مفهوم-اللاشعور
محتويات
فرويد واللاشعور
مَيز فرويد العقل البشري بما يُسمّى اللاشعور، وقال إنّ العمليات العقلية لسيت صدفة، إنّما هي عملية جسدية، وإن كثيرًا من السلوك والفكر يوجد دون معرفة واعية بالسّبب، لذا فهو يقسّم العقل إلى ثلاثة أجهزة، هي: اللاوعي والوعي وبين الوعي، وهناك تداخل بين هذه الأجهزة يظهر عند محاولة الشخص للتخلص من العنصر غير المرغوب به في الوعي، وقد ذكر بأن عناصر اللاوعي تعمل وفق دوافع أولية، وهي تخصّ الأطفال، إلّا أنّها تتطوّر وتصبح دوافع ثانوية تركّز على تأجيل تحقيق الرغبة، ومعرفة الحقيقة وعناصر البيئة المستحبّة؛ بهدف استغلالها للتخلّص من الطاقة البيولوجية "الليبدو"، وفي هذا المقال سيتمّ التعرف على مفهوم اللاشعور.[١]
مستويات الوعي عند الانسان
أشار سيجموند فرويد طبيب الاعصاب الذي يعدّ مؤسس لعلم النفس التحليلي وعلم النفس الحديث إلى أنّ مستويات الوعي الإنساني هي: الشعور، ما قبل الشعور، اللاشعور، وتؤثّر هذه المكوّنات في نمو الشخصية على النّحو الآتي.
مستوى الشعور
يُشار إلى مفهوم الشعور بأنه منطقة الوعي الكامل و الاتصال بالعالم الخارجي، وهو الجزء السطحيّ من الجهاز النفسيّ إلّا أنّ الانسان يكون شاعرًا أو واعيًا بعدد محدود من الأشياء لفترةٍ محدّدة، ولا يكون الفرد واعيًا لجميع المنبّهات المحيطة به، فمثلًا عندما يكون مستغرقًا بالمذاكرة فإنه لا ينتبه إلى الأحداث المحيطة بك.[٢]، ويرى فرويد أن الشعور له وظيفة أعضاء الحسّ من حيث إدراك الحالات والصفات النفسية، وتأتي المواد للشعور من اتّجاهين هما: العالم الخارجي، والمثيرات الداخلية، وبَيّن فرويد أنّه لو تَخيّلنا العقل يشبه جبلًا من الجليد، الجزء المرئي منه -فوق سطح الماء- والذي يعادل 1/9 من الجبل وهو يمثل الشعور، بينما الجزء المتبقي من جبل الجليد تحت سطح الماء والذي يُعادل 8/9 ويمثّل اللاشعور.[٣]
مستوى اللاشعور
مفهوم اللاشعور يحوي ما هو كامن أو مكبوت ومن الصعب استدعاؤه، وهو يكوّن معظم الجهاز النفسي، ويعدّ من أشهر مكتشفات فرويد في مجال علم النفس، ويعتقد فرويد بأنه محدد سلوك الانسان فالفرد لا يكون واعيًا بالنشاط العقلي الذي يحدث في هذا الجزء من العقل، كما لا يستطيع استحضاره إلى الشعور، بل إنّ الفرد يقاوم ذلك، فمثلًا الشخص الذي يكره أباه ولا يعي ذلك، فهذا الكره يسعى دائما للتعبير والظهور في الشعور، إلّا أن هذا الشخص يبذل طاقة ليبقيها في مفهوم اللاشعور، وهذا يؤدّي إلى استمرار الصراع داخل الفرد وهو لا يعي ذلك.[٢]
مستوى ما قبل الشعور
وهو محتوى كامن، وليس في الشعور، ولكن يسهل استدعاؤه إلى الشعور، مثل استدعاء الذكريات، استرجاع حادثة معينة تحضر للشعور أفكارًا موجودة في ما قبل الشعور، أو عند الإجابة عن أسئلة امتحان، حيث تُحضّر الأفكار من قبل الشعور.[٢]
مفهوم اللاشعور
إنّه يكوّن معظم الجهاز النفسي، وهو يحتوي على ما هو كامن وليس متاحًا، ويرى فرويد أن مفهوم اللاشعور عبارة عن وعاء يشتمل على الذكريات المهدِّدة للعقل الواعي ويخزن فيه كلّ الخبرات والدوافع والغرائز التي لا نستطيع الوصول إليها، ويجب أن تدفع وتطرد بعيدًا، مثل المشاعر الجنسية والعدوانية نحو أحد الوالدين وآلام الطفولة المنسية والإساءات و الحاجات والدوافع التي يكون الأفراد غير واعين لها، حيث لا يمكن دراسة اللاشعور وفهمه إلّا من خلال الآتي:[٢]
- الأحلام: وهي تمثيل رمزيّ للحاجات اللاشعوريّة المكبوتة والأمنيات والصراعات والتناقضات، ويتم من خلال تفسير الأحلام التي تتضمّن خيالاتٍ تمثّل حاجات ورغبات وصراعات لا شعورية عديدة، وفيما يأتي مثال على مادة لا شعورية تمثّل الموت، كما كان مُعبَّرًا عنها في حُلم المريض: "كان المريض يجتاز منحدرًا عاليًا وجسرًا حديديًّا مع شخصين يعرف اسمَيْهما، ولكنّه نسيهما عندما استيقظ وفجأة اختفيا، ورأى رجلًا شبحًا يلبس قبعة وأفرهولًا، وسأله فيما اذا كان ساعي البريد، إنه ليس كذلك أو المسؤول في القطار، لا! ثم استمر في الحلم، وكانت تتملّكه مشاعر خوف شديد في الاستيقاظ، ثم تبع ذلك بحلم أو خيال بأنّ الجسر الحديدي انكسر وأنّه سقط في الهاوية أو في جهنّم".
