معلومات-عن-ابن-زيدون
محتويات
شعراء الأندلس
يتّسم الشعر الأندلسي بطابعٍ خاصّ يميّزه عن الشعر العربي عمومًا، وخاصةً في مجال الفنون الشعرية التي تتعلّق برثاء الممالك الزائلة والوصف والاستغاثة بالنبيّ والصحابة، بالإضافة إلى نَظم الفنون والعلوم والشعر الفلسفي، وامتازت معانيه بوضوحها وبساطتها وبقيت بعيدةً عن التعقيد، وكذلك الألفاظ فيه كانت سهلة وواضحة وعذبة، وأولى الشعر الأندلسي اهتمامًا كبيرًا بالصنعة اللفظية، وكثرت فيه الصور البديعة المنبثقة عن الطبيعة والبيئة الأندلسية الثرية بالجمال والمناظرالخلابة، ومن أشهر شعراء الأندلس: ابن هانئ الاندلسي، ابن عبد ربه، ابن سهل الأندلسي وابن زيدون الذي سيدور حوله الحديث في هذا المقال.[١]
الشاعر ابن زيدون
هو الشاعر الأندلسي الشهير أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي والذي يُعرف باسم ابن زيدون، ولد في عام 1003م في أسرة من فقهاء بني مخزوم في مدينة قرطبة في الرصافة وهي الضاحية التي بناها والنحو والأدب، فنشأ محبًّا للأدب والشعر والعلم، اشتُهر بقصة حبه مع ولادة بنت المستكفي وله معها قصص كثيرة، وكتب فيها أجمل أشعاره، أصبح فيما بعد وزيرًا لأبي الوليد بن جهور أمير قرطبة، وقد كلفه منصب سفير إلى أمراء الطوائف في بلاد الاندلس، لكنَّه اتَّهمه لاحقًا بأنَّه يميل إلى المعتضد بن عبَّاد حاكم إشبيلية، فزجَّ به في السجن لفترة من الزمن، وكان ابن زيدون يستعطفه من خلال الرسائل التي يرسلها إليه لكنه لم يرق لحاله، فاستطاع الهرب من السجن ويرحل إلى إشبيلية لاجئًا إلى بلاط المعتضد بن عباد، فقربه المعتضد وجعله بمثابة وزير له، بقي شاعر الأندلس في إشبيلية إلى أن توفي في عام 1071م في فترة حكم المعتمد بن عباد.[٢]
الطبيعة في شعر ابن زيدون
كما تميَّز الشعرالأندلسي بشكل عام بالرقّة والعذوبة والجمال، كذلك كانت أشعار ابن زيدون، فقد طُبع شعرُه بسمات الجمال وغاية الروعة والعذوبة والدقة، وظهرَت آثار الطبيعة الساحرة الخلابة في معظم أشعاره، فقد أكثر من شعر الطبيعة ووصفها مثل معظم شعراء الأندلس نظرًا لطبيعة البلاد هناك التي كانت عبارة عن جنان مزينة بأبهى الصور، وجاء وصف الطبيعة في أشعاره ينضح خيالًا ويفيضُ عواطفَ مشبوبةً ومشاعر جياشةً، وامتزجت أشعاره بسحر الطبيعة وذكريات هواه ولوعة حبِّه، فأبدع في ذلك أيَّما إبداع وبرزَ وصفُ الطبيعة عنده مزيجًا فريدًا من المشاعر المتدفقة والصور الفاتنة الجميلة.[٣]
رسائل ابن زيدون
برعَ ابن زيدون في الفنون النثرية كما برع في الشعر، فقد كان النثرعنده ذا صياغةٍ جميلة ومفعمًا بالخيالات والصور، واعتمدَ على الموسيقى والدقة في اختيار الألفاظ، فظهر وجه التشابه بين شعره ونثره في الموسيقى والصياغة، وأكثر ما اشتُهر من نثره رسائله التي لم يصل منها إلا القليل، وقد وصفها ابن بسام بأنها بالنظم الخطير أشبه منها بالمنثور، وفيما يأتي أشهر الرسائل التي لاقت النور وعرفها القراء من بعده:[٢]
- الرسالة الهزلية: هي رسالة كتبها الشاعر على لسان ولادة بنت المستكفي إلى عدوه اللدود ابن عبدوس، وقد أوجعه فيها سخريةً وحمل عليه كثيرًا، وهي رسالة لاذعة ساخرة مشبعة بالمرارة، ورغم ذلك تظهر فيها قوة العاطفة مع مشاعر مختلطة من الحب والبغض والغيرة، وتدلُّ على ثقافته الواسعة.
