أشهر-شعراء-الجاهلية-في-الغزل
محتويات
الغزل في الشعر الجاهلي
يُعدّ الغزل فنًّا من فنون القصيدة الغنائية، وبابًا من أبواب الغزل العذري أو العفيف والغزل الصريح، ومهما يكن من الأمر فإنّ أبرز ما ينطوي عليه الغزل في العصر الجاهلي هو صدق العاطفة وإنسانيّتها أضف إلى ذلك تكرار المعاني البسيطة التي يأخذها الشاعر من واقعه الحسّي من خلال حياته الاجتماعيّة، ثُمّ يعمد إلى صياغة هذه الخلجات والعواطف والانفعالات بأسلوبٍ جزلٍ قويٍّ موجز، وقد برع شعراء العصر الجاهلي في هذا اللون من الأغراض الشعريّة، ومن خلال هذا المقال سيتمّ التعرّف عى أشهر شعراء الجاهلية في الغزل.[١]
أشهر شعراء الجاهلية في الغزل
لطالما تغنّى الشعراء في مختلف العصور بالمرأة ووصفوا محاسنها، إلّا أنَّ عنترة بن شداد وعروة بن حزام، وفي ضوء ما سبق سيتمّ التعرُّف على أشهر شعراء الجاهلية في الغزل مع نماذج من أشعارهم.[١]
امرؤ القيس
امرؤ القيس شاعرٌ جاهليٌّ معروف لا يزال التاريخ يُخلد قصائده المشهورة، اسمه جندح بن حُجر بن الحارث الكندي وعُرف باسم امرؤ القيس كما لُقّب بالملك الضّلّيل وذو القروح، وُلد في ديار بني أسد في نجد وكان ينتمي لقبيلة كندة وقد كانت أسرته من كبار عائلات الملوك بين العرب، اشتهر امرؤ القيس بأشعاره الغزليّة والوصف والتخيُّل؛ فقد كان شغوفًا بالشعر يُبدع في تصوير عواطفه وأحلامه، كما عُرف عنه كثرة علاقاته الغراميّة مع النساء وحبّ الخمر والصيد، ولعلّ من أبرز قصائده الغزلية كانت مُعلقة كتبها واصفًا فتاةً أحبّها تُدعى فاطمة، وهذا ما جعل والده يطرده لكثرة مجونه وتشبيبه بنساء قبيلته وتعرّضه لطريق أيّ امرأة يراها في طريقه، فلم يكن يُبالي عندما ينظم شعره الفاحش الذي يحكي تفاصيل قصصه الغراميّة، وبذلك كان من أشهر شعراء الجاهلية في الغزل الذي خالف العادات والتقاليد المُتعارف عليها، فانتشر وذاع صيته باللهو والمجون،[٢] وتُعدّ مُعلقته من أجود ما قيل في الشعر العربي وممّا جاء فيها ما يأتي:[٣]
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل
- بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها
- لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
- وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا
- لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفًا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
- يقُولون لا تهلكْ أسًى وتجمّل
وإنَّ شفائي عبرةٌ مهراقةٌ
- فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها
- وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل
عنترة بن شداد
هو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن مخزوم بن ربيعة العبسي، لقّب بالفيحاء لتشقق في شفتيه، وهو من أهل نجد ويعدّ فارسًا من فرسان العرب وشاعرًا من شعرائها، وهو أحد الشعراء الذين اشتهروا بتعليق المناذرة في الحيرة ويُقيم في إحدى قصورهم، فأقام فيما بعد في قصر النعمان بن المنذر، وأحبّ زوجته التي اشتهرت بالمتجرّدة حيث كانت صاحبة وجهٍ حسن وصاحبة حسنٍ ودلال، فأحبّها المنخّل وبادلته هي الأخرى حبًا بحبّ، ثمّ ذاع أموهم وتهامس القوم في العلاقة ووصل حديثهم إلى النعمان بن المنذر فأمر بالقبض عليه وحبسه وتعذيبه، ومن قصائده في حب المتجرّدة:[٨]
إن كنتِ عاذلتي فسيري
- حول العراق ولا تحوري
لا تسألي عن جُلِّ مالي
- واذكري كرمي وخِيري
ولقد دخلتُ على الفتـا
- ة الخِدر في اليوم المطير
الكاعبِ الحسناء تر
- فُل في الدِّمَقْس وفي الحرير
فـدفعتُهـا فتدافعت
- مشْيَ القطاة إلى الغدير
ولثمتُها فتنفست
- كتنفس الظبي البهير
الأعشى
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، ينتمي إلى بني قيس بن ثعلبة، يُعرف باسم أعشى قيس ويُكنّى بأبي بصير، وقد لُقّب بالأعشى لضعفٍ كان في بصره وحتى أنّهُ عُمي في أواخر عمره، وُلد وتوفّي في قرية منفوحة في منطقة اليمامة، يُعَدُّ مرض عضال واشتدّ حتى وصل بيت محبوبته التي قامت باستقباله رغم اعتراض زوجها، إلّا أنّه كان في الرمق الأخير ومات في بيت زوج محبوبته، ومن قصائده التي قالها ما يأتي:[١١]
سَـكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أخرى
- وقُـطِّعَتِ المَوَاثِقُ والعُهُود
فَما بَالي أَفِي ويُخَان عهدي
- وما بالي أُصَادُ ولا أَصِيدُ
ورُبَّ أسِـيلةِ الـخدين بِكْرٍ
- مُنَعَّمَةٍ لها فَـرْعٌ وجِيدُ
