سبب-نزول-سورة-الطارق
محتويات
سورة الطارق
سورة الطّارق من سور القرآن الكريم المكّيّة، التي نزلت على النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- عن طريق الوحي جبريل -عليه السّلام- بعد سورة البلد في مكّة المكرّمة، وهي من سور المفصّل، عدد آياتها سبع عشرة آية، وترتيبها في ابن عبّاس قال: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قاعدًا مع أبي طالب، فانحطّ نجمٌ، فامتلأت الأرضُ نورًا، ففزع أبو طالب، وقال: أيّ شيء هذا؟ فقال: "هذا نجمٌ رُمي به، وهو آية من آيات الله " فعجب أبو طالب، ونزل قوله تعالى: {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ}،[١] ورُوي عن ابن عباس أيضًا {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ}، قال: السّماء وما يطرق فيها، وعن ابن عبّاس وعطاء: الثّاقب: الذي ترمى به الشّياطين، قتادة: هو عام في سائر النّجوم؛ لأنّ طلوعها بليل، وكلّ من أتاك ليلًا فهو طارق، للتنبيه: تمّ البحث عن الأحاديث السّابقة في الدّررولم يتمّ العثورعليها.[٣]
مضمون سورة الطارق
بعد الوقوف على سبب نزول سورة الطارق، فيمكن القول بأنّها تعالج أصول العقيدة الإسلاميّة، ويدور محور السّورة حول البعث والنّشور، وتتضمن في طيّاتها الأدلة والبراهين على قدرة الله -عزّ شأنه- على إمكان البعث، فمن خلق الإنسان من العدم قادر على إعادة خلقه بعد موته:[٤]
- بدأ الله تعالى السّورة بالقسم بالسّماء ونجومها على أنّه –جلّت قدرته- وكّل بكلّ إنسان من يحرسه ويتعهده من الملائكة الأبرار، قال تعالى: {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}.[٥]
- بيّنت الأدلة قدرة الله تعالى على إعادة خلق الإنسان بعد موته، قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّا خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر}.[٦]
- أخبرت السّورة عن كشف الأسرار يوم القيامة، يومئذ لا نصير ولا معين للإنسان، قال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِر}.[٧]
- ثمّ ختمت السّورة ببيانها معجزة القرآن وصدقه، وقد توعدت الكفرة بعذاب أليم، قال تعالى: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً}.[٨]
نظرات تأملية في سورة الطارق
بعد المرور بسبب نزول سورة الطارق، ومضمونها، يمكن إلقاء نظرة تأمّليّة في آية من آيات هذه السّورة المباركة، وهي قوله تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}،[٩] أي كلّ نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات الشّيطانيّة وغيرها، فقد مكّن الله تعالى الشّياطين من النّفوذ إلى الأشياء التي لم تحفظ بذكر الله، فإذا ذُكر الله تعالى عليها ثقبها وأطفأ نارها، وفي الحديث عن أبي التَّيَّاحِ قال: قُلتُ لعبدِ الرَّحمنِ بنِ خَنْبَشٍ التَّميميِّ -وكان كَبيرًا-: أدرَكتَ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-؟ قال: نعمْ. قال: قُلتُ: كيف صنَعَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَيلةَ كادتْه الشَّياطينُ؟ فقال: إنَّ الشَّياطينَ تَحدَّرَتْ تلك اللَّيلةَ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِن الأَوديةِ والشِّعابِ، وفيهم شَيطانٌ بيَدِه شُعلةُ نارٍ يُريدُ أنْ يَحرِقَ بها وَجهَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فهبَطَ إليه جِبريلُ عليه السَّلامُ، فقال: يا محمَّدُ، قُلْ. قال: ما أقولُ؟ قال: قُلْ: "أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن شَرِّ ما خلَقَ، وذرَأَ وبرَأَ، ومِن شَرِّ ما يَنزِلُ مِن السَّماءِ، ومِن شَرِّ ما يَعرُجُ فيها، ومِن شَرِّ فِتنِ اللَّيلِ والنَّهارِ، ومِن شَرِّ كلِّ طارقٍ، إلَّا طارقًا يَطرُقُ بخيرٍ يا رَحمنُ"، قال: فطُفِئَتْ نارُهم، وهزَمَهم اللهُ تَبارَكَ وتَعالى.[١٠]
تفسير الآيات الأولى من سورة الطارق
وفي ختام المقال سيتمّ تفسير الآيات التي كانت سبب نزول سورة الطارق، وهي قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ}[١١]، حيث يقسم الله تعالى بالسّماء وبالطّارق، ثمّ يسأل جلّ في علاه هل تعرف ما هو الطّارق فيجيب نفسه بأنّه النّجم الثّاقب، وممّا جاء في تفسير الطّارق:[١٢]
- تفسير السّعدي: إنّ الله تعالى أقسم بالسّماء والطّارق، والطّارق هو النّجم الثّاقب، وهو المضيء، الذي يخرق نوره السّماوات فينفذ حتّى يُرى في الأرض، والطّارق اسم جنس يشمل سائر النّجوم الثّواقب.
- وجاء في تفسير الطّبريّ –رحمه الله تعالى-: فقد أقسم الله سبحانه بالسّماء، وبالطارق أي النّجوم المضيئة التي تطرق ليلًا، وتختفي نهارًا، وكلّ ما جاء في اللّيل فقد طرق، وقال قتادة وغيره: "وقد سمّي النّجم طارقّا؛ لأنّه يُرى باللّيل ويختفي بالنّهار.
- وقال ابن كثير -رحمه الله-: وقوله: "الثاقب" قال ابن عبّاس: المضيء، وقال السّدي: يثقب الشّياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشّيطان.
- أما الأمر الذي أقسم الله جل جلاله بهذه الآيات الباهرة، على أنه حاصل وكائن لا محالة، فهو قوله تعالى بعد ذلك: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}،[٩] أي: هيأ الله تعالى حافظًا لكلّ نفس يحفظها من كلّ مكروه، كما قال تعالى : {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}،[١٣] وبهذا الشّكل يكون قد استكمل مقال سبب نزول سورة الطارق، ولمن يطلب الزّيادة على ما جاء في هذا المقال، يمكن له أن يعود إلى المراجع المعتمدة ليحصّل على مبتغاه.
المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث سورة الطّارق، آية: 1.
- ↑ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، التحرير والتنوير، صفحة 256، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ "سورة الطارق"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير سورة الطارق والأعلى للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطارق، آية: 1-4.
- ↑ سورة الطارق، آية: 5-8.
- ↑ سورة الطارق، آية: 9-10.
- ↑ سورة الطارق، آية: 11-17.
- ^ أ ب سورة الطّارق، آية: 4.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عبدالرحمن بن خنيش التميمي، الصفحة أو الرقم: 1/ 369، إسناده صحيح.
- ↑ سورة الطارق، آية: 1-3.
- ↑ "تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) "، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية: 11.