سؤال وجواب

فن-الحوار-والإقناع


مهارات التواصل

إنّ من أهم المهارات في الحياة والتي تدخل في كل مناحي الحياة وعلاقاته، هي مهارات التواصل، حيث من خلال مهارات التواصل يمكن أن يصل الشخص لأهدافه والغايات التي يقصدها، ويقصد بالتواصل العملية الاجتماعية التي يحدث بها تفاعل بين أطراف وتهدف إلى تبادل الآراء والأفكار وتكون على عدة أشكال إما لفظية وإما غير لفظية وعناصرها المرسل وهو الذي يرسل الرسائل، والمستقبل أي المستمع، والرسالة أو الموضوع، و الوسيلة أي طريقة إيصال الموضوع للمستمع، وقد تعددت فنون ومهارات التواصل ومنها فن الحوار والإقناع.[١]

فن الحوار والإقناع

إنّ التواصل البشري هو في المقام الأول دراسة معمقة لعملية الحوار والإقناع والاتصال الشفهي وغير الشفهي والتأثيرات الداخلية والخارجية، إن معرفة هذا الأمر يساعد الفرد على المحافظة على علاقاته الاجتماعية والعملية والعاطفية من جهة أخرى، وعلم فن الحوار والإقناع هو بمثابة بناء جسر بين المعرفة والفهم، فهذا الفن يمكّن الفرد من إحداث تغيير في نمط تفكير الآخرين، ويعرّف الإقناع بأنه هو تدبير وحسن تصرف يستخدمه الفرد للتأثير على الآخرين وتغيير قناعاتهم، ويعني الحوار هو التواصل بين اثنين أو أكثر من خلال تفاعلات لفظية وغير لفظية بهدف تبادل الأفكار وإبداء الرأي، ويحتاج الفرد لتعلم فن الحوار والإقناع إلى الممارسة والانتباه لتصرفاته بدقة وفهمها.[٢]

ومن الأشخاص الذين هم بحاجة فعلية لإتقان هذا الفن هم الآباء فهم يحاولون دائما إقناع أبنائهم بالكثير من الأفكار، والأشخاص الذين يعملون في التخصصات الإنسانية فهم بحاجة للحوار والإقناع لمساعدة الناس، وأيضًا البائعون والتجار ليتمكنوا من بيع منتجاتهم وتقديم خدماتهم، ولكن كل من الناس بحاجة أن يتعلم أساليب الحوار والإقناع، فمن يتقن فن الحوار والإقناع يتمكن من إقناع الأشخاص باحترام ويتمكن من فعل ما يجب فعله في الوقت المناسب من خلال منح الدوافع للأشخاص الآخرين لاتباع القوانين.[٢]

مراحل فن الحوار والإقناع

لقد اكتشف الباحثون أنّ عملية الحوار والإقناع تمر في أربعة مراحل مميزة، تمكّن الفرد إن اتّبعها من إقناع الآخرين بسهولة، وهو بالحقيقة انفتاح على مستوى العقل اللاواعي ليقوم بعملية التواصل وبذلك تسهل عملية الإقناع، وهذه المراحل الأربعة تكون كالآتي:[٣]

خلق علاقة وئام وبناء ثقة

يقصد بخلق العلاقة بأن يحظى الفرد بانتباه الطرف الآخر فيصنع شعورًا بالرد بينهم، قبل القيام بأية محاولة للإقناع، وهذا يعني أن يدع الفرد الطرف الآخر يثق ويعجب به، فعلاقة الوئام هي صلة الوصل التي تسمح لعملية التواصل بأن تتطور بسهولة وبخفة بين الإثنين، فيصبح التعبير عن المشاعر والمشاكل على مستوى أعمق، كأنهما يغوصان في أعماق بعضهما ويتواصلان عبر لغة تتعدى الكلمات، حيث تحمل كل عبارة أو نظرة أو ابتسامة أو حركة معانيَ بليغة وحقيقية، وما يحدث هنا في الحقيقة انفتاح على مستوى العقل اللاواعي ليقوم بعملية التواصل، وبذلك تسهل عملية الإقناع، وإذا كانت علاقة الوئام والثقة معدومة فإن عملية تغدو فعلًا مستحيلة، إن مستوى الثقة هو الذي يحدد مدى سهولة الإقناع، ويمكن كسب ثقة الآخرين من خلال لغة الجسد والإيماءات الإيجابية والصدق.[٣]

تغيير وتبديل حالة الطرف الآخر

تبدأ هذه المرحلة بعد أن تتم عملية تأسيس علاقة الثقة، وإن الخطوة الثانية تتمحور حول تغيير حالة الطرف الآخر إلى حالة أكثر تأثيرًا بإيماءات الفرد المقنع وأفكاره، فكلما تأثر الطرف الآخر بالإيماءات والأفكار تصبح عملية إقناعه أسهل، ويمكن فعل ذلك عن طريق الشرح عن الأشياء التي تحمل طبيعة أوتوماتيكية للدماغ مثل الاسترخاء، فيقول الفرد للشخص الذي يحاول إقناعه عن روعة الشعور بالاسترخاء والتحرر من كل ذرة تقيده خلال النهار وتستنفذ كل طاقته وأنه لمن المدهش الشعور بالاسترخاء ورؤية الحياة تتغير إلى الأفضل.[٣]

