سؤال وجواب

كلام-عن-الوفاء


الوفاء

الوفاء في اللغة ضد الغدر، وهو مصدر الفعل وفى، فيقولون: وفى يفي وفاءً، وقد سُمِعَ عن بعض العرب قولهم: وفى يفي وفيًا، فالوفي والوفاء إذًا مصدران للفعل وفى، وعند العرب قولهم أوفى الشيء إذا أتمّه، كقولهم: أوفى فلانٌ المكيال، ومنه حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يقول فيه: "إنَّكُم وفَّيتُمْ سَبعينَ أمَّةً، أنتُمْ خيرُها وأَكْرمُها علَى اللَّهِ"؛[١] أي: إنّكم تتمّون سبعين أمّة،[٢] وأمّا في الاصطلاح فهو خصلة خُلُقيّة يُقصد بها عادة الدّفاع عن أيّ شيء بصدق خالص، ويُقال إنّ الفرق بين القرآن الكريم، منها على سبيل المثال قوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}،[٤] وكذلك قوله تعالى: {بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}،[٥] وكذلك قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي ترويه أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إذ قال: "خيارُ عبادِ اللهِ عندَ اللهِ الموفونَ الْمُطَيِّبُونَ"،[٦] في حين قد ذمّ الله -تعالى- الغادرين النّاكثين بعهدهم، فقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}،[٧] وأيضًا قال عزّ من قائل: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}،[٨] فإذًا يتبيّن أنّ الوفاء صفة ثمينة لا يتمتّع بها إلّا من آتاه الله -تعالى- حظًّا من الأخلاق الرفيعة والفاضلة،[٣] وفيما يأتي كلام عن الأخلاق:[٩]

