شعر-عن-الحب
الحب
قبلَ ذكر شعر عن الحب، لا بُدّ من ذكر الحب مفهومًا، ولا يكون تعريف الحب بتلك السهولة التي يتخيلها المرء، فقد كتب الإمام الكبير ابن حزم الأندلسي كتابًا يعد واحدًا من أهم دساتير الحب في الحضارتين: الشرقية والغربية، وهو كتاب: "طوق الحمامة"، وبعد أن أصّل مفهوم الحب، اعترف بأنه لم يعط تعريفًا تامًا للحب، فمن المشاعر ما يصعب ترجمتها، وقد قال ابن حزم في الحب: "الحب -أعزك الله- أوله هزل وآخره جِدٌّ، دقَّتْ معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تُدْرَك حقيقتُها إلا بالمعاناة، وليس بمُنْكَرٍ في الديانة ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله -عزّ وجلّ-"، وتاليًا ذكر أقوال عن الحب، وشعر عن الحب.[١]
أقوال عن الحب
بعد الحديث عن الحب، تعريفه وماهيته، والتي يصعب تعريفها على كثير من الكتّاب، والتي تعرّف بأبسط صورة بأنه شعور إيجابي يتم فيه تبادل مشاعر الانجذاب والإعجاب بين طرفين، ولم تخلُ ثقافة أو المرأة بين جميع النساء؛ فذلك هو الحب، إذا أصبح النساء جميعاً لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة؛ فذلك هو الحب، إذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء، ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء، ولا لأنها أولى النساء بالحب، ولكن لأنها هي هي بمحاسنها وعيوبها؛ فذلك هو الحب.
شعر عن الحب
بعد ذكر مفهوم الحب وماهيته، وذكر اقتباسات وأقوال لبعض الأدباء المتقدمين والمتأخرين، يتم الآن ذكر شعر عن الحب، فقد اشتهر عن كثير من الشعراء حبهم لفتيات، أفنوا أعمارهم في الكتابة لهن، وبقيت تلك الموروثات إلى الآن، حاضرة بمعانيها الرائعة، وتاليًا يذكر شعر عن الحب:[٣]
بانَت لُبَينى فَهاجَ القَلبُ مَن بانا
- وَكانَ ما وَعَدَت مَطلاً وَليّانا
وَأَخلَفَتكَ مُنىً قَد كُنتَ تَأمُلُها
- فَأَصبَحَ القَلبُ بَعدَ البَينِ حَيرانا
اللَهُ يَدري وَما يَدري بِهِ أَحَدٌ
- ماذا أَجَمجَمُ مِن ذِكراكِ أَحيانا
يا أَكمَلَ الناسِ مِن قَرنٍ إِلى قَدَمٍ
- وَأَحسَنَ الناسِ ذا ثَوبٍ وَعُريانا
نِعمَ الضَجيعُ بُعَيدَ النومُ تَجلُبُهُ
- إِلَيكَ مُمتَلِئً نَوماً وَيَقظانا
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسَبُكُم
- إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
