سؤال وجواب

تاريخ-بناء-القلاع


العمارة العسكرية

ارتبط فن العمارة الإسلامية بالعديد من أشكال العمارة الحربية، مثل المدن المحاطة بالأسوار أو ذات الأبراج الدفاعية، حيث اشتملت أيضًا على عدد من العناصر الدفاعية الكبيرة مثل المزاغل والمشطرقات والسقاطات، وتميزت ببناء القلاع الحربية الكبيرة، التي كانت في الأغلب تبنى فوق أعلى مكان بالمدينة، لكي تسهل عملية حمايتها، وقد شجعت حركة الحروب الصليبية التي هاجمت العالم الإسـلامي على كثرة تشييد القلاع في العالم الإسلامي، فبنيت في مناطق الشام الكثير من القلاع مثل قلعة الكرك، والحصن، وقلعة عجلون، والشوبك، وقلعة دمشق، وقلعة حلب، وكذلك قلعة المرقب وحصن الأكراد، كما يوجد أيضًا في تركيا الكثير من القلاع، وكذلك في إيران، وفي مناطق آسيا الوسـطى، كما اشتملت الهند على الكثير منها، وهذا المقال يقدم توضيحًا عن تاريخ بناء القلاع في العالم.[١]

ما هي القلاع؟

القَلْعَة هي عبارة عن بناء بهدف التحصين المنيع، وهي تُبنى في مواقع من الصعب الوصول إليها، مثل قمة جبل أو مرتفع مشرف على البحر، ولكن وجدت قليل من القلاع المبنية على أرض منبسطة، وقد كانت للقلاع عند العرب وغيرهم وظائف عديدة، مثل وظيفة البيت والحصن وكذلك السجن، ومستودعًا للأسلحة وبيتًا للمال، وفي بعض الأحيان مركزًا للإدارة المحلية، وكانت القرى كثيرًا ما تظهر حول القلاع، ولما أصبحت المدن ذات أهمية كبيرة صار بناء القلاع فيها يشكل جزءًا من دفاعاتها الرئيسية، وكانت تبنى القلاع بهدف الحماية من هجوم الأعداء، ولتحصين رجال حامية المدينة إذا تعرضوا لهجوم ما، حيث كان بناء القلاع من أهم وسائل التحصين في تاريخ الحضارات القديمة.[٢]

يقول تاريخ بناء القلاع بأنه يتم اختيار موقع لبناء القلعة بحيث يمكن الدفاع عنها بكل بسهولة، وأن يكون مطلًا بشكل كبير على الأرياف والقرى المحيطة به، لذلك بُنيت بعض القلاع على منحدرات أرضية، لتوفر الموقع الدفاعي المناسب، ومن أمثلة ذلك، بعض القلاع التي بنيت على مرتفعات صخرية طبيعية، من مثل قلعة قايتباي المبنية في الإسكندرية بمصر، وقلعة السلطان محمد الفاتح التي تشرف على مضيق البوسفور، كما أن قلعة بامبورج، في إنجلترا قد بنيت على قمة جُرُف شاهق.[٢]

تاريخ بناء القلاع

كانت بداية تاريخ بناء القلاع بسبب حاجة الإنسان منذ أقدم العصور لحماية نفسه من السباع والأعداء، حيث كانت القبائل البدائية تحمي مضاربها من الضواري والمغيرين عليها بواسطة سياج بما يتوفر حولها من جذوع الأشجار والأشواك أو حتى الحجارة والتراب، وذلك بما يوافق الظروف الطبيعية للموقع، ثم تطور فن بناء القلاع مع تقدم الزمن، فتقدمت من كونها أعمال ترابية وأسيجة تبعًا للحاجة، إلى مباني خشبية وحجرية دائمة ومعقدة، مبنية في مواقع تحمل أهمية استراتيجية عسكريًا واقتصاديًا، وكانت تختلف حصانتها وشدة منعتها بحسب الهدف منها، وبحسب قوة العدو المحتمل وطبيعة أسلحته ومدى مهارته في القتال.[٣]

