أهمية-الشورى-في-حياة-الفرد-والمجتم
محتويات
نظام الحكم في الإسلام
قد يسأل البعض هل يوجد نظام حكم في الإسلام؟ الجواب: نعم؛ لأنّ من خصائص الشّريعة الإسلاميّة الشّمول، فمن المعقول وجود قواعد وأحكام تكوّن نظامًا خاصًّا للحكم، ودليل ذلك: وجود العديد من الآيات التي تحدّثت عن نظام الحكم، كالآيات التي ورد فيها وجوب طاعة الإمام، ومثالها: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ...}،[١]تدل هذه الآية على وجوب طاعة وليّ الأمر، أيْ الإمام، وطاعة الإمام يسبقها نظام حكم يستند على العديد من الأسس والقواعد، ومن هذه الأسس: الشّورى فهي قاعدة أساسيّة في نظام الحكم، وفي هذا المقال سيتمّ التّعرُّف على معنى الشّورى، وأدلّة وجوبها، وصفات أهلها، إضافة أهمّيّة الشّورى في حياة الفرد والمجتمع.[٢]
الشورى
قبل الحديث عن أهمّية الشورى في حياة الفرد والمجتمع وأدلّة وجوبها لا بدّ من تعريفها، حيث يأتي معنى الشّورى في اللّغة: التّشاور، أمّا في الاصطلاح معناها: استخراج الرّأي وتقليبه، أيْ طلب الرأي من أهل الاختصاص، وإجالة النّظر فيه للوصول إلى الرّأي الصّائب، عن طريق تبادل الآراء في أمر من الأمور؛ لمعرفة الصّالح منها، والتّأكّد من أنّ هذا الرّأي يُناسب حال الأمّة وعرفها بناءً على القواعد الفقهيّة الكلية مثل: قاعدة المشقّة تجلب التيسير، وقاعدة نفي الحرج، وقاعدة الضّرر يُزال وغيرها من القواعد، وهذا كله يؤدّي إلى اعتماد الرأي المُتّفق عليه والعمل به، ورفع مستوى الجماعة، وحملهم على التفكير في المسائل العامة والاهتمام بها، والنظر إلى مستقبل الأمّة نظرة جدية، والاشتراك في الحكم بطريق غير مباشر، وتوجيههم إلى مراقبة الحكام ومحاسبتهم.[٣]
قد أُطلِقَ على الشّورى وصف الإيمانيّة، أيْ أنّ الشّورى دعامة من دعائم الإيمان، وصفة من صفات المُسلم، حيث سوّى الله تعالى بينها وبين الصّلاة والإنفاق، والإيمان في الشّورى: معناه التّعاون في تبادل الآراء؛ لاستقامة نظام الفرد والمجتمع والدّولة وفق نهج أو أسلوب مستنده الأدلّة الشّرعيّة المُعتبرة من القرآن والسّنّة والإجماع وغيرها، ليتمّ تحقيق أهداف الأمّة، وإيصالها إلى أفضل حال، ممّا يؤدّى إلى استقرار العلاقات الفرديّة والجماعية، ومن الجدير بالذّكر أنّ أهمّية الشورى في حياة الفرد والمجتمع تكمُن في شتّى مجالات الحياة، لتعالج واقع الإنسانيّة، وفيما بعد سيتمّ الحديث عن أهمّية الشورى في حياة الفرد والمجتمع.[٣]
أدلة وجوب الشورى
الإسلام حريص على بناء القواعد والأسس التي من خلالها يستطيع الفرد العيش بكرامة وإنسانيّة، ومن هذه المبادئ: الشّورى، ذلك المبدأ الذي اهتم به القرآن الكريم، والسّنّة النّبوية، وعمل الصحابة، لذلك هي واجبة على الأمّة اللّاحقة، ومن الأدلّة على ذلك:[٤]
- قول الله تعالى مخاطبًا -النّبي عليه السّلام-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}،[٥]وردت صيغة الأمر في كلمة "وشاورهم" لتكون دلالة على وجوب الشّورى للرسول الكريم ابتداءً، ولأمّته من باب أولى.
- ذكر الله -سبحانه وتعالى- الشورى كصفة من صفات المُسلم، حيث جعلها بين رُكنيْن رئيسيّيْن وهما: الصّلاة، والزّكاة، لذلك هي واجبة الأداء، كالصّلاة والصّيام، وهذا يدل دلالة عظيمة على أهمّية الشّورى في حياة الفرد والمُجتمع، وذلك واضح في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.[٦]
- دعا الرّسول -عليه السّلام- إلى الشّورى في كلّ أمر ليس فيه وحي من الله، ولم يعمل به الرّسول الكريم، ممّا يدلّ على وجوب الشّورى وأهمّيتها، والالتزام بها، وذلك واضح في قول النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: "إذا استشارَ أحدُكم أخاهُ فليُشِر عليهِ"،[٧]وقوله: "المُستَشارُ مؤتمن".[٨]
- قد طبّق الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- الشورى مع أصحابه في غزوة بدر، عندما استشار أبا بكر الصدّيق، وعمر بن الخطاب، التّقوى والإيمان، وهذا كلّه يدلّ على أهمّية الشّورى في حياة الفرد والمجتمع، وفيما سيأتي بيان صفات أهل الشورى:[١٠]
- البلوغ والرّشد وحسن السّلوك؛ كأن يكون بعيدًا عن الكبائر.
- أن يكون من أهل الإيمان والتّقوى، وأن يكون أساسه التّوكّل على الله -سبحانه وتعالى-.
- أن يكون صاحب أمانة، وأن يمتلك أسلوب النصيحة والخبرة في الأمر المُستشار فيه.
- أن يكون صاحب شجاعة للتّمييز بين الحقّ والباطل، وأن يكون من أهل الصّدق والحلم.
- أن يكون مُتأنّيًا؛ لأنّ عدم التّأنّي يجعله يُقدم بالرّأي بعيدًا عن العلم والخبرة وتقدير المسؤوليّة.
المراجع[+]
- ↑ سورة 59، آية: النساء.
- ↑ عبد الكريم زيدان (2001م)، أصول الدعوة (الطبعة التاسعة)، بيروت-لبنان: الرسالة، صفحة 204. بتصرّف.
- ^ أ ب حسين بن محمد المهدي (2006م)، الشورى في الشريعة الإسلاميّة، لبنان: الكتاب، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ "الشورى في الإسلام بين النظرية والتطبيق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 159.
- ↑ سورة الشّورى، آية: 38
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تغليق التعليق، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 3/253، إسناده صالح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5128، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
- ↑ "حقيقة الشورى بين الاتباع والادعاء"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "صفات أهل الشورى"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 03-10-2019. بتصرّف.