حَتّى اِستَفَقتُ أَخيراً بَعدَما نُكِحَت
- كَأَنَّما كانَ ذاكَ القَلبُ حَيرانا
قَد زارَني طَيفَكُم لَيلاً فَأَرَّقَني
- فَبُتُّ لِلشَوقِ أُذري الدَمعَ تَهتانا
إِن تَصرِمِ الحَبلَ أَو تُمسي مُفارِقَةً
- فَالدَهرُ يُحدِثُ لِلإِنسانِ أَلوانا
وَما أَرى مِثلَكُم في الناسِ مِن بَشَرٍ
- فَقَد رَأَيتُ بِهِ حَيّاً وَنِسوانا
- ومن أجمل ما قيل من شعر عن الحب:[٤]
أَتَصرِفُ عَن لَيلى بِنا أَم تَزورُها
- وَما صُرمُ لَيلى بَعدَ ما ماتَ زيرُها
فَإِن يَكُ واراهُ التُرابُ فَرُبَّما
- تَجَرَّعَ مِنّي غَصَّةً لا يُحيرُها
أَلا لِيَلُم مَن ضَنَّ بِالمالِ نَفسَهُ
- إِذا ضِبرِمٌ بانَت بِلَيلٍ خُدورُها
أَلا رُبَّما إِن حالَ لُقمانَ دونَها
- تَرَبَّعَ بَينَ الأَروَتَينِ أَميرُها
مُقابَلَةَ الثاياتِ ثاياتِ ضابِئٍ
- مَراتِعَ مِنها لا تُعَدُّ شُهورُها
بِصَحراءَ مِكماءٍ تُرَدُّ جُناتُها
- إِلَيها الجَنى في ثَوبِ مَن يَستَثيرُها
إِذا هِيَ حَلَّت في خُزاعَةَ وَاِنتَوَت
- بِها نِيَّةٌ زَوراءُ عَمَّن يَزورُها
فَرُبَّ رَبيعٍ بِالبَلاليقِ قَد رَعَت
- بِمَستَنِّ أَغياثٍ بِعاقٍ ذُكورُها
تَحَدَّرَ قَبلَ النَجمِ مِمّا أَمامَهُ
- مِنَ الدَلوِ وَالأَشراطِ يَجري غَديرُها
وَرَحلٍ حَمَلنا خَلفَ رَحلٍ وَناقَةٍ
- تَرَكنا بِعَطشى لا يُزَجّى حَسيرُها
تَرَكنا عَلَيها الذِئبَ يَلطُمُ عَينَهُ
- نَهاراً بِزَوراءِ الفَلاةِ نُسورُها
وَلَمّا بَلَغنا الجَهدَ مِن ماجِداتِها
- وَبَيَّنَ مِن أَنسابِهِنَّ شَجيرُها
تَجَرَّدَ مِنها كُلُّ صَهباءَ حُرَّةٍ
- لِعَوهَجَ أَو لِلداعِرِيَّ عَصيرُها
مَشى بَعدَما لا مُخَّ فيها بِآدِها
- نَجابَةُ جَدَّيها بِها وَضَريرُها
- ومما نظم من شعر عن الحب:[٥]
أَلا حَيِّ الدِيارَ بِسَعدَ إِنّي
- أُحِبُّ لِحُبِّ فاطِمَةَ الدِيارا
أَرادَ الظاعِنونَ لِيُحزِنوني
- فَهاجوا صَدعَ قَلبي فَاِستَطارا
لَقَد فاضَت دُموعُكَ يَومَ قَوٍّ
- لَبينٍ كانَ حاجَتُهُ اِدِّكارا
أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُ كُلَّ نَجمٍ
- تَعَرَّضَ حَيثُ أَنجَدَ ثُمَّ غارا
يَحِنُّ فُؤادُهُ وَالعَينُ تَلقى
- مِنَ العَبَراتِ جَولاً وَاِنحِدارا
إِذا ما حَلَّ أَهلُكِ يا سُلَيمى
- بِدارَةِ صُلصُلٍ شَحَطوا المَزارا
