تعريف-الاستعارة
محتويات
علم البيان
البيان في اللغة هو الكَشف والإيضاح، وكانت العرب تقول "بان الصبح لذي عينين" أي انكشف وصار واضحًا، كما ورد في القرآن الكريم: {هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ}،[١]بمعنى أنّ القرآن يكشف ويبين الطرق السليمة التي ينبغي أن يسلكها المرء ويوضح معالمها، أمّا علم البيان فهو علم من علوم البلاغة العربيّة يراد به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في الدلالة، أي التشبيه أو الاستعارة أو الكناية، هناك فرق بين هذه الأساليب الفنية، فالتشبيه يتفاوت قوةً وضعفًا، كما يتفاوت وضوحًا وخفاءً، وكذلك الأمر بالنسبة للاستعارة والكناية فهي ليست جميعًا على درجة واحدة من البيان والبهاء والجمال، وسيتحدث هذا المقال عن تعريف الاستعارة.[٢]
تعريف الاستعارة
إنّ المجاز الذي تكون فيه العلاقة بين المعنى المنقول منه والمعنى المنقول إليه علاقة مشابهة يُسمى استعارة، ولذلك قيل في تعريف الاستعارة أنّها مجاز يقوم على يقوم على علاقة المشابهة بين المستعار منه والمستعار له، فعند القول "التقيت بحرًا يعطي الفقير والمحتاج"؛ فالمعنى هنا عقد مشابهة بين الرجل الكريم والبحر، وقد تمّ الاستغناء عن المشبه والذي هو "الرجل الكريم"، وذكر المشبه به وهو "البحر"، والمشبه به المذكور هو اللفظ المستعار، تمّ استعارته من معناه المعروف في اللغة وهو مكان تجمع المياه الكثيرة المالحة، للجواد الكريم، فهذا مجاز لعدم استخدام كلمة البحر لمعناها الحقيقي، بالإضافة إلى أنّ العلاقة بين الرجل الكريم والبحر هي التي حكمت علاقة هذا المجاز، فالمجاز استعارة، و ذكر "يعطي الفقير والمحتاج" هي الكلمة التي منعت من إرادة المعنى الأصلي لكلمة البحر، فالبحر الحقيق لا يعطي، وتسمى هذه الكلمة بالقرينة.[٣]
إذن تعريف الاستعارة هي مجاز لغوي علاقته المشابهة؛ ومن أمثلتها قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،[٤]والمقصود في هذه الآية أنّه أخرجهم من الضلال إلى الهدى والصلاح، فلفظتي "الظلمات والنور" استعملت في غير المعنى الحقيقي لها، وعلاقة المشابهة هي بين الضلال والظلمات، وبين النور والهدى، والقرينة التي دلت على هذه العلاقة هي الكتاب؛ أي القرآن الكريم.[٣]
أنواع الاستعارة
تم تعريف الاستعارة أنّها مجاز قائم على التشبيه، بل إنَّ التشبيه كالغرض فيها، أو كالعلّة والسبب من فعلها، والاستعارة بالنظر إلى حذف أحد طرفي التشبيه نوعان ، استعارة تصريحيّة أو استعارة مكنيّة، وسيتم فيما يأتي شرح كلا النوعين، والتمثيل على كلٍّ منهما:[٥]
الاستعارة التصريحية
وهي التي حُذف فيها المشبّه وصُرّح بذكر المشبّه به، ومثالها قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}،[٦]وهنا استُعيرتْ كلمة الصراط المستقيم للدين الحقّ؛ لتشابههما في أنّ كلًّا منهما يوصل إلى المطلوب، والقرينة هنا حاليّة، لأن الله لا يهدي إلى الطريق المحسوس بل المقصود الدين الحق، فتم تشبيه الدين الحق بالطريق المستقيم، بجامع الهداية في كلّ منهما، ثم حُذف المُشبّه وهو "الدين"، وصُرّح بذكر المشبّه به وهو "الصراط" على سبيل الاستعارة التصريحيّة.
وجاءت أيضًا في قول المتنبي وهو يصف دخول رسول الروم على سيف الدولة الحمدانيّ:[٧]
وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
- إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي
وفي هذا البيت استعارتان، أولهما في "البحر" والثانية في "البدر"، والأولى تضمّنت تشبيهًا بين سيف الدولة وبين الابحر، والثانية تضمّنت تشبيهًا بين سيف الدولة وبين البدر، وقد المشبّهان في الاستعارتين، وصُرّح بذكر المشبّهين بهما "البحر والبدر"، وذلك على سبيل الاستعارة التصريحيّة، والقرينة هنا لفظيّة، وهي قوله "وأقبل يمشي في البساط".
الاستعارة المكنية
وهي التي فيها حُذف المشبّه به وكُنّي عنه بشيء من لوازمه أو بشيء يتبعه أو يدلّ عليه، ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}،[٨]وقد شبّه هنا الذلّ بالطائر بجامع الخضوع بينهما، ثم حُذف المشبّه به "الطائر" وذُكر شيء من لوازمه وهو "جناح"؛ لأنّ الجناح في حقيقته للطائر، والكلام جارٍ على سبيل الاستعارة المكنيّة، ومنها قول أبو ذؤيب الهذلي في رثاء أبنائه:[٩]
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
- أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
وقد شُبّهت المنية هنا بالسبع الذي لا يُفرق عند افتراسه بين الناس، ثم حُذف المشبّه به "السبع"، وذُكر شيء من لوازمه "الأظفار" على سبيل الاستعارة المكنية.
الاستعارة بالنظر إلى اللفظ المستعار
بعد تعريف الاستعارة، والحديث عن أنواعها بالنظر لطرفي التشبيه، يمكن الحديث عن أنواع الاستعارة من اللفظ المستعار، إن كان لفظًا جامدًا أم أمثال العرب قيل في مثلها، ثم يترك المشبّه أي الحالة التي قيل فيها، ويذكر المشبه به أي صورة المثَل، ومثال ذلك قول العرب "أخشفًا وسوء كيلة" وهو مَل قصته أنّ رجلًا أراد أن يشتري تمرًا، فكان البائع يختار له الخشف أي التمر الرديء، وينقص له في الكيل، فقال الرجل: "أخشفًا وسوء كيلة"، والمعنى أن البائع جمع بين سيئتين، وذهبت هذه العبارة مثلًا، وصار الناس يستخدمون هذا المثل في الحالات المشابهة للحالة التي قيل فيها على سبيل الاستعارة التمثيليّة.[١٢]
المراجع[+]
- ↑ سورة آل عمران، آية: 138.
- ↑ "تعريف البلاغة لغة واصطلاحا"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "الاستعارة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 1.
- ↑ "استعارة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 6.
- ↑ "لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 24.
- ↑ "أمن المنون وريبها تتوجع"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019.
- ↑ سورة هود، آية: 80.
- ↑ سورة البقرة، آية: 16.
- ^ أ ب "استعارة (لغة)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.