سؤال وجواب

معلومات-عن-قصيدة-النثر


مظاهر التجديد في الشعر العربي المعاصر

من مظاهر التجديد في العصر الحديث والمعاصر ظهور تيارات أدبية متعددة انقسمت بين مُحافظ ومجدد، وكان لكل تيار أدبي أدباء ينتمون إليه، وله خصائص فنية يتميز به عن غيره، ومن أهم هذه التيارات: مدرسة الإحياء، جماعة الديوان، مدرسة أبولو، وكذلك ظهور شعر التفعيلة[١]، وبعدها جاءت جماعة مجلة شعر الذين دعوا إلى كتابة "قصيدة النثر"، وكلّ هذه التيارات الأدبية نشأت بفعل التغيرات التي حدثت في الحياة العربية من الناحية السياسية، والاجتماعية، والفكرية، مما أثر في مفهوم الشعر من تيار أدبي لآخر، فقد ظهر مفهوم جديد للشعر، بحيث يجد الشاعر فيه الحرية في التعبير عن مشاعره وفكره دون قيود.[٢]

مفهوم قصيدة النثر

تعرّف قصيدة النثر بأنها قصيدة تتميز بواحدة أو أكثر من خصائص الشعر الغنائي، وتختلف عن شعر التفعيلة بأنها لا تتقيد بوزن شعري أو بحر شعري معين.وتختلف عن النثر بأنها ذات إيقاع ومؤثرات صوتية أوضح مما يظهر في النثر، وهي غنية بالصور الفنية ، تعتمد جمالية العبارة، كما أنها تقوم على الموسيقى الداخلية التي تنشأ بين الكلمات في النص. وتعرّف سوزان برنار قصيدة النثر بأنها: "قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحّدة، مضغوطة، كقطعة من بلّور ... خلق حرّ، ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجًا عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءاته لا نهائية".[٣]

آراء النقاد حول قصيدة النثر

إن الكتب النقدية تظهر الخلاف القائم حول قصيدة النثر، ويتضح في أمرين: أمر يتعلق بالمصطلح المستخدم " قصيدة النثر" أو "الشعر المنثور" أو"النثر الشعري"، وأمر آخر يتعلق برواد هذا الشكل الفني الذين يحاولون لفت أنظار النقاد والأدباء إليه ومن آرائهم ما يأتي.

نازك الملائكة

تحدثت نازك الملائكة في كتابها: "قضايا الشعر المعاصر" عن قصيدة النثر، ويبدو من خلال حديثها عنها أنها معترضة على تسميتها بقصيدة النثر، والسبب في ذلك أن المصطلح ليس دقيقًا، فالنص إما أن يكون شعرًا، أو أن يكون نثرًا، ووجدت الملائكة أن هذا النوع من القصائد أدى إلى الخلط بينه وبين الشعر الحر أو شعر التفعيلة.[٤] ومما يؤكد رفضها لقصيدة النثرأيضًا قولها: " إن طائفة من أدباء لبنان يدعون اليوم إلى تسمية النثر شعرًا، وقد تبنت مجلة شعر هذه الدعوة، وأحدثت حولها ضجيجًا مستمرًّا لم تكن فيه مصلحة لا للأدب العربي، ولا للغة العربية، ولا للأمة العربية نفسها".[٥]

