أنواع-التطرف
محتويات
مفهوم التطرف لغة
لا يكاد يخرج مصطلح التطرف عن معناه الّلغوي فكلاهما يتناول مجاوزة حد الاعتدال وَالغلوّ والانحراف عن طريق الحق، حيث يأتي معَنَّى التَّطرُّف بمعنى الغُلُوَّ وهو نقيض الاعتدال، إذ جاء في معجم اللغة العربية معنى التطرف بأن التطرف: "المغالاة السِّياسية أو الدِينية أو المذهبِيَّة أو الفكرِيَّةُ، وهو أسلوب خطر مدمر للفرد أو الجماعة"، تبذل بعض الدول جهودًا مضنيةً لِلقضاءِ على التطرف الإرهابي "[١]، ويأتي التَّطرُّفُ بمعنى الغُلُوِّ حيث جاء في كتاب جمهرة اللغة:" الغُلُوُّ: الِارتفاع في الشَّيءِ ومجاوزة الحد فيه، ومنه قوله -عزَّ وجلّ-: {لَا تُغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[٢]، أي لا تجاوزوا المقدار، ومنه الغلوَة بالسهم، وهو أَنَّ يُرمى به حيث ما بلغ غلًّا يَغلو غلواً وغلوةً وَغلوًّا"[٣].
مفهوم التطرف اصطلاحًا
عرف الدكتور راشد المبارك التطرف بأنه:" الشَّطط في فهم مذهبٍ أو معتقدٍ أو التعصب لِذلك الفهم، وتحويله إلى حاكم لِسلوك الفرد أو الجماعة الَّتِي تتصف به، والاندفاع إلى محاولة فرض هذا الفهم وَالتوجه على الآخر بكل الوسائل ومنها الْعُنْف والإكراهَ"[٤]
وعرَّفهُ الكتاب التطرف الفكري بأنه: "الغلو والتنطع في قضايا الشرع، والانحراف المُتشدِّد في فهم قضايا الواقع والحياة"[٥]، وعرفته الدكتورة هيفاء سلام في بحثها بأنه:" خروج عن القواعد الفكرِيَّة والقيم وَالمعايِيرِ والأساليب السلوكيَّةِ الشائعة في المجتمع، بحيث نجدٍ أن التطرف يعبر عن نفسه من خلال العزلة أو السلبية أو الانسحاب في مرحلته الأولى وحينما تتعمَّق تلك الحالة، فإن الْمُتَطَرِّفَ ينتقل إلى المرحلة الثانية، حيث ممارسة العنف استنادا إلى مخزون التوترات التي تراكمت في المرحلة الأولى، فشكلت الطاقة الدافع لسلوكياته"، وبعد الوقوف على مفهوم التطرف لا بد قبل استعراض أنواع التطرف ذِكر صفات الشَّخص المتصرفِ النحو الآتي:[٦]
سمات التطرف
إن ظاهرة التَّطرف بكافَّةِ أنواعها و أسبابها وأشكالها، ومهما كانت مباراتها فما هي إِلَّا مرض مُعدٍ منتشر بين المجتمعات الدولية لا يكاد تخلو منها دولة ولا شك أنَّ مشكلة التَّطَرُّف من المُشكَّلاتِ المُعاصرة الَّتي ظهرت بشكل واضح فِي الآونة الأخيرة اصطحبت معها الخوف والذُّعر لدى بعضِ المُجتمعاتِ، ولأجل ذلك سنستعرِضُ مفهوم و أسباب وأنواع التَّطرُّف وصفَّات الشخص الْمُتطرِّفِ. :[٧]، ولكل فئة معينة صفات تميزه عن غيره ولا يعني أَن يكون الْمُتطرِّفُ شخصًا شرِيرًا بطبعه، فهو يتوجَّهُ في كثير من حالاته بدوافع يعتقد قدسيتها أو نبلها ومن صفات الْمُتَطَرِّفِ الظاهرة:[٤]
- سرعة الخضوع والخنوع، أَي أنه مصدّقٌ كل ما يسمع أو يرى من غير أنّ يتأكد من صحة القول.
