سؤال وجواب

خصائص-شعر-الطبيعة


شعر الطبيعة

الحديث عن الطبيعة يعني وصف مظاهر الكون بما فيه من أشجار، جبال، العصر الجاهلي مرورًا بالعصر الأندلسي، لكن لكل عصر من العصور الأدوات الخاصة به فمثلًا عند الشعراء الجاهليين أكثروا من صورة الفرس، الناقة، النخيل والصخور وقلّدهم من تبعهم في العصر الإسلامي والأموي فلا يمكن أن ترى سوى إحياء للموروث البدوي القديم والتغني بالصحراء وما فيها فلم يكن هناك أي تجديد، لكن يمكن رؤية التجديد في العصرَيْن العباسي والأندلسي فقد أكثر شعراء هذين العصرين من التغني في الطبيعة وسحرها، إذ اتخذ الشعراء العباسيون منهجين في قول شعر الطبيعة المنهج الأول السير على نهج القدماء أي التغني بكل ما هو قديم من صحراء وناقة وفرس وغيرها.[٢]

وهناك من حاول التجديد في شعر الطبيعة ومواكبة التغيرات التي حدثت بالبيئة فوصفوا الطبيعة والربيع والمطر ومزجوها بالخمر وكان أبو نواس من فعل ذلك وقد حذا حذوه العديد من الشعراء، أما عند الشعراء الأندلسيين برز هذا الشعر كفن مستقل بذاته وأكثروا من القول به والتغني في الطبيعة والروض والورد والزهور وغيرها من مظاهر البيئة وبرز ابن خفاجة كشاعر أول للطبيعة في العصر الأندلسي، بالتالي أسهم ابن خفاجة بجعل خصائص شعر الطبيعة أكثر خصوبة.[٢]

خصائص شعر الطبيعة

بدأ شعر الطبيعة كفن مستقل له خصائصه التي تميزه عن غيره في العصر الأندلسي، فقد حبا الله للشاعر الأندلسي الملاذ الآمن الذي يبث فيه همومه، أحزانه وأفراحه، لكن جانب االفرح طغى على كل الجوانب.

  • ارتبط وصف الطبيعة عند الشعراء بالخمر والغزل، فكانت لا تعقد مجالس الخمر والغزل إلا في أحضان الطبيعة باعتبر وصف الطبيعة هو الطريق إليها، وتعدّ هذه الخصيصة من خصائص شعر الطبيعة المهمة.
  • تعدّ المرأة صورة من صور محاسن الطبيعة، فقد وصف الشعراء المرأة بالشمس والجنة بالإضافة إلى أنهم صاغوا من الورد خدودًا لها ومن قصب السكر قدودًا.
  • شعر الطبيعة عند ابن خفاجة

    ابن خفاجة هو إبراهيم بن أبي الفتح بن عبدالله بن خفاجة الهواري، المعروف بابن خفاجة المُلَقب بالصنوبري أبرز شعراء الأندلس أكثرهم وصفًا للطبيعة وهو أبرز من أسهم بإثراء خصائص شعر الطبيعة، حيث تتميّزأشعاره بأنه تناولت الطبيعة المتحركة والطبيعة الصامتة، فابن خفاجة عندما وصف الطبيعة المتحركة أكثر من صورة الخيل؛ وذلك لأنّ أرض الأندلس أرض جهاد وحرب، والخيل أيضا هي أداة يركبها الشاعر ليروّح بها آلامه وأحزانه وكذلك يذهب بها إلى الصيد، ووصف ابن خفاجة الحَمام لكنه لم يصفه بشكل مادي بل أسقط عليه مشاعر الحزن والفرح والشوق والحنان، لم يقف ابن خفاجة هنا بل تخطى البيئة الحيّة الناطقة وذهب إلى البيئة الصامتة وتغني في الرياض الموجودة في موطنه الأندلس وسلّط الضوء على مواضع جمالها بما تحمله من أوراق خضراء وأغصان غضة وأزاهير ومياه جارية عذبة حيث شكل في شعره منظرًا خلابًا، وكان الشاعر يصف الرياض وقت الصباح ويصف الأزهار والأشجار وأوراقها النّدية.[٤]

