معلومات-عن-الثورة-البلشفية
محتويات
البلاشفة والمناشفة
كان البلاشفة والمناشفة أو المينشِفِك فصائلَ داخل حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي، وقد سعوا إلى جلب الثورة إلى روسيا من خلال اتباع أفكار الاشتراكي كارل ماركس، وقد استولى البلاشفة على السلطة في الثورة الروسية 1917م بمساعدة من تحركات تحت قيادة لينين وسذاجة المناشفة، أما بالنسبة لاسم البلاشفة والمناشفة؛ ففي إحدى المؤتمرات حصل انقسام وحصل لينين وأنصاره على الأغلبية في اللجنة المركزية، وأخذوا لأنفسم اسم البلاشفة بمعنى الأغلبية، أما خصومهم بقيادة مارتوف فأخذوا لأنفسم اسم المناشفة بمعنى الأقليات، وخلال المقال سيتم التعرف على الثورة البلشفية والأسباب التي أدت لاندلاعها.[١]
الإمبراطورية الروسية
كانت الإمبراطورية الروسية ممتدة عبر أوراسيا وأمريكا الشمالية من عام 1721م، بعد انتهاء الحرب الشمالية العظمى، حتى إعلان الجمهورية من قبل الحكومة المؤقتة التي تولَّت السلطة بعد ثورة شباط 1917م، وكانت الإمبراطورية الروسية تعد ثالث أكبر إمبراطورية في تاريخ العالم في تمددها العظيم الممتد على ثلاث قارات البرجوازي، وكانوا يميلون إلى التحالف مع قوى الليبرالية البرجوازية، وقد أيد البلاشفة تحت حكم فلاديمير لينين فكرة تشكيل نخبة صغيرة من الثوار المحترفين الخاضعين لانضباط الحزب القوي، لتكون بمثابة البروليتاريا من أجل الاستيلاء على السلطة بالقوة، وكانت الهزيمة في الحرب الروسية اليابانية عام 1904م - 1905م الضربة الرئيسة لنظام الحكم القيصري بالإضافة لزيادة تيار الإضراب.[٢]
في كانون الثاني 1905م وقعت حادثة تعرف باسم -الأحد الدموي- عندما قام الأب جورجي جابون بقيادة حشد هائل إلى قصر الشتاء في سانت بطرسبيرج لتقديم اِلتِماس إلى القيصر، وعندما وصلت المسيرة إلى القصر فتح الجنود النار على الحشد وقتلوا المئات، كانت الجماهير الروسية غاضبة للغاية من المذبحة مما أدى إلى إعلان إضراب عام للمطالبة بجمهورية ديمقراطية، وكان هذا الحدث بداية ثورة 1905م، وظهر السوفييت -مجالس العمال- في معظم المدن لتوجيه النشاط الثوري، وكانت روسيا مشلولة والحكومة يائسة، وفي تشرين الأول 1905م أصدر نيكولاس على مضض بيان أكتوبر الذي أقر فيه بإنشاء مجلس الدوما الوطني -الهيئة التشريعية- ليتم مناداتها دون تأخير، تم تمديد حق التصويت كان أن أي قانون لا يمكن أن يصبح نهائيًا دون موافقة مجلس الدوما، وكانت الجماعات المعتدلة راضية، لكن الاشتراكيين رفضوا الامتيازات باعتبارها غير كافية، وحاولوا تنظيم إضرابات جديدة.[٢]
بحلول منتصف 1915م كان تأثير الحرب مربكًا حيث كان هناك نقص في الغذاء والوقود، وعدد الإصابات بتزايد والتضخم بتصاعد، وارتفعت الإضرابات بين عمال المصانع من أصحاب الأجور المتدنية، وكانت هناك تقارير بأن الفلاحين الذين يريدون إصلاحات في ملكية الأراضي كانوا قلقين ومضطربين، ليقرر القيصر نيكولاس الثاني أخيرًا تولي القيادة الشخصية للجيش -فترة الحرب العالمية الأولى- تاركًا زوجته الإمبراطورة ألكسندرا مسؤولةً على العاصمة، وقد قادها مرض ابنها ألكسي بالوثوق بفلاح سيبيري قليل الثقافة والعلم يدعى غريغوري راسبوتين، الذي أقنع العائلة المالكة بأنه يمتلك قوى علاجية من شأنها شفاء ألكسي، وقد اكتسب نفوذًا هائلًا لكنه لم يستطع أن يغير أي قرارات رئيسة، وتم اغتياله أواخر 1916م من قبل عدد من النبلاء لاستعادة شرفهم واحترامهم لكن لم يتم استعادة هيبة القيصر المفقودة.[٢]
