من-هم-أهل-الذمة

سماحة الإسلام

جاءَ الإسلام الحنيف في زمن رسول الله مرتبطًا بكميةٍ من الرسالات السامية، والتي تُعبِّر عن مضمون الإسلام، وتدافع عنه في كل مواقفِ الشُبهات، وما يحصل من تشويه لرسالة الإسلام السمحة التي يدعيها من لا يعرف الإسلام ولا ينصفه؛ فقد أمر الإسلام بالتسامح والصفح وحُسن التعايش مع كل الناس بغض النظر عن أطيافهم وأديانهم ومعتقداتهم، وذلك عن طريق احترام حريته الدينية والسياسية والفكرية، ومن الجدير بالذكر أنّ رسالة الإسلام لم تنتشر بحد السيف كما يتمُّ تشويهها، بل إنَّ السماحة والعدل والعلم هم من ساهموا في نشر هذه الرسالة السامية، وذلك مما ما تدل عليه القصص المذكورة من تعامل المسلمين مع أهل الذمة وتعايشهم معهم ومشاركتهم حياتهم؛ ولكن من هم أهل الذمة وما هي أحكامهم؟^[١]

من هم أهل الذمة

بيَّن لنا رسول الله كيفية التعامل مع غير المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم، وقد قسَّمهم الإسلام في نظره إلى أربعة فئات؛ وأولهم أهل الحرب وهم الذين يُعادون الإسلام ويُحاربونه، وثانيهم أهل الأمان وهم الذين يدخلون بلاد المسلمين في ظرف ما بعهد الأمان كما قال الله تعالى في كيفية التعامل معهم: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}،^[٢] وثالثهم هم أهل الصُّلح والعهد وهؤلاء هم حربيون في الأصل ولكنهم أقاموا العهود والمواثيق مع المسلمين على الأمان لفترة معينة، وأمّا رابعهم فهم أهل الذمة وهم من يعيشون ويستقرون مع المسلمين في بلادهم ويرضون بسيادةِ الحُكم الإسلامي للدولة ولا يتعرضون لأحد من أهل الإسلام بسوءٍ أو قتل وهم غالبية الذين يعيشون في بلاد المسلمين حاليًا.^[٣]

وقد كانت جميع هذه الفئات موجودة في زمن رسول الله وأقربهم أهل الذمة، فقد كانت المدينة مملوءةً باليهود والنصارى المتعايشين مع المسلمين ضمن سيادة الإسلام، ويتمُّ الإحسان إلى هذه الفئة وعدم إذائهم أو التعرض لهم إن رضوا بالجزية أو الإسلام كما قال الله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}،^[٤] ويُعدُّ الإحسان إلى هذه الفئة جائزٌ شرعًا، وذلك لا يتعارض مع كُره الكفر وبُغضه.^[٣]

أحكام أهل الذمة

وعندما دعت الحاجة إلى التعايش مع أهل الذمة ومشاركتهم الحياة، فقد كان لا بُدَّ من وضعِ أحكامٍ وأُسس تضمن سلامةَ المسلم والذمي ورغد عيشهما، وتضمن الحقوق والواجبات على أساس العدل والحكمة، كما تبين ذلك من السيرة النبوية في قيام أسس الدولة الإسلامية، ومن تلك الأحكام ما سيتم ذكره كالآتي:

• التخيير بين الإسلام والجزية: وهنا يتم تخيير أهل الذمة بالإسلام أو الجزية فإن رضوا بالإسلام أسقطَ ذلك عنهم الجزية وأصبحوا أفرادًا من المجتمع الإسلامي وإن لم يرضوا فتُؤخذ منهم الجزية وتكون لهم كامل الحقوق من الأمن والعيش.^[٥]
• إقامة أعيادهم: يُسمح لأهل الذمة بإقامة أعيادهم وممارسة شعائر دينهم ولكن يحرم على المسلمين حضورُ هذه الأعياد أو مشاركتهم بها.^[٦]
• عدم تعرض الذمي للمسلمين أو العكس: فلا يجوز إيذاء المسلم لأهل الذمة أو التعرُّض لهم بشيء أو هدم كنائسهم أو سلب ممتلكاتهم وكذلك لا يجوز لأهل الذمة أن يُراسلوا المشركين أهل الحرب ويُخبروهم بشيء من أخبار المسلمين ومن فعل ذلك وجبت عقوبته لأنه بذلك قد خانَ العهد.^[٦]

الجزية

وكما هو الجدير بالذكر أنّ الدولة الإسلامية لا تُرغم كلّ من لا يريد الدخول في دينها على الدخول فيه، ولذلك فرضت الجزية على أهل الذمة؛ والجزيةُ هي: أتاوةٌ يدفعها أهل الذمة للمسلمين في سبيل العيش في أراضيهم؛ كعهدٍ وميثاق على السلام، كما قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}،^[٧] ويكون من يفرِضُ تلك الجزية هو الحاكم أو نائبه فقط، وقد اختُلف في قبول الجزية من الطوائف فبعضهم خصَّص دفع الجزية بفئة معينة وبعضهم وسع هذه الفئة لتشمل جميع المشركين فقد قال بعضهم أنه لا يصح عقد الذمة إلّا مع المجوس وأهل الكتاب؛ اليهود والنصارى فقط وكلهم اتفقوا على هذه الأقسام الثلاثة، ولكنهم اختلفوا على باقي الأقسام غير الثلاثة؛ كأن تكون تلك الفئة وثنية؛ أيّ تعبد الأصنام، فهؤلاء لا تُقبل منهم الجزية، وبعضهم خصص وثنية العرب فقط بعدم قبول الجزية منهم، وأما العجم فتُقبل منهم، وبعضهم أطلقَ قبول الجزية من الجميع.^[٥]

أهل الذمة في عهد رسول الله

المراجع[+]

1. ↑ "سماحة الإسلام (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
2. ↑ سورة التوبة، آية: 6.
3. ^ ^{أ ب} " أهل الذمة: قراءة بين النصوص الشرعية والواقع"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
4. ↑ سورة الممتحنة، آية: 8.
5. ^ ^{أ ب} "من أحكام أهل الذمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
6. ^ ^{أ ب} "أحكام أهل الذمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
7. ↑ سورة التوبة، آية: 29.
8. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن آباء عدة من أبناء أصحاب النبي، الصفحة أو الرقم: 2655، حديث صحيح.
9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد، الصفحة أو الرقم: 1312، حديث صحيح.
10. ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، حديث صحيح.
11. ↑ "معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-09-2019. بتصرّف.