- زلات اللسان: وهي أمثلة تعبر عن اللاشعور، ومثال ذلك نسيان اسم شخص مألوف لديك، أو عندما ينادي الرجل زوجته باسم صديقة سابقة له، فإن الاسم الذي نطقه يمثل نوع من الرغبات والصراعات.
- الإيماءات: وهي اقتراحات ما بعد التنويم المغناطيسي والمواد المشتقة من استخدام أسلوب التداعي الحر والأساليب الإسقاطيّة في الشخصية والمحتويات الرمزية للأعراض الذهانيّة.
وظيفة اللاشعور
إنّ مفهوم اللاشعور يعدّ مستودعًا للمشاعر والأفكار المكبوتة، وهو يؤثّر في خبرة الفرد وسلوكه، وهو لا يعمل وفق مبدأ المنطق، ويستمتع بالتناقضات ويرفض أن يقول للرغبات لا، كما يوفّر مادة للأحلام ويحتوي على تصوراتٍ واستنتاجات عقلية للغرائز وخاصّة الغرائز الجنسية[٣]، ويؤثر مفهوم اللاشعور بقوة في سلوك الفرد، وإن العمليات اللاشعورية هي الأساس في كل أعراض القلق والاضطرابات النفسية الأخرى، ولذلك فإنّ الكشف عن معاني وأسباب هذه الأعراض، والكشف عن المادة المكبوتة هو هدف العلاج التحليلي.[٢]
السلوك واللاشعور
عَدّ فرويد الضحك والنكات تعبيرات عن صراعات وأماني ورغبات تمّ تصنيعُها، قد يكرّر المرضى أنماطًا مدمّرة من السلوك والتي قد تمثل حاجات لا شعورية تعبّر عن اللاشعور وصراعات داخلية، ولم يكنْ مفهوم اللاشعور عن فرويد تجريديًا نظريًّا بل يمكن تطبيقه لكي يكون حقيقيًا، وإنّ إحضار المادة اللاشعورية كانت وما زالت المَهمّة الصعبة بالنسبة لفرويد ولجميع المحلّلين النفسيين وتحتاج إلى عمل جادّ وجهد كبير جدًا، وإنّ فَهم دور مفهوم اللاشعور يعدّ جزءًا أساسيًّا من عمل المرشد أو المعالج النفسي؛ لأنّ اللاشعور يؤثّر بقوة في سلوك المسترشد "العميل "، وإن العمليات اللاشعورية هي الأساس في كلّ أعراض القلق و الاضطرابات النفسية الأخرى، ولذلك فإنّ الكشف عن معاني وأسباب هذه الأعراض والكشف عن المادة المكبوتة هو هدف العلاج التحليلي.[٢]المراجع[+]
- ↑ سهام أبو عيطة (2015)، مبادئ الإرشاد النفسي (الطبعة الثالثة)، عمان - الأردن: دار الفكر، صفحة 158. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح Gerold corey (2011)، النظرية والتطبيق في الإرشاد والعلاج النفسي (الطبعة الأولى)، عمان: دار الفكر، صفحة 49. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد أبو أسعد (2010)، علم نفس الشخصية (الطبعة الأولى)، إربد: عالم الكتاب الحديث، صفحة 70. بتصرّف.