تمّ الإطاحة بالنظام القيصري في ثورة شباط عام 1917م، وأعلن البلاشفة بعدم ضمهم وتعويضهم ودعوا العمال إلى قبول سياساتهم وطالبوا بإنهاء الحرب، وفي آذار 1917م تم تنظيم إضراب على مصنع في العاصمة بتروغراد، وفي غضون أسبوع تقريبًا كان جميع العمال في المدينة عاطلين عن العمل واندلع قتال الشوارع، وبحسب المؤرخ الأمريكي رابينوفيتش فإن ثورة شباط 1917م نشأت بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي قبل الحرب والتخلف التكنولوجي والانقسامات الاجتماعية الأساسية إلى جانب الإدارة الفاشلة الكارثية للحرب، والهزائم العسكرية المتواصلة واضطراب الاقتصاد المحلي والفضائح الملكية المشينة، ومع تدمير السلطة الحاكمة تنازل نيكولاس الثاني عن العرش في آذار 1917م، وتم إعدام عائلة رومانوف على يد البلاشفة عام 1918م.[٢]
الثورة الروسية
كانت الثورة الروسية عام 1917م واحدة من أكثر الأحداث السياسية انفجارًا في القرن العشرين، كانت الثورة العنيفة مؤشرًا على نهاية سلالة رومانوف وقرونًا من الحكم الإمبراطوري الروسي، وخلال الثورة الروسية استولت قوات الثورة البلشفية برئاسة القائد اليساري فلاديمير لينين على السلطة ودمروا تقاليد الحكم القيصري، وأصبح البلاشفة لاحقًا الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي، بدأت ثورة فبراير -المعروفة بهذا الاسم بسبب استخدام روسيا للتقوم اليولياني Julian calendar حتى شباط 1918م- في 8 آذار 1917م -23شباط في التقويم اليولياني- عندما خرج المتظاهرون الذين كانوا يطالبون بالخبز إلى شوارع بتروغراد، مدعومين من قبل حشد كبير من عمال المصانع المضربين عن العمل، واصطدم المتظاهرون مع الشرطة لكنهم رفضوا مغادرة الشوارع.[٣]
في 11 آذار، تم استدعاء حامية عسكرية من قوات بتروغراد لقمع الانتفاضة، وفي بعض المواجهات أطلقت القوات النار وقتلت المتظاهرين، لكن المتظاهرين بقوا في الشوارع وبدأت القوات بالتَّرنح، وفي 12 آذار شكل مجلس الدوما حكومة مؤقتة، وقد أنشأ قادة الحكومة المؤقتة ومن بينهم المحامي الروسي الشاب ألكسندر كيرنسكي برنامجًا ليبراليًا للحقوق مثل حرية التعبير والمساواة أمام القانون، وحق النقابات في التنظيم والإضراب، وعارضوا الثورة الاجتماعية العنيفة، وكوزير حرب واصل كيرنسكي الجهود الحربية الروسية على الرغم من أن المشاركة الروسية في الحرب العالمية الأولى لم تكن تحظى بشعبية كبيرة، وقد أدى ذلك إلى نقص إمدادات العذاء في روسيا، واستمرت الاضطرابات بشكل متصاعد مع قيام الفلاحين بنهب المزارع والغذاء وانفجار العصيان في المدن، أما الثورة البلشفية فهي القسم الثاني من الثورة الروسية.[٣]
فلاديمير لينين قائد الحزب البلشفي