  • "وحدها الروائح قادرة على الوفاء للمكان زمن التخلي"؛ سعود السنعوسي.
  • "وأعلم أنّ الوفاء على المحبّ أوجب منه على المحبوب وشرطه له ألزم؛ لأنّ المحبّ هو البادئ باللصوق والتعرض لعقد الأذمّة والقاصد لتأكيد المودّة والمستدعى صحة العشرة، ولا أوّل في عدد طلاب الأصفياء، والسابق في ابتغاء اللذة باكتساب الخلة، والمقيّد نفسه بزمام المحبة قد عقلها بأوثق عقال، وخطمها بأشدّ خطام، فمن قَسَره على هذا كلّه إن لم يرد إتمامه؟ ومن أجبرَهُ على استجلاب المقة وإن لم ينوِ ختمها بالوفاء لمن أراده عليها؟ والمحبوب إنّما هو مجلوب إليه ومقصود نحوه ومخيّر في القَبول أو التّرك؛ فإنْ قَبِل فغايةُ الرّجاء، وإن أبى فغير مستحق للذم.. وليس التعرّض للوصل والإلحاح فيه والتأنّي لكلّ ما يستجلب به من الموافقة وتصفية الحضرة والمغيب من الوفاء في شيء فحظ نفسه أراد الطالب، وفي سروره سعى وله احتطب"؛ ابن حزم الأندلسي.
  • "وللوفاء شروطٌ علي المحبّين لازمة: فأوّلها أن يحفظ عهد محبوبه ويرعى غيبته، وتستوي علانيته وسريرته، ويطوي شرّه وينشر خيره، ويغطّي على عيوبه ويحسن أفعاله ويتغافل عما يقع منه على سبيل الهفوة، ويرضى بما حمله، ولا يُكثِرُ عليه بما ينفر منه، وألّا يكون طلعةً ثؤوبًا، ولا ملّةً طروقًا"؛ ابن حزم الأندلسي.
  • "الأمة التي لا تذكر عظماءها إلّا حين تراهم خرسًا لا يتكلمون هي أمّة بليدةُ الشعورِ، قليلةُ الوفاءِ، سريعةُ النسيان"؛ مصطفى السباعي.
  • "إنّ عبارات الوفاء تنشر الرهبة في نفوسنا؛ فنحن نخاف من الإخلاص الدائم خوفنا من الأبديّة"؛ أوسكار وايلد.
  • "أرأيتَ لو أنّك لم تدعُ لأبويك بهذه الرحمة وقد قاما بما ينبغي من شؤونك والنهوض بتربيتك؟! لا بدّ أن يكرمهما الله بالرحمة دعوت أم لم تدعُ، ولكنّ الله يعلّمنا الوفاء، يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن نكونَ أوفياء تجاه آبائنا؛ أي إن الله يسلكنا في مسالك الأخلاق الراشدة.. أبواك أسدَيا إليكَ هذا المعروف، فَعَلا ما فَعَلا، أتعبا أنفسهما في صغرك من أجل أن ينهضَ منكَ شابٌ سعيد بحياته، مستقيمٌ في سلوكه، ألَا يستحقّ منكَ كلمةً تعبّر بها عن وفائك لهذا الاهتمام؟ أجل، ما الكلمة التي تعبر بها عن وفائك لأبويك؟ أن تدعو الله لهما بهذا الذي علّمك الله إياه، فكذلك صلاتنا على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الليل والنهار إن هي إلّا لسانُ وفاءٍ نرحلُ به إلى الله عزّ وجلّ، نقول له: يا رب، لولا رسولك هذا ما عرفناك، لولا رسولك هذا ما التزمنا بهديك، ما عرفنا صراطك، ما عرفنا الحقّ من الباطل. فاللهم إنّا نسألك أن تزيده فضلًا على فضل، وأن تزيده إكرامًا على إكرام، هذا معنى صلاة العبد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم" الإمام الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي في سياق حديثه عن آية: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}؛[١٠] محمد البوطي.
  • "إنّ الزّوج والزّوجة إنسانان متكافئان فى الحقوق والواجبات، ومع صدق العاطفة يكون الرجل ملِكًا مُطاعًا نافذَ الكلمة؛ ووسيلته فى ذلك الوفاء والإخلاص والحب"؛ محمد الغزالي.
  • "وحده الوفاء يملك عدّادًا دقيقًا للوقت، إنّه النخاع الشوكي للذاكرة"؛ أحلام مستغانمي.
  • "القلب ينسى من يخونه، ولكن يتعذّر عليه نسيان الوفاء"؛ أحلام مستغانمي.
  • "لي في الوفاء مفهومٌ آخر، الوفاء عبودية جميلة نستسلم لها ونضع معصمنا في قيودها بكل السعادة"؛ نور عبد المجيد.
  • "قال إنّني قيّدتُهُ بقيدِ الوفاء، وإنّ الحبّ قد يخبو أو يغفو؛ ولكنّ طوق الوفاء يبقى العمر في الروح والقلب" نور عبد المجيد.
  • "ورَدَ أنّ رجُلًا ذهبَ إلى عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وقال له: أُريدُ أن أُطلِّقَ امرأتي، قال له: لمَ؟ قال: لا أحبّها، قال له: ويحك، أوَ كُلّ البُيوت تُبنى على الحب؟ فأين التذمّم والوفاء؟ أين العهود والأخلاق والحياء والوفاء؟ إنّ الإنسانَ ينبغي أن يكون في هذا تقيًّا"؛ محمد الغزالي.
  • "ما أسهل الوفاء في الأمور التافهة"؛ محمد التابعي.
  • "وزعموا أنه لم يغدِر غادِرٌ قطّ إلّا لصِغَرِ همّته عن الوفاء، وخمول قدرته عن احتمال المكاره في جنب نيل المكارم"؛ الجاحظ.

شعر عن الوفاء

وبعد الوقوف على كلام عن الوفاء ممّا قاله بعض الأدباء والحكماء فإنّ المقال يختم فقراته بشِعرٍ عن الوفاء ممّا خطّه بعض الشّعراء في دواوينهم عن هذا الخُلُق النّبيل الذي يتّصف به عادة كرام الناس وكبارهم في القدر والقيمة الإنسانيّة، وممّا قيل من شعر عن الوفاء:[١١]

مات الوفاءُ فلا رفدٌ ولا طمع

في النَّاسِ لم يبقَ إلا اليأسُ والجزعُ

فاصبرْ على ثقةٍ باللهِ وارضَ به

فاللهُ أكرمُ مَن يُرجى ويُتَّبعُ
  • ومن ذلك أيضًا ما قاله أحد الشعراء:

إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ

واللؤمُ مقرون بذي الإخلافِ

وترى الكريم لمن يعاشرُ منصفًا

وترى اللئيمَ مجانبَ الإنصافِ

المراجع[+]

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم: 20049، حديثٌ إسناده حسن.
  2. "تعريف و معنى الوفاء في قاموس لسان العرب"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-03-2020. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "وفاء"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-03-2020. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية: 177.
  5. سورة آل عمران، آية: 76.
  6. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4/142، حديثٌ إسناده صحيح.
  7. سورة المائدة، آية: 13.
  8. سورة التوبة، آية: 77.
  9. "الوفاء"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-03-2020.
  10. سورة الإسراء، آية: 23-24.
  11. "الوفاء في واحة الشعر"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-03-2020.