وذُو أُشُرٍ شَتِيتُ النَّبْتِ عَذْبٌ
- نَقِيُّ اللونِ بَرَّاق بَرُودُ
طرفة بن العبد
هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل، ولدة في بلدة المالكية في البحرين عام 543م، وأمه هي وردة بنت عبد المسيح، كما أنّه له أخت من أمه تعى الخرنق بنت بدر، يعتبر طرفة بن العبد من أشهر شعراء الجاهلية وصاحب معلقة مشهورة ولا زالت محفوظة في صفحات التاريخ، عاش طرفة يتيم الأب، فقد توفّي والده وهو صغيرًا فنشأ وشبّ من أمّه بعد أن رفض أعمامه إعطائه نصيبه من الميراث؛ فعاش طفولة مهملة وعندما كبر واشتدّ عوده أصبح صاحب لهوٍ وسكر ممّا اضطرّ قبيلته إلى طرده منها فرحل وعاش متنقلًا حول أطراف البحر الطويل وتكوّنت من 104 بيتًا، وتوفي الشاعر عن عمر 26 عامًا ولُقّب بالغلام القتيل،[١٢] ومن بعض أبياته في معلقته ما يأتي:[١٣]
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ،
- تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
- يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
- خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
عدولية ٌ أو من سفين ابن يامنٍ
- يجورُ بها المَّلاح طورًا ويهتدي
يشقُّ حبابَ الماءِ حيزومها بها
- كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ
وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ
- مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خذولٌ تراعي ربربًا بخميلة ٍ
- تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، وتَرتَدي
وتبسمُ عن ألمَى كأنَّ مُنورًا
- تَخَلّلَ حُرَّ الرّمْلِ دِعْصٌ له نَدي
زهير بن أبي سلمى
هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، ينتمي إلى قبيلة مزينة، ولد في منطقة الحاجر عام 520م، في أرض نجد في المدينة المُنوّرة، وهو من أشهر شعراء الجاهلية في الغزل والأغراض الشعريّة الأخرى، توفّي والده صغيرًا وتزوّجت أمّه من أوس بن حجر الذي يُعدُّ[١٤] من أفضل شعراء الجاهليّة فقام بتعليمه أصول الشعر إلى أن استطاع فيما بعد أن ينظم القصائد ببصمته الخاصّة، إضافة إلى ذلك؛ فقد اتّخذه خاله بشامة بن الغدير بمثابة الابن له وأورثه مالًا كثيرًا وعلّمه الشعر بالطبع فصقلت موهبته وأصبح شاعرًا مُتقنًا متفوّفقًا على أساتذته. تزوّج زهير في بداية الأمر امرأة تدعى ليلى لُقّبت بأم أوفى لكنّه سرعان ما طلّقها، ثُمّ تزوّج من كبشة بنت عمار من بني غطفان وأنجبت له ولدين، ولكنّه بعد عشرين عامًا رغب بأن يعود لزوجته الأولى فرفضت ذلك،[١٥] ومن أبرز قصائده معلقته التي قال فيها:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ
- بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها
- مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً
- وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً
- فَلَأيًا عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
أَثافِيَّ سُفعًا في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ
- وَنُؤيًا كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها
- أَلا عِم صَباحًا أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ
المراجع[+]
- ^ أ ب "الغزل"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "امرؤ القيس"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-02-2020.
- ↑ "عنترة بن شداد العبسي"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-02-2020.
- ↑ "عروة بن حزام"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 04-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدة"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-02-2020.
- ↑ "المُنَخَّل اليشكري"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 04-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "معلقة الأعشى"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020.
- ↑ "المرقش الأكبر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 05-04-2020. بتصرّف.
- ↑ "طرفة بن العبد"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020.
- ↑ "أمِنْ أُمّ أوْفَى دِمْنَة ٌ لمْ تَكَلّمِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020.
- ↑ "زهير بن أبي سلمى"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف.