ما-هي-فرائض-الوضوء
محتويات
الطهارة في الإسلام
يعدُّ مفهوم الطهارة من أهمّ المفاهيم في الدين الإسلامي، فهي إحدى الأعمدة التي قام عليها هذا الدين، وهي أساس لاكتمال عدد من أهم العبادات التي أمَرَ بها الإسلام، فلا تكون الصلاة إلّا بالطهارة، ولا يمسُّ المسلم القرآن إلّا وهو طاهر، لقولِهِ تعالى: "لا يمسُّهُ إلّا المطهرون" [١]، والطهارة هي النظافة من الحدثين الأكبر والأصغر، وتعني أيضًا الطهارة من الذنوب والآثام، وهي في الشرع زوال الحدث الأكبر أو الأصغر أيًّا كان، وهذا المقال مخصصٌ للحديث عن أحد مسببات الطهارة وهو الوضوء وسيسلّط الضوء على فرائض الوضوء ومنقضاتِه، والتيمم وأحكامِهِ أيضًا.
شروط صحة الصلاة
بعدّ الحديث عن الطهارة وأهميتها في الإسلام، سيكون الحديث عن شروط صحة الصلاة في الإسلام وهذا الشروط تُقسم إلى قسمين رئيسيْن هما كما وردَ شروط وجوب وشروط صحة، وبالتفصيل في الشرطين يكون الآتي:
- شروط وجوب: وهي شروط يجب أن تتوفّر بمن يقوم بتأدية الصلاة حسب تعاليم الإسلام، وهي شروط عامّة تقريبا، وهذه الشروط هي أن يكون المصلّي مسلمًا عاقلًا بالغًا راشدًا، وأن تخلو إذا كانت أنثى مما يمنع الصلاة كالحيض والنفاس، وهذا يعني أنَّ الصلاة تُفرض وتجب على كلِّ مسلمٍ بالغ عاقل راشد وعلى كلِّ مسلمة بالغة عاقلة راشدةٍ خلتْ من موانع الصلاة الخاصّة بالأنثى كالحيض والنفاس.
- شروط صحّة: وهذه الشروط كثيرة ومتعلّقة بعدة أمور، ويمكن التفصيل فيها على الشكل الآتي:
- دخول الوقت في كلِّ صلاة: فمن شروط أداء أي صلاة من الصلوات الخمس أن يكون قد دخل وقتُها ولم يدخل وقت الصلاة التي بعدها، قال تعالى في كتابِهِ الحكيم: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" [٢].
- الطهارة من الحدثين: ويعني الحدثين الأصغر والأكبر أي من الغائط والجنابة، وتكون الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الأكبر بالغُسل، ولا تصحّ الصلاة إلا بالطهارة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: " لا يقبَلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طُهورٍ ولا صدَقةً مِن غُلولٍ" [٣].
- الطهارة عن الخبث: ويعني هذا أن يكون الطهر باللباس الذي يصلِّي به المسلم وبالمكان الذي يسجد عليه، أي في المكان الذي يؤدي صلاتَهُ فيه، قال تعالى: "وثيابك فطهِّر" [٤].
- ستر العورة: وهذا يعني أن يكون المصلي لابسًا ثيابًا تستر كلَّ عورتِهِ، والدليل على هذا قولُهُ تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ .." [٥]، وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في شرح الآية السابقة: خذوا زينتكم أي الثياب في الصلاة، الله أعلم.
- استقبال القبلة: أي أن يستقبل المصلي في صلاتِهِ القبلة، والقبلة هي اتجاه المسجد الحرام في مكة المكرمة، وهذا لقولِهِ تعالى: "قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" [٦][٧].
فرائض الوضوء المتفق عليها
تنقسم فرائض الوضوء في الإسلام إلى قسمين اثنين، هما فرائض الوضوء التي اتفق عليها العلماء، وفرائض الوضوء التي لم يتفقوا عليها وعدّها بعضهم سنّة عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وأمّا فيما يخصُّ فرائض الوضوء المتفق عليها فهي الفرائض التي وردتْ في كتاب الله تعالى، وتحديدًا في قولِهِ -عزَّ وجلَّ- في سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .." [٨]، وهي كما وردَ في الآية:
- غسل الوجهِ، مع الفم والأنف
- غسل اليدين حتّى المرافق منها.
- المسح على الرأس.
- غسل الرجلين وصولًا إلى الكعبين، والله أعلم. [٩].
فرائض الوضوء المختلف عليها
بعد الحديث عن فرائض الوضوء المتفق عليها بين العلماء، لا بدَّ من الحديث عن فرائض الوضوء المختلف عليها بين العلماء، أو المختلف على صحة وجوبها وكونها كفرض ملزم، فقد عدّها بعض العلماء سنّة من السنن الواردة عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- ومن فرائض الوضوء المختلف عليها ما يأتي:
- النيّة: وهي فرض من فرائض الوضوء المختلف عليها، والدليل عليها وقول رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: "إنّما الأعمال بالنيّات .." [١٠].
- التسمية: وهي أن يسمّي المسلم قبل الوضوء، وهي من الفرائض المختلف عليها، والدليل على وجودها قولُهُ -عليه الصّلاة والسّلام- في الحديث: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه.." [١١] وهو حديث مختلف في صحتِهِ، مما أدى إلى اختلاف العلماء في كون التسمية فرضًا في الوضوء أم لا.
- المضمضة والاستنشاق: وهي إحدى فرائض الوضوء المختلف عليها أيضًا.
- الترتيب في غسل الأعضاء أثناء الوضوء: وهذه أيضًا من الفرائض التي اختلف العلماء عليها فذهب الشافعي وأحمد إلى وجوب الترتيب استنادًا على ظاهر الآية القرآنية، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى عدم وجوب الترتيب في الوضوء.
- الموالاة: وهي عدم وجود قترة زمنية تفصل بين غسل عضو وآخر من أعضاء الجسد أثناء الوضوء وهي من فرائض الوضوء التي اختلف عليها العلماء والله أعلم. [١٢].
منقضات الوضوء
بعد ما وردَ من شرح عن فرائض الوضوء بنوعيها، فإنَّ من الجدير بالذكر أنَّ منقضات الوضوء هي الأشياء التي إذا حدثت مع المسلم يجب عليه أن يعيد وضوءَه إنْ كانَ متوضئًا، فهي تفسد الوضوء السابق، ومنقضات الوضوء متعددة وكثيرة وهي:
- خروج شيء من السبيلين: مهما كانَ الخارج صغيرًا أو كبيرًا فإنه يفسد الوضوء، لقولِهِ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث: "إذا كانَ أحدُكم في الصَّلاةِ فوجدَ حرَكةً في دبرِه أحدثَ أو لم يحدثْ فأشكلَ عليهِ فلا ينصرفْ حتَّى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا" [١٣].
- مسُّ القُبُلِ أو الدُّبُر: والدليل على هذا حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: "من مسَّ فرجه فليتوضأ" [١٤].
- لمسُ المرأة للرجل أو العكس بشهوة: والدليل على هذا قولُهُ تعالى: "أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا" [١٥]، والقول الراجح في هذه الآية أنَّ المقصود بالملامسة هو الجماع، وهذا القول ينفي صحة نقض الوضوء عند لمس المرأة.
- خروج الدم أو القيء أو القيح الشديد: وهذا فيه اختلاف، فقد أخذ الأحناف والحنابلة بحديث عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيه: "من أصابه قيءٌ أو رُعافٌ أو قلَسٌ أو مذِيٌّ فلينصرِفْ فليتوضَّأْ، ثمَّ ليبْنِ على صلاتِه، وهو في ذلك لا يتكلَّمُ" [١٦]، ولأنَّ الحديث ضعيف في خلاصة حكمه، أخذ بقية العلماء بأن الدم والقيء والقيح لا ينقضون الوضوء وهذا الرأي الراجح.
- ذهاب العقل بالجنون أو بالسكر أو بالنوم: والدليل على هذا قولُهُ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث: "العينُ وِكَاءُ السَّهِ فمن نام فليتوضأْ" [١٧]، وفي هذا الحكم تخفيف لمن سها فنام نومًا يسيرًا وهو قائم أو جالس لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: "كان أصحابُ رسولِ اللهِ -صلّى الله عليه وسلَّم- ينامون، ثم يَصُلون ولا يَتوضَّؤون". [١٨]
- أكل لحم الإبل: لِحديث الرسول عن جابر بن سمرة: "أنَّ رجلًا سأَل النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: يا رسولَ اللهِ أنتوضَّأُ مِن لحومِ الغَنمِ؟ قال: إنْ شِئْتَ فتوضَّأْ وإنْ شِئْتَ فلا تتوضَّأْ، قال: أنتوضَّأُ مِن لحومِ الإبلِ؟ قال: نَعم توضَّأْ مِن لحومِ الإبلِ، قال: أنصلِّي في مرابضِ الغَنمِ؟ قال: نَعم، قال: أنُصلِّي في مبارِكِ الإبلِ؟ قال: لا" [١٩].
