سؤال وجواب

معلومات-عن-سجن-الباستيل


قلعة الباستيل

الباستيل في الأصل عبارة عن حصن في باريس وعُرِف رسميًّا باسم باستيل سانت أنطوان، وقد لعب الباستيل دورًا مهمًا في الصراعات الداخلية في فرنسا، وقد تمّ استخدام الباستيل كسجن حكومي من قبل معظم ملوك فرنسا، وقد تم اقتحام سجن الباستيل في متحف اللوفر في غرب العاصمة باريس هو القلعة الملكية الرئيسة، لكن المدينة توسعت في منتصف القرن الرابع عشر وأصبح الجانب الشرقي من المدينة معرضًا للهجوم الإنجليزي، وازداد الوضع سوءًا بعد سَجن جون الثاني في إنجلترا بعد هزيمة فرنسا في معركة بواتييه، وفي غياب جون الثاني اتخذ عمدة باريس إتيان مارسيل خطوات لتطوير دفاعات العاصمة، وفي عام 1357م قام إتيان مارسيل بتوسعة أسوار المدينة وحماية بورت سانت أنطون "إحدى بوابات باريس" بِبُرجَان حَجَرِيَّان مُرتفعَان بالإضافة لخندق بعرض 24 مترًا، وكان يُطلق على البوابة المحصنة من هذا النوع اسم "الباستيل" وكانت واحدة من اثنين تم بناؤها في باريس والبوابة الأخرى تم بناؤها خارج بورت سانت أنطون، وقد تم عزل مارسيل من منصبه وإعدامه عام 1358م.[١]

في عام 1369م أصبح تشارلز الخامس قلقًا بشأن ضعف الجانب الغربي للمدينة من الغارات والهجوم الإنجليزي، وقد أمر تشارلز العمدة الجديد هوغو أوبريوت ببناء حصن أكبر بكثير في نفس موقع الباستيل الذي كان في عهد إتيان مارسيل، وبدأ العمل عام 1370م ببناء زوج آخر من الأبراج خلف الباستيل الأول متبوعًا ببرجان إلى الشمال واثنان في الجنوب، وعلى الأرجح أن بناء الحصن لم يَنْتهِ في الوقت الذي توفي فيه تشارلز الخامس عام 1380م واستكمله ابنه تشارلز السادس، وأصبح البناء المُنجز يعرف باسم الباستيل، وكان للأبراج الستة حديثة البناء زنزانات تحت الأرض في قاعدة البرج، بالإضافة لقواعد المدافع على الأسطح، وكان للباستيل أربعة جسور وقد وُصِف الباستيل بأنه واحد من أقوى التحصينات في تلك الفترة، وفي القرن الخامس عشر كان الباستيل يُستخدم أحيانًا لاحتجاز السجناء ومن ضمنهم هوغو أوبريوت الذي عُهِد إليه ببناء الحصن وكان أول شخص يتم سجنه وذلك عام 1417م.[١]

وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر أصبح الباستيل سجنًا حكوميًا فرنسيًا ومعتقلًا للأشخاص المُهمين والمتَّهمين باقتراف الجرائم المتعددة، وكان الكاردينال دي ريشيليو أول من استخدم الباستيل كسجن حكومي، وفي القرن السابع عشر كان المتوسط السنوي لعدد السجناء في الباستيل 40 سجينًا بأمر مباشر من الملك، وكان من ضمن السجناء، السياسييين المتسببين في الإضطرابات والأفراد المحتجزين بناءً على طلب من عائلاتهم، وغالبًا ما كان السبب في ذلك هو إجبار الشباب على الطاعة أو لمنع البعض من تشويه سمعة العائلة، وفي ظل حكم لويس الرابع عشر أصبح الباستيل مكانًا للاحتجاز القضائي، وتحت ولاية فيليب الثاني كان الأفراد الذين يحاكمون من قبل البرلمان يزجُّون في الباستيل.[٢]