اسمه الحقيقي فلاديمير إيليتش أوليانيوف Vladimir Ilyich Ulyanov أما لينين فهو اسمه المستعار، ولد بتاريخ 22 نيسان 1870م وتوفي بتاريخ 21 كانون الثاني 1924م، كان ثوريًا وسياسيًا روسيًا وباحثًا في المنظور السياسي، شغل منصب رئيس حكومة روسيا السوفيتية من عام 1917م حتى عام 1924م والاتحاد السوفيتي من 1922م - 1924م، وقد طوَّر شكلًا جديدًا من الماركسية عُرف باسم اللينينية، وتم تصنيف أفكاره بعد وفاته باسم الماركسة اللينينية، وكان النشاط السياسي المبكر لقائد الثورة البلشفية من 1893م - 1900م، ففي أواخر عام 1983م انتقل لينين إلى سانت بطرسبيرج وعمل مساعدًا لمحامٍ في المحاكم العليا، وارتقى لمنصبٍ أكبر لخلية ثورية ماركسية تطلق على نفسها اسم الاشتراكيين الديمقراطيين بعد الحزب الإشتراكي الديمقراطي الماركسي في ألمانيا.[٤]
وبشكل علنيّ، دعا للماركسية من خلال الحركة الإشتراكية، وقد شجع على تأسيس خلايا ثورية في مراكز الصناعة الروسية، وبتمويل من والدته مكث قائد الثورة البلشفية في منتجع صحي سويسري قبل السفر إلى برلين، حيث درس لمدة ست أسابيع بمكتبة في برلين والتقى الناشط الماركسي وفِلْهِم ليبكْنِكْت Wilhelm Liebknecht، وبعد عودته إلى روسيا كان من بين ضمن أربعين شخصًا ممن قبض عليهم في سانت بطرسبيرج بتهمة التحريض على الفتنة، وذلك بسبب المنشوارات الثورية غير القانونية التي كان يوزعها على العمال ومشاركته في إنشاء جريدة قضية العمال، وبقي لينين في السجن لمدة عام قبل صدور الحكم عليه، وفي شباط 1897م وبدون محاكمة حُكم عليه بالنفي ثلاث سنوات إلى شرق سيبيريا، وفي عام 1898 انضمت إليه ناديا أو نادياشا وتزوجها وهي مُدرسة ماركسية كان قد تعرف عليها عام 1894م، وفي العام 1899م أنهى كتابه تطور الرأسمالية في روسيا منتقدًا فيه الاشتراكيين الزراعيين ومعززًا التحليل الماركسي للتنمة الاقتصادية في روسيا.[٤]
في كانون الثاني 1905 أثارت مذبحة الأحد الدامي في سانت بطرسبيرج موجة من الاضطرابات المدنية، فحثَّ لينين قوات الثورة البلشفية على القيام بدور أكبر في الأحداث وتشجيع العصيان العنيف، وللقيام بذلك تبنى شعارات التمرد المسلح والإرهاب الجماعي ومصادرة أراضي الأرستقراطيين، استجابةً لثورة 1905م التي فشلت في الإطاحة بالحكومة، وبعدها وافق نيكولاس الثاني على سلسلة من الإصلاحات الليبرالية، وفي ظل هذا المناخ شعر لينين بالأمان للعودة إلى سانت بطرسبيرج وانضم إلى هيئة تحرير -الحياة الجديدة- وهي صحيفة قانونية راديكالية والتي تديرها ماريا أندرييفا، وقد أدرك لينين قائد الثورة البلشفية أن رسوم العضوية والمنح المقدمة من قبل بعض المتعاطفين الأغنياء غير كافية لتمويل أنشطة الثورة البلشفية، لذا أيد لينين فكرة سرقة مكاتب البريد ومحطات السكك الحديدية والقطارات والبنوك، وتحت قيادة ليونيد كراسين بدأت مجموعة من البلاشفة بتنفيذ مثل هذه الأعمال الإجرامية، وأشهر هذه الأعمال الإجرامية في عام 1907م عندما ارتكبت مجموعة من البلاشفة تحت قيادة جوزيف ستالين عملية سطو مسلح على بنك الدولة في تيفليس، جورجيا.[٤]
