نبذة-عن-رواية-فستق-عبيد
سميحة خريس
سميحة خريس أديبة وروائيّة أردنيّة، وُلدت في عمان سنة 1956، تنقلت بين عدد من الدول العربية خلال نشأتها فتلقت تعليمها الابتدائي في قطر وأتمّت تعليمَها الثانوي في السودان، بينما أتمّت تعليمها الجامعي في مصر حيث حصلت على درجة الليسانس في الآداب من جامعة القاهرة، وأتقنت إلى جانب تخصصها في الآداب اللغة الانجليزية، عملت بعد تخرجها في جامعة القاهرة في المجال الإعلامي فتنقلت بين عدد من الصحف والمجلات حتى استقر بها الحال في صحيفة الرأي التي لا تزال قائمة فيها إلى اليوم، وقد كتبت عددًا من الروايات مثل: رواية شجرة الفهود وتقاسم الحياة ودفاتر الطوفان، وقد حصلت على عدد من الجوائز التشجيعية والتكريمية تقديرًا لإبداعها الروائي.[١]
رواية فستق عبيد
تدور أحداث الرواية بين عنصرين بشريّين: أصحاب البشرة السوداء في أفريقيا والسودان تحديدًا، وأصحاب البشرة البيضاء من الأوروبيين المحتلين الذين كانوا يسعون لاستغلال البلاد التي يحتلونها واستغلال أبنائها واستضعافهم وترويضهم ليكونوا عبيدًا لهم، وتستهل الرواية في جزئها الأول بسرد الجد كامونقة لحكايته مع العبودية في طفولته وقد أعدت الروائية سميحة خريس هذا السرد بشكل احترافي لتمهد للجزء التالي الذي يمثل وحدة العبودية رغم اختلاف الزمن وتغيره، فقد أخذ الجد كامونقة عبدًا لتاجر سمسم فيقطع مساحات شاسعة على أسنمة الجمال منتقلًا مع سيده في رحلة حياته الجديدة القاسية، ولعل الجد في سنه هذا قد تأهب لمبدأ العبودية وخطرها وألمها الذي يحيق بالأجيال القادمة، فحرص على أن يقف في وجه هؤلاء المستعبدين بإيقاف حيلهم وتعطيلها، فقد عمد إلى زراعة حقل كبير من الفستق ليطعم منه الأطفال فلا يأخذونه من غريب، وذلك لأن أصحاب البشرة البيضاء كانوا يستخدمون الفستق كأداة لاصطياد الأطفال والإيقاع بهم في فخ العبودية.[٢]
والكاتبة سميحة خريس لا تكتفي بعرض لون واحد من العبودية، العبودية القائمة على اللون بين السود والبيض، إنّما تتوسع في مفهوم العبودية لتظهر منها ألوانًا مختلفة، حيث منها ما ينجر إليه الإنسان بنفسه، فمن العبودية عبودية أصحاب اللون الواحد لبعضهم البعض كأن ينحني الفقير للغني مستذلًا مستشعرًا نعمته عليه، وتعرض كذلك نموذجًا لعبودية الدين فهذا الجد كامونقة يرى العبيد ينسلون من قيد العنصرية إلى قيد أشدّ إحكامًا وهو قيد عبودية الدين، في حين أنهم يظنون أنهم بانسلالهم إلى صفوف ما يدعون أنه الجهاد فيقاتلون المصريين وغيرهم ليكتشفوا بعد حين أنّهم قد تورطوا حقًا بعبودية أوخم من التي كانوا يرضخون تحتها ليصبحوا عبيدًا أمواتًا، ولعل كامونقة كان يتحدث طيلة الوقت بلسان الكاتبة ويعكس فكرها وتحليلها بطريقة لا تكشف عن تدخلها المباشر في الرواية، فكامونقة كان يمتلك إحساسًا قويًا تجاه العبودية يتجاوز بها فكر من حوله، فهو لا يسبقهم عمرًا وحسب إنما فكرًا وتجربة، فقد كان صوت الصفير الذي يدعو العبيد للقتال يستفز كل ذكرى سيئة في نفسه فهو يشبه إلى حد كبير صوت الصفير الذي كان يطلقه التاجر الذي استعبده في طفولته حين يجمع عبيده، لا سيّما أن قصة الاستعباد التي شهدها في طفولته تُعيد نفسها في زمن آخر فتخطف حفيدته الصغيرة وتهدد بخطر العبودية والموت وتتشابك الأحداث وتتنوع الحبك الرروائية والأزمنة الرروائية مع شيء من الانسجام أو التواتر الاستذكاري الذي تصر الكاتبة من خلاله على تكرار الحدث الأول من خلاله في صور مختلفة.[٢]
القيمة المعرفية والأدبية لرواية فستق عبيد
تكشف الروائيّة سميحة خريس من خلال روايتها الموسومة بفستق عبيد عن عمق تجربتها التي اكتسبتها بفعل تنقلاتها المتعددة بين مختلف البلدان العربية واطلاعها العميق على ثقافات أهلها ومشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية ومعضلات حياة الفقراء والمضطهدين فيها الذين يبلغ بهم الأمر بالتكتم على ما يجري لهم وما قد وقعوا فيه من مشكلات ومعاناة، بغية البقاء على قيد الحياة، فتصوغ سميحة خريس في روايتها معاناة العبيد بنوعيهم: من استعبدهم واستضعفهم الأقوياء والأغنياء، وعبيد أمراضهم النفسية التي تخول لهم السلطة والحق في استعباد الآخرين وظلمهم، كما تصف الرواية حال الإنسان الأسود، وهو يقاسي في أمرّ سجون الحياة، متجرعًا صلف وغطرسة السيد الأوروبي الأبيض مبتكر إمبراطورية العبودية ومؤسس لممالك العنصرية وجندها وأباطرتها.[٣]
المراجع[+]
- ^ أ ب "سميحة خريس"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-01-2020.
- ^ أ ب سميحة خريس (د.ت)، فستق عبيد (الطبعة د.ط)، الأردن: الآن ناشرون وموزعون، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ "فستق عبيد للكاتبة سميحة خريس تماهي التاريخ والسرد وطلاقة اللغة الواصفة"، www.culture.gov.jo، اطّلع عليه بتاريخ 17-01-2020. بتصرّف.