الباستيل والرعب العظيم

على الرّغم من الحماس حول انهيار السلطة الملكية الأخيرة، إلا أن الذعر قد نما في الباريسيين بسبب انتشار الإشاعات عن انقلاب عسكري وشيك، وبلغ التمرد الشعبي ذروته عندما قام المتظاهرون باقتحام الباستيل في محاولة للحصول على الأسلحة والبارود، والعديد يعتبر هذا الحدث والذي يتم إحياء ذكراه في فرنسا حتى الآن ويعد عطلة رسمية في البلاد هو بداية الثورة الفرنسية، واجتاحت موجة من الحماسة الثورية والهستيرية الريف بسرعة، ما أدى إلى التمرد ضد سنوات من الاستغلال حيث قام الفلاحين بنهب وحرق منازل جامعي الضرائب وملاك العقارات والنخبة الاقطاعية، وقد عجَّل التمرد الزراعي المعروف بالرعب العظيم لزيادة الهجرة الجماعية للنبلاء من البلاد، ما تسبب بقيام الجمعية التأسيسية الوطنية بإلغاء النظام الإقطاعي بتاريخ 4 آب 1789م، والذي أُطلق عليه لاحقًا شهادة وفاة النظام القديم من قبل المؤرخ جورج لافيف.Georges Lefebvre.[٣]

اقتحام وتدمير الباستيل

واصل لويس السادس عشر والمولود في قصر فرساي الإنفاق ببذخ على الرغم من الديون الهائلة التي ورثها من سلفه، بما في ذلك مساعدة المستعمرات الأمريكية على على نيل استقلالها عن البطالة حيث ألقى العامة باللوم على الرسوم الجمركية المُخفَّضة حديثًا بين فرنسا وبريطانيا، وبعد شتاء بارد بدأت أعمال الشغب العنيفة بالخروج من البلاد إلى المخابز ومخازن الحبوب وباقي مخازن المواد الغذائية.[٤]

وفي محاولة لحل الأزمة استدعى لويس السادس عشر مجلس العقارات العامة القائم منذ فترة طويلة وهو مجلس مقسَّم حسب الطبقة الاجتماعية، وكان مقسمًا إلى ثلاث طبقات، طبقة رجال الدين والأرستقراطيين والعامة، وقد بدأ مندوبي الطبقة الثالثة وهم طبقة العامة الذي طالبوا بالمساواة، ومع عدم وجود أي تقدم أعلنوا بشكل عام إنشاء هيئة جديدة لأنفسهم تسمى الجمعية الوطنية، وقد قاموا بالإجتماع في ملعب التنس في تحدٍ للملك بعد أن وجدوا أن أبواب قاعة الإجتماع كانت مغلقة بتاريخ 20 حزيران 1789م، وقد أقسموا على عدم الانسحاب حتى يتم وضع دستور مكتوب، وعندما قام العديد من النبلاء ورجال الدين بالإنضمام إلى الجمعية الوطنية أعطاهم لويس السادس عشر موافقته على مضض، لكنه قام بتحريك أفواج متعددة من الجيش إلى باريس والمناطق المحيطة بها، مما ولَّد المخاوف من أنه سوف يَفُض التجمُّع بالقوة.[٤]