تهيئة البيئة والسياق المناسب للكلام

إذا أراد الفرد أن يقنع أحدًا فلابد من التأكد من أنّ الكلمات اأتت في السياق المناسب، فقد تحمل الكلمة الواحدة العديد والعديد من المعاني المختلفة لذلك أي خطأ في استخدام الكلمة المناسبة سيجعل من الفرد يشعر بالإحراج وبذلك تصبح بيئة الإقناع متزعزعة، وأيضًا لا بُدّ أن ينتبه الفرد أن اللغة التي يتحدث بها مفهومة لدى الطرف الآخر فلا يمكن التحدث عن علم الذرة وبما طرء حديثًا عليه مع طفل لم يتجاوز العشر سنوات ومحاولة إقناعه بها، وأيضًا لا يمكن استخدم المصطلحات الصعبة والكبيرة مع الفئة البسيطة من الناس التي لا تفهم تلك المصطلحات، لذا فاختيار سياق الكلمات مهم جدًا في عملية الإقناع.[٣]

الشرح

إذا كانَ الشخص يريد بيع سيارة يجب أن يمنح الزبون شرح مفصّل عن تلك السيارة ولماذا يجب أن يشتريها، غالبًا ما يفتقر الأشخاص للقدرة على تقويم وصف تامّ متكامل لأي شيء بواسطة اللغة المحكية لذا فيسرع إلى استخدام العموميات ويترك التفاصيل، ولكن ليتمكن المرء من الإقتناع يجب على الفرد أن يحلل ما يقوله بطريقة منطقية، لأن الطرف الآخر يقوم بالبحث في المعلومات التي أوردها لبناء صورة متكاملة عما يريده فعلًا، لذا فإن الشرح من أهم النقاط التي يجب أن يهتم بها الفرد.[٣]

العوامل المؤثرة في الحوار الإقناع

يوجد بعض الأمور التي يجب أن يأخذها الفرد في عين الإعتبار عند البدء في تعلم فن الحوار والإقناع والإنتباه لها، وهي عوامل أساسية تتحكم في قدرة الفرد على الحوار والإقناع، وإما أن تكون مساعدة له أو تكون بحاجة إلى تعديل ومن هذه العوامل الآتي:[٤]

  • المظهر الخارجي: لا بُدّ أن الكثير من الأشخاص يحملون فكرة أن المظهر الخارجي لا يهم، وهذا صحيح نسبيًا فلا يقصد بالمظهر الخارجي هنا نسبة الجمال بل نسبة الاهتمام بالمظهر الخارجي والظهور في أحسن صورة، فلا داعي لأن يكون الفرد لديه نسبة عالية من الجمال ليكون جذابًا، فقد يسرح شعره بطريقة جيدة ويرتدي الملابس بطريقة جميلة، وهذه الامور تعكس صورة حسنة عن الشخص وتجعل من الآخرين يفضلون التعامل معه.
  • نبرة الصوت: قد يلاحظ الفرد أن الأشخاص يتحدثون وفق نبرات صوت مختلفة، وقد لا يرتاح الشخص مع شخص مختلف معه في نبرة الصوت، كأن يتحدث يتحدث شخص ذو نبرة صوت مرتفعة مع شخص ذو نبرة صوت منخفضة أو يتكلم شخص بسرعة فائقة والآخر بطيء وهذا يفقِد الحوار تناغمه.
  • الشخصية: تحكم الشخصية الفرد فهي تحدد مدى اندماجه مع الأفراد وطريقة تحدثه معهم، فقد يكون الفرد لديه قدرة فائقة على الإقناع لكنه خجول لا يستطيع التحدث أمام الناس، أو يكون ذو شخصية نرجسية لا يفضل الناس التعامل معها، أو شخصية انطوائية لا تحب مخالطة الناس، أو يكون شخصية قيادية تساعدة على اتقان فن الحوار والإقناع.

توجيهات في فن الحوار والإقناع

يوجد بعض التوجيهات الواجب اتباعها في عمليّة الإقناع، ودونها يمكن أن تفشل تلك العملية، حيث يجب على الفرد الحرص من الوقوع في بعض المسائل والاعتبارات والتنبّه إليها جيدًا، ومن أهم تلك التوجيهات ما يأتي:[٥]

  • توجيهات تتعلق بنفسية المحاور: وهي أن يكون الغرض من الحوار بقصد إظهار المباهاة أمام الناس، أو أن يكون القصد منها التكبر على الناس، أو النفاق مع الآخرين، فتبنى عملية الإقناع على أساس خاطئ سيكتشفه الآخرون عاجلًا أم آجلًا ولن ينجح في عملية الإقناع مرة أخرى.
  • توجيهات تتعلق بالجانب العلمي: وهي تكون في الكذب بالعلومات التي يقولها المحاور، أو الإنقاص في المعلومات فالاختصار المخلّ بعملية الفهم يعدّ خداعًا، ويختلف مفهوم الخداع عن الإقناع، فالخداع هو الكذب أما الإقناع فهو مبني على أسس علمية وموضوعية.

المراجع[+]

  1. د.خالد الحليبي (2009)، مهارات التواصل مع الأولاد، الرياض-المملكة العربية السعودية: مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، صفحة 11،13،!4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ليلى شحرور (2009)، فن التواصل، بيروت-لبنان: الدار العربية للعلوم ناشرون، صفحة 11،12. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ليلى شحرور (2009)، فن التواصل والإقناع، بيروت-لبنان: الدار العربية للعلوم ناشرون، صفحة 32،35،37،40. بتصرّف.
  4. ليلى شحرور (2009)، فن التواصل والإقناع (الطبعة الأولى)، بيرت-لبنان: الدار العربية للعلوم ناشرون، صفحة 123،127،128. بتصرّف.
  5. يجيى زمزي، الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، مكة المكرمة-المملكة العربية السعودية: دار التربية والتراث، صفحة 511،512،513،514. بتصرّف.