فَيَدعونا الفُؤادُ إِلى هَواها
- وَيَكرَهُ أَهلُ جَهمَةَ أَن تُزارا
كَأَنَّ مُجاشِعاً نَخَباتُ نيبٍ
- هَبَطنَ الهَرمَ أَسفَلَ مِن سَرارا
إِذا حَلّوا زَرودَ بَنوا عَلَيها
- بُيوتَ الذُلِّ وَالعَمَدَ القِصارا
تَسيلُ عَلَيهِمُ شُعَبُ المَخازي
- وَقَد كانوا لِسَوأَتِها قَرارا
وَهَل كانَ الفَرَزدَقُ غَيرَ قِردٍ
- أَصابَتهُ الصَواعِقُ فَاِستَدارا
وَكُنتَ إِذا حَلَلتَ بِدارِ قَومٍ
- رَحَلتَ بِخِزيَةٍ وَتَرَكتَ عارا
تَزَوَّجتُم نَوارَ وَلَم تُريدوا
- لِيُدرِكَ ثائِرٌ بِأَبي نَوارا
فَدينُكَ يا فَرَزدَقُ دينُ لَيلى
- تَزورُ القَينَ حَجّاً وَاِعتِمارا
فَظَلَّ القَينُ بَعدَ بِكاحِ لَيلى
- يُطيرُ عَلى سِبالِكُمُ الشَرارا
مَرَيتُم حَربَنا لَكُمُ فَدَرَّت
- بِذي عَلَقٍ فَأَبطَأَتِ الغِرارا
أَلَم أَكُ قَد نَهَيتُ عَلى حَفيرٍ
- بَني قُرطٍ وَعِلجَهُمُ شُقارا
سَأُرهِنُ يا اِبنَ حادِجَةَ الرَوايا
- لَكُم مَدَّ الأَعِنَّةِ وَالحِضارا
يَرى المُتَعَبِّدونَ عَلَيَّ دوني
- حِياضَ المَوتِ وَاللُجَجَ الغِمارا
أَلَسنا نَحنُ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ
- غَداةَ الرَوعِ أَجدَرَ أَن نَغارا
وَأَضرَبَ بِالسُيوفِ إِذا تَلاقَت
- هَوادي الخَيلِ صادِيَةً حِرارا
وَأَطعَنَ حينَ تَختَلِفُ العَوالي
- بِمَأزولٍ إِذا ما النَقعُ ثارا
وَأَحمَدَ في القِرى وَأَعَزَّ نَصراً
- وَأَمنَعَ جانِباً وَأَعَزَّ جارا
غَضِبنا يَومَ طِخفَةَ قَد عَلِمتُم
- فَصَفَّدنا المُلوكَ بِها اِعتِسارا
فَوارِسُنا عُتَيبَةُ وَاِبنُ سَعدٍ
- وَقَوّادُ المَقانِبِ حَيثُ سارا
وَمِنّا المَعقِلانِ وَعَبدُ قَيسٍ
- وَفارِسُنا الَّذي مَنَعَ الذِمارا
فَما تَرجو النُجومَ بَنو عِقالٍ
- وَلا القَمَرَ المُنيرِ إِذا اِستَنارا
وَنَحنُ الموقِدونَ بِكُلِّ ثَغرٍ
- يُخافُ بِهِ العَدوُّ عَلَيكَ نارا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهنَ عَوفٍ
- وَعَوفاً حينَ عَزَّكُمُ فَجارا
- ومن أجمل ما قيل من شعر عن الحب:[٦]
أَلا أَيُّها القَلبُ الطَروبُ المُكَلَّفُ
- أَفِق رُبَّما يَنأى هَواكَ وَيُسعِفُ
ظَلِلتَ وَقَد خَبَّرتَ أَن لَستَ جازِعاً
- لِرَبعٍ بِسَلمانينَ عَينُكَ تَذرِفُ
وَتَزعُمُ أَنَّ البَينَ لا يَشعَفُ الفَتى
- بَلى مِثلَ بَيني يَومَ لُبنانَ يَشعَفُ