- سرِيع الإِذعان لِما يوجِه إليه وعلى الأخص أذا كان يثق ممن يطمئن إلى صدقة، أو يعجب مسلكه.
- ينفِذ كل ما يطلب منه دون التحليل أو التعلِيل أو الموازنة وهو في انحيازه إلى فكرٍ أو مذهبٍ أو معتقَدٍ .
- الغلو وَالإفراط والتَقديس، أَي يفرط في موالاته لما ينحاز إليه ومن ينحاز إليه إفراطًا يمنعه من وضعه موضع التحليل أَوِ المساءلة.
- إنَّ من صفات المتطرِف أنه يرى نفسه على الصواب بدرجة اليقين الذي لا يقبل الشَّك والحق الَّذي لا باطل معه، وإذا كان التطرف ذَا منشأ دِينِي أو مذهبِي أضفي على ذلك المنشأ هالة من القداسة، تجعله يرى كل نقد له عملًا من أعمال الشَّيطانِ.
- يحتكم في أفعاله وتصرفاته وأقواله إلى محاكمة عقلية، فإنه غالِبًا ما يروِض عقله ليكون شاهد زور لما ينحاز إليه، ولا يجد في ذلك أدنى شعور بالتعسف أو الخروج على مقتضيات العقل.
- الإقدام على فعل دون تردد، وبعد استعراض صفات المتطرف سنتناول أسباب التطرف، وأنواع التطرفِ.
- سرِيعُ التوتر والاِنفعال.
- دائما ما يكون مضطرِبًا.
- فورة العاطفة.
أسباب التطرف
إنَّ ظاهرة التطرف ظاهرة عالمية، لا تختص بدولة دون أخرى مع أَنَّها تختص بفئة معينة دون غيرها، فالتَّطرف يستند إلى عدة أسباب نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:[٨]:
- ظهور الفقر الفاحش بين أفراد المجتمعات بسبب البطالة زقلةٍ أو انعدام فرص العمل
- اضطراباتُ عقلية أو شخصيَّةٌ وذلك بسبب الاكتئابِ والقلق فيلجأ مثل أولئك إلى عمليات التَّطرف كنوع من إثبات وجود أو مغامرة أو لأنه لا يجد قيمةً له في حياةٍ.
- تضيق الدولة على أفرادها ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية أو الحزبيّة.
- الاحتلال من قبل دولة أخرى فيلجَأُ بعض أفراد المجتمع لأجل الحصول على دعمٍ للاستعانة بالمتطرِفين للحصول على السلاح أو المال.
- الإقصاء السِياسي بسبب آرائهم السِّيَاسِيَّةَ وبسبب توجهاتهم الدِّينِيَّة فتقوم الحكومات بسجنهِم أو إقصائهم ومحاصرتهم ما يولد ردت.
- الشعور بالظلم الشُّعور بالظلم والقمع والاضطهاد في العمل أو في العائلة أو في المجتمع، فيؤدي ذلك إلى نشأة أفراد ناقمين وسريعين الاِتِّباع والانقياد خلف المتطرِفين.
- الاِضطهاد الدِينِيُّ من خلال السُّخرِيَّةِ وقمع الشعائر والقيم والأخلاق الدِّينِيَّةِ
- ظهور الفساد والمنكراتِ بأنواعها و انتشارُ المخدِرات و ازدياد حالات الطلاق بين أفراد المجتمع، وبعد استعراض أسباب التَّطَرُّفِ سيتم تناول أنواع التطرف.