عندما علم لينين الذي كان بقاعدته في سويسرا بتنازل نيكولاس عن العرش -1917م- قرر العودة إلى روسيا لتولي أمر البلاشفة، لكنه وجد أن معظم الطرق المؤدية إلى البلاد كانت مغلقة بسبب النزاع القائم، لكنه قام بتنظيم خطة مع منشقين آخرين للتفاوض عبر ممر لهم من ألمانيا إلى روسيا التي كانت في حالة حرب، وإدراكًا من الحكومة الألمانية بأن هؤلاء المنشقين من الممكن أن يتسببوا بمشاكل لأعدائهم الرُّوس، وافقت لـ 32 مواطنًا روسيًا بالسفر بعربة قطار عبر أراضيهم ومن ضمنهم لينين وزوجته متجهين إلى بتروغراد، وعند وصوله إلى المحطة ألقى لينين قائد الثورة البلشفية خطابًا أمام مؤيدي البلشفية يدين فيه الحكومة المؤقتة يدعو فيه إلى ثورة بروليتارية على مستوى القارة الأوروبية، وبعد فترة وجيزة غادر لينين المدينة للعلاج بسبب تدهور حالته الصحية، لكنه ما لبث أن عاد بعد أن علم أن المتظاهرين البلاشفة اشتبكوا مع القوات الحكومية ودعا إلى الهدوء، وقد بدأ يحث على تمرد مسلح بقيادة البلاشفة للإطاحة بالحكومة بعد أن أصدرت بحقه وبحق عدد من القادة سلسلة الاعتقالات لكنهم فروا منها متنكرين، وتم رفض هذه الفكرة من قبل اللجنة المركزية للحزب، وكان هذا قبل الثورة البلشفية بفترة وجيزة.[٤]
جوزيف ستالين والثورة البلشفية
جوزيف فيساريونوفتش ستالين 1878م - 1953م كان ثوريًا وسياسيًا سوفيتيًا، قاد الاتحاد السوفيتي كأمين عام للحزب الشيوعي من 1922م حتى 1952م، وزعيم الاتحاد السوفيتي من 1941م حتى 1953م وتعرف سياسته الخاصة بالستالينية، وكان له صوتًا ناعمًا وعندما يتحدث بالروسية كان يتحدث ببطء ويختار الصياغة بعناية، لكنه كان يستخدم اللغة الفظة في حياته الخاصة على الرغم من أنه كان يتجنب استخدامها أمام العامة، كانت خطاباته تتصف بالفقر إذ كانت بسيطة وواضحة، ونادرًا ما كان يتحدث في حضور الجماهير الغفيرة بل كان يعبر عن نفسه بشكل مكتوب، وخلال حياته استخدم العديد من الألقاب والأسماء المستعارة مثل كوبا وسوسيلو وإيفانوف، واعتمد اسم ستالين عام 1912م والتي تعني بالروسية الفولاذ وأصبح يعرف بالرجل الحديدي أو الرجل الفولاذي.[٥]
عندما كان ستالين في المنفى تم انتخاب أول لجنة مركزية بلشفية في مؤتمر براغ، بعد ذلك دعا لينين وجريجوري زينوفييف ستالين للانضمام إليهما، واعتقد لينين أن ستالين سيساعد على تأمين الدعم للبلاشفة من الأقليات العرقية للإمبراطورية، وفي شباط 1912م فرَّ ستالين مرةً أخرى إلى سانت بطرسبيرغ وكُلّف بتحويل الصحيفة البلشفية الأسبوعية إلى يومية، وتم إطلاق الصحيفة الجديدة -الحقيقة- في نفس العام، كان دور ستالين فيها محررًا بالظل، في شباط 1913م سافر ستالين إلى فينَّا، وهناك ركَّز على السؤال الوطني، كيفية يجب على البلاشفة التعامل مع الإمبراطورية الروسية الوطنية والأقلية العرقية، أراد لينين جذب هذه الجماعات إلى القضية البلشفية من خلال منحهم حق الانفصال عن الدولة الروسية، لكن في نفس الوقت كان يأمل بأن يظلوا جزءًا من روسيا التي يحكمها البلاشفة في المستقبل.[٥]
