عقوبة-خيانة-الأمانة-في-الإسلام
محتويات
الأمانة
الأمانة من الأخلاق الحسنة التي حَثَّ عليها الدين، وجعلَ أجرَها عظيمًا، كما أثْنى الله تعالى على الحافظين لأماناتهم، إذْ يقول تعالى في محكم التنزيل: "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ"[١]، وللأمانة صورٌ عدة وفضلٌ كبير في حياة الفرد والمجتمع، كما أنّ الشخص الأمين محبوبٌ ومُصدّق بين الناس، وقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُلقّب في قومة بالصادق الأمين، أما خيانة الأمانة فهي من أكثر الصفات التي تُسبب الضرر في المجتمعات، وتسبب ضعفها وانهيار أركانها، وفي هذا المقال سيتم ذكر عقوبة خيانة الأمانة في الإسلام.
خيانة الأمانة
خيانة الأمانة من التصرّفات التي نهى عنها الإسلام، لِما للخيانةِ من آثار سلبيّة كثيرة على الفرد والمجتمع، وتشمل خيانة الأمانة العديد من الأمور وتكون بصورٍ عدة، فهناك خيانة الأمانة التي تكونُ بإفشاء الأسرار، ومنها ما يكون خيانة الأمانة العظمى وهو الدين، ويكون ذلك بعدم تبليغ الدين وعدم التمسك فيه أو العمل به، ومنها ما يكون بخيانة أعضاء الجسد وعدم استخدامها فيما يُرضي الله تعالى مثل خيانة البصر وخيانة السمع، وقد تكون خيانة الأمانة بخيانة المال أو تضييع الأمانات المختلفة التي أوصى الله تعالى بحفظها، وفي هذا ورد في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"[٢]، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر لما سأله أن يوليه قال: "وإنها أمانة"[٣].[٤]
عقوبة خيانة الأمانة في الإسلام
أمر الإسلام بالحفاظ على الأمانة، وأدائها، وحذّر من الخيانة وذمّها، إذ يقول الله تعالى في محكم التنزيل: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"[٥] فأداء الأمانة واجب على المسلم، سواء كانت الأمانة الواجبة لله تعالى من صلاة وصيام وزكاة وغيرها، أو الأمانة الواجبة للعباد مثل الودائع والعهود وغيرها، كما أنّ أداء الأمانة من صفات المؤمنين، والخيانة من صفات المنافقين، لهذا تُعدّ خيانة الأمانة من الذنوب التي تستوجب العقاب، وخيانة الآخرين ليست مبررًا للردّ عليهم بمثل خيانتهم، إذ يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك"[٦]، كما أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذمّ خائن الأمانة وعدّه من المنافقين، وذلك في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان"[٧]، لهذا فإنّ لخيانة الأمانة عقوبة نيل الإثم وغضب الله تعالى ورسوله على الخائن.[٤]
الآثار الإيجابية للتعامل بالأمانة بين الناس
للأمانة أهمية كبرى في التعامل بين الناس، خصوصًا أنّها تترك آثارًا إيجابية في مختلف مجالات الحياة، بعكس خيانة الأمانة التي تسبب انهيار القيم الأخلاقية وانتشار الفساد بين أفراد المجتمع، وأهم الآثار الإيجابية للتعامل بالأمانة بين الناس ما يأتي:[٨]
- سببٌ لنيل محبة الله ورسوله: يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "مَن سَرَّهُ أن يُحِبَّهُ الله ورسوله فليَصْدُق حَدِيثَهُ إذا حدَّث، وليُؤَدِّ أمانَتَه إذا اؤتُمِن" (حسَّنه الألباني في "تحقيق المشكاة"[٩]
- سبب للحصول على أجر عظيم يُساوي أجر الغازي في سبيل الله: يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"العامِلُ على الصدَقة بالحقِّ كالغازي في سبيل الله حتى يرجعَ إلى بيتهِ"[١٠]
- سببٌ لنيل أجر المتصدقين، كما أنّها سبب للنماء والبركة: عن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تعالى: "أنا ثالثُ الشريكين ما لم يخنْ أحدهما صاحبَه، فإذا خانَه خرجتُ من بينهما"[١١]
- سببٌ للسعادة في الدنيا والرزق الوفير: الأمانة تزيد في الرزق وتمنح شعورًا بالسعادة.
- سببٌ لحفظ المال والأهل: من كان أمينًا في حياته حفظ الله له أهله وماله.
- دليلٌ على إيمان العبد: الأمانة تدلّ على إيمان العبد، بعكس خيانة الأمانة التي تدلّ على النفاق.
- سببٌ للنجاة والمرور على الصراط: من أدى الأمانة بحقّها نجاه الله تعالى يوم القيامة وجعله يمشي على الصراط بكلّ سهولة.