وبعدها بتاريخ 11 تموز 1789م قام بإقالة جاك نيكر، وفي اليوم التالي تدفقت حشود المحتجين إلى شوارع باريس وقاموا بمضايقة الجنود الملكية بدرجة كبيرة حتى انسحبوا من المدينة، وقد قام المحتجون أيضا بإحراق معظم المراكز الجمركية المكروهة في باريس التي فرضت الضرائب على البضائع، وبدأ المحتجون بالبحث عن الأسلحة والغذاء، وفي صباح 14 تموز 1789م استمرت الإضطرابات عندما قامت الحشود بمصادرة ما يقارب 32,000 بندقية قديمة وبعض المدافع من مستشفى عسكري قبل أن تتحول أنظارهم إلى كمية كبيرة من البارود المُخزَّنة في سجن الباستيل، في الوقت الذي وصل فيه حشد من الثوار إلى سجن الباستيل كان عدد السجناء قد انخفض إلى سبعة سجناء، أربعة متهمين بالتزوير واثنان مريضان عقليًا والأخير كان محتجزًا بناءً على طلب من عائلته.[٤]
وكان من ضمن السجناء سجين ثامن وهو الماركيز دي ساد والذي ظهر مصطلح السادية نسبةً إليه، وبناءً على تلقي طلب الاستسلام دعا حاكم الباستيل مندوبي الثوار إلى الداخل للتفاوض واستقبلهم بحرارة ووعدهم بعدم إطلاق النار، ومع استمرار المفاوضات بين حاكم الباستيل ومندوبي الثوار، استولى القلق على الناس في الخارج لاعتقادهم أن مندوبيهم قد سجنوا، فتسلقت مجموعة من الرجال جدارًا خارجيًا وأنزلت جسرًا متحركًا في فناء الباستيل مما سمح للحشد بالتوغُّل إلى الداخل، وعندما بدأ الرجال بخفض الجسر الثاني نَقضَ حاكم الباستيل تعهده وأمر الجنود بإطلاق النار، ما تسبب بمقتل 100 من المهاجمين تقريبًا وجرح العشرات في حين خسر سجن الباستيل جنديًا واحدًا فقط، وفي الظهيرة انقلبت الموازين بعد أن ظهرت كتيبة من الحرَّاس الفرنسيين المعروفين بتعاطفهم مع أفراد الثورة.[٤]

وعندما بدأوا بالقصف المدفعي باتجاه سجن الباستيل قام حاكم الباستيل بالتلويح بالعلم الأبيض، وتم أسره واقتياده إلى قاعة المدينة لكنهم قتلوه قبل أن يتم قطع رأسه وتم قتل عدد قليل من الجنود أيضًا، مُنذرًا بعنف شعبي من شأنه أن يلعب دورًا كبيرًا طوال الثورة الفرنسية، وفي أعقاب الهجوم على سجن الباستيل، تم تفكيك قلعة السجن بشكل منهجي وذلك في بتاريخ 14 تموز 1789م حتى لم يتبقى منها شيء.[٤]

الباستيل في الوقت الحاضر

يسمى الموقع السابق لسجن الباستيل حاليًا بساحة الباستيل وهو موطن لأوبرا الباستيل، وتحول الخندق الكبير الذي كان يقع خلف سجن الباستيل إلى ميناء لقوارب المُتعة، وإلى الجنوب بورت دي آرسنال، وفي الشمال قناة سانت مارتن التي تمتد شمالًا من الميناء أسفل دوار المركبات الذي يحد موقع سجن الباستيل، ويستمر حوالي 4.4 كيلومترًا إلى ساحة دي لا باتيل، وفي أيام الأحد والخميس يُقام سوق كبير في الهواء الطلق على جزء من المنتزه شمال ساحة الباستيل، على طول شارع ريتشارد لينور، حيث يتمكن الزبائن من العثور على الفواكه الطازجة والأسماك واللحوم والجبن والخبز بالإضافة إلى الملابس.[٥]

وأثناء عملية الحفر لإنشاء مترو الأنفاق تم العثور على بعض بقايا سجن الباستيل والعائدة لأحد الأبراج وذلك عام 1899م، وتم نقل بقايا سجن الباستيل إلى حديقة "ميدان هنري جالي" حيث يتم عرضها حاليًا، ويمكن ملاحظة المخطط الأصلي لسجن الباستيل على أرصفة الشوارع والممرات التي تمر عبر الموقع السابق للباستيل حيث إن حجارة الأرصفة تكون خاصة ومميزة، وتحتل المقاهي والأعمال الأخرى موقع سجن الباستيل إلى حد كبير، ويمر شارع سانت أنطوان مباشرة من دوار الباستيل.[٥]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت "Bastille", www.wikiwand.com, Retrieved 28-09-2019. Edited.
  2. "Bastille", www.britannica.com, Retrieved 29-09-2019. Edited.
  3. "French Revolution", www.history.com, Retrieved 29-09-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج "A French Mob Storms the Bastille, 225 Years Ago", www.history.com, Retrieved 29-09-2019. Edited.
  5. ^ أ ب "Place de la Bastille", www.wikiwand.com, Retrieved 29-09-2019. Edited.