أقدم-مدن-في-التاريخ

نشأة المدن

نشأت أغلب المدن قديمًا من تجمُّعاتٍ قرويّة زراعيّة، ثمّ تطورت المهن في هذه المدن لتشملَ تخصّصات زراعية عديدة، ومع مرور الزمن أصبحت كثيرًا منها دول مدن، والتي كانت عبارة عن مراكز حضارية تميزت بالحكم الذاتي ووفرة المناطق الزراعية التابعة لها، كما أفاد الفائض الغذائي الذي تنتجه هذه القرى في تطوير حرف ومِهَن أخرى غير الزراعية، ومن هنا ظهرت المهن المتعددة حسب حاجة السكان، وكان لا بُدّ لهذه التجمعات من قيادة تنظم شؤونها وتقودهم سياسيًا، فأدى ذلك لظهور أنظمة الحكم التي تطورت مع مرور الزمن وحسب الظروف والمتغيرات التي مرّت بها كل حضارة.^[١]

أقدم مدن في التاريخ

منذ وجود التجمّعات البشرية في القدم في جميع أنحاء العالم وُجدت أقدم مدن في التاريخ التي تطوّرت بتطور الحضارات التي كانت المدن جزءًا مهمًا منها لعدة قرون، وقد كان لهذه المدن أهميّة كبيرة من الجوانب الدينية والثقافية وأيضًا أهمية اقتصادية منذ الزمن القديم حتى الآن، أغلب هذه المدن كانت مراكز تجارية مهمة، حيث إنّ أهميتها استراتيجية؛ فقد كانت نقاطًا تلتقي فيها طرق التجارة المختلفة، كما كانت معظم هذه المدن أماكن للجذب السياحي في الوقت الحالي، حيث خلّفت هذه المدن آثارًا كثيرة والتي تشهد قيامَ الحضارات القديمة، وسيذكر هذا المقال أقدم مدن في التاريخ، والتي يقدّرعمرها بثلاثة آلاف سنة أو أطول من ذلك.^[٢]

جبيل

تقع مدينة جبيل في لبنان، وقد نشأت منذ 5000 قبل الميلاد، وتعدّ جبيل واحدة من أقدم مدن في التاريخ والتي ما زالت مأهولة بالسكان، بدأت نشأة مدينة جبيل حين كانت تدعى غوبال حيث كانت قرية لصيد السمك، ثم نمت جبيل بعدها لتصبح مدينة تجارية كبيرة فيها ميناء مهم مزدحم بالسفن والبضائع منذ القدم، وقد تمّ التبادل التجاري بين مدينة جبيل والمصريين، حيث تم تصدير الأرز وبعض أنواع من الأخشاب وبالمقابل تمّ استيراد أوراق البردي وغيرها من مصر، سمى الإغريق مدينة الجبيل باسم بيبلوس، حيث تعني هذه الكلمة ورق البردي الذي تم تداوله كثيرًا في الميناء، وقد اشتهر السكان في جبيل بالمهارة المميزة في تصنيع السفن، أصبحت بيبلوس مستعمرة مصرية ثم جزء من الحضارة الفينيقية، حيث صنعت فيها اللوحة الفينيقية والتي تحوي على 22 حرفًا من حروف الأبجدية، ثم انتشرت هذه الحروف إلى المدن المجاورة عن طريق التجار اليونانيين، أما اليوم فإنها واحدة من أقدم مدن في التاريخ، فهي مدينة ثقافيّة وموقع تراث عالميّ على قائمة اليونسكو.^[٢]

صنعاء

صنعاء هي واحدة من أقدم مدن في التاريخ، بالرّغم من أن تاريخ إنشاء صنعاء الدقيق غير محدّد، إلا أنّه وحسب الأسطورة اليمنية القديمة، فإنّ من أسّسها هو سام بن النبي نوح، وقد كانت صنعاء أرض عربية ومركز للدين المسيحي واليهودي قبل أن تدخل الإسلام في 632م، عاشت مدينة صنعاء كمركز إسلامي مهم وتعرضت للتنافس بين السلالة الزيدية والسلالات الأخرى الموجودة في المنطقة، يذكر أنه حصل تراجع شديد في ثروات صنعاء في القرنين الثاني عشر والخامس عشر، خصوصًا أن هذه الفترة شهدت تعرُّض المدينة للغزو بشكلٍ مُتَتالٍ، بنيت العديد من المساجد والمدارس الدينية الإسلامية في عهد سلالة الظاهري بقيادة عبد الوهاب بن ظاهر في أوائل القرن السادس عشر.^[٣]