وَطالَ حِذاري غُربَةَ البَينِ وَالنَوى
- وَأُحدوثَةٌ مِن كاشِحٍ يَتَقَوَّفُ
وَلَو عَلِمَت عِلمي أُمامَةُ كَذَّبَت
- مَقالَةَ مَن يَنعى عَلَيَّ وَيَعنُفُ
بِأَهلِيَ أَهلُ الدارِ إِذ يَسكُنونَها
- وَجادَكِ مِن دارٍ رَبيعٌ وَصَيِّفُ
سَمِعتُ الحَمامَ الوُرقَ في رَونَقِ الضُحى
- بِذي السِدرِ مِن وادي المَراضَينِ تَهتِفُ
نَظَرتُ وَرائي نَظرَةً قادَها الهَوى
- وَأُلحي المَهارى يَومَ عُسفانَ تَرجُفُ
تَرى العِرمِسَ الوَجناءَ يَدمى أَظَلُّها
- وَتُحذى نِعالاً وَالمَناسِمُ رُعَّفُ
مَدَدنا لِذاتِ البَغيِ حَتّى تَقَطَّعَت
- أَزابِيُّها وَالشَدقَمِيُّ المُعَلَّفُ
ضَرَحنَ حَصى المَعزاءِ حَتّى عُيونُها
- مُهَجِّجَةٌ أَبصارُهُنَّ وَذُرَّفُ
كَأَنَّ دِياراً بَينَ أَسنِمَةِ النَقا
- وَبَينَ هَذاليلِ النَحيزَةِ مُصحَفُ
فَلَستُ بِناسٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
- وَلا ما ثَوى بَينَ الجَناحَينِ زَفزَفُ
دِياراً مِنَ الحَيِّ الَّذينَ نُحِبُّهُم
- زَمانَ القِرى وَالصارِخُ المُتَلَهِّفُ
هُمُ الحَيُّ يَربوعٌ تَعادى جِيادُهُم
- عَلى الثَغرِ وَالكافونَ ما يُتَخَوَّفُ
عَلَيهِم مِنَ الماذِيِّ كُلُّ مُفاضَةٍ
- دِلاصٍ لَها ذَيلٌ حَصينٌ وَرَفرَفُ
وَلا يَستَوي عَقرُ الكَزومِ بِصَوأَرٍ
- وَذو التاجِ تَحتَ الرايَةِ المُتَسَيِّفُ
وَمَولى تَميمٍ حينَ يَأوي إِلَيهِمُ
- وَإِن كانَ فيهِم ثَروَةُ العِزِّ مُنصِفُ
بَني مالِكٍ جاءَ القُيونُ بِمُقرِفٍ
- إِلى سابِقٍ يَجري وَلا يَتَكَلَّفُ
وَما شَهِدَت يَومَ الإِيادِ مُجاشِعٌ
- وَذا نَجَبٍ يَومَ الأَسِنَّةِ تَرعَفُ
فَوارِسُنا الحُوّاطُ وَالسَرحُ دونَهُم
- وَأَردافُنا المَحبُوُّ وَالمُتَنَصَّفُ
لَقَد مُدَّ لِلقَينِ الرِهانُ فَرَدَّهُ
- عَنِ المَجدِ عِرقٌ مِن قُفَيرَةَ مُقرِفُ
لَحى اللَهُ مَن يَنبو الحُسامُ بِكَفِّهِ
- وَمَن يَلِجُ الماخورَ في الحِجلِ يَرسُفُ
تَرَفَّقتَ بِالكيرَينَ قَينَ مُجاشِعٍ
- وَأَنتَ بِهَزِّ المَشرَفِيَّةِ أَعنَفُ
وَتُنكِرُ هَزَّ المَشرَفِيِّ يَمينُهُ
- وَيَعرِفُ كَفَّيهِ الإِناءُ المُكَتَّفُ
وَلَو كُنتَ مِنّا يا اِبنَ شِعرَةَ ما نَبا
- بِكَفَّيكَ مَصقولُ الحَديدَةِ مُرهَفُ
عَرَفتُم لَنا الغُرَّ السَوابِقَ قَبلَكُم
- وَكانَ لِقَينَيكَ السُكَيتُ المُخَلَّفُ