أنواع التطرف
ذُكر سابقًا أن التطرف هو نقيض الاعتدال ومجاوزة الحد الوسيطة والانحراف عن طريق الحق، ويرتسم لدى التَّطرف بعض المعتقداتِ والمبادئِ والأفكار تخالِف المبادئ والقيِم الدولية أو الدولة التي يقيم فيها، ولأجل ذلك سنتناول أنواع التَّطرف لدى المتطرِف عَلَى النَّحوِ الآتي. [٩]
التطرف السياسي
المقصود به هو خروج أفرادٍ على الدولة وإعلان تمردهم ورفض جميع القوانين السائدة فيها، والاقتناع بأفكار سياسيَّة قد تؤدي إلى المناكفة السياسيَّة في أدنى مستوياتها والتَّمرد والعصيان المسلح على الدَّولة ونظام الحكم القائم في أعلاها ويعدّ التَّطرف السِياسِي من أهم أسباب التطرف؛ لأنه نتيجة الإحباط السياسي في دولته، وهو من أنواع التطرف المنتشرة.[٩]
التطرف العملي
وهو خروج عن حد الاعتدال والتطرف في الأعمال الدينية، ويكون من خلال الغلو والإِفراط في العبادات وتعذيبِ النفس بقصد التقرب لله وَعِزَّ وجلٍ ممَّا يودي ذلك إلى تعطيل شؤون الحياة العملية، وهو من أنواع التَّطرف.[٩]
التطرف الاعتقادي
هو الاِعتقاد بآراء خاصة يصعب تغييرها لدى الإنسان، وقد تخالِف هذا المعتقداتِ الدِّينِية وقد تبنت هذه المعتقداتِ وبعض الحركاتِ المعاصرَةِ كجماع التَّكفيرِ وَالْهِجْرَةِ الذين يحكمون على النَّاسِ والحكومات بالكفرِ وَالإلحاد ولأسبابٍ وقناعاتٍ مختلفةٍ لدى هذه الحركات، وهو من أنواع التطرف البارزة.[٩]
التطرف الدولِي
هو كافة الأعمال الَّتي يَقوم بِهَا المتطرِفون في إحداث الذُّعرِ والخوف بِاستخدام أساليب مختلفة مثل: هدم المنازل وعملِيات التفجِيرِ فِي المؤسسات العامة والخاصة، وقد يكون مِنَ الأفراد أو من الجماعات وحتى من الدول سواءً كان فِي زمنِ الحرب أم السلم، وهو من أنواع التطرف المنتشرة.[٩]المراجع[+]
- ↑ عمر، أحمد مختار عبد الحميد (1429 هـ - 2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، دون: عالم الكتب، صفحة 1396، جزء 2.
- ↑ سورة النساء ، آية: 171.
- ↑ الأزدي، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (1987م )، جمهرة اللغة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 961، جزء 2.
- ^ أ ب راشد المبارك (1427هـ 2006م )، التطرف خبز عالمي (الطبعة الطبعة الأولى )، دمشق: دار القلم، صفحة 21.
- ↑ مسفر بن علي بن محمد القحطاني (1426ه ـ 2005م)، التطرف الفكري وأزمة الوعي الديني (الطبعة دون)، دون: مجلة دراسات إسلامية العدد الحادي عشر ـ ربيع الآخر ، صفحة 12.
- ↑ هيفاء سلام (2018)، المؤسسات التربوية، (رسمية، خاصة، دينية، مدنية)، دورها في منع التطرف العنيف (الطبعة دون)، الجامعة اللبنانية : معهد العلوم الإجتماعية ـ الفرع الأول، تشرين الثاني ، صفحة 8.
- ↑ نادي محمود حسن، ، التطرف الفكري أسبابه ومظاهره وسبل مواجهته (الطبعة دون)، أبحاث ووقائع المؤتمر العام السابع والعشرين: دون، صفحة 21.
- ↑ المجلس الاقتصادي والاجتماعي (دون)، تقرير حالة البلاد مكافحة التطرف (الطبعة دون)، عمان الاردن: دون، صفحة 5.
- ^ أ ب ت ث ج العتيبي، عبد الله عقاب بن عبد لله (207)، دور المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف محليًا ودوليًا (الطبعة دون)، عمان: الجامعة الأردنية، صفحة 27.