أهمية-التفكير-الإيجابي
محتويات
التفكير الإيجابي
إحدى الصعوبات الظاهرة في الأبحاث النفسيّة حول أهمية التفكير الإيجابي هي كثرة التعاريف والتفسيرات المتنوعة لمفهوم التفكير الإيجابي ومعانيه، وبشكلٍ عام، يُطلق مصطلح التفكير الإيجابي عادة للإشارة إلى موقف معين أو معتقَد أو حالة عقلية أو القيام بسلوك معين يعبر عن سمة الإيجابية، ومع ذلك، فقد أشار العالمان ويلكينسون وكيتشنجر سنة 2000 على أنه عندما يقول شخص ما -أنا إيجابي-، فإن ما يقوله ليس بالضرورة هو ما يفكر فيه، علاوة على ذلك فإن التفكير الإيجابي هو مفهوم غامض نسبيًا، وبالتالي فإن التفكير الإيجابي قد يحمل معاني متعدّدة حسب الأفراد، والخبرات الفردية الخاصة لكل منهم والفروق الفردية بينهم، والسياق التي تحصل فيه الأحداث والتي يتصرف فيها الفرد بطريقة توصف بأنها إيجابية.[١]
أهمية التفكير الإيجابي
تظهر أهمية التفكير الإيجابي نتيجة تداخلِه مع مفاهيم أخرى عديدة، وقد يشكل هذا الأمر صعوبة في فهم التفكير الإيجابي، خاصة عندما يعاد استعمال مصطلح التفكير الإيجابي في تناول القضايا ذات الصلة به، مثل الأمل والتفاؤل، والروحانية، ومن المحتمل أن يكون لهذه القضايا دلالاتها الخاصة بها، وبالمقابل فإن التفكير الإيجابي يستعمل في كثير من الأحيان للتعبير عن هذه القضايا، لكن بالمقابل فإن هذه القضايا لا تعني مفهوم التفكير الإيجابي على وجه التحديد، بل هي تشمله، أو تشتمل على جانب معين منه على أقل تقدير، على سبيل المثال، يوجد مقياس نفسي لقياس السمات الشخصية للبشر، يحتوي على مقياس فرعي للتفاؤل، ووفقًا لذلك المقياس، فإنّ التركيبات النفسية مثل التفاؤل أو الموقف العقلي الإيجابي أو الأمل يمكن تمييزها عن بعضها البعض، لكنها غالبًا ما تُنسب إلى جزء من مجموعة التفكير الإيجابي، أو يتم الاستشهاد بها كتعبير عنه.[٢]
قد تكون هناك فكرة عامة ومقبولة على نطاق واسع، بأن حياة الأشخاص ذوي التفكير الإيجابي هي أفضل من حياة ذوي التفكير السلبي، لكن ومع ذلك، تم التوصل في بعض النقاشات والدراسات العلمية إلى دحض فكرة أن التفكير الإيجابي كان له علاقة سببية مباشرة بالحياة المتسمة بالرفاهية والصحة النفسية، والتي قد يعيش فيها الإنسان، على الرغم من أن هذا الرأي تم الاعتراض عليه؛ وبالتالي فقد كان هناك تركيز على التفكير الإيجابي باعتباره تأثيرًا غير مباشر أو وسيط، يتوسط بين التغيرات التي تطرأ على حياة الانسان كعامل ثانوي وليس رئيسًا، وهنالك آراء حول أهمية التفكير الإيجابي باعتباره عاملًا يساعد على التأقلم مع الواقع، فهو يساعد على التكيف العقلي، وإعادة صياغة أو تفسير الصعوبات بطريقة أكثر ملائمة لحياة الأشخاص، ويفترض أن هذا التأثير -بشكله غير المباشر- يُمكّن الأشخاص من التقدّم في الحياة أو التخلص من الأمراض، وبالتالي فإن من المُرجّح أن أهمية التفكير الإيجابي تكمن في كونه يساعد في خلق تصور أو اعتقاد لدى الأشخاص لنوعية حياة أفضل، بدلًا من تحسين نوعية حياة بحد ذاتها.[٣]
التفكير الإيجابي والتعامل مع الضغوط
حاولت إحدى الدراسات النفسية معرفة أهمية التفكير الإيجابي وتأثيراته، عن طريق فحص عملية ممارسة التفكير الإيجابي، ودورها في المساعدة في تقليل مستوى التوتر وتنمية قدرة الأشخاص على حل المشكلات في الحياة اليومية، وقد كانت عينة التجربة مكونة من 60 طالب تتراوح أعمارهم من 14 – 16 سنة، إذ قاموا بمشاهدة أحد الأفلام التي تعزز التفكير الإيجابي، وقد خَلُصَت هذه الدراسة إلى أن تأثير مشاهدة فيلم لتعزيز التفكير الإيجابي يساعد أيضًا في إدارة الإجهاد، وزيادة مستوى القدرة على حل المشكلات بصورة إبداعية لدى الطلاب، وأشارت النتائج أيضًا إلى تحسن الأداء في العمل لدى الطلاب الذين شاهدوا هذا الفيلم الخاص بتعزيز التفكير الإيجابي، مقارنة بالطلاب الآخرين الذين لم يشاهدوا الفيلم، إذ لم يكن لديهم أي تحسن في العمل عند مقارنة الأعمال الخاصة بهم قبل وبعد المشاهدة.[٤]
التفكير الإيجابي وتغيير الشخصية
