرْعَيْنِ بَدرِيَّة ُ السَنا

وَمَنظَرُها بَادِي الْجَمَال أنِيقُ

وَقد صِرْتُ مَجْنُونًا مِنَ الْحُبِّ هَائِمًا

كأنِّيَ عانٍ في القُيُودِ وَثِيقُ

أظل رَزيحَ الْعَقْل مَا أُطْعَمُ الكرَى

وللقلب مني أنة وخفوق

بَرى حُبُّها جِسْمِي وَقلبِي وَمُهْجَتِي

فلم يبق إلا أعظم وعروقُ

فلاَ تعْذلُونِي إنْ هَلَكْتُ تَرَحَّمُوا

عَليَّ فَفَقْدُ الرُّوحِ ليْسَ يَعُوقُ

وخطُّوا على قبري إذا متُّ واكتبوا:

قَتِيلُ لِحاظٍ مَاتَ وَهوَ عَشِيقُ

إلى اللّهِ أشْكُو مَا أُلاَقِي مِنَ الْهَوَى

بليلى ففي قلبي جوى وحريقُ

• يقول الشاعر ابن زيدون:^[٦]

أضْحَى التّنائي بَديلًا منْ تَدانِينَا

وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا

ألا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا

حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا

مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ

حُزْنًا، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا

أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا

أُنسًا بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا

غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا

بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا

فَانحَلّ ما كانَ مَعقُودًا بأَنْفُسِنَا

وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولًا بأيْدِينَا

وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا

فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا

يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم

هَلْ نَالَ حَظًّا منَ العُتبَى أعادينَا

لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ

رَأيًا، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا

ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ

بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحًا فِينَا

كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه

وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا

بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا

شَوْقًا إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا

نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا

يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا

حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ

سُودًا، وكانتْ بكُمْ بِيضًا لَيَالِينَا

إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا

وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا

وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانيةً

قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا

ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما

كُنْتُمْ لأروَاحِنَ‍ا إلاّ رَياحينَ‍ا

لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا

أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!

وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلًا

مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا

• يقول جميل بثينة:^[٤]

أبثين إنك قد ملكتِ فأسجحي

وخذي بحظِّكِ من كريم واصلِ

فلرُبَّ عارضةٍ علينا وصلُها

بالجدِّ تخلطهُ بقولِ الهازلِ

فأجبتها بالقول بعد تسترٍ

حبي بثينة عن وصالك شاغلي

لو كان في قلبي كقدرِ قلامةٍ

فضلًا وصلتُكِ أو أتتك رسائلي

صادتْ فؤادي يا بثين حبالكم

يوم الحجون وأخطأتكِ حبائلي

منّيتِني، فلوَيتِ ما منّيتِني

وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجلِ

وتثاقلتْ لمَّا رأتْ كلفي بها

أحببْ إليّ بذاكَ من متثاقلِ

وأطعتِ فيّ عواذلًا، فهجرتني

وعصيتُ فيكِ -وقد جَهَدنَ- عواذلي

حاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكم

مني، ولستَ، وإن جهدنَ، بفاعلِ

فرددتهنّ، وقد سعينَ بهجركم

لمَّا سعينََ له، بأفوقَ ناصلِ

يَعْضَضْنَ، من غَيْظٍ عليّ، أنامِلًا

ووددتُ لو يعضضنَ صمَّ جنادلِ

ويقلنَ: إنكِ يا بثينَ، بخيلةٌ

نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخلِ!

• ويقول جبران خليل جبران:^[٧]

روعتْ بالفراق بعد الفراقِ

وبها ما بها من الأشواقِ

بعلبك تبكي وليدًا تردى

نازحًا واحتوته أرض العراقِ

كان سلوانها رجاء تلاقٍ

أين أمسى منها رجاء التلاقي؟

لا تخافي اغترابه وتخالي

أن بعدا تباعد الآفاقِ

إنما النأي في اختلاف المرامي

وتنابي الخلال والأخلاقِ

ليس في موطن الكرام اغتراب

لكريم الأصول والأعراقِ

لحد ذاك الفقيد إن ضنَّتِ السُّحبُ

سقته سحبٌ من الآماقِ

ويحيي حجيجه العزة القعساء

في هيبة وفي إطراقِ

• ويقول الشاعر المتنبي:^[٨]

فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ

وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ

وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ

إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ

سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً

منَ الضّيمِ مَرْمِيًّا بها كلّ مَخْرِمِ

رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ

عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ

وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ

بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ

فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ

عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ

رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى

هوًى كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي

إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ

وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ

وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ

وَأصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشّكّ مُظلِمِ

وَأحْلُمُ عَنْ خِلّي وَأعْلَمُ أنّهُ

متى أجزِهِ حِلْمًا على الجَهْلِ يَندَمِ

وَإنْ بَذَلَ الإنْسانُ لي جودَ عابِسٍ

جَزَيْتُ بجُودِ التّارِكِ المُتَبَسِّمِ

المراجع[+]

1. ↑ "حب"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020. بتصرّف.
2. ↑ "قيس بن الملوح"، www.ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020. بتصرّف.
3. ↑ "ابن زيدون"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020. بتصرّف.
4. ^ ^{أ ب} "جميل بن معمر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020. بتصرّف.
5. ↑ "يقولون ليْلى بالْعِرَاقِ مَريضة ٌ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020.
6. ↑ "أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020.
7. ↑ "روعت بالفراق بعد الفراق"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020.
8. ↑ "فراق ومن فارقت غير مذمم"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-02-2020.