سؤال وجواب

الجملة-الاسمية-في-اللغة-العربية


الجملة في اللغة العربية

الجملة العربية كانت محطّ اهتمام العديد من الاتجاهات، كلّ منها يراها من منظوره الخاص الذي يعمل لصالح دراسته، وبحثه؛ ففي الاتجاه البلاغي علم المعاني خاصة يُلحظ الاهتمام بالجملة من ناحية المعاني الثانوية التي أفادتها على الأصلية، كما في التقديم والتأخير، والذكر والحذف، وغيره من الدلالات التي اعتبرت خارقة للمعيار النحوي، وهناك اتجاه آخر وهو اتجاه اللسانين في تناولهم للجملة على أنّها الوحدة اللغوية التي يمكن تحليلها إلى وحدات صغرى دالة التي بترابطها تُكوِّن التركيب، وأمّا الجملة عند النحاة فقد تأخر ظهور مصطلح الجملة حتى المبرد، فقد كان مصطلح الكلام يحل محلها، فعدّ الجملة ما تتكون من أركان يحسن السكوت عليها وتجب الفائدة بها[١] وتاليًا سيتم تناول أنواع الجمل والجملة الاسمية في اللغة العربية خاصة.

أنواع الجمل

اتّفق النحاة على أنّ الجملة نوعان؛ الجملة الاسمية والجملة الفعليّة؛ وذلك اعتمادًا على ما تبدأ به كل جملة؛ فإن بدأت باسم فالجملة اسمية في اللغة العربيّة، وإن بدأت بفعل فهي جملة فعلية ،[٢] والجملة الفعلية هي ما تتكون من ركنيْن أساسيين هما: جمع التكسير، مثل: الأشجارُ باسقةٌ، فكلمة الأشجار جمع تكسير، تُعرَب مبتدأ مرفوع وعلامة رفع الضمة.

  • جمع المؤنث السالم، مثل: الطالباتُ متفوِّقاتٌ، فالمبتدأ" الطالبات" وخبر المبتدأ" متفوقات" كلاهما جمع مؤنث سالم، علامة رفعهما الضمة.
  • العلامات الفرعية التي تنوب عن الضمة وهي:
    • الواو في جمع المذكر السالم، مثل: المؤمنون أخوة، فكلمة" المؤمنون" مبتدأ وهي جمع مذكر سالم تُعرب: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو؛ لأنّه جمع مذكّر سالم. والواو في الأسماء الخمسة، مثل: أنتَ ذو مالٍ، فكلمة" ذو" خبر المبتدأ وهي من الأسماء الخمسة التي ترفع بالواو.
    • الألف في المثنى، مثل: الطالبانِ مجتهدانِ، فكلمة" الطالبان" مثنى موقعها في الجملة مبتدأ فيكون إعرابها: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف؛ لأنه مثنى. وكذلك الأمر في كلمة" مجتهدان" فهي خبر المبتدأ مرفوعة بالألف؛ لأنها مثنى.
    • أمّا الصور والأشكال التي يأتي عليها كل من المبتدأ وخبر المبتدأ عَمودَا الجملة الاسمية؛ فالمبتدأ لا يكون إلّا اسمًا إمّا صريحًا كما في جملة" زيدٌ قائمٌ" فزيد اسم صريح، وإمّا مؤولًا كما في قوله تعالى: وأن تصوموا خيرٌ لكم[٤] وأمّا صور الخبر فهي:[٥]
      • الخبر المفرد، والمقصود به ما ليس جملة أو شبه جملة وإن كان مثنى أو جمعًا، مثل: العلمُ نورٌ.
      • الخبر شبه الجملة، مثل: في الحديقةِ أزهارٌ، فشبه الجملة من" في الحديقة" في محل رفع خبر مقدّم.
      • الخبر الجملة؛ إمّا فعليّة، مثل: المؤمنُ يصبر على الابتلاء، فالجملة االفعلية" يصبر" في محل رفع خبر المبتدأ، وإمّا جملة اسمية، مثل: المدرسةُ ساحاتها واسعةٌ. ولا بدّ من وجود روابط في جملة الخبر تربط بينها وبين المبتدأ ومن هذه الروابط:[٦]
        • الضمير الذي يعود على المبتدأ في جملة الخبر، مثل قوله تعالى:" الذين كفروا بعضهم أولياء بعض"[٧]
        • إعادة لفظة المبتدأ نفسها في جملة الخبر، مثل قوله تعالى: " الحاقة ما الحاقة"[٨]
        • أن يحوي الخبر على إشارة إلى المبتدأ، مثل قوله تعالى:" ولباسُ التقوى ذلك خيرٌ" [٩]
        • أن يكون في الخبر لفظ عام يشتمل على المبتدأ وغيره، مثل: بئس الخلق الخيانة.