نُعِضُّ المُلوكَ الدارِعينَ سُيوفُنا
- وَدَفُّكَ مِن نَفّاخَةِ الكيرِ أَجنَفُ
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَخزى مُجاشِعاً
- إِذا ضَمَّ أَفواجَ الحَجيجِ المُعَرَّفُ
وَيَومَ مِنىً نادَت قُرَيشٌ بِغَدرِهِم
- وَيَومَ الهَدايا في المَشاعِرِ عُكَّفُ
وَيُبغِضُ سِترُ البَيتِ آلَ مُجاشِعٍ
- وَحُجّابُهُ وَالعابِدُ المُتَطَوِّفُ
وَكانَ حَديثَ الرَكبِ غَدرُ مُجاشِعٍ
- إِذا اِنحَدَروا مِن نَخلَتَينِ وَأَوجَفوا
وَإِنَّ الحَوارِيَّ الَّذي غَرَّ حَبلُكُم
- لَهُ البَدرُ كابٍ وَالكَواكِبُ كُسَّفُ
وَلَو في بَني سَعدٍ نَزَلتَ لَما عَصَت
- عَوانِدُ في جَوفِ الحَوارِيِّ نُزَّفُ
فَلَستَ بِوافٍ بِالزُبَيرِ وَرَحلِهِ
- وَلا أَنتَ بِالسيدانِ بِالحَقِّ تُنصِفُ
بَنو مِنقَرٍ جَرّوا فَتاةَ مُجاشِعٍ
- وَشَدَّ اِبنُ ذَيّالٍ وَخَيلُكَ وُقَّفُ
فَباتَت تُنادي غالِباً وَكَأَنَّها
- عَلى الرَضفِ مِن جَمرِ الكَوانينِ تُرضَفُ
وَهُم كَلَّفوها الرَملَ رَملَ مُعَبِّرٍ
- تَقولُ أَهَذا مَشيُ حُردٍ تَلَقُّفُ
وَإِنّي لَتَبتَزُّ المُلوكَ فَوارِسي
- إِذا غَرَّهُم ذو المِرجَلِ المُتَجَخِّفُ
أَلَم تَرَ تَيمٌ كَيفَ يَرمي مُجاشِعاً
- شَديدُ حِبالِ المِنجَنيقَينِ مِقذَفُ
عَجِبتُ لِصِهرٍ ساقَكُم آلَ دِرهَمٍ
- إِلى صِهرِ أَقوامٍ يُلامُ وَيُصلَفُ
لَئيمانِ هاذي يَدَّعيها اِبنُ دِرهَمٍ
- وَهذا اِبنُ قَينٍ جِلدُهُ يَتَوَسَّفُ
وَحالَفتُمُ لِلُؤمِ يا آلَ دِرهَمٍ
- حِلافَ النَصارى دينَ مَن يَتَحَنَّفُ
أَتَمدَحُ سَعداً حينَ أَخزَت مُجاشِعاً
- عَقيرَةُ سَعدٍ وَالخِباءُ مُكَشَّفُ
نَفاكَ حَجيجُ البَيتِ عَن كُلِّ مَشعَرٍ
- كَما رُدَّ ذو النُمِّيَّتَينِ المُزَيَّفُ
وَما زِلتَ مَوقوفاً عَلى بابِ سَوءَةٍ
- وَأَنتَ بِدارِ المُخزِياتِ مُوَقَّفُ
أَلُؤماً وَإِقراراً عَلى كُلِّ سَوءَةٍ
- فَما لِلمَخازي عَن قُفَيرَةَ مَصرَفُ
أَلَم تَرَ أَنَّ النَبعَ يَصلُبُ عودُهُ
- وَلا يَستَوي وَالخِروَعُ المُتَقَصِّفُ
وَما يَحمَدُ الرَضيافُ رِفدَ مُجاشِعٍ
- إِذا رَوَّحَت حَنانَةُ الريحِ حَرجَفُ
إِذا الشَولُ راحَت وَالقَريعُ أَمامَها
- وَهُنَّ ضَئيلاتُ العَرائِكِ شُسَّفُ
وَقائِلَةٍ ما لِلفَرَزدَقِ لا يُرى
- عَلى السِنِّ يَستَغني وَلا يَتَعَفَّفُ
