سؤال وجواب

من-هم-أصحاب-الرس


المكذبون للرسل

منذ أن بعث الله -عزّ وجلّ- رسله بالحقّ ليردوا الناس عن ضلالاتهم، وهم يلاقون العَنَت والتكذيب، وهذا أمرٌ ربّما يكون طبيعيًّا فيمن اعتاد أمرًا زيّنه له الشّيطان، ورأى في الحقّ تغييرًا لنهج آبائه قبله، لذلك كان بعض الأنبياء يُقتلون على يد أقوامهم، ولكنّ الله -عزّ وجلّ- كان ينتقم لرسوله الذي أرسله، فيُدمّر تلك القرية ويمحوها من الوجود، ومنذ عهد نوح -عليه السلام- والناس يُصرّون على الكفر بعد أن أغوى الشيطان الأقوام التي سبقتهم، وبعد نوح -عليه السلام- استمرّ الأنبياء برسالاتهم واستمرّ الناس بالصدّ؛ كثمود وعاد والمؤتفكة وأصحاب الأيكة وغيرهم، وفي المقال الآتي سيتم التوقّف على قصة أصحاب الرس، كما وسيبين من هم أصحاب الرس.[١]

من هم أصحاب الرس؟

يروي الإمام ابن كثير الدمشقي -رحمه الله- في كتابه قصص الأنبياء، فيما ينقله عن الحافظ ابن عساكر أنّ أصحاب الرس هم قومٌ كانوا بمنطقةٍ يُقال لها حَضُور، فأرسل الله -عزّ وجلّ- نبيًّا لهم يقال له حنظلة بن صفوان -عليه السلام- فكذّبوه وقتلوه، فسار عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح من الرس فنزل الأحقاف، وأهلك الله أصحاب الرس بقتلهم نبيهم، وانتشروا في اليمن، وفشوا في الأرض كلّها مع ذلك، حتى نزلَ جيرون بن سعد بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح في دمشق، وبنى مدينتها وسمّاها جيرون؛ وهي إرم ذات العماد، ثم بعدها أرسل الله -عزّ وجلّ- نبيه هودًا إلى عاد -وهم أولاد عاد في الأحقاف- فكذبوه فأهلكهم الله -عزّ وجلّ- وهذه الرواية تقتضي أنّ أصحاب الرس قبل عاد بدهور طويلة، والله -تعالى- أعلم.

ويروي ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنّه قال: إنّ الرس هو بئرٌ في أذربيجان، وقال سفيان الثوري إنّ الرس بئرٌ لقومٍ رسوا فيه نبيهم؛ أيّ: دفنوه فيها، ويروي آخرون أنّ أصحاب الرس هم قومٌ كان لهم ملكٌ حسَنُ السيرة، وكان عندهم بئرٌ يرويهم ويسقي مزروعاتهم، فلمّا مات الملك حزنوا عليه كثيرًا، فتمثل لهم الشيطان بعد أيامٍ بصورة الملك وقال لهم بأنّه لم يمت، ولكنّه أحبّ أن يرى كيف سيحزنون عليه، فأمر بوضع حجابٍ بينه وبينهم، وأمرهم بعبادته فصدّقه أكثر الناس، وهنا بعث الله -عزّ وجلّ- نبيًّا يقال له حنظلة بن صفوان، فنهاهم عن عبادة الشيطان، ودعاهم لعبادة الله الواحد، ولكنّ قومه عدَوا عليه وقتلوه، ورموه في البئر، فجفّت ماء البئر وعطشوا وعطشت أرضهم وصارت قاحلة، وسكنتها الجنّ والوحوش، فصار لا يُسمع فيها إلّا عزيف الجن وزئير الأسود، والله أعلم، وبذلك قد أُجيب عن سؤال من هم أصحاب الرس، وصار معروفًا من هم أصحاب الرس وأين عاشوا ومتى كان ذلك.[٢]

الروايات التاريخية حول أصحاب الرس

بعد معرفة من هم أصحاب الرس في كتاب ابن كثير -رحمه الله- تقف هذه الفقرة مع قولٍ آخر بشأن أصحاب الرس، فأصحاب الرس هنا هم قومٌ كانوا يسكنون على ضفاف نهرٍ يقال له الرسّ في بلاد المشرق، وكان هذا النهر أغزر نهرٍ في ذلك الوقت، وكانت لهم شجرة صنوبرٍ عظيمة كانوا يعبدونها، وكان عندهم يوم عيد يذبحون للشجرة بقرًا وأنعامًا ويُشعلون النار عليها، فإذا ارتفع دخان الذبائح وحال بينهم وبين السماء سجدوا للشجرة؛ لتكشف عنهم ذلك، وترضى عنهم، فيأتي الشيطان ويحرّك أغصان الشجرة ويخاطبهم منها أنّه قد رضي عنهم، فيفرحون بذلك.[٣]

وظلّوا على تلك الحال حتى بعث الله فيهم نبيًّا، فدعاهم لعبادة الله تعالى، ونبذ الأصنام والأوثان، فكذّبوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربّه أن ييبس تلك الشّجرة، فعندما يبست الشّجرة انقسم الناس فريقين؛ فريق يقول إنّ ذلك الرجل -ويقصدون نبيّهم- قد سحر آلهتهم، وقسمٌ آخر قال إنّ آلهتهم قد غضبت منهم لأنّهم لم يدافعوا عنها، فحجبت حسنها عنهم؛ حتى يقتصّوا ممّن استهزأ بها، فأجمعو رأيهم على قتل نبي الله تعالى، فحفروا بئرًا ضيّقة وعميقة، فرموه فيها وأغلقوا البئر بحجرٍ كبيرٍ، فبقوا يسمعون صوته أيّامًا إلى أن مات، فأرسل الله -عزّ وجلّ- ريحًا شديدةً عليهم، وأظلّتهم سحابة سوداء تمطر عليهم جمرًا ملتهبًا أذاب أجسادهم، وبذبك قُطِعَ دابر القوم المجرمين بقتلهم نبيّهم بغير حقّ، وهذا القول هو قولٌ لبعض العلماء في قصة أصحاب الرس، ومن هم أصحاب الرس.[٣]

المراجع[+]

  1. "هلاك الأقوام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  2. ابن كثير الدمشقي (1988)، قصص الأنبياء (الطبعة الثالثة)، مكة المكرّمة: مكتبة الطالب الجامعي، الصفحة 324 وما بعدها. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "قصة أصحاب الرس"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.