نقض العهد والميثاق
نقض العهد والميثاق يُعدّ من صور خيانة الأمانة، وتختلف أنواع العقود التي يجب الوفاء فيها ومنها: عقود البيع وعقود الإيجار وعقود الشركات وغيرها من العقود التي يتم إبرامها بين الناس، والتي تُعدّ أمانة ملزمة لأصحابها والوفاء بها واجب، وخيانتها موجبة للعقاب والإثم، ويقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"[١٢]، كما أنّ الوفاء بالعهود والمواثيق من صفات الأنقياء الأتقياء، وفي هذا قوله تعالى: "بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"[١٣]، لذلك يجب الوفاء بالعهد والميثاق حتى لو مع الكفار، وهكذا كان يفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-،
قصص عن الأمانة في الإسلام
يوجد الكثير من قصص الأمانة في الإسلام، والتي وردت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- والصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-، وهؤلاء هم القدوة الحسنة التي يجب على المؤمنين اتباعهان ويجب السير على هديهم وتقليد فعلهم في تأدية الأمانة والبعد عن خيانة الأمانة بجميع أنواعها، سواء خيانة الأمانة مع الله تعالى أو مع العباد، ومن أهم قصص الأمانة في الإسلام ما يأتي:
- قصة عن الأمانة في تأدية الأموال إلى أهلها: استعمل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلًا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه قال: هذا مالكم، وهذا هدية، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فهلّا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كُنْتَ صادقًا؟ ! ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي! أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ ! والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقِيَ الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت"[١٤][١٥]
- قصة عن الأمانة في الولاية والإمارة: عن عبد الرحمن بن حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال: قلتُ: يا رسول الله، ألا تستعملني؟، قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها"[٣]، أي أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- رفض تولية أبي ذر الغفاري أمانة الإمارة لأنّه ضعيف ولا يقدر عليها.[١٥]
- قصة عن الأمانة في حفظ أموال الناس: عن نافعٍ مولى ابنِ عمر رضي الله عنه قال: "خرج عبد الله بن عمر - رضِي الله عنهما - في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحابٌ لهُ، ووضَعُوا السفرة لَهُ، فمَرَّ بهم راعي غنمٍ، فسلَّم، فقال ابن عمر: هَلُمَّ يا راعٍ فأصِبْ من هذه السفرة، فقال له: إنِّي صائم، فقال ابن عمر: أتصومُ في مثل هذا اليوم الحارِّ الشديد سمومُه وأنت في هذه الحال ترعى الغنم؟! فقال: والله إنِّي أبادر أيامي الخالية، فقال لهُ ابن عمر وهو يريد أنْ يختبر ورعه - وأمانته -: فهل لك أنْ تبيعنا شاةً من غنمك هذه فنُعطِيَك ثمنها ونُعطِيَك من لحمِها ما تفطر عليه؟ قال: إنها ليست لي بغنمٍ، إنها غنمُ سيدي، فقال له ابنُ عمر: فما يفعلُ سيدك إذا فقَدَها؟ فولَّى الراعي عنه، وهو يرفعُ أصبعَه إلى السَّماء، وهو يقول: فأين الله؟ قال: فجعل ابن عمر يُردِّدُ قولَ الراعي، يقول: قال الراعي: أين الله؟ قال: فلمَّا قدم المدينة بعَث إلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتَقَ الراعي ووهَبَ له الغنم "[٨]
فيديو عن الأمانة وأنواعها في الإسلام
يقدّم د. بلال إبداح، دكتور العقيدة والشريعة الإسلامية توضيحًا حول تعريف الأمانة وأنواعها في الإسلام.[١٦]
المراجع[+]
- ↑ {المؤمنون: آية 8}
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6496، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ^ أ ب الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1825، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ^ أ ب الأمانة والخيانة, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-9-2018، بتصرّف.
- ↑ {سورة النساء: آية 58}
- ↑ الراوي: بشير بن معبد بن الخصاصية، المحدث: الألباني، المصدر: النصيحة، الصفحة أو الرقم: 238، خلاصة حكم المحدث: لا أصل له بهذا التمام، إنما هو مركب من حديثين
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6095، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ^ أ ب الأمانة: فضائلها ومجالاتها (خطبة), ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-9-2018، بتصرّف.
- ↑ الراوي: عبدالرحمن بن أبي قراد، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4920، خلاصة حكم المحدث: حسن
- ↑ الراوي: رافع بن خديج، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2936، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3383، خلاصة حكم المحدث : سكت عنه
- ↑ {المائدة: آية 1}
- ↑ {آل عمران: آية 76}
- ↑ الراوي: أبو حميد الساعدي، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1832، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ^ أ ب الأمين ـ صلى الله عليه وسلم ـ, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-9-2018، بتصرّف.
- ↑ تعريف الأمانة وأنواعها في الإسلام, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-9-2018، بتصرّف.
