نبذة-عن-رواية-أنا-كارينينا
محتويات
ليو تولستوي
يعدّ ليو نيقولايفتش تولستوي 1828-1910م أحدَ أعمدة الأدب الروسي، ويقيمُه جميع الأدباء والنّقاد العالميين من بين أشهر الكتاب العالميين، وكان -إضافةً إلى نشاطه الأدبيّ- مُصلِحًا اجتماعيًا ومفكرًا وفيلسوفًا وداعيًا للسلام ونبذ العنف، كما قدّم نظريات تربوية متطورة مستفيدًا من رحلته في أوربا وتعرفه على أنظمة التعليم فيها، وقد أثّر من خلال كتاباته في مجال الأخلاق والدين وصلاح المجتمع بجميع المشاهير في عصره من أدباء ومفكرين ومناضلين سياسيين، وقدّم تولستوي مجموعة عظيمة من الكتب الأدبية والفكرية من أهمها رواية الحرب والسلام ورواية أنا كارنينا، وهما من أعظم الروايات في الرواية بخصائص فنية وموضوعية متفردة تميزت برسم دقيق للإطار الزماني والمكاني الذي يعبّر خير تعبير عن الظروف الحياتية للمجتمع الروسي في القرن التاسع عشر مع ما يحمله من تناقضات سادت هذا المجتمع بمختلف نزاعاته وولاءاته الطبقية في تصوير الدقيق لليوميات وللطقوس الاجتماعية التي ترتبط بمختلف المناسبات من اجتماعات والحفلات وغيرها.[٢]
وتحكي رواية أنا كرنينا قصة امرأة روسية متزوّجة وأم لطفل، تنتمي لأسرة من النبلاء، حاصرتها الأعراف والتقاليد، لكنها فضّلت أن تختار حياتها الخاصة على تلك التي فرضها عليها مجتمعها، فتتمرّد لتصلَ إلى غايتها، لكنّها تتعرض لإهمال المجتمع من خلال نبذها ومحاربتها، فتظلّ مصرّة على ما اختارته لتصل إلى نقطة اللاعودة بعد ان تركت زوجها وابتعدت عن طفلها متمسكةً بحبها غير المشروع الذي يوقعها في مآزق اجتماعية وخيمة تنتهي بسقوطها في اليأس، وانقطاع الأمل من الحياة.[٣]
أحداث رواية أنا كارنيا
تبدأ القصة في رواية أنا كرنينا عندما تأتي أنا إلى بيت أخيها بهدف إنهاء الخلاف الذي نشأ بينه وبين زوجته بسبب خيانته لها مع المربية، لكنّها بعد أن تنهي الخلاف بفعل ما لديها من سِحر وحضور آسِر، وأثناء عودتها بالقطار تقعُ في حب الضابط الفارس فرونسكي؛ لتبدأ بعدها بملاحظة نفورها من زوجها؛ ولتعيشَ بعد ذلك في صراع نفسي تسيطر عليه أحاسيس الحب الحرام للضابط والكره والمقت للزوج الذي لا يهمه سوى تحصيل المناصب السياسية والسمعة الاجتماعية، فتدخل في علاقة مع الضابط ينجم عنها ولادة طفلة غير شرعية.[٤]
تُصاب أنا كرنينا بحمى النفاس بعد الولادة فيقف زوجها معها في هذه المحنة، لكنّها سرعان ما تعود لكراهيته بعد أن تتعافى وتتعلق بحبها للضابط الشاب الذي ينتمي إلى أسرى نبيلة ذات شأن مرموق ما يؤهله لأن يحظى بالمناصب الرفيعة وتعلق أنا كارنينا بين نار زوجها وحبها لطفلها وبين نار عشقها للضابط فتختار المضي قدما في قرارها وترحل مع حبيبها فتخسر ولدها وزوجها لتعيش بعد ذلك منبوذة في مجتمعها بعد أن كانت تتمتع باحترام وتقدير الجميع وهكذا بدأت تعيش بوحدة مع فرونسكي الذي بدأ يشعر بأنّ علاقته بأنا تضيع عليه العديد من الفرص الثمينة في الحصول على المناصب والترقي رتب الجيش.[٤]
شعرت أنا بتغّير مشاعر فرونسكي تجاهها تدريجيًا، وعصفت أحاسيس الغيرة بها؛ فالحب الذي يضعف تجاهها لا بد أنه يتجه نحو امرأة أخرى، وصارت ترى الفتور في عيني حبيبها ظاهرًا، فعانت من اضطراب المشاعر بين الكآبة وقلة الحيلة أمام ما وضعت نفسها به، فهي التي تركت كل شيء وراء ظهرها، وعانقت حبها الذي يتلاشى أمامها الآن كالسراب؛ فأدمنت على المورفين لتتمكن من النوم في ظل القلق الدائم التي تعانيه، وبدأت تشعر بأن الحب الذي يربطها بفرونسكي بات يتحول إلى صراع شرير، فزادت الشقة بينمها، وأدركت أن الشاب الوسيم العاشق للنساء الذي أحبته وأرادت أن يكون لها وحدها يستشعر الآن الندم من ورطة علاقته بأنا كارنينا، فيطغى عليها شعور التعاسة والشقاء، وتزداد وحشتها عندما تتيقن من انتهاء الحب في قلبيهما، ففرونسكي يتحاشى رؤيتها ويضع لذلك الأعذار، وهي باتت تكرهه كما لم تكره أي رجل من قبل.[٤]
تنتهي أحداث رواية أنا كرنينا بمشهد تراجيدي مأساوي في محطة القطار حيث التقت بفرونسيكي لأول مرة، وهناك تشعر بوحدتها التّامة وانقطاع أي صلة بينها وبين الناس، ووسط هذا التخبط الرهيب في مشاعرها تقلّب ذكريات حياتها، وتخلص إلى أنها قد بلغت في تعاستها ما لم تعد تطيق الحياة تحت وطئته، فتلقي نفسها بين عجلات القطار في لحظة موت مليئة بالرعب والندم وطلب المغفرة من الرب.[٤]