أصبحت مدينة صنعاء تحت السيطرة العثمانية في وقت مبكر من القرن الثامن عشر، وقد حصلت حرب أهلية بين العثمانيين والأئمة، ثم تمّ أخيرًا عقد معاهدة مُنح بموجبها الأئمة الحكم الذاتي أصبحت صنعاء عاصمة لليمن بعد أن هُزم العثمانيون في الحرب العالمية الأولى، لكن نقلت العاصمة إلى تَعز في الجنوب في حكم الإمام أحمد الذي حكم من 1948حتى 1962، لتعود العاصمة صنعاء مرة أخرى بعد ثورة 1962، ولتعلن الجمهورية العربية اليمنية في شمال اليمن، ثم في عام 1990 أصبحت صنعاء العاصمة لليمن بعد توحيد شمال اليمن مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب. ^[٣]

بلخ

تقع بلدة بلخ شمال أفغانستان على بعض الروافد الجافة من نهر آمو داريا، وتعد بلخ واحدة من أقدم مدن في التاريخ، وقد جاءت شهرة هذه البلدة لأنها مسقط رأس رجل الدين الفارسي زرادشت مؤسس الديانة الزرداشتية أو المجوسيّة، وقد برزت أهمية بلخ في الألفية الثالثة قبل الميلاد لوقوعها على طرق السفر الطبيعية حيث طريق النهر، عندما بدأت تجارة اللازورد أسس فيها الإسكندر الأكبر مستعمرة تابعة للإمبراطورية اليونانية عام ٣٣٢ قبل الميلاد، وفي وقت لاحق أصبحت المدينة ذات ثروة وذات أهمية حيث كانت عاصمة لمملكة باختريا الإغريقية، في القرون الأولى بعد الميلاد اشتهرت بلخ بكونها مركز مهم للديانة البوذية.^[٤]

غزا العرب بلخ لتدخل الإسلام في القرن الثامن الميلادي، وأصبحت مهمة في زمن الخلافة العباسية حيث كانت مركز للتعليم وقد لقبت بأم المدن، وينتمي لهذه البلدة الشاعر الفارسي والصوفي الشهير جدًا جلال الدين الرومي، في عام 1221 ميلادي غزا التتار بلخ، حيث دمروها بالكامل ليعيد القائد الأوزبكي تيمورلنك بناؤها في أوائل القرن السادس عشر، حيث أصبحت تحت الحكم الأزبكي، وبعد ذلك لفترة قصيرة سيطرت عليها إمبراطورية المغول قبل سقوطها، وفي عام 1850 أصبحت بلدة بلخ ضمن مملكة أفغانستان، يذكر أنّ المدينة القديمة في بلخ في حالة خراب، وتقع على مسافة قريبة منها المدينة الجديدة التي تعد مركزًا زراعيًّا وتجاريًّا مهمًّا وأغلب سكانها من الأوزبك.^[٤]

حلب

تعدّ حلب واحدة من أقدم المدن في سوريا كما أنها واحدة من أقدم مدن في التاريخ، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى 4300 قبل الميلاد، بدايةً كانت حلب قرية صغيرة لكنها سرعان ما نمت لتصبح مركز لصناعة الملابس الجاهزة، ساعدها في ذلك موقعها الإستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط ​​غربًا ونهر الفرات في الشرق، حلب ازدهرت وأصبحت مدينة ثرية؛ بسبب موقعها كنقطة تربط طرق التجارة القديمة مع بعضها، الشكل الحالي للمدينة هو نتيجة للخراب الذي خلّفته عدة غزوات شهدتها المنطقة، تحتوي حلب على آثار كثيرة مثل القلعة التي بناها العرب بالإضافة للنصب التذكاري الذي لا يزال قائمًا حتى الآن، كما يشهد الجامع الكبير وكنيسة القديس سمعان في حلب على الأهمية الدينية لحلب المدينة القديمة، خلال العهد العثماني ازدهرت حلب خاصةً في القرنين السادس عشر والسابع عشر، منذ القرن العشرين أصبحت حلب مركزَ اقتصاد صناعيًا رئيسًا، وأصبحت مكتظة بالسكان في القرن العشرين.^[٢]

المراجع[+]

1. ↑ "Social, political, and environmental characteristics of early civilizations", www.khanacademy.org, Retrieved 11-12-2019. Edited.
2. ^ ^{أ ب ت} "The Oldest Cities in the World", www.worldatlas.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
3. ^ ^{أ ب} "Sanaa", www.britannica.com, Retrieved 08-12-2019. Edited.
4. ^ ^{أ ب} "Balkh", www.encyclopedia.com, Retrieved 08-12-2019. Edited.