ما-هو-شهر-رمضان
محتويات
الأشهر القمرية
تعرف الأشهر القمرية بأنها تلك التي اعتمدت على رؤية الهلال، وقد قسّمها العرب إلى قسمين: أشهر اعتياديّة وهي ثمانية أشهر، يقومون فيها بكلّ أعمالهم، ومنها القتال والغزو وقطع الطريق والثأر، وأشهر حرم وهي أربعة أشهر، وهي أشهر مقدّسة، حرّموا فيها القتال بجميع أشكاله وسفك الدّماء، حتّى كان الرّجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه أو ابنه، ولا يؤذيه، وفي هذه الأشهر يبيعون فيها ويشترون ويحجّون، وهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وذراريهم في الحلّ والتّرحال، وقد غيّر العرب أسماء الشّهور القمريّة إلى الحاليّة، وقيل: الذي غيرّها كلاب بن مرّة، وهي: محرم وصفر وربيع الأول وربيع الثّاني وجمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجب وشعبان ورمضان وشوّال وذو القعدة وذو الحجة، وسيركّز المقال على الإجابة عن سؤال: ما هو شهر رمضان؟[١]
ما هو شهر رمضان
ولتسليط الضّوء حول الإجابة عن سؤال ما هو شهر رمضان؟ فيمكن القول بأنّ شهر رمضان شهر الصّيام والقيام والذّكر وتلاوة القرآن، وشهر المغفرة والرّحمة، ويعدّ صيام شهر رمضان ركنًا من أركان الإسلام الخمسة، فقد فرضه الله على المسلمين في السّنة الثّانية للهجرة، وصام الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- رمضان تسع سنين؛ لأنّه فرض في شعبان في السّنة الثّانية للهجرة وتوفي النّبيّ في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة للهجرة، وفي سبب تسميته برمضان أقوال كثيرة، منها: بأنّه أوّل سنة فرض فيها، وقد صادف زمن الرّمضاء، وهو اشتداد الحرّ، أوغالبًا ما يصادف الرّمضاء، ولذلك سمي بشهر رمضان، وصيامه واجب على كلّ مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم خالٍ من الموانع، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٢] وقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"،[٣] فما تقدّم إجابة مختصرة عن سؤال ما هو شهر رمضان؟وإجماع المسلمين دون مخالف.[٤]
فضل شهر رمضان
بعد الإجابة عن سؤال: ما هو شهر رمضان؟ فإنّ الحديث عن فضائل شهر رمضان وخصائصه يأتي إستكمالًا للإجابة عن سؤال: ما هو شهر رمضان؟ وكما تقدّم فإنّ هذا الشهر هو أحد الشّهور الاثني عشر القمريّة أو الهجريّة نسبة إلى هجرة النّبيّ الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- وهو شهر الصيّام والقيام والأجر المضاعف للمؤمنين، ومن فضائله:[٥]
- جعل الله -عزّ وجلّ- صوم رمضان الرّكن الرّابع من أركان الإسلام، لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه}.[٦]
- أنزل الله -عزّ وجلّ- فيه القرآن, كما جاء الآية السّابقة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}،[٦] وَقوله تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.[٧]
- جعل الله فيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.[٨]
- جعل الله -عز ّوجلّ- صيام شهر رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا سببًا لمغفرة الذّنوب، لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ".[٩]
- تفتح في رمضان أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النّيران، وتُصفَّد فيه الشّياطين، لحديث أبي هريرة أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ".[١٠]
- لله في كلّ ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النّار، لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال : "إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ".[١١]
- يُكفّر الله لصّائمَ رمضان ذنوبه التي وقعت منه قبل رمضان، إذا اجتنبت الكبائر، لحديث النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ".[١٢]
- يعدل صيام رمضان وستة أيّام من شوّال بعده صيام السّنة كاملة، كما يدلّ على ذلك ما ثبت من حديث أبي أيوب الأنصاريّ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- قَالَ: "مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ".[١٣]
- قيام ليلة مع الإمام حتّى ينصرف أجر قيام ليلة كاملة، لحديث أبي ذرّ -رضي الله عنه- قال: قال -صلّى الله عليه وسلّم-: "إنهُ من قامَ مع الإمامِ حتّى ينصرفَ كُتِبَ لهُ قيامُ ليلةٍ". [١٤]