يَقولونَ كَلّا لَيسَ لِلقَينِ غالِبٌ
- بَلى إِنَّ ضَربَ القَينِ بِالقَينِ يُعرَفُ
أَخو اللُؤمِ ما دامَ الغَضا حَولَ عَجلَزٍ
- وَما دامَ يُسقى في رَمادانَ أَحقَفُ
إِذا ذُقتَ مِنّي طَعمَ حَربٍ مَريرَةٍ
- عَطَفتُ عَلَيكَ الحَربَ وَالحَربُ تُعطَفُ
تَروغُ وَقَد أَخزَوكَ في كُلِّ مَوطِنٍ
- كَما راغَ قِردُ الحَرَّةِ المُتَخَذَّفُ
أَتَعدِلُ كَهفاً لا تُرامُ حُصونُهُ
- بِهاري المَراقي جولُهُ يَتَقَصَّفُ
تَحوطُ تَميمٌ مَن يَحوطُ حِماهُمُ
- وَيَحمي تَميماً مَن لَهُ ذاكَ يُعرَفُ
أَنا اِبنُ أَبي سَعدٍ وَعَمروٍ وَمالِكٍ
- أَنا اِبنُ صَميمٍ لا وَشيظٍ تَحَلَّفوا
إِذا خَطَرَت عَمروٌ وَرائي وَأَصبَحَت
- قُرومُ بَني بَدرٍ تَسامى وَتَصرِفُ
وَلَم أَنسَ مِن سَعدٍ بِقُصوانَ مَشهَداً
- وَبِالأُدَمى ما دامَتِ العَينُ تَطرِفُ
وَسَعدٌ إِذا صاحَ العَدُوُّ بِسَرحِهِم
- أَبَوا أَن يُهَدَّوا لِلصِياحِ فَأَزحَفوا
دِيارُ بَني سَعدٍ وَلا سَعدَ بَعدَهُم
- عَفَت غَيرَ أَنقاءِ بِيَبرينَ تَعزِفُ
إِذا نَزَلَت أَسلافُ سَعدٍ بِلادَها
- وَأَثقالُ سَعدٍ ظَلَّتِ الأَرضُ تَرجُفُ
- ومما ما هو مستظرف من شعر عن الحب:[٧]
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ
- وَفيهِ يا قَومُ الأَعاجيبُ
مَن لَم يَذُق حُبّاً فَإِنّي امرُؤ
- عِندي مِنَ الحُبِّ تَجاريبُ
عَلامَةُ العاشِقِ في وَجهِهِ
- هَذا أَسيرُ الحُبِّ مَكتوبُ
وَلِلهَوى فِيَّ صَيودٌ عَلى
- مَدرَجَةِ العُشّاقِ مَنصوبُ
حَتّى إِذا مَرَّ مُحِبٌّ بِهِ
- وَالحَينُ لِلإِنسانِ مَجلوبُ
قالَ لَهُ وَالعَينُ طَمّاحَةٌ
- يَلهو بِهِ وَالصَبرُ مَغلوبُ
لَيسَ لَهُ عَيبٌ سِوى طيبِهِ
- وَبِأَبي مَن عَيبُهُ الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأَقي عِرضَهُ
- كَذلِكَ المَحبوبُ مَسبوبُ
- ومن أجمل ما قيل من شعر عن الحب:[٨]
يُجانِبُنا في الحُبِّ مَن لا نُجانِبُه
- وَيَبعُدُ مِنّا في الهَوى مَن نُقارِبُه
وَلا بُدَّ مِن واشٍ يُتاحُ عَلى النَوى
- وَقَد تَجلُبُ الشَيءَ البَعيدَ جَوالِبُه
أَفي كُلِّ يَومٍ كاشِحٌ مُتَكَلِّفٌ
- يُصَبُّ عَلَينا أَو رَقيبٌ نُراقِبُه
عَنا المُستَهامَ شَجوُهُ وَتَطارُبُه
- وَغالَبَهُ مِن حُبِّ عَلوَةَ غالِبُه
وَأَصبَحَ لا وَصلُ الحَبيبِ مُيَسَّرٌ
- لَدَيهِ وَلا دارُ الحَبيبِ تُصاقِبُه
