من-هو-سيبويه
علماء النحو العربي
لم تَعرِف اللغة العربيّة النحو والصرف، بل كانت لغًة محكيّة ترتبط بسليقة ابن الجزيرة العربية وفطرته، وتثريها بيئته بكل ما يناسبها من تعابير وألفاظ، ومع اتساع رقعة البلاد التي سيطر عليها المسلمون، وشروعهم في مشروع دولة فعلي، كثُرت مراسلاتهم، كما قادت الفتوحات شعوبًا لم تعرف العربية لتصبح جزءًا من المجتمع العربي، فأصبحت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفاظًا عليها مما يداخلها، ومن علماء اللغة العربية الذين وقفوا حياتهم للحفاظ عليها من الشوائب التي قد تخالطها، العالم سيبويه، وسيتم في هذا المقال التّحدث عن مؤلفات سيبويه، وقصة موت سيبويه، وآراء العلماء حوله.[١]
من هو سيبويه
عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي البصري، يُكنّى أبا بِشر، وقيل إنّ أصل لقبه سيبويه هو جماله واحمرار وجنتيه، وإنّ رائحته الطيبة كانت السبب في لقبه هذا، يُعدّ من أشهر علماء اللغة العربية، من أسرة فارسية، كانت ولادته ونشأته في قرية البيضاء، لُقّب بعمدة النُحاة وبحر اللغة، يُحسب له تبسيطه لعلم النحو، تتلمذ سيبويه على يد عديد من الشيوخ والعلماء، ساد أهل عصره في اللغة على حداثة سنّه، وله فيها كتابه "الكبير"، أو كما يعرف بـ "كتاب سيبويه"، حيث جمع فيه كل أقوال علماء النحو السابقين وأضاف عليها قواعد مستخلصة من اختلاطه بالعرب الفصحاء، أصبح الكتاب المصدر الفريد لعلمي النحو والصرف بالإضافة إلى علم الأصوات، يعتمد عليه الدارسون، مهما اختلف بهم الزمان والمكان، وعلى الرغم من أنه مات شابًا في الثلاثينيات من عمره إلا أنه قد خلف وراءه ميراثًا لغويًا عريقًا في قيمته.[٢]
كتاب سيبويه
إنّ القدر لم يمهل سيبويه ليضع عنوانًا لكتابه أو مقدمة أو خاتمة، فمات سيبويه في ريعان شبابه، قبل أن يخرج الكتاب إلى النور؛ فأخرجه تلميذه أبو الحسن الأخفش إلى الوجود دون اسم؛ عرفانًا بفضل أستاذه وعلمه وخدمًة للغة القرآن التي عاش من أجلها أستاذه؛ فأطلق عليه العلماء اسم "الكتاب"، فإذا ذُكر "الكتاب" مجردًا من أي وصف فإنما يقصد به كتاب سيبويه، فالكتاب بمثابة خزانة للكتب، احتواها بالقوة في ضميره وتمخض عنها الزمن بالفعل من بعد وفاة سيبويه، فإذا الأئمة كلهم تلاميذ في مدرسته، وإذا المؤلفون جميعًا لا يجدون إلا أن يناقشوه ويفسروه ويعلقوا عليه ويصوبوه ويخطئوه، ولكنهم مع ذلك يدورون في فلكه، فهو في جملة الأمر يقدم مادة النحو الأولى موفورة العناصر، كاملة المشخصات، لا يكاد يعوزها إلا استخلاص الضوابط، وتصنيع الأصول على ما تقتضي الفلسفة المدروسة والمنطق الموضوع.[٣]
قصة موت سيبويه
دُعي سيبويه إلى بغداد من قبل البارزين فيها والعلماء، وهناك أعدت مناظرة بين كبيري النحاة: سيبويه ممثلًا لمذهب البصريين والكسائي عن الكوفيين، فقال الكسائي لسيبويه: تسألني أو أسألك؟ فقال سيبويه: بل تسألني أنت، قال الكسائي: كيف تقول في: قد كنت أحسب أن العقرب أشد لسعة من الزُّنْبُور"الدبور"، فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها بعينها؟ ثم سأله عن مسائل أخرى نحو: خرجت فإذا عبد الله القائمُ أو القائمَ؟ فقال سيبويه في ذلك كله بالرفع، وأجاز الكسائي الرفع والنصب، فأنكر سيبويه، فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن يحكم بينكما؟ وهنا قال الكسائي منتهزًا الفرصة: الأعراب، وهاهم بالباب؛ فأمر يحيى فأدخل منهم من كان حاضرًا، وهنا تظهر خيوط المؤامرة، فقالوا بقول الكسائي؛ فانقطع سيبويه واستكان، وانصرف الناس يتحدثون بهذه الهزيمة، حزن سيبويه حزنًا شديدًا وقرر أن يرحل إلى أي مكان آخر، فأزمع الرحيل إلى خراسان، وكأنما كان يسير إلى نهايته؛ فقد أصابه المرض في الطريق، ولقي ربه وهو ما زال في ريعان الشباب، لم يتجاوز عمره الأربعين، وذلك سنة 180هـ/ 796م.[٣]
آراء العلماء في سيبويه
تحدث العديد من العلماء عن العالم سيبويه، وعن علمه وكتبه وثقافته، وتأثّر العالم به وأخلاقه، وقد حفظ التاريخ بعض من آراء العلماء والنقاد حوله، ومن أهم ما ذُكر عنه ما يأتي.[٤]
- قال عنه ابن عائشة: "كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد، وكان شابًا جميلًا نظيفًا، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنِّه وبراعته في النحو.
- قال معاوية بن بكر العليمي: عمرو بن عثمان قد رأيته وكان حدث السن، كنت أسمع في ذلك العصر أنه أثبتُ مَن حمل عن الخليل، وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حُبْسة، ونظرتُ في كتابه فرأيت علمه أبلغَ من لسانه.
- قال الأزهري: كان سيبويه علامة حسن التصنيف جالس الخليل وأخذ عنه، وما علمت أحدا سمع منه كتابه لأنه احتضر شابًا، ونظرت في كتابه فرأيت فيه علمًا جمًّا.
- قال الذهبي: إمام النحو، حجة العرب، الفارسي ، ثم البصري، قد طلب الفقه والحديث مدة، ثم أقبل على العربية، فبرع وساد أهل العصر، وألف فيها كتابه الكبير الذي لا يدرك شأوه فيه، قيل فيه مع فرط ذكائه حبسة في عبارته، وانطلاق في قلمه.
- قال المبرد: لم يُعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه؛ وذلك أن الكتب المصنَّفة في العلوم مضطرة إلى غيرها، وكتاب سيبويه لا يحتاج مَنْ فَهِمَه إلى غيره.
- قال محمد بن سلام: كان سيبويه النحوي غاية الخلق في النحو وكتابه هو الإمام فيه.
- قال ابن النطاح: كنت عند الخليل بن أحمد فأقبل سيبويه فقال : مرحبا بزائر لا يمل ، فقال أبو عمر المخزومي، وكان كثير المجالسة للخليل: ما سمعت الخليل يقولها لأحد إلا لسيبويه.
- قال ابن كثير: وقد صنف في النحو كتابا لا يلحق شأوه وشرحه أئمة النحاة بعده فانغمروا في لجج بحره، واستخرجوا من درره ، ولم يبلغوا إلى قعره.
- قال أبو إسحاق الزجاج: إذا تأملت الأمثلة من كتاب سيبويه تبينت أنه أعلم الناس باللغة.
- قال الجاحظ في كتاب سيبويه: لم يكتب الناس في النحو كتابا مثله وجميع كتب الناس عليه عيال.
المراجع[+]
- ↑ "اشهر علماء اللغة العربية في التاريخ"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "علماء لهم الفضل في تطوير واثراء اللغة العربية"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "سيبويه"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "سيبويه"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.