- غسيل الميت: والدليل على هذا أنَّ ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- كانا يأمران غاسل الميت أن يتوضَّأ، وفي ذلك قولٌ لأبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: "أقلُّ ما فيه الوضوء" ويعني غسيل الميت. [٢٠].
التيمم وأحكامه
بعد ما وردَ من حديث عن فرائض الوضوء المختلف عليها وفرائض الوضوء المتفق عليها والحديث عن منقضات الوضوء في الإسلام أيضًا، لا بدّ من الحديث عن التيمم وأحكامه في الإسلام، ويمكن تعريف التيمم على أنّه: هو الطهارة بالتراب وليس بالماء، وينوب التيمم عن الوضوء في حالات انعدام الماء، وينوب أيضًا عن الغسل من الجنابة عند فقدان الماء، ووردَ في تعريف التيمم في كتاب منهج السالكين: "بأن: ينويَ رفعَ ما عليه من الأحداث، ثُمَّ يضرب التُّرابَ بيده مرَّةً واحدةً، يمسحُ بهما جميعَ وجههِ وجميع كفَّيه، فإن ضرب مرَّتين فلا بأس"، وقال تعالى في كتابِهِ الحكيم: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [٨].
أمّا فيما يتعلق بصفات التيمم في الإسلام فهي: النيّة والتسمية أولّا، ثمَّ أن يضربَ المتيممُ بيديه على الأرض ضربة واحدً فقط، ثم ينفخ عليهما لينفخ ما علق بهما من الأرض، ثم يمسح وجهه بكلتَي يديه، ويمسح يده اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى، وجدير بالذكر أنَّ مبطلات التيمم هي ذاتها مبطلات الوضوء، ويبطل التيمم بوجود الماء، أو بزوال عذر التيمم، فمن تيمم لمرض وزال مرضه بَطُلَ تيممهُ، والله أعلم. [٢١].المراجع[+]
- ↑ {الواقعة: الآية 79}
- ↑ {النساء: الآية 103}
- ↑ الراوي: أسامة بن عمير، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 1705، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
- ↑ {المدثر: الآية 4}
- ↑ {الأعراف: الآية 31}
- ↑ {البقرة: الآية 144}
- ↑ شروط الصلاة قسمان: شرط وجوب وشرط صحة, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-10-2018، بتصرّف
- ^ أ ب {المائدة: الآية 6}
- ↑ فرائض الوضوء وسننه, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-10-2018، بتصرّف
- ↑ الراوي: عمر بن الخطاب، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: جد أبي رجاء المري، المحدث: ابن عساكر، المصدر: تاريخ دمشق، الصفحة أو الرقم: 41/516، خلاصة حكم المحدث: وهم عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب عن جدته عن أبيها يعني سعيد بن زيد
- ↑ فرائض الوضوء وسننه, ، "www.binbaz.org.sa"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-10-2018، بتصرّف
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 177، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: أم حبيبة، المحدث: الإمام أحمد، المصدر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي، الصفحة أو الرقم: 1/251، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ {النساء: الآية 43}
- ↑ الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: الإمام الشافعي، المصدر: المحرر، الصفحة أو الرقم: 62، خلاصة حكم المحدث: ضعيف
- ↑ الراوي: علي بن أبي طالب، المحدث: أبو زرعة الرازي، المصدر: تنقيح تحقيق التعليق، الصفحة أو الرقم: 1/143، خلاصة حكم المحدث: مرسل
- ↑ الراوي: أنس بن مالك، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 376، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: جابر بن سمرة، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 1156، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
- ↑ نواقض الوضوء المجمع عليها والمختلف فيها, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-10-2018، بتصرّف
- ↑ صفة التيمم ومبطلاته, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-10-2018، بتصرّف