كان مقال ستالين بعنوان الماركسية والسؤال الوطني، وكان لينين سعيدًا جدًا بهذا المقال، وكان تحت الاسم المستعار ك.ستالين الذي لازمه طوال حياته، وبينما كان ستالين في المنفى دخلت روسيا الحرب العالمية الأولى، وتم تجنيد ستالين وغيره من البلاشفة في المنفى بالجيش الروسي وذلك في تشرين الأول 1916م، وقد وصلوا إلى كراسنويارسك في شباط 1917م وخلال الفحص الطبي تبين أن ستالين غير مؤهل للخدمة العسكرية بسبب ذراعه المعطلة، وكان على ستالين أن يقضي أربعة أشهر أخرى في المنفى لكنه نجح بطلبه بأن يقضيها في آتشنك Achinsk القريبة، وعند اندلاع ثورة فبراير في بتروغراد كان ستالين في المدينة، وتنازل نيكولاس الثاني عن الحكم بدلًا من الإطاحه به لتصبح الإمبراطورية الروسية جمهورية برئاسة حكومة مؤقتة، وعُين ستالين ممثلًا للبلشفية في بتروغراد.[٥]
الثورة البلشفية، أحداثها وأسبابها
تعد الثورة البلشفية أو ثورة أكتوبر مرحلة من مراحل الثورة الروسية ومعروفة والإمبرياليين.[٦]
في أيلول وتشرين الأول 1917م كان هناك إضراب جماعي في موسكو وبتروغراد من قبل عمال المناجم والمعادن والنفط والنسيج والسكك الحديدية وشارك أكثلر من مليون عامل في الإضراب، وقرر العمال السيطرة على إنتاج وتوزيع العديد من المصانع والمزارع في ثورة اجتماعية، وتمكن العمال من التفاوض على ظروف أفضل من حيث ساعات العمل والأجور، لكن الزيادة التي حصلوا عليها كانت قليلة لإعالة أسرهم، وفي تشرين الأول كانت انتفاضة الفلاحين منتشرة وبحلول الخريف كانت حركة الفلاحين ضد ملاك الأراضي قد انتشرت من 482 مدينة إلى 624 مدينة أي 77% من مساحة البلاد، ومع تقدم 1917م بدأ الفلاحون وعلى نحو متزاد بفقدان إيمانهم بأن الأراضي ستوزع عليهم من قبل الثوريين الاجتماعيين أو المناشفة.[٦]
منذ بداية أيلول وحتى الثورة البلشفية زاد عدد وعنف الفلاحين الثائرين الذين رفضوا الاستمرار بالعيش مثل السابق، كما أن أكثر من 42% من حالات الدمير -عادةً ما كان يتم إحراق أو الإستيلاء على ممتلكات المالك- التي تم تسجيلها بين شباط وتشرين الأول وقعت في تشرين الأول، وشملت أشكال الاحتجاج الأقل عنفًا مسيرات في مزارع ملاك الأراضي والمكاتب الحكومية، بالإضافة إلى حجب وتخزين الحبوب بدلًا من بيعها نتيجة للأزمة الاقتصادية، وعندما أرسلت الحكومة المؤقتة كتيبة تأديبية قامت بإثارة سخط الفلاحين، وقد أعلنت الحاميات العسكرية في بتروغراد وموسكو ومدن أخرى والجبهتين الشمالية والغربية، وبحَّارة أسطول البلطيق في أيلول ومن خلال هيئة تمثيلية منتخبة أنهم لن يعترفوا بسلطة الحكومة المؤقتة ولن يقوموا بتنفيذ أوامرها.[٦]
بعد التخطيط للثورة من قبل لينين قائد الثورة البلشفية، أنشأ البلاشفة لجنة عسكرية ثورية في حدود سوفييت بتروغراد، وفي الصباح الباكر من 24 تشرين الأول 1917م سارت مجموعة من الجنود الموالية لحكومة كيرنسكي إلى مطبعة الصحيفة البلشفية، وقد قاموا بالاستيلاء وتدمير معدات الطباعة وآلاف من الصحف، وبعد ذلك بفترة وجيزة أعلنت الحكومة الإغلاق المباشر ليس فقط لصحيفة رابوتشي لكن أيضًا صحيفة سولدات اليسارية وكذلك الصحف اليمينية نوفايا Novaia وزيفو Zhivoe، وتم محاكمة المحررين والمؤلفين الذين يُعتقد أنهم يدعون إلى التمرد بتهم جنائية، وردًا على ذلك في الساعة التاسعة صباحًا أصدرت اللجنة الثورة العسكرية بيانًا استنكرت فيه تصرف الحكومة، وفي العاشرة صباحًا نجح الجنود المتحالفين مع الثورة البلشفية في استعادة مطبعة ريبوتشي. وفي الساعة الثالثة تقريبًا رد كيرنسكي من خلال إصدار الأوامر برفع جسور بتروغراد باستثناء واحد، وهو تكتيك استُخدم من قبل الحكومة قبل عدة أشهر.[٦]