شخصيات رواية أنا كارنينا
تعدّ الشخصيات من أهم عناصر الرواية وكان من الطبيعي في رواية أنا كارنينا كرواية تحكي عن المجتمع الروسي وتصوره بدقة فريدة أن نجد عددًا كبيرًا من الشخصيات المتنوعة، وقد بدت معظمها مهتزةً تنغمس بأمراضها النفسية ذات الانعكاسي الاجتماعي المرتبط بطبقة النبلاء، وما فيها من صراعات الحب والواجب أمام القشور واللألباب، والمرتبطة أيضًا بطبقة المثقفين والمتنورين التي تواجه الأكليروس، وتعد معظم هذه الشخصيات ثانوية أمام البطلين أنا كرنينا والضابط الفارس فرونسكي وقد استطاع ليو تولستي أن يرسم الشخصيات المحيطة بأنا كارنينا بدقة وبعفوية عالية سواء في أسرتها من خلال علاقتها بأخيها وزوجة أخيها، أو في بيئتها الاجتماعية مع الأصدقاء والنبلاء، وهذا تفصيل حول شخصيات رواية أنا كارنينا الرئيسة:[٤]
أنا كارنينا
هي البطلة التي حملت رواية أنا كرنينا اسمها، ساحرة الحضور وطاغية الجمال، المرأة التي تتمتع بكل مقومات الجاذبية والأناقة واللباقة، ولقد نسج ليو توستوي خيوط هذه الشخصيته الفاتنة للقارئ نسجًا محكمًا، كأنه يراها ماثلة أمامه، ووسمها بكل صفات المرأة الروسية الحسناء التي تنعم برقي المكانة في طبقتها المخملية، وبكامل الحسن في طلعتها البهية التي تأخذ بالألباب، وفي سياق الرواية يبدع تولستوي في تفصيل الصراع النفسي الذي يضطرب في شخصية أنا كرنينا، فيدخل إلى أعماقها، وينقل جميع تقلباتها التي تبدأ بشعورها بالإهمال من قبل الزوج المنهمك بطموحاته في المناصب، وما يوصل إليها من بروتوكولات الثقافة والدين، ويصل تولستوي إلى تصوير ما تعانيه أنا بين تجاذبات الكره والحب والشغف واللذة والفرح والندم بأدق الحذافير، ثم يصّور في الختام تعاستها ونهايتها بأبلغ العبارات الألم والمأساة.[٤]
فرونسكي
الضابط الممشوق والفارس الذي يفتن النساء بوسامته؛ فيحقق في دنيا الغرام انتصارات كبرى توازي طموحاته العسكرية بالوصول إلى أعلى المناصب التي تعزز مكانته ومكانة عائلته بين النبلاء، لكن طموحاته ترتطم باستهتاره أمام سحر وجمال أنا كرنينا المرأة المتزوجة التي تعاني الإهمال لتجد فيه الحبيب المنتظر، فيزيده حبها له ثقةً بنفسه سرعان ما تتحول إلى شعور بالندم على تلك العلاقة التي تخنقه وتصبح مع الأيام عبئًا عليه في طريق الوصول إلى غاياته وطموحاته.[٤]
قيمة أنا كارنينا في الأدب العالمي
تعدّ رواية أنا كرنينا إحدى الآثار الأدبية الخالدة وواحدة من أفضل الروايات العالمية، ولذلك فقد حظيت منذ نشرها باهتمام أوساط الأدب والنقد، فكانت محور الدراسة في العديد من الأبحاث الأدبية والنقدية في مجال الأدب العالمي والأدب المقارن، وتراوحت آراء المثقفين والنقاد على اختلاف مدارسهم حول هذه الرواية بين الإعجاب والرفض، وبين من يرى فيها عصارة الفن الأدبي لدى تولستوي، ومن يأخذ عليها كثرة الأحداث الجانبية الثانوية التي تكاد في بعض الأحيان تطغى على القصة الرئيسة، وعلى العموم يجمع أهل الأدب على أن رواية أنا كرنينا من أكثر الروايات إثارة للجدل في العالم لكونها تطرح قضية اجتماعية تواجه جميع المجتمعات.[٥]
ترجمت رواية أنا كرنينا إلى معظم لغات العالم، وطبعت مئات المرات في مختلف اللغات، كما مثّلت كنص سينمائي، واقتبست أحداثها في عدة أفلام ركزت على فكرة المرأة المتزوجة والعاشقة في نفس الوقت مع تناول علاقات المجتمع المخملي وتناقضاته عند من يسعى للمال وللمناصب ومن يفكر في الحب وتحقيق الذات، ومثلت القصة في السينما المصرية في فيلم نهر الحب بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف وزكي رستم، وقد راعى الفيلم في بعض تفاصيله ثقافة المجتمع المصري، ورغم ذلك لم يسلم من بعض الانتقادات.[٤]المراجع[+]
- ↑ "ليو تولستوي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "آنا كارينين - المجلد الأوّل"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "10 مؤلفات لتولستوي ستغير من نظرتك للحياة كلياً"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د "أنا كارنينا"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "آنا كارينينا (رواية)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2019. بتصرّف.