- الرسالة الجدية: كتبها عندما كان في السجن ووجَّهها إلى الأمير أبي الحزم يستعطفه ويطلب العفو والرحمة منه، وفيها الكثير من الأحداث والأسماء والاقتباسات.
- رسالته إلى أبي بكر: وهي من أقوى رسائله من الناحية الفنية، يبدو فيها نضوجه وخبرته الواسعة ودرايته الفائقة بالكتابة، كتبها بعد أن هرب من السجن وعاد من إشبيلية إلى قرطبة متخفيًّا يطلب الأمان.
قصائد ابن زيدون
لابن زيدون الكثير من القصائد الشهيرة سواء في الغزل أو وصف الطبيعة وغيرها، فقد كان من أشهر الشعراء العرب في عصره، وما تزال أشعاره إلى الآن تتنقل بين ألسن عشَّاق الشعر واللغة العربية، ومنها ما أدرج في العديد من الكتب المدرسية، وفيما يأتي سيتمّ إدراج بعض من المقاطع الشعرية من أشهر قصائده:
- المقطع الشعري الأول:[٤]
أضْحَى التّنائي بَديلاً منْ تَدانِينَا
- وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا
- حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ
- حُزْنًا، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا
- أُنسًا بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا
- بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر: آمينَا
- المقطع الشعري الثاني:[٥]
مَتى أبُثّكِ مَا بي
- يا راحَتي وعذابي؟
مَتَى يَنُوبُ لِسَاني
- في شَرْحِه، عن كتابي؟
اللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي
- أصْبَحْتُ فِيكِ لِما بي
فلا يطيبُ طعامي
- وَلا يَسُوغُ شَرَابي
يا فِتْنَة َ المُتَقَرّي
- وحجَّة المتصابي
- المقطع الشعري الثالث:[٦]
لَو أَنَّني لَكَ في الأَهواءِ مُختارُ
- لَما جَرَت بِالَّذي تَشكوهُ أَقدارُ
لَكِنَّها فِتَنٌ في مِثلِ غَيهَبِها
- تَعمى البَصائِرُ إِن لَم تَعمَ أَبصارُ
فَأَحسِنِ الظَنِّ لا تَرتَب بِعَهدِ فَتىً
- تَعفو العُهودُ وَتَبقى مِنهُ آثارُ
لَو كانَ يُعطى المُنى في الأَمرِ يُمكِنُهُ
- لَما أَغَبَّكَ يَومًا مِنهُ زَوّارُ
فَلا يُريبَنكَ في ذِكرِ الصَديقِ بِهِ
- مَن لَيسَ يَجهَلُ أَنَّ الدَهرَ دَوّارُ
- المقطع الشعري الرابع:[٧]
رَأَيتُكَ قُلتَ: إِنَّ الوَصلَ بَدرٌ
- مَتى خَلَتِ البُدورُ مِنَ السِرارِ
وَرابَكَ أَنَّني جَلدٌ صَبورٌ
- وَكَم صَبرٍ يَكونُ عَنِ اِصطِبارِ
وَلَم أَهجُر لِعَتبٍ غَيرَ أَنّي
- أَضَرَّت بي مُعاقَرَةُ العُقارِ
وَأَنَّ الخَمرَ لَيسَ لَها خُمارٌ
- تُبَرَّحُ بي فَكَيفَ مَعَ الخُمارِ
- المقطع الشعري الخامس:[٨]
إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقا
- والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ في أصائِلِهِ
- كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا
والرّوضُ عن مائِه الفضّيِّ مبتسمٌ
- كما شقَقتَ عنِ اللَّبّاتِ أطواقَا
يَوْمٌ كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ
- بتْنَا لها حينَ نامَ الدّهرُ سرّاقَا
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ
- جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا
كَأنّ أعْيُنَهُ إذْ عايَنَتْ أرَقى
- بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا
المراجع[+]
- ↑ "أدب أندلسي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "ابن زيدون"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "ابن زيدون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019.
- ↑ "متى أبثُّك ما بي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019.
- ↑ "لو أنني لك في الأهواء مختار"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019.
- ↑ "هواي وإن تناءت عنك داري"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019.
- ↑ "إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا،"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019.