مُقيمٌ بِأَرضٍ قَد أَبَنَّ مُعَرِّجاً
- عَلَيها وَفي أَرضٍ سِواها مَآرِبُه
سَقى السَفحَ مِن بِطياسَ فَالجيرَةِ الَّتي
- تَلي السَفحَ وَسمِيُّ دِراكٌ سَحائِبُه
فَكَم لَيلَةٍ قَد بِتُّها ثَمَّ ناعِماً
- بِعَينَي عَليلِ الطَرفِ بيضٌ تَرائِبُه
مَتى يَبدُ يَرجِع لِلمُفيقِ خَبالُهُ
- وَيَرتَجِعِ الوَجدَ المُبَرِّحَ واهِبُه
وَلَم أَنسَهُ إِذ قامَ ثانِيَ جيدِهِ
- إِلَيَّ وَإِذ مالَت عَلَيَّ ذَوائِبُه
عِناقٌ يَهِدُّ الصَبرَ وَشكَ اِنقِضائِهِ
- وَيُذكي الجَوى أَو يَسكُبَ الدَمعَ ساكِبُه
أَلا هَل أَتاها أَنَّ مُظلِمَةَ الدُجى
- تَجَلَّت وَأَنَّ العَيشَ سُهِّلَ جانِبُه
وَأَنّا رَدَدنا المُستَعارَ مُذَمَّماً
- عَلى أَهلِهِ وَاِستَأنَفَ الحَقَّ صاحِبُه
عَجِبتُ لِهَذا الدَهرِ أَعيَت صُروفُهُ
- وَما الدَهرُ إِلّا صَرفُهُ وَعَجائِبُه
مَتى أَمَّلَ الدَيّاكُ أَن تُصطَفى لَهُ
- عُرى التاجِ أَو تُثنى عَلَيهِ عَصائِبُه
فَكَيفَ اِدَّعى حَقَّ الخِلافَةِ غاصِبٌ
- حَوى دونَهُ إِرثَ النَبِيِّ أَقارِبُه
بَكى المِنبَرُ الشَرقِيُّ إِذ خارَ فَوقَهُ
- عَلى الناسِ ثَورٌ قَد تَدَلَّت غَباغِبُه
ثَقيلٌ عَلى جَنبِ الثَريدِ مُراقِبٌ
- لِشَخصِ الخِوانِ يَبتَدي فَيُواثِبُه
إِذا ما اِحتَشى مِن حاضِرِ الزادِ لَم يُبَل
- أَضاءَ شِهابُ المُلكِ أَم كَلَّ ثاقِبُه
إِذا بَكَرَ الفَرّاشُ يَنثو حَديثَهُ
- تَضاءَلَ مُطريهِ وَأَطنَبَ عائِبُه
تَخَطّى إِلى الأَمرِ الَّذي لَيسَ أَهلَهُ
- فَطَوراً يُنازيهِ وَطَوراً يُشاغِبُه
فَكَيفَ رَأَيتَ الحَقَّ قَرَّ قَرارُهُ
- وَكَيفَ رَأَيتَ الظُلمَ آلَت عَواقِبُه
وَلَم يَكُنِ المُغتَرُّ بِاللَهِ إِذ سَرى
- لِيُعجِزَ وَالمُعتَزُّ بِاللَهِ طالِبُه
رَمى بِالقَضيبِ عَنوَةً وَهوَ صاغِرٌ
- وَعُرِّيَ مِن بُردِ النَبِيِّ مَناكِبُه
وَقَد سَرَّني أَن قيلَ وُجِّهَ مُسرِعاً
- إِلى الشَرقِ تُحدى سُفنُهُ وَرَكائِبُه
إِلى كَسكَرٍ خَلفَ الدَجاجِ وَلَم تَكُن
- لِتَنشَبَ إِلّا في الدَجاجِ مَخالِبُه
لَهُ شَبَهٌ مِن تاجَوَيهِ مُبَيِّنٌ
- يُنازِعُهُ أَخلاقَهُ وَيُجاذِبُه
وَما لِحيَةُ القَصّارِ حينَ تَنَفَّشَت
- بِجالِبَةٍ خَيراً عَلى مَن يُناسِبُه
يَجوزُ اِبنُ خَلّادٍ عَلى الشِعرِ عِندَهُ
- وَيُضحي شُجاعٌ وَهوَ لِلجَهلِ كاتِبُه