تبرز أهمية التفكير الإيجابي إذا ما تمّ التركيز على أحد العوامل المعرفية، والتي قد تساعد في تقليل التأثير السلبي لسمات الشخصية، ألا وهو التحدث الذاتي الإيجابي أو الأفكار التلقائية الإيجابية، إذ اقترح علماء النظريات النفسية المعرفية أن الأفكار التلقائية قد تعكس أشكال التفكير المعتادة أو سمات الشخصية، وقد تمارس هذه الأفكار أو السمات تأثيرات قوية على العواطف والسلوكيات وكذلك على بعض المكونات المعرفية والبيولوجية ومكونات العلاقات الشخصية، وعند ملاحظة أنماط الاستجابة لدى الأفراد، يمكن الاستنتاج بأن الأفكار التلقائية الإيجابية ترتبط بشكل عكسي بالسلوكيات السلبية والتأثيرات السلبية، إن تحفيز الإدراك الإيجابي والتفكير الإيجابي يؤدي إلى تأثير سلبي أقل وتأثير إيجابي أكثر، وقد لاحظت بعض الدراسات هذا التأثير على عينات كثيرة، لا سيّما لدى عينات من النساء المكتئبات، أو عينة من كبار السن، إذ ظهر هذا التأثير بشكل واضح ومميز، تتوافق نتائج هذه الدراسات مع النظريات والحجج التي تدعي أن المعالجة الإدراكية الإيجابية، أو الإدراك التلقائي قد يشكل أو يساعد في إحداث تأثير على سمات الشخصية.[٥]
التفكير الإيجابي وعلاج الأمراض
إن أهمية التفكير الإيجابي في كونه أسلوب عناية وعلاج الأمراض النفسية والجسدية، يخضع للكثير من التدقيق من خلال الأبحاث والتعاريف والمقاربات النظرية، وهنالك بعض الآراء التي تشير إلى أن من المفيد للكوادر الطبية دراسة ومناقشة أهمية التفكير الإيجابي العلاجية، وخاصة فيما يتعلق بتجربتهم والممارسات العلاجية السريرية الخاصة بهم، وقد ظهر مفهوم أهمية التفكير الإيجابي في رعاية المرضى في التسعينيات، وقد حاولت إحدى الدراسات النفسية تقديم منظور بنائي حول أهمية التفكير الإيجابي في علاج مرضى السرطان، عبر استخلاص البيانات من الدراسات النظرية حول دور الإيجابية في تفاعلات الرعاية الصحية، من أجل تحديد الآثار المترتبة على التفكير الإيجابي في المستقبل، وتوصلت النتائج إلى أن مرضى السرطان يسعون بشكل كبير إلى القيام بتفاعلات ذات طبيعة تعزيزية وعلاجية مع موظفي الرعاية الصحية، وقد تكون الإيجابية جزءًا من هذه العملية، وتوصلت الدراسة أن الإيجابية ستكون لها معانٍ متعددة في فترات زمنية مختلفة، لأشخاص مختلفين في مراحل مختلفة من رحلة السرطان.[٦]المراجع[+]
- ↑ Sue Wilkinson, Celia Kitzinger (2000), "Thinking differently about thinking positive: a discursive approach to cancer patients’ talk", Social Science and Medicine, Issue 50, Folder 6, Page 797-811. Edited.
- ↑ Walt Larimore, Michael Parker, Martha R Crowther (2002), "Should clinicians incorporate positive spirituality into their practices? What does the evidence say?", Annals of Behavioral Medicine, Issue 24, Folder 1, Page 69-73. Edited.
- ↑ Inger Schou Bredal, Øivind Ekeberg, Cornelia Ruland (2005), "The mediating role of appraisal and coping in the relationship between optimism pessimism and quality of life", Psycho Oncology, Issue 14, Folder 1, Page 718-727. Edited.
- ↑ Rohit Rastogi, Navneet Arora, Pankhuri Tawar, et al. (2018), "Statistical Analysis for Effect of Positive Thinking on Stress Management and Creative Problem Solving for Adolescents", Proceedings of the 12th INDIACom, Page 247. Edited.
- ↑ Owen Lightsey, Edward Johnson, Paul Freeman (2012), "Can Positive Thinking Reduce Negative Affect? A Test of Potential Mediating Mechanisms", Journal of Cognitive Psychotherapy: An International Quarterly, Issue 26, Folder 1, Page 72-74.
- ↑ May McCreaddie, Sheila Payne, Katherine Froggatt (2010), "Ensnared by positivity: A constructivist perspective on ‘being positive’ in cancer care", European Journal of Oncology Nursing, Issue 14, Page 283.