تلا ذلك سلسلة من الاشتباكات المتقطعة للسيطرة على الجسور بين الجيش الشعبي -الحرس الأحمر- المتحالفة مع اللجنة الثورية العسكرية والأفواج العسكرية التي لا تزال موالية للحكومة، وفي حدود الساعة الخامسة تقريبًا استولت اللجنة الثورية العسكرية على التلغراف المركزي في بتروغراد، مما أعطى قوات الثورة البلشفية السيطرة على الاتصالات عبر المدينة، وفي 25 تشرين الأول 1917م قاد البلاشفة قواتهم إلى ثورة في بتروغراد ضد حكومة كيرنسكي المؤقتة، وتزامن هذا الحدث مع وصول أسطول صغير من مشاة البحرية الموالين لقوات الثورة البلشفية، وأعلن البحارة أيضًا وقوفهم مع الثورة البلشفية، وفي الصباح الباكر خططت اللجنة الثورية العسكرية لآخر المواقع ليت الاعتداء أو السيطرة عليها من مركزها شديد الحراسة في قصر سمولني.[٦]
استولى الحرس الأحمر على المرافق الحكومية الرئيسة ومنشآت الاتصالات الرئيسة دون مقاومة تذكر، وانضمت حامية بتروغراد ومعظم وحدات الجيش في المدينة إلى الثورة البلشفية ضد الحكومة المؤقتة، كانت كيرنسكي والحكومة المؤقتة عاجزين فعليًا عن القيام بمقاومة كبيرة، وكان العمال والجنود السوفييت يسيطرون على المحطات والسكك الحديدية لعدة أيام، مما يجعل السفر من وإلى بيتروغراد بالنسبة لمسؤولي الحكومة المؤقتة مستحيلًا، كما أن الحكومة المؤقتة لم تتمكن أيضًا من إيجاد أي مركبات قابلة للاستعمال، وقد بحث كيرنسكي بشكل يائس عن وسيلة للوصول إلى القوات العسكرية آملًا أن تكون صديقة للحكومة المؤقتة خارج المدينة، وفي النهاية استعار سيارة من السفارة الأمريكية، وتمكن كيرنسكي من الخروج من القصر وقاد السيارة للقاء الجنود القريبين.[٦]
عندما غادر كيرنسكي بتروغراد كتب لينين بيانًا للمواطنين في روسيا مُعلنًا فيه أن الحكومة المؤقتة قد تم الإطاحة بها من قبل اللجنة الثورية العسكرية، تم إرسال بيان قائد الثورة البلشفية عن طريق برقية في جميع أنحاء روسيا، وحدثت انتفاضة غير دموية مع الهجوم النهائي على قصر الشتاء مع ثلاثة آلاف من الطلاب العسكريين والضباط والقوازق والمجندات الإناث الذين كانوا ضعفاء في الدفاع عن قصر الشتاء، أجَّلت قوات الثورة البلشفية الاعتداء لأنهم لم يتموكنوا من العثور على مدفعية صالحة، وفي الساعة السادسة وخمس عشرة دقيقة تخلت مجموعة كبيرة من الطلاب العسكريين خلف المدفعية عن القصر آخذين معهم مدافعهم، وفي الساعة الثامنة غادر مئتا قوزاقي القصر عائدين إلى ثكناتهم، بينما ناقش مجلس الحكومة المؤقتة داخل القصر الإجراء الذي يجب اتخاذه.[٦]