- العمرة فيه تعدل حجّة، لحديث ابن عبّاس قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لامرأة من الأنصار: "ما مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي معنَا"؟ قالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إلَّا نَاضِحَانِ فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابنُهَا علَى نَاضِحٍ وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عليه، قالَ: "فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً".[١٥]
- يزداد المسلمون في رمضان كرمًا من خلال تَفْطِيرُهم لبعضهم البعض لقول الرَسُول -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن فطَّر صائمًا كان له مِثلُ أجرِه، غيرَ أنه لا ينقصُ مِن أجرِ الصائمِ شيئًا".[١٦]
دخول شهر رمضان وخروجه
فالكلام حول دخول شهر رمضان وخروجه، يأتي إغناءً للإجابة عن السّؤال المطروح، ما هو شهر رمضان؟ يثبت دخول شهر رمضان برؤية هلاله بإجماع أهل العلم؛ لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "صوموا لرُؤيتِهِ، وأفطِروا لرؤيتِهِ، فإن غُمَّ عليكُم فأكْمِلوا ثلاثينَ"،[١٧] والرّؤية تكون بالعين المجرّدة ومن أيّ مكان ولو بالمراصد وعلى الجبال أو الأسطح، فالمهمّ هنا الرؤية وعدم اعتماد الحساب الفلكي واختلاف المطالع، ويكون ذلك بشهادة مسلمٍ عَدلٍ واحد عند دخوله وشهادة عَدلين اثنين عند خروجه، حيث ثبت عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "فِإنْ شهِد شاهدانِ مسلمانِ فصومُوا وأفطِروا"،[١٧] ويجب على من رأى هلال رمضان أو شوّال أن يخبر الجهات المختصّة، ولمن ردّت شهادته برؤية دخول رمضان أو خروجه أن يلتزم بجماعة من المسلمين في الصّيام والإفطار.[١٨]
شروط من يلزمه صيام شهر رمضان
بعد بيان الإجابة على سؤال ما هو شهر رمضان؟ وكان من ضمن الكلام بأنّه شهر المغفرة والرّحمة، والتّحابب والتّواصل بين المسلمين، وشهر العبادة من صيام وقيام وذكر وتلاوة لكتاب الله تعالى، ولصيام هذا الشهرشروط معينة، ألا وهي:[١٩]
- الإسلام: بمعنى: أنّ الصّوم في الإسلام مفروض على المسلمين دون غيرهم؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[٢]
- البلوغ: وهو: وصول الشّخص إلى السّنّ الذي يعدّ فيه مكلّفًا بالأحكام الشّرعية، والبلوغ شرط من شروط وجوب الصّوم والصّلاة، وليس من شروط صحّتهما، فلا يجب الصّوم على الصّغير، ولكن يؤمر به عند طاقته له؛ ليتعوّد عليه.
- العقل: وهو شرط من شروط الصّوم وهو عبارة عن استيعاب خطاب الشّارع؛ فالتّكليف لا يلزم من لا يعقل خطاب الشّارع، فلا يجب الصّوم على من فقد عقله، ولا يصحّ منه ذلك، إذ أن الجنون من مبطلات الصّوم.
- القدرة على الصيام: فمن عجز عن الصّوم لسبب صحّيّ أو غيره يرخّص له الإفطار.
- الإقامة: أي عدم السّفر، فالمسافر رُخّص له الإفطار حال السّفر، بل هو مخيّر إن شاء صام، وإن شاء أفطر.
- الخلوّ من الموانع: وهذا خاص بالنّساء، دون الرّجال، فالمرأة في حال الحيض والنفاس والولادة لا يلزمها الصّوم.
المراجع[+]
- ↑ "معاني الأشهر الهجرية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ "سبب تسمية شهر رمضان وحكمه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "خصائص شهر مضان"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ سورة القدر، آية: 1.
- ↑ سورة القدر، آية: 3-5.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1079، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: |1340، حسن صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1164، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2/193، إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1256، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 8870، صحيح.
- ^ أ ب رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 123/15، صحيح .
- ↑ "دخول شهر رمضان وخروجه"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "أحكام مهمة ومختصرة في الصيام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.