فضل-سورة-الواقعة
محتويات
القرآن الكريم
القرآن الكريم هو الرحمة المهداة من الله -عزّ وجل-، إلى عباده الصالحين المؤمنين الموقنين، وهو أحد أوجه نِعم الله على خلقه، فمن تلذذ حلاوة تلاوته وتدبر آياته، وجد لضيقه مخرجًا، ولأوجاع قلبه شفاءً، ولتساؤلاته إجابةً مهدئة ومُرضية لقدراته العقلية والإنسانية، فبعد انقطاع الوحي بين السماء والأرض، بقي القرآن الكتاب السماوي الوحيد المحفوظ من التحريف، بمثابة باب موصول بين العبد وربه، فإعجازه البياني والتشريعي والغيبي والعلمي، يجعل من نفسه خير صديق وخير جليس، وما من سورة من سوره ولا آية إلا ولها أسباب نزول وإعجاز وفضل، وفي هذا المقال سيتم طرح موضوع فضل سورة الواقعة والأجناس الثلاثة المذكورة فيها.[١]
مضامين سورة الواقعة
سورة الواقعة وهي سورة مكية عدد آياتها 96 آية، وقد رُوي من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ أبي بكر -رضي الله عنه- قال له: يا رسول الله، لقد شبت؟ قال: "شَيَّبَتْني هودُ، والواقعةُ، والمرسلاتِ، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمسُ كُوِّرَتْ." [٢]، والواقعة هي اسم من أسماء يوم القيامة، وقد أطلق القرآن الكريم عليها اسم الواقعة لحتمية ويقين حدوثها فهي واقعة لا محالة، وقبل الخوض في فضل سورة الواقعة سيتم الحديث عن محتواها، وقد تضمنت آياتها عدّة مواضيع -إيجازًا- تُذكر على النحو الآتي: [٣]
وصف حال يوم القيامة
بدأت السورة بوصف حال الدنيا حين قيام الساعة وكيف تتبدل الأحوال وتختلف المُسلّمات والثوابت الكونية التي سارت عليها الحياة لملايين السنين، بما فيها من خلقٍ مكلفين ترفعهم أو تخفضهم أعمالهم، أو أرضٍ تُرجّ رجًّا، أو جبال تُبسّ بسًّا، أو تجنيس آخر للبشر، فبعد أن كانوا زوجين؛ ذكرًا وأنثى، أصبحت الأزواج ثلاثة بميازين أخرى.
الأزواج الثلاثة وحالهم يوم القيامة
اعتاد الإنسان على وجود تصنيف لذكر وأنثى، خير وشر، صالح وطالح، وغيرها من الأزواج المتقابلة المتضادة، ولكن سورة الواقعة جاءت بثلاثة لقوله تعالى: {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [٤]، ثم جاءت بوصف ما لهم من نعيم إن كانوا من أهل النعيم، وما لهم من عقاب وعذاب إن كانوا من أهل النار، وهذه الأزواج هي:
- أصحاب الميمنة: يكونون على يمين عرش الرحمن يوم القيامة، وهم مَن خُلقوا من الشّقِّ الأيمن لآدم -عليه السلام-، وهم من يأخذون كتابهم بيمينهم، وهم جمهور وأغلبية أهل الجنة.
- أصحاب المشئمة: أمّا هؤلاء فيكونون على يمين عرش الرحمن يوم القيامة، وهم مَن خُلقوا من الشّقِّ الأيسر لآدم -عليه السلام-، وهم من يأخذون كتابهم بشمالهم، وهم جمهور وأغلبية أهل النار.
- السابقون المقربون: هم الطبقة الأخصّ والأفضل من أصحاب الميمنة، قيل بأنّهم الأنبياء والمرسلين في عليين، وقال ابن سيرين -رحمه الله- هم الذين صلَّوا للقبلتين، وقال الإمام الأوزاعيّ -رحمه الله-: "هم أولهم رواحًا إلى المسجد، وأولهم خروجًا في سبيل الله"، وفي كلِّ الأقوال صحة لما في أعمالهم من مبادرة في فعل الخيرات وسبق إليها.
محاججة الكفار بمظاهر قدرة الله
عطفًا على البعث والنشور والحساب يوم القيامة والجزاء الذي يتلقاه كلّ عامل، تُعيد السورة طرح قدرة الله تعالى وإعجازه، فتقول الآية الكريمة: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ} [٥]، والخلق من البداية أصعب وأشقّ من إعادة الأحياء والبعث، ثم تتوالى الآيات في سرد المظاهر الأخرى التي تُثبت وحدانية الله -عز وجل- وتفرّده في خلقه وإعجازه في أدقّ تفاصيل الخَلق.
حال الأزواج الثلاثة عند الموت
أعادت السورة ذكر حال الأزواج الثلاثة عند موتهم وقبض أرواحهم وما يتلقونه بعد مفارقة الدنيا، يقول تعالى: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}. [٦]
فضل سورة الواقعة
في الحديث عن فضل سورة الواقعة أو غيرها من السور القرآنية لا بد من الإشارة إلى أنّ القرآن الكريم لا يخضع لماديات الحياة الدنيا، وهو أسمى وأجلُّ من أن تطبّق عليه قاعدة واحد زائد واحد يساوي اثنان، فالمتعمق بآياته والملامس لإعجازه يعي تمامًا معنى هذا القول، وليس من المنطق أن يتناول أي إنسان أي آية، ويقرأها ثم يعدّ على أصابعه ليتحقق ما يريد، فعامل الإيمان هو أول ما يجب استحضاره عند قراءته، فمثلًا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، يرقي بسورة الفاتحة فقط، ولكن يقين عمر بربه يجعل لهذه السورة أثرًا مباركًا في الشفاء أو دفع العين والسحر، وآخر مَن قد يقرأ القرآن مرارًا وتكرارًا ولا يتأثر أو يشعر بشيء أو يؤثر أو يغير؛ ذلك لأن قلبه ليس حاضرًا وإيمانه ليس كاملًا، وقد شاع بين الناس أن لسورة الواقعة فضلًا يميزها عن باقي السور القرآنية وقد أيّد العلماء قولًا ونفى أحدهما، وفيما يأتي تفصيلًا لهذين الرأيين: [٧]
- الرأي الأول: وهو الدارج بين الناس، ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا"[٨]، والفاقة هي الفقر، لكن العلماء ضعّفوه لنكارة المتن، واضطرابه وضعف الرواة والانقطاع.
- الرأي الثاني: الرأي الذي أيده العلماء وأيدوه وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "شَيَّبَتْني هودُ، والواقعةُ، والمرسلاتِ، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمسُ كُوِّرَتْ." [٢]؛ وذلك لاجتماع هذه السور على مواضيع الجنة والنار والتخويف من عذاب يوم الآخرة.
المراجع[+]
- ↑ فضائل القرآن الكريم, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 08-12-2018، بتصرّف
- ^ أ ب الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الترمذي، المصدر: سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3297، خلاصة حكم المحدث: حسن غريب
- ↑ تفسير سورة الواقعة, ، "quran.ksu.edu.sa"، اطُّلع عليه بتاريخ 08-12-2018، بتصرّف
- ↑ {الواقعة: الآية 7}
- ↑ {الواقعة: الآية 57}
- ↑ {الواقعة: الآيات 88-94}
- ↑ فضل سورة الواقعة, ، "fatwa.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 08-12-2018، بتصرّف
- ↑ الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: الفتوحات الربانية، الصفحة أو الرقم: 3/279، خلاصة حكم المحدث: غريب