أصدرت قوات الثورة البلشفية إنذارًا للاستسلام واحتل العمال والجنود آخر محطات التلغراف، وقطعوا اتصالات مجلس الحكومة مع القوات العسكرية الموالية خارج المدينة، مع هبوط الليل حاصر حشد من الثوار القصر وتسلسل الكثيرون إليه، وقد تم الانتفاض وحتى الاستيلاء على قصر الشتاء دون مقاومة تذكر، وفي الساعة العاشرة وخمسة وعشرون دقيقة دخل بعض الثوار القصر وبعدها بثلاث ساعات كان هناك دخول جماعي على القصر، وبحلول الساعة الثانية وعشر دقائق من صباح 26 تشرين الأول سيطرت قوات الثورة البلشفية على القصر، وبعد إطلاق متفرق للنار في جميع أنحاء القصر استسلم أعضاء مجلس الحكومة المؤقتة وأطيح بهم رسميًا، والعضو الوحيد الذي لم يتم اعتقاله هو كيرنسكي الذي كان قد غادر القصر، وبسقوط القصر بقبضة البلاشفة واعتقال أعضاء مجلس الحكومة تكون الثورة البلشفية قد انتهت وانتقلت للمرحلة التالية وهي مرحلة التأسيس للدولة.[٦]
الجيش الأحمر
الجيش الأحمر هو الجيش السوفيتي الذي أنشأته الحكومة الشيوعية بعد الثورة البلشفية عام 1917م، تم التخلي عن اسم الجيش الأحمر عام 1946م، تفكك جيش وسلاح بحرية الإمبراطورية الروسية إلى جانب المؤسسات الإمبريالية لروسيا القيصرية بعد اندلاع الثورة الروسية، وفي عام 1918م أنشأ مجلس مفوضي الشعب جيشًا من العمال والفلاحين على أساس طوعي، وكانت بداية الجيش الأحمر عندما فرضت الحكومة السوفيتية التدريب العسكري الإلزامي للعمال والفلاحين الذين لم يُوظَّفوا عمالًا مأجورين، وكان مؤسس الجيش الأحمر ليون تروتسكي مفوض الشعب للحرب من 1918م حتى فقد منصبه عام 1924م، تم تجنيد الجيش الأحمر حصريًا من بين العمال والفلاحين وقد واجه الجيش الأحمر مشكلة مباشرة بإنشاء فيالق من الضباط الأكفاء والجديري بالثقة.[٧]
واجه تروتسكي هذه المشكلة من خلال حشد الضباط السابقين من الجيش الإمبراطوري، وحتى 1921م خدم ما يقارب 50,000 من هؤلاء الضباط في الجيش الأحمر، ومع استثناءات قليلة ظلوا موالين لنظام الحكم السوفيتي، وفي عام 1937م أثر التطهير العنيف على جميع المعارضين المحتملين لقيادة جوزيف ستالين ما أدى إلى إهلاك عدد كبير من الضباط وأضعف بشكل كبير معنويات وكفاءة الجيش الأحمر، وكانت آثار التطهير واضحة من الهزائم الخطيرة التي عانى منها الجيش الأحمر خلال الأشهر الأولى من الغزو الألماني النازي عام 1941م، لكن سرعان ما برزت فيالق من القادة الشبَّان لقيادة الاتحاد السوفيتي إلى الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وتم إزالة كلمة أحمر من اسم القوات المسلحة عام 1946م.[٧]
نتائج الثورة البلشفية
بتاريخ 20 كانون الأول 1917م تم انشاء لجنة استثنائية تعرف Cheka بموجب مرسوم من قائد الثورة البلشفية لينين، وكان هذا بداية تدعيم البلاشفة لسلطتهم على خصومهم السياسيين، وقد نظر البلاشفة إلى أنفسهم على أنهم يمثلون تحالفًا للعمال والفلاحين وقاموا بإحياء هذه الذكرى من خلال المطرقة والمنجل على علم ومعطف الاتحاد السوفيتي، أما نتائج الثورة البلشفية ومن خلال المرسوم فقد تم إعادة توزيع الأراضي بين الفلاحين وتأميم جميع الممتلكات الخاصة من قبل الحكومة، وتأميم جميع البنوك الروسية ومصادرة جميع الحسابات المصرفية بالإضافة لمصادرة ممتلكات الكنيسة بما في ذلك حساباتها المصرفية، وانكار الديون الخارجية وتمت السيطرة على جميع المصانع من قبل السوفييت، وتم إصلاح معدلات الأجور بحيث تصبح أعلى مما كانت عليه أيام الحرب وتقليل دوام العمال لثماني ساعات في اليوم.[٨]