غالي شكري

تحدث غالي شكري عن التطورات التي أصابت الشعر الحديث، وتتبع ذلك من البدايات عند محمود سامي البارودي إلى قصيدة التفعيلة عند شعر التفعيلة في مقدمة ديوانها: " شظايا ورماد"، مما دفعها إلى التخلي عن هذا العنف في كتابها: "قضايا الشعر المعاصر"، ويمكن الملاحظة أن أنسي الحاج كان في مقدمة ديوان "لن" أكثر عنفًا من للتراث، ومن سلطته. [١١] ومن أهم القضايا التي يجب الإشارة إليها قضية شروط قصيدة النثر التي وضعها أنسي الحاج وحاول فيها ألا يقيد الشاعر، وهذه الشروط مأخوذة في حقيقة الأمر من "سوزان برنار" في كتابها: " قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا"، وهي التوهج، والكثافة للوصول إلى لحظة الإشراق، والوحدة العضوية، وقصر النص أيضًا، [١٢]وهذه شروط عامة وغامضة في حقيقة الأمر؛ إذ يصعب على النقاد الحكم على النصوص بمثل هذه الشروط. وقد ذكر أنسي الحاج في المقدمة أيضًا العوامل التي أدت إلى ظهور قصيدة النثر ومنها "ضعف الشعر التقليدي وانحطاطه، والإحساس بعالم متغير يفرض موقفًا آخر، الموقف الذي يفرض الشكل على الشاعر وهناك الوزن الحر، القائم على مبدأ التفعيلة لا البيت الذي عمل منذ عشر سنين على زيادة تقريب الشعر من النثر". [١٣]

أمثلة على قصيدة النثر

من المهم في هذه المقالة أن يتم تقديم نماذج من قصيدة النثر التي اختلف حولها الشعراء والنقاد، فبعضهم أدخلوها في باب الشعر، وبعضهم أخرجها من باب الشعر، وهذه النماذج هي لرواد كتّاب قصيدة النثر الذين اهتموا فيها، ودعوا إلى كتابتها، منهم:

عكازك الذي تتَّكئ عليه يوجع الإسفلت
فـ"الآن في الساعة الثالثة من هذا القرن
لم يَعُد ثمَّة ما يفصل جُثث الموتى
عن أحذية المارة".
يا عَتبتي السمراء المشوهة
لقد ماتوا جميعًا: أهلي وأحبابي
ماتوا على مداخل القرى
وأصابعهم مفروشة
كالشوك في الريح
لكني سأعود ذات ليلة
ومن غلاصمي
يفور دمُ النرجس والياسمين
غيوم
غيوم، يا غيوم
يا صُعداء الحالمين وراء النوافذ
غيوم، يا غيوم
علِّميني فرَحَ الزوال!
هل يحِبّ الرجل ليبكي أم ليفرح،
وهل يعانق لينتهي أم ليبدأ؟
لا أسألُ لأُجاب، بل لأصرخ في سجون المعرفة.
ليس للإنسان أن ينفرج بدون غيوم
ولا أن يظفر بدون جِزْية
في عَتْمة الأشياء في سرِّها
أحبُّ أن أبقى
أحبُّ أن أسْتبطنَ الخَلْقا
أحبُّ أن أشردَ كالظنِّ
كغربة الفنِّ
كالمبهم الغُفْلِ وغير الأكيدْ
أولَدُ في كلِّ غدٍ من جديدْ

المراجع[+]

  1. "المدارس الشعرية العربية في القرن العشرين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  2. "قصيدة النثر"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  3. "قصيدة النثر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019.
  4. حنين معالي (2020)، مفهوم الموسيقى الشعرية عند نازك الملائكة (الطبعة الأولى)، عمّان: دار أمواج للنشر والتوزيع، صفحة 62- 63. بتصرّف.
  5. نازك الملائكة (د.ت)، قضايا الشعر المعاصر ، بيروت: دار العلم للملايين ، صفحة 214.
  6. غالي شكري (1991)، شعرنا الحديث إلى أين؟ (الطبعة الثالثة )، القاهرة و بيروت : الشروق، صفحة 49- 50.
  7. "قصيدة النثر"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019.
  8. سلمى الجيوسي (2007)، الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث (الطبعة الثانية )، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية ، صفحة 652. بتصرّف.
  9. أنسي الحاج (د.ت)، لن ، لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 12- 13.بتصرّف.
  10. أنسي الحاج (د.ت)، لن، لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 20.
  11. أنسي الحاج (د.ت)، لن، لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 19. بتصرّف.
  12. أنسي الحاج (د.ت)، لن ، لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 16- 17. بتصرّف.
  13. أنسي الحاج (د.ت)، لن، لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 15- 17.
  14. "أمثلة على قصيدة النثر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019.
  15. "غيوم"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019.
  16. "في عتمة الأشياء"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019.