    المبتدأ والخبر وتطابقهما

    المبتدأ والخبر عامودان أساسيّان للجملة الاسميّة، وبذلك فإنّ خبر المبتدأ لا بدّ من مطابقته للمبتدأ في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، أمّا إذا كان المبتدأ جمعًا لغير عاقل فيجوز الإخبار عنه بالجمع أو بالمفرد المؤنّث، مثل: الشجرات مورقات، ويجوز أيضًا الشجراتُ مورقةٌ.[١٠]

    الابتداء بالنكرة

    الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، فالابتداء بنكرة لا يقبله الاستعمال ولا يعطي فائدة مقنعة، لو قلنا صديقٌ وفيٌّ أو صديقٌ الوفيُّ. على أن نعدّ كلمة صديق هي المبتدأ، فذلك لا يفيد شيئًا محدّد، غير أنّ لكلّ قاعدة شواذ فهناك مواطن يصح فيها الابتداء بالنكرة، وهذه المواضع تكون فيها النكرة مفيدة يقبلها الاستعمال ويقتنع بها السامع، ومنها:[٦]

    • أن يكون الخبر شبه جملة متقدمًا على مبتدأ، مثل: عند الوصول إلى الهدف راحةٌ.
    • أن يكون المبتدأ نكرة عامة في سياق النفي أو الاستفهام، مثل: أجبن مجتمع إلى نفاق!
    • أن يكون المبتدأ نكرة موصوفة، مثل: حياةٌ قصيرةٌ مفيدةٌ خيرٌ من حياة طويلة تافهة.
    • أن يكون المبتدأ النكرة مضافًا إلى نكرة، مثل: أداءُ واجبٍ بإمانة راحةٌ للضميرِ.
    • أن يقصد بالنكرة الدعاء أو التعجب، مثل: عجبٌ لكم.
    • أن تقع النكرة في بداية الجملة الحالية، مثل: عدتُ إلى البيت ونشاطٌ يغمرني.
    • ان تقع بعد إذا الفجائية، مثل: صحوتُ من النوم وإذا بشرى في انتظاري.
    • أن تقع بعد لام الابتداء، مثل: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها".
    • أن تقع بعد لولا، مثل: لولا ذنبٌ ما كانت توبةٌ.

    الترتيب في جملة المبتدأ والخبر

    الجملة الاسمية في اللغة العربية الأصل فيها أن يتقدّم المبتدأ ويتأخر الخبر، ومع ذلك فقد استخدم في اللغة الفصحى الجملة الاسمية على غير الترتيب الأصلي، فيتقدّم الخبر على المبتدأ والذي يميز المبتدأ من الخبر هو ظروف الكلام، ولكن هناك مواضع يجب فيها تقديم المبتدأ على الخبر، منها:[٦]