الحرب الأهلية الروسية
كانت الحرب الأهلية الروسية صراعًا مدمرًا ومريرًا لتحديد مستقبل روسيا بعد أن أصبحت السلطة في قبضة البلاشفة، اندلعت الحرب الأهلية بين عامي 1918م - 1920م بين الحُمر -الحزب البلشفي بقيادة فلاديمير لينين- والبيض المعارضين للبلاشفة خاصّةً الضباط العسكريين القياصرة-، كانت الحرب معقدة وكان الصراع متعدد الجوانب بين الحركات السياسية والاجتماعية والعرقية والتي تمتد جذورها إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ومن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة رفض لينين تقاسم السلطة وإغلاق الجمعية التأسيسية بالقوة، وقد كان مجموع الخسائر البشرية بسبب القتال والقمع والجوع والمرض هائلًا حيث بلغ مجموع عدد الضحايا سبعة أو ثمانية ملايين تقريبًا، أي أكثر مما خسرته روسيا في الحرب العالمة الأولى.[٩]
قيام الاتحاد السوفيتي
تعود جذور الاتحاد السوفيتي إلى الثورة البلشفية عام 1917م، عندما أطاح البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين بالحكومة المؤقتة التي حلَّت مكان نظام الحكم الاستبدادي للقيصر نيكولاس الثاني خلال الحرب العالمية الأولى، وفي عام 1922م بعد انتهاء الحرب الأهلية التي انتصر فيها البلاشفة تم تشكيل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية من خلال اتفاقية اتحاد الجمهوريات وهي روسيا والقوقاز وأوكرانيا وبيلاروسيا، وتم الاعتراف بالاتحاد السوفيني من قبل بريطانيا في 1 شباط 1924م وهو نفس العام الذي تم فيه الموافقة على الدستور، كذلك نفس العام الذي توفي فيه لينين الذي لم يدم طويلًا في السلطة، وخلفة جوزيف ستالين الذي كان قد عُين أمينًا عامًا للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي ورئيسًا مفتشًا على العمال والفلاحين، مما أعطاه نفوذًا واسعًا وأصبح زعيمًا بلا منازع.[١٠]المراجع[+]
- ↑ "Who Were the Mensheviks and Bolsheviks?", www.thoughtco.com, Retrieved 07-10-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "Russian Empire", www.wikiwand.com, Retrieved 04-10-2019. Edited.
- ^ أ ب "Russian Revolution", www.history.com, Retrieved 04-10-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث "Vladimir Lenin", www.wikiwand.com, Retrieved 05-10-2019. Edited.
- ^ أ ب ت "Joseph Stalin", www.wikiwand.com, Retrieved 05-10-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "October Revolution", www.wikiwand.com, Retrieved 06-10-2019. Edited.
- ^ أ ب "Red Army", www.britannica.com, Retrieved 06-10-2019. Edited.
- ↑ "October Revolution", www.wikipedia.org, Retrieved 07-10-2019. Edited.
- ↑ "Russian Civil War", www.encyclopedia.com, Retrieved 07-10-2019. Edited.
- ↑ "Soviet Union", www.wikipedia.org, Retrieved 07-10-2019. Edited.