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الحَرامِ وَمَن حَوَت
- أَباطِحُهُ مِن مُحرِمٍ وَأَخاشِبُه
لَقَد حَمَلَ المُعتَزُّ أُمَّةَ أَحمَدٍ
- عَلى سَنَنٍ يَسري إِلى الحَقِّ لاحِبُه
تَدارَكَ دينَ اللَهِ مِن بَعدِ ما عَفَت
- مَعالِمُهُ فينا وَغارَت كَواكِبُه
وَضَمَّ شَعاعَ المُلكِ حَتّى تَجَمَّعَت
- مَشارِقُهُ مَوفورَةً وَمَغارِبُه
إِمامُ هُداً يُرجى وَيُرهَبُ عَدلُهُ
- وَيَصدُقُ راجيهِ الظُنونَ وَراهِبُه
مُدَبِّرُ دُنيا أَمسَكَت يَقَظاتُهُ
- بِآفاقِها القُصوى وَما طَرَّ شارِبُه
فَكَيفَ وَقَد ثابَت إِلَيهِ أَناتُهُ
- وَراضَت صِعابَ الحادِثاتِ تَجارِبُه
وَأَبيَضُ مِن آلِ النَبِيِّ إِذا اِحتَبى
- لِساعَةِ عَفوٍ فَالنُفوسُ مَواهِبُه
تَغَمَّدَ بِالصَفحِ الذُنوبَ وَأَسجَحَت
- سَجاياهُ في أَعدائِهِ وَضَرائِبُه
نَضا السَيفَ حَتّى اِنقادَ مَن كانَ آبِيًا
- فَلَمّا اِستَقَرَّ الحَقُّ شيمَت مَضارِبُه
وَمازالَ مَصبوباً عَلى مَن يُطيعُهُ
- بِفَضلٍ وَمَنصوراً عَلى مَن يُحارِبُه
إِذا حُصِّلَت عُليا قُرَيشٍ تَناصَرَت
- مَآثِرُهُ في فَخرِهِم وَمَناقِبُه
لَهُ مَنصِبٌ فيهِم مَكينٌ مَكانُهُ
- وَحَقٌّ عَلَيهِم لَيسَ يُدفَعُ واجِبُه
بِكَ اِشتَدَّ عُظمُ المُلكِ فيهِم فَأَصبَحَت
- تَقِرُّ رَواسيهِ وَتَعلو مَراتِبُه
وَقَد عَلِموا أَنَّ الخِلافَةَ لَم تَكُن
- لِتَصحَبَ إِلّا مَذهَباً أَنتَ ذاهِبُه
المراجع[+]
- ↑ أحمد تيمور باشا، الحب والجمال عند العرب، القاهرة: وكالة الصحافة العربية، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ "الحب"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020.
- ↑ "يانت لبينى فهاج القلب من بانا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020.
- ↑ "أتصرف عن ليلى بنا أم تزورها"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-02-2020.
- ↑ "ألا حي الديار بسعد إني"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020.
- ↑ "ألا أيها القلب الطروب المكلف"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020.
- ↑ "في الحب روعات وتعذيب"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020.
- ↑ "يجانبنا في الحب من لا نجانبه"، www.aldiwan.net.