وقد أثبتت الدراسات الأثرية في تاريخ بناء القلاع أن معظم مدن بلاد الشام والعراق ومناطق آسيا الصغرى ومصر، كانت محاطة بأسوار للحماية، ومدعمة بأبراج مراقبة وبوابات حصينة، كما أن لها تحصينات من الأمام، إضافةً إلى خنادق تتناغم مع الجغرافية الطبيعية التي ساعدت بحمايته في بعض الجهات، كما كانت القلاع والحصون تبنى على الطرق التجارية، وبالقرب من النقاط الاستراتيجية الهامة، أو لحماية حدود الدول، حيث بقيت الحصون والقلاع وأسوار المدن تحتل المرتبة الأولى في وسائل الدفاع لعشرات القرون، إلى حين اخترعت الأسلحة النارية وظهرت المدافع، وقد بنتها معظم شعوب العالم من اليونان والرومان إلى العرب والصينيين، الأوربيين والأفارقة وغيرهم.[٣]

في تاريخ بناء القلاع ازداد بناء الحصون والقلاع في فترة العصور الوسطى، وخاصة ما بني منها في الشرق الأدنى مثل بلاد الشام والعراق وإيران، حيث اتخذ بناء القلاع والحصون نمطين مختلفين، فالأول: هو النمط الدفاعي والهجومي في آن واحد، والثاني: هو النمط الدفاعي لتوفير الأمن لساكنيه، وهذا النمط الأخير يرجع إلى عصابة الحشاشين، فكانت كافة قلاعهم دفاعية، والتي انتشر بناؤها من إيران وصولًا إلى بلاد الشام، حتى سميت هذه العصابة بدولة القلاع كما أطلق عليها القلقشندي.[٤]

أشهر القلاع في العالم

اشتهرت العديد من القلاع الكبرى في العالم الإسلامي، وقد أبدع بناءوها في التصميم والتنفيذ، فحصلت على شهرة واسعة في تاريخ بناء القلاع، كما ارتبط العديد من القلاع بأهم المعارك الحاسمة، ومن أشهر هذه القلاع:

  • قلعة ألموت: وهي تعني بالفارسية "وكر العقاب"، وهي مبنية في وسط جبال البرز أو الديلم إلى الجنوب من بحر قزوين، وهي على مسافة 100 كم من العاصمة طهران، وما تبقى من القلعة هو مجرد خراب، وقد تم بنائها من قبل الحشاشين.[٥]
  • قلعة صلاح الدين الأيوبي: بدأ صلاح الدين ببنائها في مدينة القاهرة فوق قمة جبل المقطم، وكان ذلك قبل معارك تحرير القدس، ولم يكتمل بناؤها في حياته.[٦]
  • قلعة الكرك: وهي إحدى أشهر وأهم القلاع الصليبيَّة في الأردن، وقد بُنيت هذه القلعة على يد فولك ملك بيت المقدس لأجل حماية الجهة الجنوبيَّة من مملكة الصليبيين، ولتأمين الطريق لهم بين دمشق والقاهرة في أثناء الحروب الصليبية.[٧]

القلاع في عصر الحروب الصليبية

عندما وصل الصليبيون إلى الشرق العالم الإسلامي، وجدوه ثريًا بفنون العمارة العسكرية؛ مثل الحصون القوية والقلاع المنيعة والأبراج الحربية، حيث كان لشدة حصن أنطاكيا دور مهم في عرقلة الحملة الصليبية الأولى لحوالي سنة تقريبًا، ثم بعد سقوط حصن أنطاكيا صارت بلاد الشام مفتوحة أمامهم سنة 491هـ 1098م، كما كان سقوط أنطاكية من أبرز الأسباب لنجاح الحملات الصليبية، ثم بعد سقوط بيت المقدس ازداد اهتمام الصليبيين ببناء الحصون والقلاع، مما أعطى كثيرًا من الاهتمام بدراسة تاريخ بناء القلاع.[٤]

المراجع[+]

  1. د./ محمد الجهينى، إطلالة على العمارة الحربية، صفحة 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "قلعة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "الحصون والقلاع عند العرب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "الحصون والقلاع .. عمارتها وأنظمتها ودورها التاريخي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.
  5. "قلعة ألموت"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.
  6. "قلعة صلاح الدين الأيوبي (القاهرة)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.
  7. "قلعة الكرك"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-01-2019. بتصرّف.