    • أن يكون الترتيب هو الوسيلة الوحيدة لتمييز المبتدأ من الخبر، فلو تقدّم الخبر لحدث إرباك في تحديد وظائف الكلمات في الجملة الاسمية فمثلًا في جملة" الدين المعاملة" فكلمة" الدين" مبتدأ وكلمة" المعاملة" خبر، فلو تقدّم الخبر على المبتدأ لاختلط الأمر، إذ يصح أن تكون مبتدأً، أو قد يحصل ارتباك آخر باختلاط الجملة الاسمية بالجملة الفعلية، ومثال ذلك: الحق ينتصر، فلو تقدّم الخبر" ينتصر" على المبتدأ" الحق" لأدى إلى اختلاط الجملة الاسمية بالفعلية والمتكلم لا يريد ذلك.
      • أن يكون المبتدأ من الألفاظ التي لها حق الصدارة في الجملة، كأسماء الاستفهام وأسماء الشرط، مثل: ما غرض الدين من بيان الخير والشرّ؟.
      • إذا جاء الخبر في جملة القصريجب تأخره، وبذلك يتقدّم المبتدأ وجوبًا، مثل: وما الشرُّ إلا تعاسةٌ.
    • أمّا الخبر فهناك مواضع يجب فيها تقديمه على المبتدأ، ومن هذه الحالات:
      • إذا وجد في الكلام دلائل لفظية تقتضي تقدم الخبر أو تأخر المبتدأ، ومنها إذا كان الخبر اسم استفهام، مثل: أين الغاية قبل المذهب؟.
      • إذا جاء المبتدأ والخبر في أسلوب قصر بلاغي، بحيث يكون المبتدأ مقصورًا عليه، في أحد الأسلوبين" إنّما، ما وإلّا" مثل: ما للبخيل إلا المهانة.
      • إذا في المبتدأ ضميرًا يعود على شيء من الخبر، فيجب تأخير المبتدأ هنا، مثل: ملء عينٍ حبيبها.

    نواسخ الجملة الاسمية في اللغة العربية

    المبتدأ والخبر مرفوعان طالما لم تدخل عليهما عوامل لفظيّة؛ كإنّ وأخواتها وتسمى حروفًا ناسخة، أو كان وأخواتها وتسمى أفعالًا ناسخة، فتُحدث هذه النواسخ تغييرًا في الجملة الاسمية في اللغة العربية؛ وقد سميت بالناسخة لأنها تنسخ المبتدأ من الابتداء وتجعله اسمًا لها، وتنسخ الخبر من الرفع بالمبتدأ ليكون خبرًا لها، وتاليًا التفصيل:[١١]

    • كان وأخواتها؛ وهي أفعال ناسخة ناقصة تدخل على الجملة الاسمية في اللغة العربية فترفع المبتدأ ويسمّى اسمها، وتنصب الخبر ويسمّى خبرها، وهذه الأفعال هي: " كان، صار، ظلّ، أصبح، أمسى، بات، ما انفكّ، ما زال، ما دام، ما برح، ما فتئ". ومثال عليها: يصبحُ المجتهدُ مسرورًا.
    • إنّ وأخواتها؛ وهي حروف ناسخة، تحدث تغييرًا في الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها، وترفع الخبر ويسمى خبرها. وهذه الحروف هي:" إنّ، أنّ، كأنّ، ليت، لعلّ، لكنّ". ومثال عليها: إنّ العلمَ نورٌ.

    المراجع[+]

    1. محمد خليفاتي (2013)، الجملة العربية (دراسة وصفية تحليلية)، بيروت لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 7-16. بتصرّف.
    2. ابن هشام الأنصاري، تحقيق علي فودة (1981)، الإعراب عن قواعد الإعراب (الطبعة الأولى)، الرياض: عمادة شؤون المكتبات ، صفحة 35. بتصرّف.
    3. "تعريف الجملة لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-18. بتصرّف.
    4. سورة البقرة، آية: 184.
    5. أيمن أمين عبدالغني، الموسوعة الشاملة في النحو والصرف 1-3 ج1، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 199، جزء الأول. بتصرّف.
    6. ^ أ ب ت محمد عيد (1975)، النحو المصفى (الطبعة الأولى)، القاهرة : مكتبة الشباب القاهرة، صفحة 208-210. بتصرّف.
    7. سورة الأنفال، آية: 83.
    8. سورة الحاقة، آية: 1.
    9. سورة الأعراف، آية: 26.
    10. علي الجارم، مصطفى أمين (1983)، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، القاهرة: دار المعارف ، صفحة 254، جزء الأول. بتصرّف.
    11. مصطفى محمود الأزهري (2011)، تيسير قواعد النحو للمبتدئين (الطبعة الثالثة)، مصر: دار العلوم والحكم الجيزة، صفحة 183،196. بتصرّف.