    عالج ابن خفاجة الأشجار والأزهار في الرياض بمحتوى خاص فكان يتناول الأشجار والأزهار بمواضعها وجوانبها وأنواعها المختلفة، وأكثر الصنوبري من وصف شجرة النارنج وأوراقها وأزهارها ويعود السبب في ذلك إلى كثرة النارنج قي البيئة الأندلسية، ولم يكتفِ الشاعر بوصف الرياض وأشجاره وثماره وذهب يصف الأنهار حيث كان النهر عنصرًا فعالًا بشعره وانفرد النهر عنده بمقطوعتين مستقلتين، وقد بالغ بوصفه حتى صوره بأنه قوس من فضة في ثوب أخضر. لم يتوقف ابن خفاجة في وصف الطبيعة الصامتة عند هذا الحد، وذهب يصف الجبال فوصفها بأنها شامخة عظيمة ووقورة متزنة. ومن ثمّ بدأ الشاعر بوصف الطبيعة الصامتة في فصل الشتاء وأهم ما وصفه بهذا الفصل هو الثلوج ومن هنا ظهر فن الثلجيات على يده فكان يصف الثلج ومنظره الخلّاب على قمم الجبال العالية، من فرط فتنة ابن خفاجة في الطبيعة مزج بينها وبين شعر الغزل وهذا ما ذكر في خصائص شعر الطبيعة.[٤]

    شواهد شعرية على شعر الطبيعة

    عند الحديث عن شعر الطبيعة لابد أن يذكر أنّ أهل المشرق هم من بدأوا به وثم سار أهل الأندلس على خُطاهم، لكن عند الحديث عن البراعة في شعر الطبيعة وخصائص شعر الطبيعة يبرز أهل الأندلس بهذا الجانب، وذلك بسبب ما تتميز به طبيعتهم كما ذُكِر آنفًا.

    • قال ابن خفاجة في وصف الكلاب:[٥]

    وأخطَلَ، لو تَعَاطَى سَبْقَ بَرْقٍ

    لَطارَ مِنَ الفِجاءِ بهِ جنَاحُ

    يَسُوفُ الأرضَ، يَسألُ عَن بَنيها

    فتُخبِرُ، أنفَهُ عَنهُ، الرّياحُ

    أقَبّ، إذا طَرَدتَ بهِ قَنيصاً

    تنكبَ قوسهُ الأجلُ المتاحُ
    • قال البحتري في وصف الربيع:[٦]

    أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً

    منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا

    وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى

    منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا

    وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى

    أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا

    يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ

    يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
    • قال عبدالرحمن بن حمديس في وصف قصور الأندلس:[٧]

    فكأنَّما غَشّى النّضارُ جُسومَهَا

    وأذابَ في أفواهِها البلّورا

    أسدٌ كأنّ سكونها متحركٌ

    في النفس لو وجدتْ هناك مثيرا

    وتذكّرتْ فتكاتها فكأنما

    أقعتْ على أدبارها لتثورا

    المراجع[+]

    1. حسين الدخيلي (2011)، دراسات نقدية لظواهر في الشعر العربي (الطبعة الأولى)، الأردن-عمّان: دار الحامد ، صفحة 39. بتصرّف.
    2. ^ أ ب زهر العنابي (2002)، الإنسان والطبيعة (الطبعة الأولى)، الأردن-إربد: دار الكتاب الثقافي، صفحة 13،14،15. بتصرّف.
    3. "شعرالطبيعـة في الأندلس"، www.humanities.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-3. بتصرّف.
    4. ^ أ ب عصام الدين بن أحمد (2011)، ابن خفاجة شاعر وناثر في وصف الطبيعة (الطبعة الأولى)، ماليزيا: جامعة العلوم الإسلامية الماليزية، صفحة 648،651-660. بتصرّف.
    5. "وأخطَلَ، لو تَعَاطَى سَبْقَ بَرْقٍ،"، "www.adab.com"، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-19.
    6. "أكان الصبا إلّا خيالا مُسلِّما"، "www.adab.com"، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-19.
    7. "واعمُرْ بقصرِ المُلْكِ ناديكَ الذي"، "www.adab.com"، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-19.