سؤال وجواب

ما-هي-الأخلاق-الحميدة


الأخلاق

قبل الإجابة عن سؤال: ما هي الأخلاق الحميدة لا بدّ من معرفة مفهوم الأخلاق بشكلٍ عام، حيث تُعرّف على أنّها: "هيئة في النفس راسخةٌ تصدُرُ عنها الأفعالُ بسهولةٍ ويُسرٍ، من غير حاجة إلى فكرٍ ولا رويَّة، وهذه الهيئة إما أن تصدُرَ عنها أفعالٌ محمودة، وإما أن تصدُرَ عنها أفعالٌ مذمومةٌ، فإن كانت الأولى، كان الخُلُق حسَنًا، وإن كانت الثانية، كان الخُلُق سيِّئًا"، كما أن الأخلاق الحميدة تعدّ من صفات الأنبياء، وبُعِث نبي الأمّة محمد -صلّى الله وعليه وسلم- ليتمّم مكارم الأخلاق، فالدّين بلا خلق كالمحكمة من غير الدين الإسلامي فحسب، بل هي عبارة عن جوهرة الإسلام وجوهرة جميع الديانات السماوية الأخرى، فالدين الإسلامي والأديان الأخرى كلها تحث على التحلي بالأخلاق الحميدة والحرص على التعامل بها مع الله تعالى ومع النفس ومع الغير[٢]، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما بعثتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ".[٣]

وهذا يتّضح أن الغرض من رسالة سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- هي إتمام مكارم الأخلاق، والعمل على تقويمها، فالهدف من كل الرسلات هدف أخلاقي، والدين نفسه هو دين حسن خلق، كما من الممكن إيجاد الأخلاق في جانب العقدية، حيث ربط الله تعالى رسوله الأمين الإيمان بحسن الخلق، ففي الحديث لما سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّ المؤمنين أفضلُ قال أحسنُهم خلقًا"[٤]، ومن الواجب معرفة أن الأخلاق الحميدة في الإسلام ليست لونًا من ألوان الترف من الممكن الإستغناء عنه على مر العصور وتطورها، بل هي ثابتة شأن الثوابت، كالأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان لأنها الفطرة، وهذه هي خير الإجابة عن سؤال: ما هي الأخلاق الحميدة.[٢]

أهمية الأخلاق الحميدة

بعد التعرف على إجابة السؤال: ما هي الأخلاق الحميدة، لا بد من معرفة أهمية الأخلاق الحميدة في حياة الفرد، بالإضافة إلى تأثيرها على المجتمع، حيث إنّه من الممكن الإجابة أيضًا على سؤال: ما هي الأخلاق الحميدة بقول: "الخلق هو قوة راسخة في الإرادة تنزع بها إلى اختيار ما هو خير وصلاح إن كان الخلق حميدًا أو إلى اختيار ما هو شر وجور"، وفي الآتي أهمية الأخلاق الحميدة:[٥]

  • جعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الغاية من بعثته النبوية أخلاقيّة، حيث قال: إنما بعثت لأتمم عليكم مكارم الأخلاق، وهذا يدل على أهمية الأخلاق الحميدة، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من أجله، فالعقيدة أهمّ منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه.
  • لم يعُدّ الإسلام الأخلاق الحميدة مجرّد سلوكات يجب أن يتصف بها الفرد، بل اعتبره عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد، فقد جعله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أساسَ الخيرة والتفاضل يوم القيامة.
  • تعدّ الأخلاق الحميدة من أساسيات بقاء الأمم، فالأخلاق هي المؤشِّر على استمرار أي أمة أو انهيارها، فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، كما قال شوقي:

وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم

فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلا
  • تعدّ الأخلاق الحميدة من أجمل الجمالين، فالجمال ينقسم إلى نوعين، حسن والذي يتمثل في الشكل والهيئة والزينة والجاه والمنصب، والنوع الثاني جمال معنوي، يتمثل في النفس والسلوك والذكاء والفطنة والعلم والأدب، فقد قيل:

ليس الجمالُ بأثواب تُزيِّنُنا

إن الجمالَ جمالُ العلم والأدبِ

كيفية اكتساب الأخلاق الحميدة

بعد توضيح ما هي الأخلاق الحميدة ومعرفة أهميتها لا بُدّ من التعرف على كيفية اكتسابها، فحُسن الخلق يعدّ سببًا لصلاح المجتمع وسعادته، بل هو من أهم عوامل قوة الأمة ورفعتها، كما أن انتشار الأخلاق الذميمة فى مجتمع ما سبب لفساده وانهياره، والباحثون يعدون العامل الأخلاقي عاملَ نموّ وحفاظ على الحضارات، وفي الآتي كيفية اكتساب الأخلاق الحميدة:[٦]

  • التقرب من الله تعالى: حيث يعدّ الإيمان والتقرب من الله تعالى منبعًا للأخلاق الحميدة وتزكيةً للنفس وتهذيبًا للسلوك.
  • مجالسة أصحاب الخلق الحسن: حيث إنّ أكثر الأمور تأثيرًا على الأشخاص خاصة في الناحية الخلقية، مجالسة ومصاحبة الأشخاص، حيث لهم دور كبير في التأثير على شخصية الإنسان، لذلك قيل: "عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدى".
  • محاسبة النفس: فالنفس أساسًا خلقت أمارة بالسوء، فمن الواجب معاتبة النفس وإصلاحها إلى الأفضل دائمًا، فالنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم.
  • قراءة سير السلف الصالح: فإنها من الأسباب المعينة على التخلق بالأخلاق الحسنة، فالحديث عن العلماء ومحاسنهم فيه آدابهم وأخلاقهم، وقد اتفق علماء النفس والتربية على أن القصص والأخبار والسير من أقوى عوامل التربية السليمة للنفس.
  • الدعاء: يعد الدعاء من أعظم الأسباب الموصلة إلى محاسن الأخلاق، وقد كان خير البشر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يدعي الله تعالى أن يهديه لأحسن الأخلاق.

الأخلاق وبناء المجتمع

يقول الإمام الغزاليّ: "حُسن الخلق هو الإيمان، وسوء الخلق هو النفاق، وقد ذكر الله تعالى صفات المؤمنين والمنافقين في كتابه، وهي بجملتها ثمرة حسن الخلق وسوء الخلق؛ فوجود جميع هذه الصفات علامة حسن الخلق، وفقد جميعها علامة سوء الخلق، ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض"، فالله تعالى لم يجعل خير الأمم مقرون بإيمانها فحسب، بل جعل نهوض الأمم وتطورها مرتبط بآداء الدور الأخلاقي المَنوط بها، والوصول بهذا الدور إلى الناس أجمعين، في بلاد المسلمين وفي غيرها، قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}[٧]، فبأحسن الأخلاق يقوم المجتمع ويهتدي نحو الصواب، وبالعكس من ذلك تخرب المجتمعات وتدخل في سلسة من التخلف قد لا تنتهي إلى أن تصل بها إلى الحضيض.[٨]

المراجع[+]

  1. "الأخلاق أهميتها وفوائدها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "الأخلاق في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  3. رواه ابن رجب، في لطائف المعارف، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 305، ذكره مالك في الموطأ، بلاغًا.
  4. رواه عبد لله بن عمر، في مجمع الزوائد، عن الهيثمي، الصفحة أو الرقم: 5/320، رجاله ثقات.
  5. "الأخلاق أهميتها وفوائدها"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  6. "كيف تكتسب أحسن الأخلاق؟"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 110.
  8. "الأخلاق وبناء الأمم"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.